Skip to main content

المملكة العربية السعودية: يجب توخي المساواة في معاملة الشيعة

الشيعة يواجهون التمييز المنهجي في الدين والتعليم والقضاء والتوظيف

  (نيويورك) - قالت هيومن رايتس ووتش في تقرير أصدرته اليوم إن على السلطات السعودية أن تُعامل الأقلية الشيعية المسلمة على قدم المساواة بالمواطنين الآخرين. كما ينبغي على الحكومة السعودية أن تنشئ لجاناً للتحقيق في الاعتقالات التعسفية الشيعة، وللتوصية بخطوات لوضع حد لتمييز الدولة الشامل بحق الشيعة، حسبما قالت هيومن رايتس ووتش اليوم. ويُقدر تعداد الشيعة في السعودية بما يتراوح بين 10 إلى 15 في المائة من السكان.

وتقرير "الحرمان من الكرامة: التمييز المنهجي والمعاملة المتسمة بالعدوانية بحق المواطنين السعوديين من الشيعة" الذي جاء في 24 صفحة، يوثق التوترات الطائفية الأقوى في المملكة منذ سنوات، والتي اندلعت إبان مصادمات بين زوار شيعة وعناصر الشرطة الدينية في المدينة المنورة شهر فبراير/شباط 2009، تلاها أعمال التوقيف التعسفي بحق مُحتجين من الشيعة في المنطقة الشرقية في مارس/آذار. كما أسهم في التوترات إغلاق دور عبادة شيعية خاصة بصلاة الجماعة في الخُبر، وبدأت هذه الإجراءات في يوليو/تموز 2008، واعتقالات شخصيات دينية وقيادات شيعية في الأحساء في عام 2009.

وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "جميع السعوديون الشيعة يريدون من حكومتهم أن تحترم هويتهم وتعاملهم بشكل منطوي على المساواة". وتابعت قائلة: "إلا أن السلطات السعودية تعامل هؤلاء الأشخاص بشكل منهجي بشيء من التحقير والريبة".

وعلى الحكومة أن تنشئ لجنة مخصصة لاستكشاف إمكانية تخطيط مشاركة المزارات المقدسة بين المسلمين من مختلف المذاهب والطوائف، لا سيما مكة والمدينة، حسبما قالت هيومن رايتس ووتش. وقد تحرك الملك عبد الله في مجال التسامح الديني، لكن تمييز مؤسسات الدولة لم ينته بعد.

وبين 20 و24 فبراير/شباط 2009، تصادم زوار من الشيعة من المنطقة الشرقية، مع عناصر الشرطة الدينية في مقبرة البقيع، على خلفية اختلافات مذهبية بشأن الشعائر الخاصة بتأبين الموتى، وكان الزوار قد حضروا لإحياء ذكرى وفاة النبي. وأطلقت قوات الأمن النار على زائر يبلغ من العمر 15 عاماً، في صدره، وطعن مدني مجهول شيخاً شيعياً في ظهره بسكين وهو يصيح: "اقتلوا الرافضة". وأنكرت السلطات إصابة أحد، وقللت من شأن أعمال التوقيف بحق الزوار الشيعة التي تلت الأحداث. لكن في 5 مارس/آذار أمر الملك عبد الله بإخلاء سبيل جميع محتجزي المدينة المنورة.

وفي أواخر فبراير/شباط وفي مارس/آذار، تظاهر الشيعة في المنطقة الشرقية من مدينتي القطيف والصفوة تضامناً مع المحتجزين في مصادمات المدينة. كما احتج الشيعة في العوامية للمطالبة بالمعاملة على قدم المساواة، إثر خطبة جمعة قال فيها داعية شيعي، هو نمر النمر: "كرامتنا أغلى علينا من وحدة" المملكة. وردت قوات الأمن باعتقال أعداد كبيرة من المتظاهرين واحتجزت بعضهم لمدة شهور.

وفي مايو/أيار ويونيو/حزيران ويوليو/تموز، تناقلت التقارير أن الشرطة بناء على تعليمات من حاكم المنطقة الشرقية، اعتقلت بعض الشيعة في الخبر، وأمرتهم بإغلاق دور صلاة الجماعة الخاصة. وأحد هؤلاء الشيعة، عبد الله مهنا، تم اعتقاله منذ 25 مايو/أيار حتى 1 يوليو/تموز. ولا توجد مساجد للشيعة في الخبر، رغم أن المساجد السنية التي تمولها الدولة كثيرة.

وفي الأحساء، جنوبي المنطقة الشرقية، اعتقلت السلطات 20 شيعياً على الأقل بين يناير/كانون الثاني ويوليو/تموز جراء ممارساتهم الدينية والثقافية، مثل دراسة المرأة الشيعية للقرآن أو بيع الملابس الخاصة بالمناسبات الدينية. ومن تم اعتقالهم تعرضوا لأحكام بمعزل عن القضاء، من حبس يتراوح من أسبوع إلى شهر. مثل أعمال الاعتقال دينية الدوافع هذه في الأحساء يعود تاريخها إلى عام 2001 على أقرب تقدير.

ويمتد تمييز الدولة بحق الشيعة إلى ما يتجاوز الحريات الدينية. فالتقرير يوثق التمييز في نظام التعليم، حيث لا يحق للشيعة تدريس الدين في الفصول، ويتعلم التلاميذ الشيعة الدين من معلمين من السنة يقولون لهم إنهم غير مؤمنين. كما يوثق التحيز ضد الشيعة في القضاء، حيث يقول القضاة السنة في بعض الأحيان بعدم أهلية الشاهد الشيعي بناء على دينه، ولا يتبعون إلا قواعد وأصول الفقه السني. ولا يُسمح للشيعة بتبوء مناصب القضاء في المحاكم العادية.

وهذا الاستبعاد يمتد إلى التوظيف أيضاً. إذ لا يوجد وزراء شيعة، أو دبلوماسيون في مناصب رفيعة أو مسؤولون عسكريون رفيعو الرتبة. وعادة لا يمكن للطلاب الشيعة الدخول إلى الأكاديميات العسكرية.

وفي عام 2003 بادر ولي العهد في ذلك الحين الأمير عبد الله بمبادرة الحوار الوطني، وفي اجتماعها الأول جلس كبار علماء الشيعة والسنة معاً للمرة الأولى. وفي عام 2008، جدد الملك عبد الله انتباهه إزاء التسامح الديني، أولاً بجمع السنة بالشيعة في مكة في يونيو/حزيران، ثم بالدعوة للتسامح بين الأديان، في كلمات ألقاها في مدريد ونيويورك في يوليو/تموز وأكتوبر/تشرين الأول من ذلك العام. إلا أن السعودية لم تُحرز أي تقدم يُذكر على مسار التسامح الديني داخلياً.

وقالت سارة ليا ويتسن: "لطالما نظرت الحكومة السعودية إلى مواطنيها الشيعة من منظور وهابي أو منظور استقرار الدولة، فوصمتهم بأنهم غير مؤمنين أو مشتبه في أمر ولائهم للدولة". وأضافت: "لقد حان الوقت لمنهج جديد يُعامل الشيعة بصفتهم مواطنين لهم ما لغيرهم من المواطنين من حقوق".

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة