(نيويورك، 24 يناير/كانون الثاني، 2011) - قالت هيومن رايتس ووتش اليوم فيما يخص السعودية، بمناسبة إصدار تقريرها العالمي لعام 2011 أن بعض السعوديين تمتعوا بقدرة محدودة على تبادل الآراء بحيوية، خلال عام 2010، حصل أغلبه على الإنترنت، غير أن الحكومة ضايقت واعتقلت المنتقدين، وتبدو التشريعات الجديدة أكثر تقييداً للاتصالات الإلكترونية.
ويلخص التقرير، الذي أتى في 649 صفحة، والذي يعد المراجعة السنوية الـ 21 لأوضاع حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم، أهم قضايا حقوق الإنسان في أكثر من 90 بلداً في شتى أنحاء المعمورة. في المملكة العربية السعودية، يستهدف تشريع الحكومة الجديد الاتصالات الإلكترونية بتشديد القيود على المحتوى مع فرض متطلبات للتسجيل.
وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "في عام 2010، كان بإمكان النشطاء التعبير عن آرائهم عن أوجه تقصير الحكومة، على الإنترنت، ولكن في ظل القوانين الجديدة، فإن هذا ممنوع رسمياً. هل سيقبل سعوديون اعتادوا الوصول إلى الأخبار والآراء من جميع أنحاء البلاد والعالم حقاً بهذه المحاولة الجديدة لتكميم الأفواه؟".
وكرد على توسّع تبادل الآراء عبر منتديات النقاش على الإنترنت، والمدونات، والمواقع الإخبارية، ولا سيما في عام 2010 عبر مواقع التواصل الاجتماعية مثل فيس بوك وتويتر، أصدرت وزارة الثقافة والمعلومات السعودية في 1 يناير/كانون الثاني 2011، اللائحة التنفيذية لتنظيم أنشطة النشر الإلكتروني. تُخضِع اللائحة الجديدة جميع أشكال الأخبار الإلكترونية وتبادل المعلومات للأحكام الفضفاضة الواردة في نظام الصحافة والمطبوعات لعام 2000، بما في ذلك الفرض على المنشورات الترويج للإسلام، وعدم الإضرار بالأمن القومي أو المصالح الاقتصادية، والصحة، والنظام العام، أو الإساءة إلى كرامة الأفراد.
وبموجب القواعد الجديدة، سوف يحتاج مشغلو المواقع الإخبارية، ومنتديات النقاش، والمدونات، والمواقع الشخصية، أو تلك التي تنشر المعلومات عبر الرسائل النصية للهاتف المحمول أو رسائل البريد الإلكتروني الجماعية، سيحتاجون إلى ترخيص أو تسجيل لدى الوزارة. تشدد هذه الأحكام نظام الجرائم الإلكترونية لعام 2007، الذي يفرض عقوبات جزائية قاسية على الأشخاص الذين يدانون بالتشهير بالآخرين على الإنترنت أو بإنشاء مواقع إلكترونية لا تتفق مع الإسلام.
وقالت هيومن رايتس ووتش إن توافر الأخبار والمعلومات من مختلف أنحاء العالم أدى كذلك إلى زيادة الوعي بحقوق الإنسان. وقد زاد هذا الوعي إلى حد كبير منذ تولي الملك عبد الله بن عبد العزيز العرش في أغسطس/آب 2005 وإنشاءه في ذات العام هيئة حقوق الإنسان الحكومية، التي عززت حقوق الإنسان من خلال مناهج التعليم والتلفزيون.
ارتفع كذلك عدد منظمات حقوق الإنسان غير الحكومية والتي ينشط معظمها على شبكة الإنترنت. لا تملك المملكة العربية السعودية قانوناً لتنظيم هذه المنظمات، على الرغم من أنها يجب أن تتقدم للحصول على تراخيص للعمل. وافق مجلس الشورى المعين، والذي يستوفي بعض وظائف البرلمان، على مشروع قانون لتنظيم المنظمات غير الحكومية عام 2007، غير أن مجلس الوزراء لم يمرره حتى الآن.
تضم المنظمات الجديدة حقوق الإنسان أولاً في السعودية، وجمعية الحقوق المدنية والسياسية في السعودية، ومراقبة حقوق الإنسان السعودية، وصوت المرأة السعودية. رفضت الحكومة الترخيص لهذه المنظمات، رغم ذلك، اعترفت بمنظمة غير حكومية واحدة فقط، هي الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان التي تأسست عام 2004.
ومع ذلك، أصدرت المنظمات التي تنشط على الإنترنت بانتظام بيانات عن الحالات الفردية لانتهاكات حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية. أدت حملة أطلقت على تويتر وفيس بوك في أكتوبر/تشرين الأول للمطالبة بإطلاق سراح امرأة سجنت لعدم طاعة والدها، إلى لفت انتباه الحكومة، مما أدى إلى إطلاق سراحها.
واجه عدد من الناشطين في مجال حقوق الإنسان ومنتقدي الحكومة المضايقة والسجن، غالباً دون محاكمة، خلال عام 2010 لانتقاداتهم المستمرة لفشل سياسة الحكومة، بما في ذلك انعدام التسامح الديني في البلاد، ولمطالبتهم باحترام حقوق الإنسان.
ألقت السلطات القبض على الشيخ مخلف بن دهام الشمري، وهو ناشط سني في مجال حقوق الإنسان، في 15 يونيو/حزيران، بسبب مقالات كان قد نشرها على الإنترنت انتقد فيها الآراء الدينية المتطرفة، وانتقد الحكومة التي لم تحقق وعودها بتطوير البنية التحتية والسياحة. وجهت إليه تهمة "إزعاج الآخرين"، لكنه بقي في السجن لأكثر من ستة أشهر دون محاكمة.
في نوفمبر/تشرين الثاني 2009، اعتقلت الاستخبارات السعودية منير الجساس، وهو ناشط في مجال حقوق الشيعة، لنشره على شبكة الإنترنت مطالب بحقوق متساوية للشيعة السعوديين، الأقلية في البلاد ذات الغالبية السنية. هو أيضاً لا يزال في السجن دون محاكمة.
أمضى هادي آل مطيف، أحد أتباع المذهب الإسماعيلي الشيعي السائد في نجران، في جنوب المملكة العربية السعودية، 18 عاماً في السجن بموجب حكم بالإعدام، إثر الإدانة بالإساءة إلى النبي محمد. في أغسطس/آب 2009 حكمت محكمة سعودية على آل مطيف بالسجن لخمس سنوات إضافية لإرساله من السجن لقناة الحرة الفضائية فيديو لنفسه يصف محنته.
وقالت سارة ليا ويتسن: "النشطاء الشجعان مثل الشمري رواد في قيادة السعوديين إلى مجتمع أكثر عدلاً وانفتاحاً. إنهم يدافعون عن كل ما هو صائب في المجتمع السعودي- كرامة واحترام جميع السعوديين- لكن الحكومة السعودية تدافع عما هو خاطئ عندما تسجن الناس لتعبيرهم عن آرائهم".
لا يستطيع النشطاء الاعتماد على الضمانات القانونية أو القضائية لحمايتهم من الاعتقال التعسفي. استثمرت المملكة العربية السعودية مليارات الريالات لتحسين نظامها القضائي منذ عام 2007، في تدريب القضاة وبناء محاكم جديدة، لكن البلاد لا تملك قانون عقوبات لتعريف الجرائم. تعتقل قوات الأمن وتسجن الأشخاص بشكل تعسفي، بما في ذلك آلاف المشتبهين المتشددين، لسنوات، ولا تزال المحاكمات غير عادلة بوضوح.
فشلت إحدى المحاولات لمساءلة قوات الأمن في 28 أغسطس/آب عندما رفض ديوان المظالم، وهو المحكمة الإدارية، دعوى قضائية ضد قوات المخابرات لاعتقالها القاضي السابق والناشط السياسي الإصلاحي سليمان الرشودي دون تهمة أو محاكمة منذ فبراير/شباط 2007.
دعت هيومن رايتس ووتش الحكومة السعودية إلى إضفاء الطابع المؤسسي على ضمانات حقوق الإنسان للحفاظ على المكاسب التي تحققت في زيادة الوعي بحقوق الإنسان. ينبغي بصفة خاصة على المملكة العربية السعودية تكريس الحماية القانونية لحرية التعبير والتجمع السلمي، وإصدار قانون عقوبات وقانونٍ لتنظيم المنظمات غير الحكومية، بما يتفق مع القانون الدولي لحقوق الإنسان، وتحسين المساءلة الحكومية عن انتهاكات لحقوق الإنسان.
وقالت سارة ليا ويتسن: "كل الأموال التي أنفقت على المحاكم لن تحقق العدالة طالما بقيت القوانين السعودية تعسفية نصاً وممارسةً. يتحمل الإصلاحيون الشجعان وطأة القمع دون وجود وسائل قانونية للإنصاف".