Skip to main content

إيران: "الجمعة الدامي" أكثر الأيام فتكا هذا العام

قوات الأمن تطلق النار على المتظاهرين في زاهدان، حيث أكثر السكان من الأقليات

متظاهرون في زاهدان، إيران، 28 أكتوبر/تشرين الأول 2022. © 2022 خاص

(بيروت) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن قوات الأمن الإيرانية استخدمت القوة القاتلة غير المشروعة، فقتلت وجرحت العشرات خلال الاحتجاجات في زاهدان؛ قتل أغلبهم يوم 30 سبتمبر/أيلول 2022، في ما بات يسمى "الجمعة الدامي". ينبغي لبعثة تقصي الحقائق التابعة لـ "الأمم المتحدة" المنشأة حديثا بشأن إيران إيلاء اهتمام خاص لفظائع قوات الأمن في مناطق الأقليات مثل زاهدان، عاصمة محافظة سيستان وبلوشستان، حيث أغلبية السكان من البلوش.

وثّقت هيومن رايتس ووتش إطلاق النار على المتظاهرين والمارة عبر معاينة 52 صورة وفيديو قدمتها منظمة "حال وش" الإيرانية الحقوقية، وإجراء أبحاث باستخدام المصادر المفتوحة، ومقابلة 13 شخصا من الشهود وعائلات الذين قتلوا في 30 سبتمبر/أيلول وخلال أكتوبر/تشرين الأول. وثقت هيومن رايتس ووتش عبر تحليل الصور والفيديوهات مقتل 12 شخصا على الأقل، بينهم صبي، وإصابة 30 آخرين في زاهدان في 30 سبتمبر/أيلول، ويُحتمل أن تكون الأعداد الفعلية أكبر بكثير. منذ 30 سبتمبر/أيلول، قتلت قوات الأمن ثمانية أشخاص على الأقل بالرصاص، وفقا لمصادر مطلعة قابلتها هيومن رايتس ووتش. بين الضحايا ثلاثة أطفال قتلوا بالرصاص في احتجاجات 30 سبتمبر/أيلول و28 أكتوبر/تشرين الأول.

قالت تارا سبهري فر، باحثة أولى في شؤون إيران في هيومن رايتس ووتش: "كان عدد القتلى من المتظاهرين والمارة على يد قوات الأمن الإيرانية يوم الجمعة الدامي هو الأكبر في أي احتجاج، لكن لم يُعتقل أي مسؤول. الوحشية الهائلة من جانب الحكومة دفعت معاناة المجتمعات المهمشة منذ زمن طويل، مثل زاهدان، إلى صلب الاحتجاجات".

تُظهر المعلومات المتوفرة أن في 30 سبتمبر/أيلول، أطلق عناصر من الشرطة والمخابرات النار على المتظاهرين من فوق أسطح المنازل المحيطة بالمصلى الكبير والمسجد المكي، المسجد السني الرئيسي في زاهدان. أطلقت قوات الأمن النار على سيارة كانت تقل المصابين إلى المستشفى. لم يشكل المتظاهرون في الغالب تهديدا جديا لقوات الأمن جيدة التسليح.

قال شاهد لـ هيومن رايتس ووتش: "بينما كنت أغادر [قاعة الصلاة] بحثا عن أخي، رأيت جثثا على الأرض، معظمهم من الشباب. في البداية، لم أكن أدرك أن الشرطة كانت تطلق النار، لكن بعد ذلك لاحظت أنهم كانوا يطلقون النار من المباني".

جمعت منظمات حقوقية بلوشية أسماء 85 إلى 97 شخصا، بينهم تسعة أطفال، قُتلوا بين 30 سبتمبر/أيلول و5 أكتوبر/تشرين الأول في زاهدان. ردت السلطات الإيرانية على الاحتجاجات اللاحقة بمزيد من القوة غير القانونية بدل إجراء تحقيق شفاف ونزيه ومحاسبة المسؤولين عن عمليات القتل.

في 30 سبتمبر/أيلول، كان الناس يغادرون قاعة الصلاة في المصلى الكبير في زاهدان حوالي الظهر، عندما أطلقت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع والرصاص على عشرات المتظاهرين الشبان الذين كانوا يسيرون باتجاه "مركز الشرطة رقم 16"، على بعد أقل من 100 متر في الشمال الشرقي. بحسب الشهود وأدلة الفيديو، أطلق عناصر قوات الأمن المتمركزين على أسطح المباني الشاهقة المحيطة النار على المتظاهرين الذين بدأوا بإلقاء الحجارة وترديد شعارات الاحتجاج، فقتلوا وأصابوا عددا من المتظاهرين والمارة.

لاحقا في اليوم نفسه، اشتبك السكان مع الشرطة وقوات الأمن الأخرى وألقى بعضهم الحجارة وزجاجات "المولوتوف" الحارقة. قال شهود إن قوات الأمن أطلقت النار على العشرات، بينهم أطفال، بجوار المسجد المكي القريب، فقتلت وجرحت العديدين طوال العصر والمساء. استمرت الاحتجاجات عدة أيام.

قال إسماعيل شه بخش، عم فرزاد شه بخش (27 عاما)، في مقابلة مسجلة مسبقا حصلت هيومن رايتس ووتش على نسخة منها إنه ذهب في 30 سبتمبر/أيلول إلى مستشفى خاتَم بحثا عن ابن أخيه.

أضاف: "عندما دخلت غرفة الطوارئ، رأيت مشهدا مؤلما يستحيل وصفه. تحول سيراميك بلاط الأرضية الأبيض إلى الأحمر... تصفّحتُ ثلاث صفحات لأسماء المصابين تضم الواحدة منها 10 إلى 15 اسما ولم يكن اسم فرزاد فيها.... أعطتني ممرضة لاحقا خمس أو ست صفحات إضافية، تحوي الواحدة منها 18 إلى 20 اسما، وأخبرتني أن فرزاد كان بين القتلى".

مباشرة بعد أحداث 30 سبتمبر/أيلول، أفادت "تسنيم نيوز"، وهي وسيلة إعلامية مقربة من أجهزة الاستخبارات الإيرانية، أن "جيش العدل"، وهو مجموعة معارضة مسلحة، أعلن مسؤوليته عن "هجمات إرهابية" في زاهدان. زعم الموقع الإخباري أن متمردين مسلحين هاجموا ثلاثة مراكز للشرطة وأطلقوا النار على مركز الشرطة رقم 16، وهو ادعاء نفته الجماعة المسلحة.

أصدر إمام الجمعة البارز في زاهدان مولانا عبد الحميد إسماعيل زهي بيانا مصورا يدحض مزاعم المواقع الموالية للحكومة حول الحادث.

أضاف: "كان مركز الشرطة من بدأ في إطلاق النار أولا وعشوائيا باستخدام ذخيرة حربية تجاه المكان الذي كان هؤلاء الشباب يهتفون فيه ويعبّرون عن مشاعرهم، ولكن أيضا باتجاه المصلى الكبير حيث كان الناس يصلون، وهو ما أدى إلى انطلاق الرصاص والغاز المسيل للدموع داخل المصلى. تعرض قسم النساء أيضا لقنابل الغاز والرصاص وأدى إلى مقتل، استشهاد، امرأة".

وجد تحليل هيومن رايتس ووتش لفيديوهات وصور 30 سبتمبر/أيلول أن المتظاهرين ألقوا الحجارة على مراكز الشرطة في بعض الحالات، والزجاجات الحارقة في حالتين. لم يمكن رؤية المتظاهرين وهم يحملون أي أسلحة نارية ظاهرة أو يطلقون النار على قوات الأمن. في حادثة واحدة حوالي الساعة 5 عصرا قرب المسجد المكي، أفيد أن أحد المتظاهرين أطلق النار على سيارتين كان ركابهما يطلقون النار على المتظاهرين بدورهم، فقتل أربعة من عناصر "الحرس الثوري".

منذ 30 سبتمبر/أيلول، استمرت الاحتجاجات ضد الحكومة في زاهدان ومدن أخرى في المحافظة، خاصة أيام الجُمعة بعد الصلاة.

في 28 أكتوبر/تشرين الأول، أصدر مجلس الأمن لمحافظة سيستان وبلوشستان، برئاسة المحافظ، بيانا قال فيه إن الاشتباكات أسفرت عن مقتل ستة عناصر أمن و35 شخصا آخرين. أضاف المجلس أن "الإهمال" كان وراء وفاة المصلين، وفَصَل رئيس قسم الشرطة رقم 16 ورئيس الشرطة في زاهدان، لكنه لم يشر إلى أي تحقيق إضافي في الاستخدام غير القانوني للقوة ضد المتظاهرين.

في اليوم نفسه، وخلال الاحتجاجات التي جرت بعد صلاة الجمعة، قال مصدران مقرّبان من الضحايا إن قوات الأمن أطلقت النار وقتلت طفلين على الأقل، هما عادل بريتشي كوتشك زايي (13 عاما) وأُميد نارويي (16 عاما) بطلقات نارية في الوجه والعنق.

منذ بداية الاحتجاجات الواسعة في إيران في 16 سبتمبر/أيلول، وثّقت هيومن رايتس ووتش استخدام قوات الأمن القوة المفرطة والقاتلة في انتهاك للقانون الدولي لحقوق الإنسان. استُخدمت مسدسات، وبنادق الخرطوش، وبنادق حربية ضد المتظاهرين خلال مظاهرات كانت إلى حد كبير سلمية وحاشدة في 13 مدينة على الأقل في جميع أنحاء البلاد. بحلول 9 ديسمبر/كانون الأول، أكدت "وكالة أنباء نشطاء حقوق الإنسان" (هرانا) مقتل 255 شخصا خلال الاحتجاجات، وكانت تحقق في وفيات 226 آخرين. جاء أكثر من 200 تقرير عن الوفيات من المحافظات حيث غالبية السكان هم من الأقليتين الكردية والبلوشية.

ينبغي للحكومة الإيرانية الالتزام بـ "مبادئ الأمم المتحدة الأساسية بشأن استخدام القوة والأسلحة النارية من قبل مسؤولي إنفاذ القانون"، والتي تنص على وجوب أن تستخدم قوات الأمن وسائل غير عنيفة قبل اللجوء إلى استخدام القوة. عندما يكون الاستخدام القانوني للقوة أمرا لا مفر منه، ينبغي لمسؤولي إنفاذ القانون ممارسة ضبط النفس والتصرف بما يتناسب مع خطورة الجريمة والهدف المشروع الذي يتعين تحقيقه. وينبغي أن يقلصوا الإصابات ويحترموا الحياة البشرية. إضافة إلى ما سبق، لا يجوز استخدام الأسلحة النارية القاتلة إلا عندما يتعذر تجنب ذلك وبهدف حماية الأرواح. تنص المبادئ الأساسية كذلك على أنه "في حالات الوفاة والإصابة الخطيرة أو غيرها من العواقب الوخيمة، ينبغي إرسال تقرير مفصل على الفور إلى السلطات المختصة".

اعتقلت السلطات آلاف المتظاهرين ومئات النشطاء الحقوقيين، وأخضعتهم لمحاكمات لا تفي بالمعايير الدولية، وكثيرا ما كانت تُصدر أحكاما قاسية بحقهم. في 2 نوفمبر/تشرين الثاني، صرّح رئيس القضاء في سيستان وبلوشستان علي مصطفوي ‌نیا لوسائل الإعلام أنه تم اعتقال 620 شخصا خلال الاحتجاجات في زاهدان وصدرت 45 لائحة اتهام على خلفية الاحتجاجات.

قالت سبهري فر: "يؤكد سجل الحكومة الإيرانية المريع بشأن الانتهاكات الحقوقية الضرورة الملحة للضغط من أجل الإفراج الفوري عن المحتجين المحتجزين ظلما وإيقاف المحاكمات الجائرة بوضوح".

استخدام القوة القاتلة من قبل قوات الأمن

إطلاق نار، 30 سبتمبر/أيلول، في وقت مبكر بعد الظهر

قال أشخاص عدة إنه في 30 سبتمبر/أيلول، أثناء وجودهم داخل قاعة صلاة مصلى زاهدان الكبير، سمعوا إطلاق نار في الخارج قُبيل نهاية صلاة الجمعة، بين الساعة 12:30 و1 بعد الظهر. قالوا إنهم لم يكونوا على علم بأي احتجاجات يومها، لكن، بحسب قولهم، نظرا إلى الأحداث في البلاد، لم تكن الاحتجاجات غير متوقعة. خلال الصلاة، تحدّث إمام صلاة الجمعة مولانا عبد الحميد إسماعيل زهي عن الاحتجاجات الجارية في البلاد ومزاعم اغتصاب فتاة بلوشية عمرها 15 عاما في مدينة چابهار من قبل عنصر أمن، مطالبا بتحقيق سريع ونزيه والعدالة.

قال أحدهم:

كنت أستعد لبدء صلاة السُنّة [في قاعة الصلاة] عندما سمعت طلقات نارية. ... عندما خرجت [من قاعة الصلاة] للبحث عن أخي، رأيت جثثا على الأرض، معظمها من الشباب. لم أدرك في البداية أن الشرطة كانت تطلق النار حتى لاحظت أنهم يطلقون النار من المباني. رأيت العناصر فوق بنايات عالية تحيط بالمصلى. لم يكن مجرد إطلاق نار من مركز الشرطة، ولكن أيضا من هذه المباني.

قال شخصان حضرا صلاة الجمعة إن مجموعة صغيرة من المحتجين الشباب بدأوا يهتفون وهم يغادرون المصلى باتجاه مركز الشرطة رقم 16 (المركز 16)، على بعد أقل من 100 متر، عندما بدأت قوات الأمن بإطلاق النار تجاههم. قالا إن إطلاق النار جاء من المركز والمبنى المحيط بمنطقة الصلاة. قال شخص آخر كان في المنطقة عند بدء إطلاق النار إن سكان المنطقة لم يكونوا مسلحين وكانوا يهتفون أثناء تحركهم نحو مركز الشرطة. رمى بعض المحتجين مركز الشرطة بالحجارة. قال: "تمكنت من رؤية أربعة أشخاص على سطح مركز الشرطة يطلقون النار على الناس، بدأوا بإطلاق الرصاص والغاز المسيّل للدموع من مركز الشرطة على المحتجين وداخل مبنى المصلى حيث كان الناس يصلون. عندها توتر الوضع جدا. ثم بدأ الناس برمي الحجارة على الشرطة".

قالت مصادر مطلعة إن عبد الله نارویي (30 عاما)، وهو بائع فواكه، وعبد الرحمن بلوشخاه (28 عاما)، وهو عامل، قُتلا بالرصاص قرب مبنى المصلى بعدما غادرا المصلى لرؤية ما يحدث.

تحققت هيومن رايتس ووتش من فيديو نُشر على "تيليغرام" في 30 سبتمبر/أيلول في الساعة 3:04 بعد الظهر يؤكد وقت بدء إطلاق النار. يُظهر الفيديو، الذي سُجل تحت شوادر المصلى الكبير، أشخاصا جالسين وهم يقفون ويبدؤون بمغادرة المصلى بينما يُسمع إطلاق النار من بعيد. تشير زاوية أشعة الشمس الساطعة عبر شقوق الأغطية على العوارض الداعمة فوق رؤوس الناس إلى أن الفيديو سُجّل بين الظهر والساعة 12:40 بعد الظهر.

لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من تحديد الظروف التي فتحت فيها قوات الأمن النار. لكن رجال الشرطة ورجالا في ثياب مدنية استخدموا القوة القاتلة بشكل متكرر قرب المركز 16، بينما لم ترَ هيومن رايتس ووتش أي دليل على استخدام الأسلحة النارية من قبل المحتجين في ذلك الوقت. نُشرت ثمانية فيديوهات، سُجلّت بين الساعة 12:30 و1:45 بعد الظهر، على تيليغرام وتحققت منها هيومن رايتس ووتش، تُظهر أشخاصا يرمون الحجارة باتجاه مركز الشرطة بينما يُسمع إطلاق نار. يُظهر فيديو سُجِّل حوالي الساعة 12:30 بعد الظهر مرحلة مبكرة من الاحتجاج على ما يبدو. يظهر عدد أقل من الناس يتجمعون في الركن الجنوبي الغربي من مركز الشرطة ورمي الحجارة أقل بكثير مما كان في المقاطع المسجّلة لاحقا.

بعد 50 ثانية من بداية المقطع، يظهر شخص بملابس بيضاء على سطح المركز يحمل ما يبدو أنه سلاح. في نفس الوقت تقريبا، يتكرر سماع إطلاق النار من المركز، ويتزايد المحتجون، ويبدأ الناس برمي المزيد من الحجارة. حدد مصدر مطلع رجلا يحمل سجادة صلاة في الفيديو بأنه عبد الله نارويي، الذي ورد أن قوات الأمن أردته بالرصاص بعد تسجيل المقطع.

تحققت هيومن رايتس ووتش من فيديو آخر على تيليغرام يُظهر شخصا بملابس بيضاء يُصوّب ويُطلق النار من بندقية نصف أوتوماتيكية على ما يبدو تجاه المصلى الكبير. يظهر على السطح ثلاثة رجال، منهم اثنان بالزي الرسمي. كما حلّلت هيومن رايتس ووتش مقطع فيديو تلقّته يُظهر ماسورة بندقية تبرز من سطح مبنى يبعد حوالي 50 متر من مركز الشرطة بعد الساعة 1 بعد الظهر.

يُظهر مقطعا فيديو على "تويتر" وتيليغرام تحققت منهما هيومن رايتس ووتش شابا يُقتل بالرصاص قرب المركز 16. يُظهر الأول، المُسجّل حوالي الساعة 1 بعد الظهر، المحتجين يسيرون على بعد حوالي 60 متر جنوب بوابة مركز الشرطة. بعد ست ثوانٍ من بدء الفيديو، يُسمع صوت طلقة واحدة، وبعد أربع ثوانٍ يظهر صبي ملقى على الأرض والدم يسيل من مؤخرة رأسه. يُسمع دوي المزيد من الطلقات النارية تُجبر المحتجين على الفرار جنوبا.

يُظهر الفيديو الثاني الشخص في المكان نفسه، وهو ممد على ظهره لا يتحرك ومحاط ببركة دم. أكدّت عدة مقاطع أخرى إطلاق النار على الصبي. كما أرسل سكان محليون صورة إلى هيومن رايتس ووتش تُظهر دماء جافة على صدغ الصبي الأيمن العلوي.

تحققت هيومن رايتس ووتش من 11 فيديو وصورة واحدة التُقطت داخل المصلى الكبير أو بالقرب منه تُظهر على الأقل 26 شخصا أصيبوا أو قُتلوا بعد الساعة 12:30 بعد الظهر في 30 سبتمبر/أيلول. يظهر تسعة قتلى؛ أربعة منهم أصيبوا بجروح ظاهرة في الرأس وثلاثة آخرون تُغطي الدماء صدورهم أو بطونهم. ثمانية من الـ 26 كانوا ينزفون من أرجلهم، وخمسة من الصدر أو المعدة، وخمسة من الرأس أو الرقبة، وواحد من ذراعه. لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من تأكيد مكان إصابة سبعة أشخاص، لأنهم كانوا ملفوفين ببطانيات أو ملابسهم ملطخة بالدماء دون إصابات واضحة للعيان.

تحققت هيومن رايتس ووتش من ثلاثة مقاطع أخرى على تيليغرام سُجّلت حوالي الساعة 2 بعد الظهر تُظهر 14 شخصا على الأقل في "مستشفى خاتم" في زاهدان يتلقون العلاج من إصاباتهم. لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من تأكيد وفاة الأشخاص الذين يبدون أمواتا في هذه المقاطع.

في وقت متأخر بعد الظهر، 30 سبتمبر/أيلول

قال شهود عيان إنه عقب إطلاق النار الأولي قرب مركز الشرطة، من الساعة 1:30 حتى 2 بعد الظهر، بدأ المحتجون بالسَّير ونقل القتلى والجرحى نحو المركز الصحي في المسجد المكي، على بعد نصف كيلومتر. قال شاهدان شاهدا جثثا على الأرض إنها بدت مصابة في العنق أو الصدر.

يُظهر فيديو نُشر على تويتر في 2 أكتوبر/تشرين الأول سبع جثث على الأقل على الأرض داخل ما أكد مصدر محلي أنه المركز الصحي للمسجد المكي. معظم هذه الجثث مغطاة بالكامل بالبطانيات أو القماش. من بين الجثث، تعرّفت هيومن رايتس ووتش على ثلاثة ماتوا في 30 سبتمبر/أيلول قرب مركز الشرطة.

في مقابلة منشورة، وصف حبيب الرحمن ریگي، وهو مهندس ذهب لاحقا إلى المسجد المكي في زاهدان لمساعدة الجرحى، اللحظات "المروعة" لقتل عدة أشخاص برصاص في الرأس والرقبة، بينما حاول سكان المنطقة مساعدتهم. قال إنه عندما وصل إلى المسجد، ساعد أولا بحمل سائق دراجة نارية أصيب برصاصة في ساقه إلى المركز الصحي بالمسجد. نظرا لنقص المعدات الطبية، قرر نقل ثلاثة جرحى إلى المستشفى. قال إن قوات أمن بالزي الرسمي والملابس المدنية كانوا يقفون مقابل شارع الخيام قرب المسجد. سمح له أحد عناصر الأمن بالمرور والذهاب إلى المستشفى بعدما لوّح بعلم أبيض.

بعد الظهر، امتدت الاحتجاجات إلى مناطق مختلفة قريبة من المسجد المكي، وخصوصا بمحاذاة شارع الخيام. قال أشخاص عدة إن قوات الأمن كانت ترتدي ملابس بلوشية محلية بدلا من زي الشرطة.

قال رجل عمره 28 عاما حضر الصلاة إنه رأى حوالي الساعة 3 بعد الظهر فرزاد شه بخش، الذي كان يسير خلفه، بعد لحظات من إطلاق النار عليه من الخلف في شارع الخيام: "سمعت طلقات نارية ثم رأيته على الأرض. أطلقوا النار عليه من الخلف. رأيته بعدما أصيب. الناس الذين كانوا يتكلمون من حوله قالوا إنه أصيب برصاصة من الخلف".

في مقابلة منشورة، قال إسماعيل شه بخش، عم فرزاد، إن أسرته أُبلغت بإصابة فرزاد ونقله إلى مستشفى خاتم. ذهبوا ووجدوا جثته في المشرحة. قال إسماعيل شه بخش: "أصيب برصاصة من الخلف وكان قلبه ينزف، قُتل برصاصة واحدة".

تحققت هيومن رايتس ووتش من فيديو سُجّل حوالي الساعة 4:10 مساء يُظهر سكان المنطقة يحتمون من إطلاق النار خلف السيارات، والجدران، وغيرها في شارع الخيام، جنوب غرب المسجد المكي. يبدو إطلاق النار قادما من الغرب. بعد ثانية واحدة من بداية المقطع، يظهر رجل يلقي زجاجة مولوتوف تجاه مصدر إطلاق النار. بينما تطلق النيران، يرقد شخص بلا حراك على بعد أقل من 10 أمتار من "مركز النبوة للجراحة"، بجوار المسجد المكي، محاطا بالمحتجين الآخرين.

قال المتطوع ریگي إنه واصل نقل الناس من المسجد إلى المستشفى طوال بعد الظهر. كما قال إن شخصين مصابين بجروح خطيرة رفضا الذهاب إلى المستشفى خوفا من الانتقام.

حوالي الساعة 6 مساء، عندما تجمّع العشرات داخل المسجد المكي قبل صلاة المغرب، سارت سيارتان بدون لوحات في شارع الخيام باتجاه المسجد بينما كان يُطلق الركاب النار على الناس في الشارع. قال اثنان من السكان إن شخصا فتح النار على السيارتين وقتل أربعة ركاب حُدِّدت هويتهم لاحقا على أنهم عناصر أمن. منهم سيد علي موسوي، رئيس استخبارات "الحرس الثوري" في المحافظة. قالا إن قوات الأمن قتلت بعد ذلك مُطلق النار. قال أحدهم:

ذهبت إلى المسجد المكي لأداء صلاة المغرب حوالي الساعة 5 أو 5:15 مساء. يوجد طابق ثانٍ في المسجد، وتمكنت من رؤية سيارتين تدخلان الشارع والقوات تمشي وتطلق النار على الجميع. كان الناس يتساقطون في الشارع ويُنقلون إلى المركز الصحي الصغير داخل المسجد. كنت أسمع أصواتا عبر نافذة فتحناها. سمعت القوات تقول إن موسوي تعرض لإطلاق النار. علمت لاحقا من خلال [إعلان حكومي] أن الذي قُتل هو قائد القوات. وأنهم الحرس الثوري الإيراني. لم نعرف من هم لأنهم كانوا يرتدون ملابس بلوشية. اعتقدنا أن الشرطة هي من تطلق النار علينا.

قال مصدر مطلع على الوضع إن 15 شخصا على الأقل أصيبوا في الحادث.

في مقابلة منشورة، قال إبراهيم پرنیان، والد أمير حسين پرنیان (19 عاما)، إن ابنه كان يقف في الركن الشرقي للمسجد المكي بين الساعة 6:40 و6:50 مساء. قال ریگي في فيديو مقابلته إنه كان يستعد لمغادرة المسجد بعد انتهاء الصلاة وغروب الشمس عندما أحضر الناس جثة شاب ملفوف ببطانية عرف لاحقا أنه أمير حسين پرنیان. أخبر مرافقو پرنیان ریگي أنه أصيب برصاصة في عينه قرب المسجد. طلب ریگي من أحدهم أن يرفع رأس پرنیان ليبدو حيا وهو يقود الجثة إلى المستشفى بينما يحمل علما أبيض ويصرخ أنه يحمل جريحا. لكن هذه المرة أطلقت قوات الأمن النار على سيارته من جانبي الشارع، ليُصاب ریگي في ساقه.

قال مصدران كانا قرب المسجد إن إطلاق النار سُمع في المنطقة حتى وقت لاحق من تلك الليلة.

يُظهر فيديو سُجّل بعد الساعة 5:30 مساء في 30 سبتمبر/أيلول شاركه أحد السكان مع هيومن رايتس ووتش أشخاصا يسيرون قرب الجزء الشمالي الشرقي من المسجد بينما يُسمع إطلاق النار من بعيد.

كما روى بعض الأشخاص حصول أعمال تخريب وتدمير للممتلكات يومها. تحقّقت هيومن رايتس ووتش من مقطع فيديو على "فيسبوك" في 1 أكتوبر/تشرين الأول يُظهر حريقا في مركز النبوة للجراحة بعد تفريق الاحتجاجات قرب المسجد المكي.

إطلاق نار في أماكن أخرى في زاهدان، 30 سبتمبر/أيلول

تُظهر روايات الشهود وفيديوهات تحققت منها هيومن رايتس ووتش أن الاحتجاجات امتدت إلى مناطق أخرى من زاهدان في 30 سبتمبر/أيلول وأن قوات الأمن استخدمت القوة القاتلة غير القانونية في حي شيرآباد بالمدينة.

تُظهر أربعة  فيديو على تيليغرام تحققت منها هيومن رايتس ووتش محتجين على بُعد 3.6 كيلومتر شمالا، و2.5 كيلومتر شمال غرب، و2 كيلومتر شرق المركز 16 يلقون حجارة على سيارة شرطة تحترق،  ويرمون زجاجة مولوتوف على قاعدة مزعومة لقوات "البسيج" شبه العسكرية، ويتظاهرون بجانب سوق مشتعلة. قال أربعة أشخاص إنهم رأوا مروحيات تحلق فوق المدينة في مناطق مختلفة. روى أحدهم أنه رأى شخصا أطلق النار من مروحية مموهة في منطقة قريبة من المسجد.

لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من تحديد أي محتجين قُتلوا في هذه المناطق.

إلا أن مصدرا مطلعا قال إنه رأى جثتَي أميد سراني (13 عاما)، ورجل عمره 21 عاما، على الأرض في أحد أركان ميدان کارگر، على بعد حوالي 2.5 كيلومتر شمال شرق المركز 16 في حي شيرآباد، حوالي الساعة 2 بعد الظهر. يبعد الميدان 200 متر جنوب مركز الشرطة رقم 13.

تحققت هيومن رايتس ووتش من مقطعَي فيديو على تيليغرام في 1 أكتوبر/تشرين الأول سُجّلا في شيرآباد بين الساعة 4:20 و5:20 مساء يوم 30 سبتمبر/أيلول يُظهران مقتل صبي قرب ميدان کارگر. يُظهر الأول، المُسجّل على بعد 80 متر شمال مركز الشرطة رقم 13، مجموعة من المحتجين يقفون بجوار حريق في الطريق ويلقون بأشياء باتجاه مركز الشرطة بينما تُطلق أعيرة نارية. يظهر على الأقل ثلاثة أطفال بين المحتجين؛ يقف الاثنان الأقرب إلى مركز الشرطة بجوار بعضهما البعض، أحدهما يرتدي ملابس بيضاء بالكامل والآخر يرتدي ملابس زرقاء فاتحة بالكامل.

يُظهر المقطع الثاني، المُسجّل بعد لحظات من الأول في نفس الموقع، المحتجين وهم يركضون لالتقاط الطفل بالملابس الزرقاء الفاتحة بينما يهرب الصبي بالملابس البيضاء والدماء تُلطخ سرواله على ساقه اليمنى. يحمل الحشد الصبي بالملابس الزرقاء بعيدا عن مركز الشرطة ويضعون جثته على الأرض في الشارع، فيظهر جرح كبير في خده الأيمن. ينزف الصبي بغزارة ولا يظهر أنه يتحرك في هذا الفيديو.

يُظهر مقطع فيديو قدمه مصدر محلي لـ هيومن رايتس ووتش الصبي مُمدّدا وعيناه مفتوحتان بينما يُسمع صوت يقول التاريخ 30 سبتمبر/أيلول وإن الصبي الميت عمره 11 عاما.

إطلاق نار، 1 و2 أكتوبر/تشرين الأول

استمرت الاحتجاجات في زاهدان خلال الأيام التالية. قال شاهد إنه في 1 أكتوبر/تشرين الأول، فتح مسلحون يبدون من قوات الأمن قادمين من مسجد في حي شيرآباد النار على ستة شبان كانوا يمرّون بالقرب من المسجد، ما أدى إلى إصابة خدانور لجه‌ای. ثم غادرت القوات الأمنية في سيارة كانت تخرج من موقف المسجد. توفي لجه‌ای حوالي الساعة 10 ليلا في اليوم التالي في مستشفى في زاهدان.

قال مصدر مطلع إنه في 2 أكتوبر/تشرين الأول قرابة الساعة 8 مساءً، قُتل سليمان عرب، وهو رجل كان يركب دراجة نارية خلف السائق، برصاصة في عنقه في شارع كشاورز 10. يعتقد سكان قريبون أن السلاح المستخدم كان بندقية حربية كلاشينكوف أطلقها النار منها عناصر قوات الأمن من سطح مبنى من ثلاثة طوابق في ذلك الشارع. بعد إطلاق النار، نقل السكان عرب إلى المستشفى المحلي.

إطلاق نار، 28 أكتوبر/تشرين الأول

يُظهر مقطع فيديو أنه بعد صلاة الجمعة في 28 أكتوبر/تشرين الأول، احتشدت مجموعات من المحتجين في الشوارع القريبة من المسجد المكي وأحياء أخرى في المدينة. أفادت مجموعة "حال وش" الحقوقية أن السلطات استخدمت القوة القاتلة لتفريق حشود من الناس كانوا يرمون الحجارة. قدمت مجموعات محلية أسماء 35 شخصا أصيبوا خلال احتجاجات ذلك اليوم، بينهم طفلان، عادل بریچي كوچكزايي (13 عاما) وأمید نارویي (16 عاما)، قُتلا بالرصاص بالقرب من ميدان كوثر.

قال مصدر مطلع إن كوچكزايي كان يسير نحو منزل جديه عندما أصيب برصاصة في رقبته في حديقة وملعب لكرة القدم قرب ميدان كوثر بعد الساعة 2 بعد الظهر. قال المصدر: "حمل الناس في البداية جثة عادل بریچي لنحو عشرة أمتار قبل أن يضطروا للفرار بسبب إطلاق النار. استمر إطلاق النار من قبل قوات الأمن 15 دقيقة قبل أن يهدأ ويتمكن الناس من حمل جثة عادل بریچی من الميدان إلى شارع مكران حيث وضعوه في سيارة خاصة ونقلوه إلى المركز الصحي للمسجد المكي".

وجد أطباء في المسجد كوچكزايي ميتا لكنهم نقلوه مع 12 مصابا آخرين إلى مستشفى خاتم. قالت الشرطة والنيابة العامة لأفراد الأسرة إنهم بحاجة إلى لقطات فيديو لإطلاق النار عليه للتحقيق في وفاته وادعوا عدم اتباع الإجراء الصحيح للإحالة إلى الشرطة للتحقيق.

قال مصدر مطلع إن أمید نارویي (16 عاما) غادر منزله لشراء الخبز وأصيب ثلاث مرات بين الساعة 1:15 و1:30 بعد الظهر، قرب السوق المحلي في ميدان كوثر. أصاب الرصاص وجهه قرب عينيه وأذنيه. قال المصدر إن عائلته أُبلغت بوفاته حوالي الساعة 5 أو 6 مساء.

تحققت هيومن رايتس ووتش من خمسة فيديوهات على تيليغرام وتويتر سُجّلت في 28 أكتوبر/تشرين الأول بين الظهر والساعة 1:30 بعد الظهر. وتُظهر عناصر شرطة يطلقون النار والغاز المسيّل للدموع على المحتجين في شارع الخيام شرق المسجد المكي. يُظهر مقطعان منهما سُجّلا قرابة الظهر، أحدهما من سطح قريب والآخر من الأرض، محتجين يتحركون شرقا من ميدان الخيام بينما تُطلق أعيرة نارية. تُظهر المقاطع الثلاثة الأخرى المحتجين وهم يتقدمون نحو صف من حوالي 35 عنصر أمن، سبعة منهم على الأقل كانوا جالسين على دراجات نارية أو يقفون بجانبها، وأربع سيارات أمنية متمركزة على بعد 350 متر شرق الميدان. تُظهر المقاطع الأخيرة تجمّع المحتجين قرب حريق عند تقاطع شارع الخيام وشارع مُدرّس، وهم يهتفون ويرمون الحجارة بينما تُطلق أعيرة النار وعبوة ينبعث منها دخان أبيض في مكان قريب.

 

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة