Skip to main content

رسالة للحكومة اللبنانية لإبداء القلق إزاء احتجاز المهاجرين واللاجئين تعسفاً

حضرة رئيس الجمهورية،

حضرة رئيس مجلس الوزراء،

حضرات الوزراء،

نحن مجموعة من المنظمات الحقوقية اللبنانية والدولية العاملة في مجال حقوق الإنسان في لبنان. نكتب إليكم لنعبر عن قلقنا بشأن إستمرار إحتجاز المهاجرين واللاجئين بعد انقضاء مدد محكومياتهم، دون أي أساس قانوني لإستمرار إحتجازهم، كما نتقدم باقتراح توصيات من أجل وضع حد لهذا الإنتهاك للقوانين اللبنانية، ولقوانين حقوق الإنسان الدولية.

إن احتجاز الأجانب في لبنان بعد إنتهاء محكومياتهم مشكلة طال أمدها. فوفقاً لتقرير صادر عن قوى الأمن الداخلي، في 24 أغسطس/آب 2009، فإن 13% من المحتجزين في السجون اللبنانية هم من الأجانب الذين أنهوا قضاء عقوباتهم ولا يزالون قيد الاحتجاز دون أي مسوغ قانوني، ومن ضمنهم طالبي لجوء ولاجئين لا يتمكنون من العودة بأمان إلى بلادهم.

خلال الشهرين الماضيين، أصدرت المحاكم اللبنانية أربعة أحكام إعتبرت فيها أن إستمرار احتجاز أربعة عراقيين كانوا قد أنهوا قضاء محكومياتهم، هو إجراء غير قانوني وفقاً للقانون اللبناني، والتزامات لبنان الدولية.[1] ثلاثة من هؤلاء العراقيين كانوا لا يزالون قيد الاحتجاز لأكثر من سنة عقب إنتهاء مدة أحكامهم. تسلط هذه الأحكام الضوء على مشكلة أوسع في لبنان حالياً، عندما يتعلق الأمر بحماية الحقوق الأساسية للأجانب المحتجزين.

فبموجب النظام القائم، عندما ينهي أي محتجز/ة أجنبي/ة فترة حكمه/ا، فإن قوى الأمن الداخلي، المسؤولة عن إدارة السجون، لا تعمد إلى الإفراج عنه/ا، إنما تحيل القضية إلى المديرية العامة للأمن العام، بغض النظر عما إذا كانت المحكمة قد حكمت بترحيله/ا أم لم تحكم بذلك.[2] ولاحقاً، إما يتم الاحتفاظ بهؤلاء المحتجزين الأجانب تحت رعاية قوى الأمن الداخلي، فينتقلون في الغالب إلى سجن رومية المركزي، أو تتم إحالتهم الى مكان الاحتجاز التابع للأمن العام في العدلية. بغض النظر عن مكان احتجازهم، يتم الاحتفاظ بالعديد منهم لأشهر بعد انقضاء مدة محكوميتهم القضائية، قبل أن يطلق سراحهم أو يتم ترحيلهم.

في ظل هذا الوضع القائم، يمكن التحدث عن عدد من الإشكاليات. أبرزها، كما أشارت الأحكام القضائية، عدم وجود السند القانوني لإحتجاز الأجانب بعد إنقضاء فترة أحكامهم. ينص القانون اللبناني عموماً على أنه في حال حكمت المحكمة بترحيل الأجنبي، يكون لديه مهلة 15 يوماً لمغادرة البلاد "بوسائله الخاصة" (المادة 89 من قانون العقوبات). والحالة الوحيدة في القانون اللبناني التي تسمح للأمن العام باحتجاز الأشخاص هي اذا كان الشخص يشكل خطراً على الأمن القومي أو على السلامة العامة. في مثل هذه الحالة، وفقط في مثل هذه الحالة، تجيز المادة 18 من قانون تنظيم الدخول إلى لبنان والإقامة فيه والخروج منه لعام  1962 لمدير عام الأمن العام توقيف الأجنبي إدارياً بموافقة النيابة العامة، إلى أن تتم معاملة ترحيله[3].

حضرات السادة، لقد أصبح احتجاز الأجانب بعد إنقضاء فترات محكومياتهم من الممارسات الواسعة الإنتشار في لبنان، وتدبيرا يخضع له جميع الأجانب في لبنان. والتمادي في هذه الممارسة يتم خارج نطاق القانون وخارج إطار الرقابة القضائية: فاستمرار إحتجاز الأجانب بعد إنتهاء مدة أحكامهم لا يستند إلى أي نظام قضائي أو إداري. ولقد أعرب النظام القضائي اللبناني مؤخرا عن اهمية هذه الحقيقة. فالأحكام القضائية الأربعة المذكورة أعلاه، اعتبرت أن الاحتجاز لم يكن يستند الى قرار قضائي أو أي أمر صادر عن المديرية العامة للأمن العام، وبالتالي لا يمكن التمسك به.

يوجد اليوم في لبنان أكثر من 230 أجنبي ، بما في ذلك ما يزيد عن 13 لاجئ ، ممن أنهوا قضاء فترة أحكامهم ولا يزالون قيد الإحتجاز. وقد أظهر النظام القضائي اللبناني الحاجة الملحة إلى إصلاح هذا الوضع. إذاً باتت هذه المعضلة بيد السلطات اللبنانية، التي عليها أن  تضع ما يلزم من تدابير لضمان الإمتثال للدستور اللبناني، لا سيما المادة 8 منه، والتي تنص على أنه "لا يمكن أن يقبض على أحد أو يحبس أو يوقف إلا وفاقاً لأحكام القانون"، فضلاً عن التزامات  لبنان بموجب القانون الدولي، لا سيما العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. حيث تنص المادة 9 من العهد على أنه "لا يجوز حرمان أحد من حريته إلا لأسباب ينص عليها القانون وطبقا للإجراء المقرر فيه".

لمعالجة هذه المسألة، كما لضمان الإمتثال للقوانين المرعية الإجراء،  نقترح إتخاذ الإجراءات التالية:

  • أ‌- كخطوة فورية، ندعو:
  • وزارة الداخلية: إلى تنفيذ الأحكام القضائية الثلاثة غير المنفذة الى تاريخه، كونها السلطة التسلسلية الهرمية على إدارة السجون، على اعتبار أن استمرار احتجاز كل من رياض علي جواد الهاشمي، وسام سماح فايز اليوسف، وهيثم جواد الربيعي غير شرعي. وحتى كتابة هذه السطور، لم يكن قد أفرج سوى عن يسرى العامري.
  • وزارتي العدل والداخلية: إلى إنشاء لجنة مشتركة من الوزارتين لإعداد قائمة بأسماء جميع الأجانب الذين أنهوا مدة محكوميتهم ولا يزالون قيد الإحتجاز دون أساس قانوني. ينبغي على هذه اللجنة تنسيق عملها مع مفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين لتحديد ما إذا كان أي من المحتجزين الأجانب هم من طالبي اللجوء أو من اللاجئين المعترف بهم.
  • o ينبغي الإفراج عن جميع الأجانب في السجون ومراكز الإحتجاز الأخرى فور إنتهاء مدة محكوميتهم. يجب أن تصدر التعليمات بهذا الخصوص لجميع مراكز الاحتجاز لتوضيح هذا الأمر،فاحتجاز أي شخص دون أمر قضائي هو جريمة جزائية (المادة 368 من قانون العقوبات).
  • o بالنسبة لطالبي اللجوء واللاجئين: ينبغي على وزارة الداخلية منحهم تصاريح إقامة مؤقتة قابلة للتجديد، وتعرف في لبنان باسم تصاريح تنقل.
  • o بالنسبة للمهاجرين قيد الترحيل: عادة يجب أن يكونوا طلقاء بانتظار ترحيلهم. فبموجب القانون اللبناني (المادة 89 من قانون العقوبات)، لديهم مهلة 15 يوماً لترتيب إجراءات ترحيلهم. على اللجنة أن تنظر في تمديد هذه المهلة الزمنية في الحالات التي قد يتأخر فيها ترحيلهم لأسباب خارجة عن إرادتهم: على سبيل المثال، إذا كان رب العمل هو المسؤول عن دفع ثمن تذكرة المغادرة (كما في حالة عاملات المنازل)، ولم يتجاوب رب العمل؛ أو في حالة لم يكن لبلدهم الأصلي سفارة في لبنان لإصدار الأوراق اللازمة لهم.
  • ب‌- كخطوة وسيطة، ندعو إلى:

•·        إصلاح السياسات تجاه المهاجرين غير الشرعيين:

  • o إحتجاز المهاجرين غير الشرعيين ينبغي أن يكون الملاذ الأخير. فالبدائل التي تكفل حقوق وكرامة الإنسان يجب أن تؤخذ بعين الإعتبار قبل الاحتجاز، كاطلاق السراح تحت المراقبة، أو بشرط تقديم التقارير المنتظمة، أو بكفالة. في تقرير صدر في 16 فبراير/ شباط 2009، رأى فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي أنه يجب عدم وصف أو معاملة المهاجرين غير الشرعيين كالمجرمين، ولا النظر إليهم فقط من منظور الأمن القومي. الاحتجاز يجب أن يكون الملاذ الأخير، ومسموح به لأقصر فترة ممكنة.[4]
  • إصلاح السياسات تجاه طالبي اللجوء واللاجئين:

•o       تعديل قانون 1962 الخاص بتنظيم دخول وإقامة الأجانب في لبنان والخروج من البلاد وذلك لإعفاء طالبي اللجوء واللاجئين من العقوبات بسبب تواجدهم في البلاد بشكل غير شرعي.

نشكر إهتمامكم بهذه المسألة، ونأمل أن تكونوا قادرين على إطلاق سراح الأجانب الذين أنهوا قضاء فترة أحكامهم ولا يزالون قيد الاحتجاز في أقرب وقت ممكن.

مع فائق التقدير والإحترام


 


[1]  حكم صدر عن قاضي الأمور المستعجلة في زحلة في قضية يسرى العامري، 11 ديسمبر/ كانون الأول، 2009؛ حكم صدر عن قاضي الأمور المستعجلة في جبل لبنان في قضية رائد علي جواد هاشم، 28 يناير/ كانون الثاني، 2010؛ حكم صدر عن قاضي الأمور المستعجلة في جبل لبنان في قضية وسام سماح فايز اليوسف، 28 يناير/ كانون الثاني، 2010؛ حكم صدر عن قاضي الأمور المستعجلة في جبل لبنان في قضية ميثم جواد الربيعي، 28 يناير/ كانون الأول، 2010.

[2]  هناك تعليمات دائمة من مكتب المدعي العام لإجراء هذه الإحالة. تعليمات النيابة العامة رقم 4662/M/2004، الصادرة بتاريخ 16 ديسمبر/ كانون الأول، 2004.

[3]  المادة 18 من قانون الدخول والخروج لعام 1962 " يجوز لمدير عام الأمن العام أن يوقف، بموافقة النيابة العامة، من تقرر ترحيله من البلاد، إلى أن تتم معاملة ترحيله". إلا أن المادة 18 تعالج وضع الأجنبي الذي يمثل وجوده "خطراً على الأمن أو السلامة العامة". (المادة 17 من قانون الدخول والخروج لعام 1962).

[4]  تقرير للفريق العامل المعني بالإعتقال التعفسي، "تعزيز وحماية جميع حقوق الإنسان ، المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، بما فيها الحق في التنمية"، A/HRC/10/21، 16 فبراير/ شباط، 2009،

 http://daccess-dds-ny.un.org/doc/UNDOC/GEN/G09/110/43/PDF/G0911043.pdf?OpenElement.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة