Skip to main content

فرصة لمساءلة الشرطة

نُشر في: The Jordan Times

في الرابع عشر من مايو/أيار هاتفني "أحمد"، وهو من سكان مدينة معان الجنوبية، وقال لي إن قوات الدرك قد دمرت جزءا من منزله خلال عملية مداهمة في وقت مبكر من صبيحة ذلك اليوم.

وقال: "لم تكن لي أي مشكلة مطلقا مع قوات الأمن...بيد أنهم جاءوا ودمروا جزءا من بيتي عندما كنت وأطفالي داخله بذريعة أنني أخفي مطلوبين أمنيا. وغادروا من دون القبض على أحد"

لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من التحقق من إفادة أحمد، إلا أنها تتوافق مع دوامة العنف التي شهدتها معان على مدار العامين الماضيين، من حيث مداهمات الشرطة الدراماتيكية على المنازل مما أثار احتجاجات وأعمال شغب أدت بدورها إلى المزيد من مداهمات الشرطة.

ففي السابع عشر من مايو/أيار، ساعدت الأحداث في معان على إحداث هزة سياسية باستقالة وزير الداخلية حسين المجالي، وإحالة مديري مديرية الأمن العام، التي تشرف على نظام الشرطة والسجون، وقوات الدرك، إلى التقاعد.

لم تفصح الحكومة سوى عن القليل لشرح هذه التحركات، ولكنها أشارت إلى "إخفاق الأجهزة الأمنية في التنسيق فيما بينها في القضايا المتعلقة بأمن واستقرار المواطنين".

وقال مسؤول أمني لوكالة رويترز إن التغييرات على المستوى العالي نبعت جزئيا من "حملة الشرطة الجائرة" على معان إبان السنوات الأخيرة، فضلا عن وفاة المعتقل، عبد الله الزعبي، في أوائل شهر مايو/أيار، والتي اعتقلت السلطات على خلفيتها أربعة من ضباط الشرطة.

يمكن أن تمثل الاعتقالات الأخيرة لضباط الشرطة وإزاحة رؤساء الأجهزة الأمنية تحولا نحو المساءلة عن الانتهاكات التي ترتكبها قوات الدرك ومديرية الأمن العام. ومع ذلك، فإن أكثر من ذلك بكثير يتعين القيام به لوضع حد لثقافة الإفلات من العقاب التي سادت لفترة طويلة.

يجب على السلطات وضع آليات عملية يمكن للجميع في الأردن الاعتماد عليها للحد من الانتهاكات التي ترتكبها الأجهزة الأمنية ولإرساء العدالة.

كما ويتعين على المشرعين تعديل قانون الإجراءات الجنائية لمنح جميع المعتقلين الحق في توكيل محام فور القبض عليهم. ومن شأن ذلك أن يساعد على منع سوء المعاملة والإكراه على التوقيع على اعترافات كاذبة على حد سواء.

ومع اتباع قوانين كهذه، فإن حالات الوفاة بين المعتقلين، كتلك التي أودت بحياة الزعبي، يمكن أن تُمنع مستقبلا.

بالإضافة إلى ذلك، يجب أن تصلح الأردن من نظامها القضائي الخاص لجرائم الشرطة.

يبدو أن ضباط مديرية الأمن العام في الأردن يتمتعون بالإفلات التام من العقاب، ويعود الأمر جزئيا إلى عدم وجود آلية مستقلة للتحقيق في الاعتداءات.

تحقق النيابة العامة للشرطة في القضايا داخليا، إضافة إلى الجرائم المزعومة الأخرى التي يرتكبها أفراد مديرية الأمن العام والدرك. يتم النظر في هذه القضايا من قبل محكمة الشرطة، حيث تعين الشرطة اثنين من القضاة الثلاثة الموجودين.

ومما يزيد الأمور سوءا، هو افتقار محكمة الشرطة للشفافية. ونادرا ما يصرح المسؤولون في الشرطة بمعلومات عن حالة القضايا المنظورة أمام المحكمة، بما في ذلك النتائج.

وقد أكد مسؤولون أردنيون لـ هيومن رايتس ووتش أن مسؤولي الشرطة يصرحون بالمعلومات لأسر الضحايا، ولكن في ظل غياب المعلومات في السجل العام ليس أمام الأردنيين سبيل لمعرفة ما إذا كانت الشرطة تجري التحقيقات والملاحقات القضائية بشكل جدي.

وليس ثمة سبيل إلى معرفة ما إذا كان أي شرطي في أي وقت مضى قد أدين بالتعذيب بموجب قانون العقوبات الأردني.

فحتى في القضايا التي تم الكشف عن معلوماتها وثبت تورط ضباط فيها، تم التعامل مع الجرائم على أنها محض إجراءات تأديبية.

فعلى سبيل المثال، في عام 2007، وبعد الضرب الجماعي لسبعين سجينا في سجن سواقة، أدانت المحكمة مدير السجن بتهمة "ممارسة السلطة بشكل غير مشروع مما يؤدي إلى ضرر" لخرقه لوائح الشرطة، وغرمته مبلغ 170 دينارا أردنيا (250 دولار).

وبرأت المحكمة 12 من حراس السجن الذين شاركوا في عملية الضرب، بدعوى أنهم كانوا ينفذون الأوامر.

إن إخفاق الحكومة في ضمان وجود نظام عدالة جاد وذي مصداقية يحاسب انتهاكات الشرطة، إنما يؤكد الحاجة إلى التغيير الجذري. وأفضل السبل للوصول لذلك هو نقل اختصاص هذه الجرائم إلى نظام المحاكم المدنية العادي.

إن لدى الأردن فرصة هامة الآن لمعالجة مسألة إفلات الشرطة من العقاب، ولكن هذا يتطلب أكثر من مجرد تغيير الوجوه في الجزء العلوي من الأجهزة الأمنية في البلاد. فهو يعني تحديد أوجه القصور المنهجية التي تجعل من المستحيل على أرض الواقع تعريض الأجهزة الأمنية للمساءلة وتحسين الضمانات ضد سوء المعاملة.

سوف يكون الأردنيون على ثقة بأن الحكومة تأخذ هذه الجرائم على محمل الجد فقط عندما تحدث هذه التغيرات.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة