ما الذي حدث في دارفور؟
منذ بداية عام 2003، تخوض قوات الحكومة السودانية وإحدى الميليشيات الإثنية المعروفة باسم "الجنجويد" نزاعاً مسلحاً ضد جماعتين متمردتين هما جيش/حركة تحرير السودان وحركة العدالة والمساواة. ووفي سياق عملياتها ضد المتمردين قامت قوات الحكومة بشنّ حملةٍ منهجية من "التطهير العرقي" ضد السكان المدنيين الذين ينتمون إلى نفس المجموعات الإثنية التي ينتمي إليها المتمردون. وقامت القوات الحكومية السودانية وميليشيا الجنجويد بإحراق وتدمير مئات القرى، متسببة في عشرات الآلاف من الوفيات في صفوف المدنيين، وتشريد الملايين من الأشخاص، واغتصاب الآلاف من النساء والفتيات والاعتداء عليهن.
وبحلول سبتمبر/أيلول 2007، أصبح ما يناهز 2.2 مليون شخص مشرد يقيمون في مخيمات في دارفور، وأكثر من 200000 من الأشخاص فروا إلى تشاد المجاورة، حيث يعيشون في مخيمات لاجئين. وبالإضافة إلى الأشخاص المشردين جراء النزاع، فثمة 2 مليون شخص آخرين يعتبرون "متأثرين بالنزاع" حسب الأمم المتحدة، ويحتاج الكثير منهم المساعدة في توفير الطعام لأن النزاع أضّر بالاقتصاد المحلي والأسواق والتجارة في دارفور.
وقد حدثت تغيرات وانقسامات في تحالفات المتمردين منذ بدء النزاع، وأبرزها التي وقعت في نوفمبر/تشرين الثاني 2005، حينما انقسم جيش تحرير السودان إلى فصيلين. وبحلول سبتمبر/أيلول 2007، أصبح هناك أكثر من اثني عشر فصيلاً منشقاً من جيش تحرير السودان وحركة العدالة والمساواة. وتنقسم حركات التمرد إلى جماعات قليلة تناصر اتفاق سلام دارفور الذي تم إبرامه في مايو/أيار، وغالبيتها ترفض توقيع الاتفاق.
ما الذي يحدث في دارفور الآن؟
تراجع عدد هجمات الحكومة ضد المدنيين في بداية عام 2005، ويعود ذلك جزئياً إلى تدمير الغالبية العظمى من القرى وهجر سكانها لها. لكنّ منذ أواخر عام 2005 تدهور الموقف بشدة، خاصة بعد اتفاق سلام دارفور في مايو/أيار 2006.
وقد انتقل الموقف حالياً من نزاع مسلح عالي التدمير بين المتمردين والحكومة، إلى تنافس عنيف للوصول إلى السلطة والموارد، تنخرط فيه القوات الحكومية وميليشيا الجنجويد المناصرة للحكومة، وعدّة فصائل متمردة وفصائل من المتمردين السابقين والعصابات. وبين يناير/كانون الثاني ويوليو/تموز 2007، تم تشريد أكثر من 200000 شخص، وغالبيتهم يتعرضون للتشريد للمرة الثانية أو الثالثة.
وجددت حكومة السودان في أواخر 2006 ومطلع 2007 حملة القصف؛ إذ قامت بضرب المناطق المزعوم أنها تخضع لتحكم المتمردين في شمال دارفور، وهذا بشكل شبه يومي. وهاجمت الميليشيات التي تدعمها الحكومة السكان المدنيين في غرب وجنوب وشمال دارفور، بما في ذلك مخيمات الأشخاص المشردين داخلياً. وتزايدت شكاوى سكان شمال دارفور من إساءات القوات المتحالفة مع زعيم المتمردين السابق ميني ميناوي، الذي وقع على اتفاق سلام دارفور في مايو/أيار 2006. وتسببت أيضاً هذه الإساءات ضد المدنيين، وكذلك المصادمات بين جيش تحرير السودان ومقاتلي ميناوي والجماعات المتمردة في تشريد موسع النطاق للأشخاص، خاصة في منطقتي كورما وطويلة، وشملت أيضاً مخيمات للمشردين في المنطقة. وخلّف القتال بين الجماعات الإثنية العربية منذ يناير/كانون الثاني 2007 أكثر من 200 قتيل وأجبر الآلاف على الفرار.
وفي 31 يوليو/تموز 2007، وافق مجلس الأمن - بموافقة السودان - على نشر قوة حفظ سلام تشمل 26000 من العناصر العسكرية والشرطية الدولية في دارفور. وسوف تتكون هذه القوة من قوة الاتحاد الأفريقي بالإضافة إلى قوة "مختلطة" من الأمم المتحدة (بعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور) وسوف تخول الاضطلاع بمسؤوليات قوة حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي المُحاصرة حالياً (بعثة الاتحاد الأفريقي في السودان) والتي تعمل في دارفور منذ عام 2004. وسوف يتم تجهيز البعثة الجديدة بموارد أكثر لحماية المدنيين والعاملين بمجال الإغاثة الإنسانية، وللإشراف على تنفيذ اتفاق السلام الهش. وقد أصرّت الحكومة السودانية على أن تتشكل قوة حفظ السلام بالأساس من قوات تتبع الدول الأفريقية، إلا أنه من الواضح أن ثمة حاجة للموارد الفنية واللوجستية وغيرها من الاحتياجات من دول غير أفريقية.
هل حقق اتفاق السلام في دارفور السلام؟
لا. في 5 مايو/أيار 2006 وقعّت الحكومة السودانية اتفاق سلام دارفور في أبوجا بنيجيريا، مع فصيل من جيش تحرير السودان يتزعمه ميني ميناوي. إلا أن حركتي تمرد آخريين، هما حركة العدالة والمساواة وفصيل جيش تحرير السودان الذي يتزعمه عبد الواحد محمد نور، رفضا التوقيع مما جعل اتفاق سلام دارفور هشاً منذ بدايته. ويقول زعماء المتمردين إنهم رفضوا اتفاق سلام دارفور لأنه لم يتصدَ بما يكفي للقضايا الأساسية بما فيها صندوق تعويض الضحايا والمشاركة في السلطة وتمثيل المتمردين في الحكومة ونزع أسلحة ميليشيا الجنجويد.
ومنذ توقيع اتفاق سلام دارفور، تفاقم القتال في دارفور بين الحكومة وجماعات المتمردين "غير الموقعة". كما يوجد تصاعد الاقتتال بين فصائل المتمردين (أغلبه في شمال دارفور). ويستمر المتمردون الذين رفضوا توقيع اتفاق سلام دارفور في قتال الحكومة، التي شنت حملة موسعة ضدهم، بالتنسيق مع الميليشيات وبدعم من الطائرات. فيما لم يتم نزع أسلحة الميليشيات وتستمر في شنها لهجماتها.
ومن المقرر عقد مفاوضات سلام جديدة بين الحكومة وجماعات المتمردين غير الموقِعة، وهذا في 27 أكتوبر/تشرين الأول بطرابلس في ليبيا. وفي منتصف سبتمبر/أيلول، قال عبد الواحد محمد نور إنه سيرفض المشاركة في المباحثات ما لم يتم وقف عمليات الاقتتال أولاً.
لماذا تدهور الوضع في دارفور؟
إحدى المشكلات الأساسية تتمثل في أنه على مدى السنوات الثلاث الماضية استمرت الحكومة السودانية في اتّباع سياسة دعم الميليشيات الإثنية، سواء بتنسيقها الهجمات على المدنيين أو السماح بها، والسماح بارتكاب انتهاكات خطيرة للقانون الدولي دونما عقاب، بما في ذلك الهجمات على قوات الاتحاد الأفريقي والعاملين بالإغاثة الإنسانية وقوافلهم. كما أسهم النزاع الجاري وتشرذم جماعات المتمردين في زيادة غياب حكم القانون في أجزاء من دارفور. وسمح هذا بدوره للعصابات بالازدهار وللمتمردين بمهاجمة القوافل وقتل المدنيين. وتم انتهاك اتفاق وقف إطلاق النار المبرم في أبريل/نيسان 2004 عدة مرات من قبل كافة أطراف النزاع، ويعاني اتفاق وقف إطلاق النار الخاص باتفاق سلام دارفور من نفس المصير.
كيف يؤثر غياب الأمان على عمليات الإغاثة الإنسانية؟
لم يقتصر أثر تدهور الحالة الأمنية والهجمات المتعمدة على العاملين بالإغاثة الإنسانية، على الحد من وصول الإغاثة الإنسانية فقط - مع اعتبار التنقل إلى بعض مخيمات اللاجئين خطراً وتحول المخيمات نفسها إلى مناطق غير آمنة - بل امتد أيضاً لدرجة تهديد مجمل عملية الإغاثة الإنسانية. فبين يناير/كانون الثاني ويوليو/تموز 2007، فقدت بعثة حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان 11 عنصراً في هجمات مسلحة وتعرضت العديد من عرباتها للكمائن والاختطاف. كما استهدف المتمردون وغيرهم من الجماعات المسلحة مقار العاملين بالإغاثة الإنسانية في جنوب وشمال دارفور. وفي 18 و19 ديسمبر/كانون الأول 2006 هاجم رجالٌ مسلحون مقر الإغاثة في جريدة واستولوا على عربات ومعدات اتصال وأرهبوا العاملين بالإغاثة الإنسانية واعتدوا عليهم جنسياً. وأجبرت الهجمة غالبية المنظمات الدولية في المنطقة على الإخلاء. وفي 21 يناير/كانون الثاني 2007 داهمت الشرطة السودانية لقاءاً اجتماعياً في مقر الإغاثة الإنسانية في نيالا، واعتقلت 20 عنصراً من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والعاملين بالإغاثة، ولحقت إصابات خطيرة ببعض المعتقلين وهم رهن الاحتجاز.
وطبقاً لتقديرات الأمم المتحدة، ففي شهر يونيو/حزيران 2007 تعرضت واحدة من كل ست قوافل إغاثة غادرت عواصم المقاطعات في دارفور للاختطاف، وتم اختطاف 132 من العاملين مؤقتاً تحت تهديد السلاح، وتم نصب الكمائن لـ 35 عربة إغاثة إنسانية ونهبها، وأُجبِرت وكالات الإغاثة على تجميد عملياتها وتغيير أماكن العاملين لديها نتيجة للمخاوف الأمنية 15 مرة. وعلى الرغم من هذه المشكلات تكافح الجماعات الإنسانية لكي تبلغ عدداً أكبر من الناس، بالأساس باللجوء إلى النقل الجوي وغيرها من السبل. وفي فبراير/شباط 2007 قالت الأمم المتحدة أن حوالي 900000 شخص لا يمكن الوصول إليهم لمدهم بالإغاثة الإنسانية. وتراجع هذا الرقم على ما يبدو إلى 560000 أثناء مايو/أيار ويونيو/حزيران 2007، لكنه ما زال عدداً كبيراً للغاية.
ما الذي يحدث في تشاد؟
لجماعات المتمردين في دارفور تواجد في شرق تشاد منذ فترة طويلة، وهي تستضيف أكثر من 200000 لاجئ من دارفور. والعنف يتصاعد في تشاد منذ أواخر عام 2005 مع تأسيس المتمردين التشاديين بدعم من الحكومة السودانية قواعد في دارفور وبدء شن هجمات عبر الحدود. وهاجم المتمردون التشاديون أنجامينا عاصمة تشاد في أبريل/نيسان 2006 لكن القوات الحكومية التشادية ردعتهم. وبالإضافة إلى النزاع التشادي الداخلي، تهاجم ميليشيا الجنجويد السودانية والميليشيات التشادية المدنيين في تشاد. كما يوجد تصاعد في الحساسيات المجتمعية ويرجع هذا جزئياً إلى دعم الحكومة التشادية لبعض الجماعات الإثنية، وهي سياسة يبدو أنها جهد مبذول لتقليل الدعم لجماعات المتمردين التشاديين، وملء الفجوة الأمنية على طول الحدود مع دارفور. ومنذ مطلع نوفمبر/تشرين الثاني 2006، قُتل مئات الأشخاص في شرق تشاد في هجمات على أكثر من 70 قرية.
ما الذي يفعله الاتحاد الأفريقي في دارفور؟
توسط الاتحاد الأفريقي في اتفاق وقف إطلاق النار في أبريل/نيسان 2004 بين الحكومة السودانية وحركات التمرد في دارفور، وفي يونيو/حزيران من العام نفسه قام بنشر فريق صغير لمراقبة وقف إطلاق النار يتكون من ممثلين للاتحاد الأفريقي، والأطراف (الحكومة ومجموعتين ثم ثلاث مجموعات من المتمردين) وشركاء مثل الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة والولايات المتحدة.
ومع استمرار العنف ضد المدنيين، تم توسيع مسؤوليات بعثة الاتحاد الأفريقي في السودان في أكتوبر/تشرين الأول 2004 بحيث شملت حماية "المدنيين الذين تقابلهم البعثة والمعرضين لخطر قائم وفي جوار البعثة في حدود الموارد والقدرات المتاحة" وارتفع مستوى قوات بعثة الاتحاد الأفريقي في السودان تدريجياً وتزايد عدد عناصرها، حتى بلغ في سبتمبر/أيلول 2006 ما يقدر بـ5703 عناصر من القوات و1425 ضابط شرطة، بتمويل ومعدات من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وغيرهما من المانحين.
وتمتعت بعثة الاتحاد الأفريقي في السودان بنجاح محدود في فرض الاستقرار على المنطقة ومنع الهجمات على المدنيين، وتعرضت البعثة نفسها للهجوم. وقد أسهم مستوى القوات غير الكافى وكذلك المعدات والتدريب والقدرات اللوجستية، في عدم قدرة البعثة على الاستجابة للهجمات في كامل أنحاء دارفور. وتعرضت البعثة للإعاقة على الأخص بسبب نقص التدفق المتسق والمتوقع للتمويل، حيث لا يوجد لدى الاتحاد الأفريقي قاعدة كافية من الرسوم والضرائب لتوفير التمويل لهذه العملية الموسعة.
ما الذي يمكن فعله لحماية المدنيين؟
توجد مشكلة أساسية على المدى البعيد، تتمثل في أن الحكومة السودانية مستمرة في العمل بسياسات تستهدف المدنيين في دارفور، بما فيها خططها العسكرية مثل تجنيد واستخدام الميليشيات المسيئة وترك المسؤولين عن ارتكاب الجرائم في دارفور يفلتون من الملاحقة القضائية. وعلى المؤسسات الدولية والحكومات أن تفرض الضغوط على الحكومة السودانية لكي توقف العمل بهذه السياسات والممارسات، بما في ذلك تطبيق عقوبات على استهداف المدنيين وغيرها من الإجراءات المتبعة.
والآن وبما أن مجلس الأمن وافق على نشر قوة حفظ سلام "مختلطة" من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، فعلى المجتمع الدولي أن يضمن أن القوة مجهزة تجهيزاً جيداً، مع تمتعها بتوزيع جيد وأنها تعمل بنشاط على حماية المدنيين. وقد تم نشر عناصر حفظ السلام التابعة لبعثة الاتحاد الأفريقي في السودان في دارفور منذ عام 2004، لكنها كانت عناصر قليلة ومتواضعة المستوى من حيث المعدات بحيث لم تتمكن من توفير الأمن لكامل المنطقة.
ومن المقرر تشكيل بعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور من 26000 عنصر عسكري وشرطي يقومون بحفظ السلام. ومن الدروس المستفادة من بعثة الاتحاد الأفريقي في السودان أن العسكريين وحدهم ليسوا كافين لضمان قدرة البعثة الجديدة على تنفيذ ولايتها الخاصة بحماية المدنيين. فبعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور ستحتاج لأن تنشر عناصرها على نطاق موسع وعلى نحو إستراتيجي في كامل أنحاء دارفور، وأن تتمتع بقدرات استجابة سريعة وقوية، وتقوم بدوريات نهارية وليلية منتظمة - بما في ذلك دوريات جمع الحطب ودوريات الأسواق النهارية، وتوظيف وحدات شرطية جيدة التدريب والموارد، وأن تضم مسؤولي حقوق إنسان يتم الإعلان عما يتوصلون إليه من نتائج على الملأ. وعلى بعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور أن يكون لديها عدد كبير من العاملين الخبراء في العنف الجنسي والعنف الذي أساسه التفرقة على أساس الجنس، وكذلك حقوق الأطفال. ويجب أن تتمكن البعثة أيضاً من تحسين القدرة على إيصال المساعدات الإنسانية بحيث تتمكن منظمات الإغاثة الإنسانية من توفير المساعدة للسكان المعرضين للخطر.
ولدى الأمم المتحدة بالفعل بعثة لحفظ السلام في جنوب السودان؛ حيث انهى اتفاق السلام الشامل في يناير/كانون الثاني 2005 الحرب الأهلية التي نشبت قبل واحد وعشرين عاماً من ذلك التاريخ بين الحكومة السودانية والمتمردين الجنوبيين المعروفين بالحركة الشعبية/الجيش الشعبي تحرير السودان. وبعثة الأمم المتحدة في السودان مفوضة بموجب الفصل السابع بنشر 10000 عنصر عسكري و715 شرطياً لمراقبة وتنفيذ هذا الاتفاق بين الشمال والجنوب. وحتى 30 يونيو/حزيران 2006 نشرت بعثة الأمم المتحدة في السودان 10224 عنصراً رسمياً من أكثر من ستين دولة في الخرطوم وجنوب السودان ومناطق مختارة بين المكانين.
متى ستبدأ بعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور عملها؟
من المخطط لبعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور أن تحصل على ما تحتاج من معدات وعتاد للعمليات في موعد أقصاه أكتوبر/تشرين الأول 2007 وأن تستلم العمل بالكامل من بعثة الاتحاد الأفريقي في السودان في موعد أقصاه 31 ديسمبر/كانون الأول 2007. لكن يجب ألا يُفقد التركيز خلال الفترة الانتقالية، أثناء نقل السلطة من بعثة الاتحاد الأفريقي في السودان إلى بعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور. وليس من المتوقع أن يكون لبعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور حضورٌ قوي في دارفور حتى يناير/كانون الثاني 2008، وحتى منذ ذلك التاريخ فسوف تبدأ في زيادة قوتها ذاتياً.
ما هو دور بعثة الاتحاد الأفريقي في السودان؟
على بعثة الاتحاد الأفريقي في السودان - وكذلك الدول المانحة - ألا تكف عن السعي لتحسين حماية البعثة ومبادرات المراقبة فيما يتم نقل الولاية من بعثة الاتحاد الأفريقي في السودان إلى بعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور. فما زال المدنيين عرضة لخطر الهجوم وهم بحاجة للحماية الآن. وعلى بعثة الاتحاد الأفريقي في السودان أن تستعمل موارد "مجموعة الدعم الخفيف" و"مجموعة الدعم الثقيل" لتعزيز عملياتها في حفظ السلام وحماية المدنيين. ويجب استئناف المبادرات التي توقفت في بعض المناطق، بما فيها دوريات نهارية وليلية ودوريات جمع الحطب، وهذا على وجه السرعة. ولدعم هذا، ثمة حاجة لنشر أي موارد باقية من المخصصة لبعثة الاتحاد الأفريقي في السودان أو أن يتم الاستعانة بهذه الموارد في العمليات دونما إعاقة من حكومة السودان.
لماذا رفضت حكومة السودان قبول قوة الأمم المتحدة لفترة طويلة؟
زعمت الحكومة السودانية أن قوة الأمم المتحدة ستنتهك سيادتها وأن نشر القوات الغربية كفيل بتحويل السودان إلى "عراق أخرى". واتهمت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بوجود "أجندات خفية" لديها ومؤامرات استعمارية. لكن السودان وافقت بالفعل على نشر قوة للأمم المتحدة عددها 10000 عنصر لمراقبة اتفاق السلام الذي أنهى حرباً أهلية استمرت 21 عاماً في جنوب السودان، ويوجد بالفعل 7000 عنصر من القوات الأفريقية في دارفور، ولهذا فإن مقاومتها التي طالت لوجود قوة الأمم المتحدة في دارفور تعتبر أمراً محيراً.
وربما كان أحد أسباب تردد الحكومة السودانية في القبول هو خشيتها أن يلعب تواجد الأمم المتحدة بدعم من مجلس الأمن دوراً أقوى بكثير في حماية المدنيين والمطالبة بالمحاسبة (بما في ذلك اعتقال مجرمي الحرب المزعومين) وبهذا تعيق سياستها الخاصة بـ "التطهير العرقي" في دارفور. وتستمر الحكومة في القول بأنها تفضل قوات تابعة للاتحاد الأفريقي في دارفور، برغم أنها أعاقت كثيراً من تيسير عمليات بعثة الاتحاد الأفريقي في السودان.
وفي الماضي، قامت السودان بإعاقة مبادرات أخرى لحفظ السلام مما أضر بالمدنيين في دارفور. وفي عام 2005 قامت بمنع تسليم 105 ناقلة مدرعة للأفراد تتبع كندا، إلى دارفور، بنية مساعدة بعثة الاتحاد الأفريقي في السودان على حماية المدنيين، وكذلك العاملين بالإغاثة الإنسانية وقواتها ذاتها. ولكن تم فيما بعد السماح بدخول ناقلات الأفراد، لكن بعد وقوع هجوم على بعثة الاتحاد الأفريقي في السودان تسبب في وقوع 4 قتلى في صفوف القوات. وفي عام 2007 منعت السودان دخول ست مروحيات هجومية تابعة لبعثة الاتحاد الأفريقي في السودان ووافقت على السماح بها بعد تلقي تأكيدات بأنها لن تُستخدم لأغراض "هجومية". كما منعت الحكومة شرطة بعثة الاتحاد الأفريقي في السودان من زيارة الأشخاص في مراكز الاحتجاز، حتى رغم أن هذا من أحكام اتفاق سلام دارفور. كما هاجم المتمردون والمتمردون السابقون قوات بعثة الاتحاد الأفريقي في السودان في مناسبات عدّة ومنعوا البعثة من دخول المناطق الخاضعة لنفوذهم.
ما هو تفسير الحكومة السودانية للموقف في دارفور؟
في السنوات الأولى للنزاع، داومت الحكومة السودانية على وصف الموقف في دارفور بأنه "نزاعات قبلية" ورفضت من هذا المنطلق الاعتراف بمسئوليتها عن الهجمات المنهجية على المدنيين. واتهمت الخرطوم الصحفيين الأجانب وجماعات حقوق الإنسان بـ"فبركة" الموقف في دارفور، رغم الأدلة الكثيرة التي تثبت مسئولية الحكومة السودانية عن الجرائم، وحاولت الحد من اطلاع وسائل الإعلام على دارفور. كما ضايقت الحكومة الصحفيين وحدت من حرية الصحافة في محاولة منها لوقف تدفق المعلومات من دارفور. وفي عام 2004 احتجزت الحكومة مراسل الجزيرة في الخرطوم لعدة أسابيع بعد نقل محطة الأنباء لتقارير حول دارفور في أغسطس/آب 2006، وتم اعتقال عدة صحفيين غربيين في دارفور وسلموا إلى الاستخبارات السودانية. وعلى الرغم من أنه تم إطلاق هؤلاء الأشخاص فيما بعد، ففي سبتمبر/أيلول 2006 شنت الحكومة السودانية حملة قمعية على الإعلام السوداني بواسطة الرقابة السابقة على الطبع والاعتقالات التعسفية وفرض عدة قيود بيروقراطية على الصحفيين الدوليين.
ما الذي تفعله جامعة الدول العربية بشأن دارفور؟
صمتت جامعة الدول العربية إلى حد كبير عن الفظائع المرتكبة في دارفور. وتاريخياً تربط حكومة السودان علاقات قوية بمصر وكذلك بدول أعضاء أخرى بجامعة الدول العربية. وقد أرسلت جامعة الدول العربية بعثة تقصي حقائق إلى دارفور في مايو/أيار 2004، ورغم أنها خلُصَت في نتائجها إلى وقوع فظائع خطيرة الشأن، فلم تدن جامعة الدول العربية علناً أو تنتقد الإساءات واسعة النطاق لحقوق الإنسان التي وقعت في السودان. وتم عقد قمة جامعة الدول العربية في 28 و29 مارس/آذار 2006 في الخرطوم، ولم تفشل الجامعة فحسب في إدانة الحكومة السودانية بارتكاب الفظائع وسياستها الجارية بترك المجرمين يفلتون من العقاب في دارفور، بل أيضاً كافأت السودان برئاسة جامعة الدول العربية. وقد دعم بعض أعضاء الجامعة علناً الرفض السوداني لقوة تابعة للأمم المتحدة في دارفور، برغم التصريحات السابقة من الأمين العام لجامعة الدول العربية التي أيد فيها نشر قوات للأمم المتحدة. وتربط بعض الحكومات العربية، ومنها مصر وليبيا، علاقات دبلوماسية بالسودان، ويمكن أن تكون مصادر قوية للضغط إذا قررت أي من هذه الدول أن تمارس الضغوط.
ما الذي يفعله مجلس الأمن بشأن دارفور؟
على الرغم من إصدار أكثر من اثني عشر قراراً جديداً للمطالبة باتخاذ الحكومة السودانية خطوات معينة، بما فيها نزع أسلحة ميليشياتها ووقف الهجمات ضد المدنيين، فلم يتم بذل الكثير من الجهد الجماعي في مجلس الأمن بالأمم المتحدة لضمان أن هذه المطالب تُقابل بالتنفيذ.
والسبب الأساسي هو أن مجلس الأمن مُنقسم حول السودان لأن أطرافه المتعددة من الدول لها مصالح متباينة. فروسيا والصين تدعم دائماً الحكومة السودانية بسبب الارتباط الأيديولوجي معها (عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء) ولكل منهما مصالح اقتصادية في السودان. والصين على سبيل المثال تستورد بين 4 إلى 7 في المائة من نفطها من السودان، ومشروع النفط السوداني هو أنجح مشروعاتها الدولية في تنمية الموارد النفطية.
وأخر ما فعل مجلس الأمن هو الموافقة على قوة حفظ سلام "مختلطة" من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي يبلغ عددها 26000 عنصر عسكري وشرطي. واتخذ مجلس الأمن خطوتين هامتين في عام 2005 أيضاً. الأولى كانت إحالة الموقف في دارفور إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بسبب الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب في دارفور. والخطوة الثانية كانت تشكيل لجنة لفرض العقوبات وهيئة من الخبراء للتحقيق مع الأشخاص الذين انتهكوا قواعد حظر التسليح وارتكبوا انتهاكات لحقوق الإنسان أو عرقلوا عملية السلام.
كما تزايد قلق دول بعينها في مجلس الأمن، وفرنسا على الأخص، والتي تربطها بتشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى علاقات عسكرية وسياسية قديمة، وهذا بخصوص الأثر الإقليمي لنزاع دارفور. والجماعات المسلحة على طول الحدود بين السودان وتشاد وبينها وبين جمهورية أفريقيا الوسطى مسؤولة عن هجمات ضد المدنيين وعدد من هذه الجماعات تعمل كقوات تحارب بالوكالة لصالح الحكومات الإقليمية.
وفي ظل الصعوبة الشديدة في تأمين السلام في تشاد، انتقلت عناصر من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى تشاد في أغسطس/آب 2007 لتقييم إمكانية وأبعاد نشر قوة مشتركة من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي لحماية المدنيين شرقي تشاد (والقوة مقرر لها أيضاً أن يكون لها تواجد في المنطقة الشمالية الشرقية من جمهورية أفريقيا الوسطى). ويستعد الاتحاد الأوروبي لإرسال القوة ووافق الرئيس ديبي عليها من حيث المبدأ.
ما هي العقوبات التي تفرضها الأمم المتحدة على أطراف النزاع في دارفور؟
أوصت هيئة خبراء الأمم المتحدة في ديسمبر/كانون الأول 2005 بمعاقبة تسعة عشر شخصاً جراء دورهم في ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان وعرقلة عملية السلام. وكان منهم وزير الدفاع السوداني الفربق اول عبد الرحيم محمد حسين، وتسعة من المسؤولين الحكوميين، وزعيمين من زعماء الجنجويد وخمسة من قادة التمرد في دارفور. وفي أبريل/نيسان 2006 صوت مجلس الأمن بفرض عقوبات على أربعة أشخاص سودانيين، هم قائد عسكري سوداني سابق وزعيم لميليشيا الجنجويد وقائدين من قادة التمرد. وتتضمن هذه العقوبات فرض الحظر على السفر وتجميد حساباتهم في البنوك الأجنبية وغيرها من الأصول. ولم يتم وضع أي من المسؤولين السودانيين الذين ما زالوا في مناصبهم أو ممن يمارسون عملهم حالياً على قائمة العقوبات. ومنذ فرض العقوبات على هؤلاء الأشخاص الأربعة متواضعي المستوى منذ عام لم تقم لجنة العقوبات بالأمم المتحدة بفرض عقوبات على أشخاص آخرين؛ نتيجة لاعتراضات من الصين وروسيا وقطر.
وتقدمت هيئة الخبراء بتقارير جديدة للجنة عقوبات الأمم المتحدة وصفت فيها الانتهاكات الصريحة لحظر التسليح من قبل كل أطراف القتال وأدانت على الأخص الحكومة السودانية جراء استمرارها في دعم الميليشيات ونقلها القوات والعتاد العسكري إلى دارفور في انتهاك للحظر على الأسلحة. وفي أكتوبر/تشرين الأول 2006 ظهر تقرير تضمن ملحق سرّي آخر مذكورة فيه أسماء إضافية لأشخاص تمت التوصية بفرض العقوبات عليهم. لكن وحتى أغسطس/آب 2007 لم يقم مجلس الأمن بمد العقوبات لتشمل أيّ من المسؤولين رفيعي المستوى المسؤولين عن هجمات ماضية أو حديثة ضد المدنيين. و سوف تتقدم هيئة الخبراء بأحدث تقاريرها إلى لجنة العقوبات في الربع الثالث من عام 2007.
كما أوصت هيومن رايتس ووتش مجلس الأمن والحكومات المعنية بأن عليها إعداد ومراقبة الالتزام بنقاط محاسبة مرجعية يجب أن تلتزم بها كافة أطراف النزاع لكي تستوفي ما عليها من التزامات بموجب القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان الدولي وفرض العقوبات على عدم الالتزام. ونقاط المحاسبة المرجعية هذه: (1) إنهاء الهجمات على المدنيين والاستخدام غير المشروع لألوان أو علامات الأمم المتحدة وبعثة الاتحاد الأفريقي في السودان، على الطائرات، (2) إنهاء الدعم للميليشيات المسيئة والجنجويد والشروع في تنفيذ برامج لنزع أسلحة الميليشيات والجنجويد. (3) تسهيل النشر السريع لعناصر بعثة الاتحاد الأفريقي في السودان وبعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور وضمان أنها قادرة على تنفيذ ما تم تخويلها تنفيذه من أنشطة دونما إعاقة، بما في ذلك حرية التنقل في أرجاء دارفور. (4) إنهاء حالة الإفلات من العقاب وتعزيز المحاسبة بواسطة التعاون الكامل مع المحكمة الجنائية الدولية، وتنفيذ إصلاحات قانونية وغيرها من الخطوات الرامية لتعزيز النظام القضائي السوداني. (5) زيادة القدرة على إدخال الإغاثة الإنسانية. (6) إنهاء تكريس التطهير العرقي بواسطة استخدام الأراضي واحتلالها.
ما الذي تفعله المحكمة الجنائية الدولية بشأن دارفور؟
فتحت المحكمة الجنائية الدولية في يونيو/حزيران 2005 تحقيقاً في الجرائم المرتكبة في دارفور. وتملك المحكمة تفويضاً بالتحرّي عن الأشخاص المسؤولين عن الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية وجرائم الحرب والإبادة الجماعية منذ يوليو/تموز 2002، وذلك طبقاً لنظام روما. وفي 27 أبريل/نيسان 2007 أصدرت الدائرة التمهيدية بالمحكمة الجنائية الدولية أوامر اعتقال لوزير الدولة السوداني للشؤون الإنسانية أحمد هارون، وزعيم الجنجويد علي قشيب، وهذا جراء سلسلة من الهجمات على غرب دارفور في عامي 2003 و2004. وقد أشارت الحكومة السودانية علناً إلى أنها لن تتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية وتصر على أنها ستُحاكم المجرمين في دارفور بنفسها. وبدلاً من الوفاء بالتزاماتها الخاصة بتسليم أحمد هارون إلى المحكمة، رشّحت الحكومة في سبتمبر/أيلول 2007 هارون لمنصب نائب رئيس لجنة التحقيق في حقوق الإنسان في دارفور. ومجلس الأمن في نهاية المطاف بحاجة لضمان أن السودان سترقى لمستوى الوفاء بالتزاماتها القانونية.
ما الذي تفعله الحكومة السودانية لملاحقة جرائم الحرب قضائياً؟
لا توجد أي مؤشرات على أن النظام القضائي السوداني يحقق بجدية أو يلاحق قضائياً أي من المسؤولين الحكوميين أو زعماء الميليشيات أو غيرهم من الأشخاص المسؤولين عن ارتكاب جرائم خطيرة في دارفور. وقام بتشكيل محكمة جنائية خاصة عن أحداث دارفور في عام 2005 إلا أن المحكمة لم تدن إلا عدد قليل للغاية من الأشخاص ولم تشمل الإدانة زعماء. لمزيد من المعلومات عن المحكمة الجنائية الخاصة، يرجاء الاطلاع على تقرير هيومن رايتس ووتش "نقص الإدانة: المحكمة الجنائية الخاصة بأحداث دارفور".
ما الأبعاد الدينية للنزاع في دارفور؟
جميع سكان دارفور من المسلمين؛ كما أن الحكومة السودانية وميليشيا الجنجويد التابعة لها من المسلمين أيضاً. لكن هناك بعض الحالات التي قامت فيها القوات الحكومية وميليشيا الجنجويد بهدم الجوامع وقتل الأئمة ومن حاولوا الاحتماء في الجوامع، إضافة إلى تدنيس القرآن أثناء مهاجمة المدنيين. فمثلاً وثقت هيومن رايتس ووتش في مساحة صغيرة فقط من غرب دارفور تدمير 62 مسجداً على الأقل من قبل القوات الحكومية السودانية والميليشيات أثناء هجمات في أواخر 2003 وأوائل 2004. وقد تم شن هجمات كثيرة أخرى على مساجد في مختلف أنحاء دارفور.
ما هي الانقسامات الإثنية في دارفور؟
هناك الكثير من الجماعات الإثنية في دارفور، ولكل منها لغتها وتقاليدها. وتنحدر الجماعات المتمردة من ثلاث إثنيات رئيسية هي الفُر والزغاوة والمساليت، وتعتبر كلها قبائل غير عربية. أما أفراد ميليشيا الجنجويد التي تجندها الحكومة السودانية فينحدرون من عدد من العشائر البدوية العربية الصغيرة التي لم تكن تملك أرضاً في الماضي وقد جاءت إلى دارفور مهاجرةً من تشاد بين الستينيات والثمانينيات من القرن العشرين أثناء نشوب الحروب الأهلية بتشاد. وكانت هذه العشائر تاريخياً متعايشة بسلام مع غيرها، بل كانت هناك زيجات مختلطة بين العرب والإثنيات الأفريقية رغم بعض الصدامات العرضية من أجل الموارد. كما أن هناك عدد من العشائر العربية الأكبر حجماً في دارفور وهي لا تشارك في الصراع. ومن هنا فإن من المبالغة في التبسيط القول بأن النزاع في دارفور نزاع عربي أفريقي.
كيف يستطيع الناس الاستمرار في العيش في دارفور؟
معظم المشردين داخلياً في دارفور - أكثر من 2 مليون - يعيشون الآن في المخيمات ويكادون يعتمدون على المساعدات الإنسانية الدولية بشكل شبه كامل. وهم لا يستطيعون مغادرة المخيمات بسبب استمرار تعرضهم للهجمات التي تشنها الميليشيات؛ كما أن النساء تتعرض للاغتصاب يومياً عند الخروج من المخيمات لجمع الحطب. ولا يستطيع هؤلاء الناس العودة إلى ديارهم بسبب استمرار وجود الميليشيات التي تساندها الحكومة في الريف. وبسبب التشرد المتفشي الذي تسببت فيه الحرب للمزارعين وعرقلة التجارة وطرق الهجرة الخاصة بالبدو؛ فقد تمت إعاقة اقتصاد دارفور إلى حد كبير. ويوجد مليونين آخرين من الأشخاص من غير المشردين يعتبرون "متأثرين بالنزاع" والكثيرون بحاجة للمساعدة الإنسانية. ويوجد في دارفور ما يبلغ إجمالاً 4 ملايين من المتضررين، أي أكثر من نصف تعداد دارفور البالغ 6 ملايين نسمة.
ولا يمكن للعاملين بالإغاثة الإنسانية الوصول إلى مئات الآلاف من الأشخاص المحتاجين بسبب غياب الأمن وكذلك التدخل من مسؤولي الحكومة بالعرقلة، لكل من المدنيين والعسكريين. وتزايدت وتيرة هجمات المتمردين على القوافل الإنسانية ونهبهم لها في مطلع عام 2006 وهم مسئولون عن هجمات على مقار الإغاثة الإنسانية في ديسمبر/كانون الأول 2006، وقاموا أحياناً بسرقة المدنيين أيضاً، وهم في العادة ينتمون لنفس المجموعات الإثنية التي ينتمي لها خصومهم. كما هاجمت العصابات - التي شجعها انتشار الأسلحة وتفشي الإفلات من العقاب - وهددت قوافل المساعدات الإنسانية في كل أرجاء دارفور.
لماذا تنظم الحكومة السودانية ميليشيا الجنجويد؟
الكثير من القوات المسلحة السودانية من دارفور، ولهذا فربما كانت الحكومة مترددة في الاستعانة بهذه القوات في نزاع يدور في إقليم عناصر القوات. فضلاً عن أن حكومة السودان استعانت كثيراً بالميليشيات الإثنية كقوات تحارب عنها بالوكالة، بما في ذلك في جنوب السودان ومنطقة جبال النوبة. وأمدّ استخدام الميليشيات الحكومة بـ"القدرة على الإنكار"، إذ أنها تزعم أنها لا يمكنها "السيطرة" على الميليشيات. إلا أنه لا يوجد دليل على أنها حاولت فعلاً السيطرة عليها وثمة أدلة كثيرة على أن الميليشيات ما زالت تحصل على تمويل وأسلحة وهذا بتنظيم وإدارة عناصر الاستخبارات العسكرية التابعة للجيش وغيرهم من المسؤولين، وبمساعدة من مسؤولين مدنيين على مستوى الدولة والمستوى الوطني. وتيسر الميليشيات للحكومة السودانية أن يكون لديها قوات مسلحة كبيرة وغير مكلفة تعمل تحت إمرتها ومستعدة للخدمة بإخلاص وولاء كقوات لقمع التمرد، بما أن الميليشيات تستفيد مالياً (من النهب والاستيلاء على الأراضي) أثناء مشاركتها في القتال.
من الذي يساند الحكومة السودانية؟
تحصل الحكومة السودانية على مشترياتها العسكرية من عدد من الدول كالصين وروسيا وبيلاروسيا وأوكرانيا وغيرها. وقد شهدت إيرادات الحكومة السودانية زيادة كبيرة منذ أن باشرت تصدير النفط في أغسطس/آب 1999. ومن المقدر أن إيرادات الحكومة تضاعفت ثلاثة أضعاف منذ عام 1999 إلى عام 2004 وإيراداتها من النفط تقدر بثلاثة مليارات دولار في العام. وبالنتيجة تمكنت السودان من شراء طوافات هجومية إضافية وطائرات ميغ ومدفعية وغيرها من عتاد الحرب. وبنهاية الحرب التي استمرت 21 عاماً في جنوب السودان، وبعد الوصول لاتفاق وقف إطلاق النار في أكتوبر/تشرين الأول 2002، تمكنت الحكومة السودانية أيضاً من نقل الكثير من أسلحتها التي استحوذت عليها مؤخراً إلى دارفور لتستخدمها في عمليات قمع التمرد.
وقد تلقت الحكومة السودانية طيلة حربها في جنوب السودان وفي دارفور في الوقت الحالي، الكثير من المساعدات الإنسانية الدولية. فبرنامج الغذاء العالمي على سبيل المثال، يوفر المساعدة لستة ملايين نسمة في السودان، بما في ذلك في دارفور والجنوب.