(بورت أو برنس، 14 أبريل/ نيسان 2011) ـ قالت هيومن رايتس ووتش في تقرير صدر اليوم إن محاكمة الدكتاتور السابق جان كلود دوفالييه تمثل فرصة تاريخية فارقة لنظام العدالة في هايتي للتصدي لبعض من أسوأ الجرائم التي ارتكبت في هايتي سابقا.
التقرير الصادر في 47 صفحة، تحت عنوان "موعد هايتي مع التاريخ: قضية جان كلود دوفالييه"، يتناول المسائل القانونية والعملية المحيطة بالقضية، ويخلص إلى أن هايتي لديها التزام بموجب القانون الدولي بالتحقيق وملاحقة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في ظل حكم دوفالييه. كما تناول التقرير قدرة هايتي على إجراء المحاكمة، ومسألة قانون التقادم، وتورط دوفالييه بشخصه في الأعمال الإجرامية المزعومة.
وقال ريد برودي، الاستشاري في هيومن رايتس ووتش:"محاكمة دوفالييه من الممكن أن تكون أهم قضية جنائية في تاريخ هايتي. التحديات التي تواجه نظام العدالة الضعيف في هايتي لإجراء محاكمة عادلة ضخمة، ولكن الدعم الدولي من الممكن أن يساعد هايتي في مواجهة تلك التحديات".
عاد دوفالييه إلى هايتي في 16 يناير/كانون الثاني 2011، بعد ما يقرب من 25 عاما في المنفى، ووجهت إليه تهما مالية وارتكاب جرائم ضد حقوق الإنسان. والتحقيق لا يزال جاريا.
اتسم حكم دوفالييه، منذ 1971 وحتى 1986، بانتهاكات منهجية لحقوق الإنسان. وقتل المئات من السجناء السياسيين المحتجزين في شبكة من السجون المعروفة بـ "مثلث الموت" من سوء المعاملة، أو كانوا ضحايا لعمليات قتل خارج نطاق القضاء. تعرض الصحفيون للضرب، وفي بعض الحالات للتعذيب، والسجن، وأجبروا على مغادرة البلاد.
وقالت هيومن رايتس ووتش إن دوفالييه محتمل أن يكون مسئولا بموجب القانون الهايتي "كمتواطئ" في الجرائم التي ارتكبها مرؤوسيه أو باعتباره الرئيس الذي فشل في منع أو معاقبة مرتكبي الجرائم تحت قيادته. هذه الأشكال من المسئولية كانت مطبقة في المحاكم الهايتية في مقاضاة مرتكبي مذبحة رابوتو في أبريل/نيسان 1994 وأدت إلى الإدانة لعدد من الرؤساء ـ ألغيت في وقت لاحق ـ بما فيهم راؤول سيدارس، زعيم المجلس العسكري الذي حكم هايتي من 1991 إلى 1994.
في إحدى الحالات التي درستها هيومن رايتس ووتش، اعتقل 100 من الصحفيين والناشطين في هايتي في 28 نوفمبر/تشرين الثاني 1980. العديد كانوا قد تعرضوا للتعذيب والبعض تم نفيه خارج هايتي. قال قائد شرطة بورت أو برنس لاحقا إن دوفالييه طلب منه "أن يفعل ما يشاء مع هؤلاء الصحفيين"، بينما قال دوفالييه نفسه لنيويورك تايمز أننا "كنا مضطرين للعمل" على وقف المؤامرة ضد الحكومة.
وقالت هيومن رايتس ووتش إن قانون التقادم لا يمكن التذرع به لوقف التحقيق. ولفتت إلى أن محكمة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان، وهي هيئة أحكامها ملزمة التنفيذ على هايتي قانونا، عقدت مرارا وتكرارا في ضوء التزامات الدول بالتحقيق والملاحقة القضائية للانتهاكات الخطيرة بموجب الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان. قانون التقادم غير قابل للتطبيق فيما يتصل بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي يحرمها القانون الدولي. بالإضافة لذلك، فالكثير من حالات "الاختفاء" التي ارتكبت في ظل حكم دوفالييه، لن يسري عليها قانون التقادم إلى أن يتم التأكد من أماكن ومصائر الضحايا.
وقالت هيومن رايتس ووتش إن التحقيق مع ومحاكمة رئيس دولة سابق بتهمة ارتكاب جرائم جماعية بين 25 عاما إلى 40 عاما مضت سيكون عملية معقدة، وأكثر تعقيدا بسبب ضعف النظام القضائي في هايتي. وأضافت: على الحكومة الهايتية الاستفادة القصوى من الموارد المحدودة من خلال استهداف الحوادث الرئيسية التي وقعت خلال حكم دوفالييه، كما ينبغي على الحكومات والمنظمات الدولية الأخرى دعم جهود هايتي بالمتخصصين والمساعدة الفنية.
وقال ريد برودي: "المحاكمة العادلة لدوفالييه قد تعتبر بداية نهاية أجواء الإفلات من العقاب التي ميزت هايتي في الماضي". مضيفا: "يمكن أن تخلق المساعدة الدولية اختلافا في حال حدوث هذه المحاكمة".