(نيويورك) - إن على الأمم المتحدة توجيه البعثة المشتركة للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة لحفظ السلام في دارفور (يوناميد) إلى تحسين رصد حقوق الإنسان والإعلان عنها، وذلك عندما تقوم بتجديد تفويض البعثة. ومن المتوقع أن يقوم مجلس الأمن بالنظر في التفويض خلال الأسبوع الذي يبدأ في 25 أغسطس 2014.
وقالت هيومن رايتس ووتش إن أوضاع حقوق الإنسان في دارفور، غربي السودان، قد تدهورت خلال عام 2014. إذ شنت قوات الدعم السريع، وهي قوات تابعة للحكومة السودانية وتتشكل في غالبها من ميليشيات سابقة، شنت هجمات على عشرات القرى في جنوب ووسط وشمال دارفور خلال الفترة بين فبراير/شباط وأبريل/نيسان، حيث أسفرت الهجمات عن مقتل عشرات المدنيين، كما تسببت في فرار عشرات الآلاف من ديارهم، فضلاً عن الدمار الهائل وعمليات النهب الواسعة النطاق لممتلكات المدنيين.
وقال دانييل بيكيل، مدير قسم أفريقيا: "تعيد هجمات الحكومة في دارفور منذ فبراير/شباط إلى الأذهان الهجمات الوحشية للجنجويد بقيادة الحكومة التي بدأت عام 2003. ويعد الإبلاغ الدقيق وفي الوقت المناسب بواسطة البعثة المشتركة للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة أمرا في غاية الأهمية لحماية المدنيين. وعلى مجلس الأمن أن يصدر تعليمات إلى البعثة المشتركة لمضاعفة جهودها في رصد أوضاع حقوق الإنسان والإبلاغ عنها".
والآن والبعثة المشتركة للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، في عامها السادس، فقد ظلت هذه البعثة بلا فاعلية إلى حد بعيد في حماية المدنيين، بحسب هيومن رايتس ووتش. تجدر الإشارة إلى أن البعثة المشتركة للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة لديها فريق يتشكل من 60 ضابطاً من ضباط مراقبة حقوق الإنسان في دارفور، إلا أن البعثة توقفت عن الإبلاغ عن أوضاع حقوق الإنسان. وعلى الرغم من أن البعثة قد تناولت في تقاريرها الدورية إلى الأمين العام للأمم المتحدة هذه الهجمات والأنماط الأخرى لانعدام الأمن، فإنها لم تورد في تقاريرها نتائج مفصلة، بما في ذلك أعداد القتلى المدنيين وتقديرات الدمار الذي لحق بالممتلكات وادعاءات انتهاك القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي. كما أن البعثة لم تصدر خلال خمس سنوات تقريراً حول حقوق الإنسان قائماً بذاته.
قامت عدة قوات باستهداف المدنيين خلال القتال بين القوات الحكومية وجماعات التمرد وبين قوات حكومية وميليشيات وبين مجموعات قبلية مسلحة. كما أن الحكومة كثفت عمليات القصف الجوي على منطقة جبل مرة، التي تُعتبَر معقلاً للمتمردين على مدى فترة طويلة، ومواقع أخرى، مما أسفر عن مقتل مدنيين وتدمير ممتلكات للسكان. كما أسفر القتال، وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة، عن نزوح ما يزيد على 380000 شخص منذ بداية العام 2014.
وقالت هيومن رايتس ووتش إن قوات الأمن الحكومية ارتكبت أيضاً انتهاكات لحقوق الإنسان بحق المدنيين في معسكرات النازحين. ففي 5 أغسطس/آب داهمت قوات الأمن معسكر السلام للنازحين بالقرب من نيالا، جنوبي دارفور. وجرى تنفيذ عمليات المداهمة، التي زعمت السلطات أنها قامت بها بحثاً عن خمور وسلع أخرى محظورة كجزء من استجابة الحكومة العاجلة لازدياد ظاهرة الإجرام، في معسكري دريج وعطاش. وقال نازحون في معسكر السلام لنشطاء محللين في هيومن رايتس ووتش إن قوات الأمن اعتدت بالضرب على سكان المعسكر بالهراوات وخراطيم المياه خلال تفتيشها للمنازل وقامت بسرقة هواتف خلوية وأموال وممتلكات أخرى. كما قامت قوات الأمن باعتقال عشرات النازحين المقيمين بالمعسكر. أطلقت قوات الأمن بعض هؤلاء، فيما تمت إدانة آخرين منهم بواسطة محاكم تفتقر لإجراءات الحماية القانونية الأساسية. وأفاد زعيم قبلي وسائل إعلام محلية بأن ثلاثة أشخاص لا يزالون قيد الاعتقال.
تسببت قيود الحكومة السودانية بصورة كبيرة في عرقلة دخول قوات حفظ السلام لمناطق النزاع. كما أن المخاطر الأمنية المزمنة على قوات حفظ السلام قوّضت فاعليتها، إذ أن الهجمات التي استهدفت البعثة المشتركة أسفرت عن مقتل 58 فرداً على الأقل من قوات حفظ السلام منذ عام 2008.
على الرغم من العقبات، فإن البعثة المشتركة للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة من الممكن أن تقوم بتحسين مستوى حمايتها للمدنيين. ينبغي، على سبيل المثال، أن تزيد قوات حفظ السلام دورياتها وعمليات رصد حقوق الإنسان في الأماكن التي تتواجد بها، لا سيما داخل معسكرات النازحين وحولها.
وقال دانييل بيكيل: "تقع مسؤولية المحافظة على النظام والقانون على عاتق الحكومة السودانية، إلا أن قواتها في حاجة إلى معرفة كيفية القيام بعملياتها بصورة قانونية واحترام الحقوق الأساسية. من الممكن أن يقوم أفراد قوات حفظ السلام بردع الانتهاكات عند قيامها بعمليات إنفاذ القانون، وذلك من خلال الرصد الدقيق ومنع الانتهاكات مستقبلاً بالإبلاغ عنها في الوقت المناسب، وكلاهما ضمن التفويض الممنوح للبعثة".
تم نشر آخر تقرير أصدرته البعثة المشتركة حول حقوق الإنسان في دارفور، بالاشتراك مع مكتب الأمم التابع للمفوضية العليا لحقوق الإنسان في يناير/شباط 2009، حول هجوم شنته قوات حكومية على معسكر نازحين في جنوب دارفور أسفر عن مقتل 33 شخصاً وجرح ما يزيد على 108 أشخاص.
وكانت مجلة "فورين بوليسي" قد نشرت في أبريل/نيسان ادعاءات حول عمليات تستّر للبعثة المشتركة للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة وعدم تبليغها عن حوادث بصورة سليمة. وظهرت هذه الادعاءات اعتماداً على وثائق داخلية تم تسريبها بواسطة عائشة البصري، المتحدثة السابقة باسم البعثة. وقالت البصري إن قيادة البعثة –التي كانت راغبة عن انتقاد الحكومة السودانية- قد فشلت في الإبلاغ بصورة دقيقة عن جرائم ارتكبتها قوات حكومية. وجاء في بيان صحفي في يوليو/تموز أن الأنباء حول الوثائق المسربة دفعت الأمين العام للأمم المتحدة إلى إجراء تحقيق داخلي حول مزاعم التستر، كما قام بالاطلاع على تحقيقات حول البعثة. ومن المقرر أن يبدأ التحقيق في سبتمبر/أيلول.
وقالت هيومن رايتس ووتش أن تحقيق الأمين العام ينبغي أن يتوصل إلى توصيات بتحسين عملية الإبلاغ بواسطة البعثة ودفاعها عن حماية حقوق الإنسان. وكان عملية مراجعة منفصلة استغرقت عدة شهور قامت بها البعثة المشتركة للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة في فبراير/شباط حول فعالية البعثة قد توصلت إلى وجود عيوب خطيرة في الأداء، وأوصى القائمون على عملية المراجعة بتحديد أولويات ومعايير قياسية جديدة للبعثة. إلا أن عملية المراجعة لم تنادي بتحسين عملية الإبلاغ أو تحسين حماية المدنيين وأفراد قوات حفظ السلام.
وقالت هيومن رايتس ووتش إنها ناشدت أيضاً مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، الذي من المقرر أن يعقد جلسة حول السودان في سبتمبر/أيلول، بإدانة انتهاكات حقوق الإنسان في دارفور وفي أنحاء أخرى من السودان. وينبغي أن يعيّن المجلس مجدداً مقرراً خاصاً كي يقوم على وجه التحديد برصد أوضاع حقوق الإنسان في السودان ورفع تقارير بشأنها وتحديث التفويض الحالي للخبير المستقل.
وكانت الجرائم الخطيرة التي تم ارتكابها في دارفور قد أدت إلى قيام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بإحالة الوضع في السودان إلى محكمة الجنايات الدولية في مارس/آذار 2005 كي يقوم بإجراء التحقيق اللازم. ولا تزال هناك تهم قائمة ضد خمسة أفراد، بمن في ذلك رئيس السودان عمر البشير، على خلفية تهم تتعلق بالضلوع في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية والإبادة. إلا أن الخرطوم رفضت التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية وعرقلت عملها.
وقال دانيال بيكيل: "في ظل ازدياد الهجمات التي تقودها الحكومة السودانية ضد المدنيين بات توفر عملية الإبلاغ بصورة موثوقة للأوضاع في دارفور أكثر أهمية من أي وقت مضى. يجب ألا تسمح الأمم المتحدة بأن يصيب التدهور هذا الجزء الرئيسي من عملها، لا سيما وأن أمينها العام قد تعهد بوضع الحقوق أولاً في عمل الأمم المتحدة".
انتهاكات قوات الدعم السريع في دارفور منذ فبراير/شباط 2014
تم خلال الفترة من منتصف فبراير/شباط إلى أواخر مارس/آذار نقل قوات الدعم السريع، التي تتشكل من مليشيات سابقة تحت قيادة جهاز الأمن والمخابرات الوطني، إلى دارفور من منطقة كردفان، حيث تم نشرها في وقت سابق لقتال المتمردين في جنوب كردفان. ويقود هذه القوات زعيم الميليشيات السابق العميد محمد حمدان دقلو، المعروف بـ"حميدتي".
قامت هذه القوات، إلى جانب قوات أمن أخرى وميليشيات، بتنفيذ هجمات برية واسعة على عشرات القرى في جنوب وشمال دارفور، واستهدفت مناطق اتهموا سكانها بالتعاطف مع قوات التمرد. قامت هذه القوات بحرق منازل ومتاجر، ونهبت الماشية وقتلت ونهبت مدنيين، وأجبرت عشرات الآلاف من السكان على الفرار إلى المدن ومعسكرات النازحين.
وكان الرئيس عمر البشير قد دافع علناً عن قوات الدعم السريع. كما قامت السلطات باعتقال قادة معارضين بسبب انتقادهم لانتهاكات ارتكبتها قوات الأمن في دارفور وكردفان. اعتقلت سلطات الأمن صادق المهدي، زعيم حزب الأمن القومي، في 17 مايو/أيار وأطلقت سراحه بعد نحو شهر من الاحتجاز، كما تم اعتقال إبراهيم الشيخ، رئيس حزب المؤتمر السوداني، منذ 8 يونيو/حزيران بسبب تهم تصل عقوبتها في حالة الإدانة إلى الإعدام، ويعاني الشيخ من مشاكل صحية.
جنوب دارفور
هاجمت القوات الحكومية ابتداء من 19 فبراير/شباط، نحو 35 قرية جنوبي مدينة نيالا، في جنوب دارفور. وكانت هذه المنطقة مسرحاً لمواجهات مع متمردي جيش تحرير السودان قبل الهجمات، إلا أن السكان قالوا إن المتمردين قد تركوا المنطقة. وأبلغ سكان من قريتي الحجير وأم قونجة فرّوا إلى نيالا هيومن رايتس ووتش بأن الطائرات الحكومية قصفت المنطقة وأن أعداداً كبيرة من القوات البرية دخلت القرى على متن مركبات لاندكروزر وعلى ظهور خيول وجمال ودمروا مضخات مياه وسرقوا الماشية وحرقوا المنازل.
وقال شهود إن قوات الأمن حاصرت عدداً من التجار وأفراد أسرهم وأردتهم قتلى. وقالت سيدة، تبلغ من العمر 45 عاماً، من منطقة تقع إلى الغرب من حجير لـ هيومن رايتس ووتش إن ثلاثة مسلحين على ظهور جمال ودراجة نارية قتلوا زوجها وابنها بالرصاص ونهبوا الماشية. وقالت السيدة: "عندما بدأت أصرخ أطلقوا الرصاص مرّتين على يدي اليمنى وأخذوا الماشية وذهبوا".
سلّم قادة قبليون محليون هيومن رايتس ووتش قائمة تتضمّن 38 مدنياً قُتلوا و10 آخرين مفقودين، إلا أنه من الصعب التحقُّق من أعداد الضحايا. وقالت سيدة فقدت ثلاثة من أبنائها العشرة لـ هيومن رايتس ووتش إن قريباً لها قُتل بالرصاص، وقالت: "شاهدت جثته وجثتين أخريين لرجلين مسنّيْن بجانب جثته. للأسف لم يستطع أحد حتى الآن نقل الجثث من مكانها."
وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة، فإن ما يزيد على 60000 شخص فرّوا من المنطقة، إذ توجّهت غالبيتهم إلى ساني دليبة ومعسكرات بالقرب من نيالا.
شمال دارفور
تم نقل قوات الدعم السريع مطلع مارس/آذار إلى شرق جبل مرة وشمال دارفور، حيث ألحقت دماراً بالمنطقة واستهدفت السكان المحليين الذين تتهمهم بأنهم يدعمون جماعات التمرد. وهاجمت قوات الدعم السريع ابتداء من 15 مارس/آذار عشرات القرى بالقرب من الفاشر وكورما وكُتُمْ وأم سدر وهشابة وبعاشيم وأنقا وميلط. وقال سكان من المنطقة إنه في حين أن متمردي جيش تحرير السودان كانوا هاجموا مليط قبل بضعة أيام من تلك الفترة وقتلوا 5 أشخاص، إلا أنهم كانوا قد غادروا المنطقة عند دخول القوات الحكومية.
وأبلغ سكان محليون هيومن رايتس ووتش وموظفين في الأمم المتحدة ومراقبين محليين بأن قوات حكومية دخلت القرى على متن مركبات لاندكروزر ومركبات نصف نقل، وكانت تصاحبهم في الغالب مليشيات يمتطى أفرادها جياد وجمال، حيث أطلقوا النار على المنازل ونهبوا الماشية وبضائع أخرى، كما انهم اعتدوا على مدنيين وقتلوا بعضهم. وفي بعض الحالات قصفت طائرات حكومية بعض المواقع، خصوصاً في المنطقة القريبة من جبل مرة.
وقال رجل يبلغ من العمر 39 عاماً من قرية بركة، شمال شرقي مدينة الفاشر، إن مجموعة كبيرة من الجنود أوقفته في 14 مارس/آذار تقريباً واتهمته بأنه متمرد، لكنهم سمحوا له بالتوجه إلى الفاشر. ولدى عودته في وقت لاحق من نفس اليوم علِم بأن الجنود حاصروا سوق بركة ونهبوا المتاجر واعتدوا على الأهالي بالضرب وقتلوا رجلاً حاول حماية ابنته من الاغتصاب.
وقالت فتاة من قرية ضلمة، جنوب غربي الفاشر، تبلغ من العمر 15 عاماً، لمراقبين محليين إنها شاهدت جنوداً وصلوا إلى المنطقة على متن مركبة في 15 مارس/آذار وأطلقوا النار على صديقتها خديجة آدم، التي توفيت تحت شجرة متأثرة بإطلاق الرصاص بعد أن فرّ الجميع من المكان.
وقال تاجر من قوز دور، غربي الفاشر، يبلغ من العمر 45 عاماً، لـ هيومن رايتس ووتش إن أعداداً كبيرة من الجنود وصلوا إلى المنطقة من الجنوب على متن مركبات لاندكروزر ومركبات نصف نقل وأطلقوا النار في الهواء ثم بدأوا بعض ذلك عمليات نهب طالب الماشية وممتلكات الأهالي وأضرموا النار في المنازل. وقتل الجنود شخصين على الأقل وخطفوا فتاة تبلغ من العمر 17 عاماً.
ووصف سكان مدنيون الهجمات حول قوز سدر، شمالي الفاشر، وقالوا إن جنوداً على متن عدة مئات من مركبات لاندكروزر المحملة بمدافع الدوشكا وأسلحة أخرى بدأوا في 16 مارس/آذار دخول المنطقة وإطلاق النار على السكان وحرق المنازل ونهب الماشية.
وأفاد زعيم قبلي مراقبين محليين بأن "القوات الحكومية وصلت إلى المنطقة على متن 225 مركبة تدعمهم ميليشيا جنجويد يمتطى أفرادها جياد وجمال، وقاموا بحرق 23 قرية". وأفاد كذلك بأن "الهجمات استمرت على مدى ثلاثة أيام وأسفرت عن مقتل سبعة رجال"، كما أفاد كذلك بأنهم هربوا إلى الأودية للاختباء"، وقال كذلك إن المهاجمين "أخذوا كل ممتلكاتهم ولم يتركوا شيئاً".
وقال سكان من المنطقة أن القوات الحكومية هاجمت بعد ذلك مجموعة من القرى في الشمال والغرب حول هشابة وبعاشيم، ما أسفر عن جرح عشرات الأشخاص.
وقالت سيدة، تبلغ من العمر 55 عاماً، فرّت من الهجمات على هشابة، قالت لـ هيومن رايتس ووتش: "كانت الساعة العاشرة صباحاً. وصلت القوات الحكومية على متن 180 مركبة، وبدأوا في حرق المنازل والمتجر في السوق"، وأضافت: "وجدوا رجلاً يعاني مرضاً نفساً وأوثقوه بالحبال وألقوا به داخل النيران".
وقال عدد من الشهود إن قوات حكومية في قافلة من مئات المركبات هاجمت في 23 مارس/آذار منطقة بعاشيم، وذكر رجل، يبلغ من العمر 37 عاماً، أنه دفن ثلاثة من أقربائه لقوا مصرعهم في الهجوم، وأضاف كذلك أنهم "اختبأوا وراء شجرة حتى مساء اليوم قبل أن يتمكنوا من الفرار باتجاه الجبل". كما قال إن أقربائه قتلوا أما بالرصاص أو دهساً بمركبات كان على متنها القوات التي هاجمت المنطقة.
وقالت سيدة، تبلغ من العمر 45 عاماً، فرّت من الهجوم على منطقة بعاشيم إن القوات الحكومية قتلت شقيقها، وأضافت: "جلست على الأرض وحاولت التحدث معه لكنه كان قد فارق الحياة. غطيته بغطاء رأسي وهربت". وقالت هذه السيدة إن امرأة وفتاتين لقين مصرعهن في الهجوم.
وقال سكان من المنطقة إن هذه القوات بقيت في بعاشيم لمدة أسبوعين تقريباً، واستخدمتها كقاعدة تشن انطلاقاً منها الهجمات على قرى المنطقة.
هاجمت مجموعات أصغر عدداً من القوات الحكومية سكان مدنيين في مواقع أخرى مثل أنقا، شمالي بعاشيم. وكان سكان من قرى المنطقة، جرى نقلهم إلى مستشفى الفاشر لتلقي العلاج من إصابات خطيرة لحقت بهم من جراء الهجوم، قد أفادوا مراقبين محليين بأن جنوداً عبَروا بمركباتهم منطقة شاغور علي وكانوا يطلقون الرصاص بصورة عشوائية على مجموعات المدنيين، ما أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص على الأقل في الحال وإصابة 14 آخرين على الأقل.
ليس من المعروف على وجه التحديد عدد قتلى الهجمات الحكومية في شمال دارفور، إلا أن معلومات تلقّتها هيومن رايتس ووتش تشير إلى أن 38 شخصاً على الأقل لقوا مصرعهم بالقرب من أم سدر وبعاشيم ومليط وحدها. واضطر عشرات الآلاف من السكان للفرار للنجاة بأنفسهم، إذ توجهوا في الغالب نحو معسكرات النازحين حول الفاشر أو إلى القواعد التابعة للبعثة المشتركة للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة.