Skip to main content

التأخيرات الطويلة تقوض محاكمات الإرهاب بالجزائر

رفض المحاكم الاستماع لشاهد رئيسي انتهاك للإجراءات القانونية

(بيروت، 18 يونيو/حزيران، 2012) - قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن تأخر السلطات الجزائرية الطويل في إحالة قضايا الإرهاب الرئيسية إلى المحاكم يقوض حق المتهمين في محاكمة عادلة.

فحصت هيومن رايتس ووتش قضايا ثمانية من المشتبه بهم، احتجزوا لمدة تصل إلى ست سنوات في معتقلات سرية خارج النظام القضائي، والذين يواجهون الآن محاكمات تثار التساؤلات حول عدالتها بعد أن رفض القضاة السماح لشاهد مهم بالإدلاء بشهادته. فيما تم اتهام معظم المدعى عليهم بالتورط في اختطاف 32 سائحا أوروبيا في الصحراء الجزائرية في 2003. وقالت هيومن رايتس ووتش إن هذه القضية تزيد بشكل كبير من العقبات المستمرة التي تحول دون حصول أولئك الذين اتهموا بارتكاب جرائم إرهابية على محاكمة عادلة وسريعة، حتى بعد رفع السلطات لحالة الطوارئ في عام 2011.

وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "كثيراً ما يتحدث الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عن الإصلاح القضائي، ولكن عندما يتعلق الأمر بمحاكمة متشددين مشتبه بهم، فالإصلاح لا يعني عدالة حتى الآن".

بعد رفع حالة الطوارئ، عرضت الجزائر في النهاية الرجال الذين وضعتهم رهن الاعتقال السري لمدة شهور أو سنوات على العدالة. وقالت هيومن رايتس ووتش إن تأخير محاكماتهم، ورفض المحاكم استدعاء شهود رئيسيين، يشير إلى استمرار الظلم ضد هؤلاء الرجال.

قسم نظام العدالة حوادث الاختطاف التي تمت سنة 2003 علىعدة محاكمات. وتعثر البعض منها لأكثر من عام بسبب رفض المحاكم لطلبات الدفاع باستدعاء قائد العملية المزعوم، وهو رهن الاعتقال؛ للإدلاء بشهادته.

وقد فحصت هيومن رايتس ووتش هذه الحالات بمساعدة من أحد محامي الدفاع الرئيسيين، ومراجعة تقارير وسائل الإعلام الجزائرية. في ظل عدم موافقة السلطات الجزائرية على الطلبات التي تقدمت بها هيومن رايتس ووتش منذ عام 2010 للحصول على تأشيرة للقيام ببعثة رسمية إلى البلاد.

وردا على الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية في المنطقة وفي الجزائر في بداية عام 2011، ألغت الحكومة حالة الطوارئ التي دامت 19 عاما، وفي أبريل/نيسان من ذلك العام تعهد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بإصلاح القوانين والقضاء. وفي 19مارس/آذار 2012، قال الرئيس "يمكنني أن أتحدث بعدما مضى مشروع إصلاح العدالة الذي كان من الأولويات الوطنية خطوات متقدمة على الصعيد الهيكلي والقانوني والبشري".

ومع ذلك، فطريقة تعامل الجزائر مع القائد المزعوم لعملية الخطف في عام 2003، عماري صايفي (المعروف باسم "البارا")، يوضح المعاملة غير العادلة التي لا يزال يتعرض لها المشتبه بتورطهم في قضايا الإرهاب. وقال أمين سيدهم محامي الصايفي لـ هيومن رايتس ووتش إن السلطات الجزائرية اقتادت موكله إلى السجن في عام 2004 واحتجزته في مكان غير معروف، دون الحصول على محام، لأكثر من ست سنوات، إلى أن مثل أخيراً أمام قاض في عام 2011. ورغم أنه كان معروفاً أن الصايفي ظل رهن الاحتجاز السري منذ بداية عام 2004، فإن المحاكم الجزائرية واصلت محاكمته غيابيا وحكمت عليه بالإعدام في محاكمة أولى، وبالسجن مدى الحياة في أخرى، منتهكة حقه في أن يكون حاضرا خلال محاكمته.

أخيرا، جلبت السلطات صايفي للمثول أمام قاضي التحقيق في مارس/آذار 2011 ونقلته إلى سجن سركاجي في الجزائر العاصمة. لكنه لم يتم بعد تقديمهم للمحاكمة، رغم أن القانون الجزائري يمنحه الحق في الحصول على محاكمة جديدة بعد إدانته غيابيا. كما رفض القضاة استدعائه كشاهد في محاكمات الرجال الذين يزعم أنه قادهم في عملية الاختطاف.

قالت سارة ليا ويتسن: "إن التعامل مع عماري صايفي يشير إلى أن المحاكم غير راغبة أو غير قادرة على احترام حقوق المتهمين في قضايا الإرهاب الرئيسية. ينبغي للمحاكم احترام الحق في محاكمة عادلة باستدعاء الشهود ومحاكمة المتهمين على أساس دراسة نزيهة لجميع الأدلة المتاحة".

وفي قضية أخرى والتي تجاهلت فيها المحاكم بشكل صارخ حقوق المشتبه بتورطهم في الإرهاب في محاكمة سريعة وعادلة، قضى مالك مجنون وعبد الحكيم شينويأكثر من 11 عاما رهن الاعتقال السابق للمحاكمة - وهو انتهاك لحقهم في محاكمة فورية وقرينة البراءة. وفي يوليو/تموز 2011، أدينا وحكم عليهما، في محاكمة استغرقت يوما واحدا، بالسجن لمدة 12 عاماً بتهمة المشاركة في اغتيال الشاعر والمغني، لوناس معطوب، في يونيو/حزيران 1998، والانتماء لجماعة إرهابية.

وقال كل من الرجلين إنهما أبرياء وتعرضا للتعذيب خلال أشهر من الاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي قبل مثولهما للمرة الأولى أمام المحكمة في عام 2000 وتوجيه تهم إليهما. وقال والد مجنون، في شكوى تقدم بها إلى لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، أن ابنه احتجز بمعزل عن العالم الخارجي منذ 28 سبتمبر/أيلول 1999 إلى أن مثل أمام قاضي التحقيق يوم 2 مايو/أيار 2000. ولم تجد هيومن رايتس ووتش أي دليل على أن المحكمة حققت في مزاعم التعذيب. أطُلق سراح شينوي ومجنون في مارس/آذار ومايو/أيار 2012، على التوالي، لأنهما قضيا نفس مدة عقوبتهما رهن الاعتقال السابق للمحاكمة.

وقالت سارة ليا ويتسن: "الجزائر بحاجة لأن تبرهن أنه حتى أولئك المتهمين بارتكاب جرائم بشعة يمكنهم الوصول إلى النظام القضائي. والمشتبه فيهم في حاجة إلى أن يُعتبروا أبرياء حتى تثبت إدانتهم، إذا أرادت المحاكم الجزائرية أن تكون للأحكام الصادرة عنها شرعية".

اعتقالات سرية في ظل حالة الطوارئ

في 9فبراير/شباط 1992، أصدر قادة انقلاب مدعوم عسكريا مرسوما يفرض حالة الطوارئ بعد فترة قصيرة من وقف الانتخابات التشريعية التي كان من المتوقع أن يفوز بها حزب سياسي إسلامي، الجبهة الإسلامية للإنقاذ. أعطى قانون الطوارئ للسلطات صلاحيات تقييد الحريات المدنية واعتقال الأشخاص من دون تهمة.

في الأشهر التي تلت ذلك، انتشرت أعمال عنف متفرقة من قبل جماعات إسلامية مسلحة ، تستهدف المدنيين وأفراد قوات الأمن. تورطت قوات الأمن في عمليات قمع عنيف ولكنها قدمت أيضا عفوا للمسلحين الذين سلموا أنفسهم أو تخلوا عن العمليات المسلحة.

استمرت أعمال العنف طيلة تسعينيات القرن الماضي، لتتلاشى في نهاية ذلك العقد. ولم يعرف عدد الأشخاص الذين قتلوا، ولكن التقديرات تتراوح بين مائة ألف ومائتي ألف قتيل، ومعظمهم من المدنيين.

استمرت الجزائر فى مواجهة هجمات متفرقة من جانب الجماعات المسلحة بعد عام 2000، بما في ذلك، في السنوات الأخيرة، من قبل جماعات تدعي الولاء لتنظيم القاعدة.

شملت انتهاكات حقوق الإنسان المرتبطة بحالة الطوارئ وضع مجموعة من المشتبه بهم في قضايا الإرهاب رهن الاحتجاز السري لسنوات، وخارج أي شكل من أشكال المراجعة أو المراقبة القضائية. وعلى الأقل منذ عام 2004، أفادت وسائل الإعلام الجزائرية نقلا عن مصادر رسمية، إلقاء القبض على أو استسلام عدد من الأشخاص يشتبه في مشاركتهم في عملية اختطاف، في الصحراء الجزائرية، لمجموعة من 32 سائحًا أوروبيا في فبراير/شباط 2003، وهجمات على موظفي الجيش تقريبا في نفس الفترة. وقالت الجزائر إن الجماعة المتشددة التي كانت وراء هذا الاختطاف هي الجماعة السلفية للدعوة والقتال. تم تحرير 17 من الرهائن في عملية للقوات الخاصة، في مايو/أيار 2003، وأطلق سراح 14 آخرين فى أغسطس/آب عام 2003 بعد مفاوضات. وتوفي أحد الرهائن في الأسر، على ما يبدو بسبب الحرارة.

بعد أن ذكرت وسائل الإعلام الجزائرية القبض على الخاطفين المزعومين، تم وضع بعضهم رهن الاحتجاز السري، بعيدا عن المراجعة أو الرقابة القضائية لأشهر أو سنوات. رغم كونهم رهن الاحتجاز، حاكمتهم المحاكم وأدانهتم غيابيا، وفي حالات أخرى رفضت استدعاءهم للإدلاء بشهادتهم في محاكمة متهمين آخرين حيث بدت شهاداتهم ذات صلة.

وتطلق السلطات على هذه الممارسة من الاحتجاز السري "الإقامة الجبرية". أساس هذه الممارسة الواضح هو المادتين 5 و6 من قانون الطوارئ لعام 1992 (المرسوم الرئاسي رقم 92-44 لـ 9 فبراير/شباط 1992 الذي فرض حالة الطوارئ). تنصالمادة 5:

يمكن لوزير الداخلية والجماعات المحلية أن يأمر بوضع أي شخص راشد يتضح أن نشاطه يشكل خطورة على النظام والأمن العموميين أو على السير الحسن للمصالح العمومية، في مركز أمن في مكان محدد.

وبموجب المادة 5، تحدد المنشآت الأمنية بقرار من وزير الداخلية والسلطات المحلية. لم يتم الإعلان أبدًا عن قائمة مثل هذه المرافق، ولا للمعتقلين الذين وضعوا فيها، حسب ما استطاعت هيومن رايتس ووتش تحديده.

تمكن المادة 6 (4) من مرسوم الطوارئ وزارة الداخلية والسلطات المحلية والولاة من "منع من الإقامة أو وضع تحت الإقامة الجبرية كل شخص راشد يتضح أن نشاطه مضر بالنظام العام أو بسير المصالح العمومية".

لم يستفد الذين وضعوا رهن هذا الشكل من الاحتجاز، حسب ما استطاعت هيومن رايتس ووتش تحديده، من أي شكل منتظم من المراجعة القضائية لاستمرار احتجازهم، على الرغم من أن هذا شرط أساسي في القانون الدولي، الذي يطبق حتى في حالات الطوارئ الحقيقية. وقالت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في تعليقها العام بشأن حالات الطوارئ:

ينبغي احترام مبدأ قرينة البراءة. من أجل حماية الحقوق غير الجائز تقييدها، يجب أن لا ينتقص قرار دولة طرف بعدم التقيد بـ [العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و الحقوق السياسية].من الحق في رفع دعوى أمام محكمة لتمكين المحكمة من الفصل، دون إبطاء، في مشروعية الاحتجاز.

من بين المعتقلين الذين تم ابعادهم عن النظام القضائي ووضعهم رهن "الإقامة الجبرية" خلال حالة الطوارئ عماري صايفي، وحسن حطاب، تواتي عثمان، ومقدم ونيس، جرمان كامل، وبودربالة فاتح، وعلي بن تواتي، وفارس خلوف، وقد راجعت هيومن رايتس ووتش قضاياهم. واتهمت السلطات في وقت لاحق معظمهم بالمشاركة في عملية الاختطاف عام 2003، من بين تهم أخرى.

وصرحت السلطات الجزائرية خلال العقد الذي بدأ عام 2000 أن استمرار خطر الإرهاب هو مبرر الحفاظ على حالة الطوارئ، ولكنها رفعتها بعد ذلك في 23 فبراير/شباط 2011، بعد أسابيع من أعمال شغب قام بها شبان ومظاهرات صغيرة مؤيدة للإصلاح في شوارع العاصمة، و بعد اندلاع الانتفاضة في تونس وليبيا المجاوريتين وأماكن أخرى في المنطقة.

وتعهد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بعد ذلك بإصلاحات قانونية وهيكلية، بما في ذلك السلطة القضائية. في خطابه السنوي لافتتاح السنة القضائية في 21 ديسمبر/كانون الأول، تحدث الرئيس، وفقا لجريدة المجاهد، عن "إصلاح العدالة [التي ستمكن] المواطنين بصفة عامة والمتقاضين بوجه أخص من الثقة في منظومتنا القضائية". وقال إن هذا الهدف "يظل مرهونا بسلوك القضاة وتجردهم ... وجودة أدائهم من حيث نزاهة الأحكام و سرعة النطق بها من دون إخلال بما يقتضيه القانون". وعليهم "تطبيق القانون بكل نزاهة واستقلالية".

أثر رفع قوانين حالة الطوارئ على المعتقلين رهن الاحتجاز السري
كان لرفع قانون الطوارئ عواقب فورية على المعتقلين الذين كانوا محتجزين في سجن سري خارج نظام السجون، بعضهم لسنوات. فقد مثلوا أمام قاض، وتمت إحالة بعضهم إلى مكان الاحتجاز السابق للمحاكمة في سجن في الجزائر العاصمة وآخرين إلى شكل جديد من الاحتجاز نشأ بمرسوم رئاسي يوم انتهت حالة الطوارئ.

عدل المرسوم الرئاسي المادة 125 مكرر (1) من قانون الإجراءات الجزائية من خلال السماح للقضاة بإحالة المشتبه بهم الذين اتهموا إلى "إقامة محمية". ولا يحدد المرسوم أنواع المرافق التي يمكن للدولة أن تضع فيها شخصا رهن "إقامة محمية"، ويفرض أيضا سرية حولها، وأشار إلى أنه "يتعرضكلمنيفشيأيمعلومتتعلق بمكانتواجدالإقامةالمحمية المعينة بموجب هذا التدبير للعقوبات [المنصوص عليها في القانون] لإفشاء سرية التحقيق". يحدد المرسوم فترة "الإقامة المحمية" في مدة ثلاثة أشهر قابلة للتجديد مرتين لمدة ثلاثة أشهر إضافية.

يشير مصطلح "الإقامة المحمية" إلى أنه يمكن أن يكون نوعا من الإقامة الجبرية في منزل الشخص المتضرر. ومع ذلك، استخدمت السلطات نفس المصطلح (إقامة جبرية) خلال فترة حالة الطوارئ لوضع الناس في ثكنات عسكرية وغيرها من مواقع الاعتقال السرية غير المعترف بها. وهو ما يثير مخاوف من أن مقتضيات "الإقامة المحمية" سوف تظل تسمح للحكومة باحتجاز الناس في أماكن احتجاز غير معترف بها.

تنص الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري في المادة 17 (1) على أنه "لا يجوز حبس أحد في مكان مجهول". لم تصدق الجزائر على هذه الاتفاقية، ولكنها وقعت عليها، مما يعني تعهدا بعدم تطوير القوانين و الممارسات التي تتعارض معها.

لم تستطع هيومن رايتس ووتش تحديد عدد المشتبه بهم الذين نقلوا من الاحتجاز السري خلال رفع حالة الطوارئ. فهي على علم فقط بعدد قليل من مثل هذه الحالات، الواردة أدناه.

وقالت هيومن رايتس ووتش إن وضع هؤلاء المعتقلين تحت الإشراف القضائي، إما في السجن أو رهن "الإقامة المحمية"، هو تحسين لحالتهم السابقة في الاحتجاز السري الخارج عن النظام القضائي. ومع ذلك، تتم محاكمات العديد من الأشخاص المشتبه في تورطهم في اختطاف عام 2003لأكثر من عام بسبب رفض المحاكم استدعاء صايفي للإدلاء بشهادته، كما طلب محامو الدفاع.

ينص العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي صدقت عليه الجزائر، في المادة 14 (ه) أن ضمان محاكمة عادلة تتطلب أن يكون المتهم قادرا "أن يناقش شهود الاتهام، بنفسه أو من قبل غيره، وأن يحصل على الموافقة على استدعاء شهود النفي بذات الشروط المطبقة في حالة شهود الاتهام". وتضمن المادة 14 (ج) الحق في "أن يحاكم دون تأخير لا مبرر له". وينطبق هذا الحكم بشكل خاص على الناس في الحجز: إذا لم يحصلوا على محاكمة في غضون فترة زمنية معقولة، ينبغي الإفراج عنهم.

احتجز الأشخاص التاليين، والذين فحصت هيومن رايتس ووتش حالاتهم، خارج النظام القضائي لمدة تصل إلى ست سنوات:

عماري صايفي ("البارا")
صايفي هو واحد من المشتبه بهم المعروفين واحتجز خارج النظام القضائي لسنوات. وعادة ما تشير الصحافة الجزائرية إلى كل من صايفي وحسن حطاب (أنظر أدناه)، على أنهما أمراء الجماعة السلفية للدعوة والقتال المتشددة. وأوردت الصحف الجزائرية في عام 2009 أن كلا الرجلين، بعد أن تم احتجازهما في الحجز السري لعدة سنوات، أصدرا نداءات للمسلحين لإلقاء أسلحتهم.

وتتهم السلطات صايفي، الذي يقال أنه كان مظلي سابق في الجيش الجزائري، وبالتالي تم إطلاق لقب "البارا" عليه بكونه قائد الجماعة، والعقل المدبر لعملية اختطاف عام 2003، وقتل أفراد من قوات أمن الجزائر في العام نفسه. وذكرت تقارير صحفية عديدة أن متمردين تشاديين قبضوا على صايفي وسلموه إلى السلطات الليبية. وقالت تقارير صحف جزائرية في ذلك الوقت، نقلا عن بيان لوزارة الداخلية الجزائرية، إن السلطات الليبية أرسلته إلى الجزائر في أكتوبر 2004.

أعلنت الجماعة السلفية للدعوة والقتال الولاء لتنظيم القاعدة في عام 2007 ليصبح اسمها تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي. وتعتبر لجنة مجلس الأمن بشأن تنظيم القاعدة صايفي على أنه عضو في تلك المجموعة.

بين وصول صايفي، الوارد، إلى الاحتجاز الجزائري في أكتوبر/تشرين الأول 2004، ومثوله أمام المدعي العام في الجزائر العاصمة في 7 مارس/آذار 2011، ظل رهن الاحتجاز في مكان لم يكشف عنه، ومنع من حضور محاكمته ومحاكمات المتهمين معه الذين طلبوا مثوله أمام المحكمة للإدلاء بشهادته في محاكماتهم.

ذكرت منظمة العفو الدولية فى بيانات صحفية أن السلطات عرضت صايفي على النائب العام في يناير/كانون الثاني 2005. ومع ذلك، غاب عن جلسة محاكمة 24 أبريل/نيسان 2005 أمام المحكمة الجنائية في الجزائر العاصمة التي كان فيها من بين المتهمين. وذكرت صحيفة L’Expressionفي ذلك الوقت أن المحكمة أدانته غيابيا في 25 يونيو/حزيران 2005، مع متهمين آخرين، بـ "تشكيل مجموعة إرهابية تهدف إلى زرع الرعب في صفوف السكان"، وحكمت عليه بالسجن مدى الحياة. وذكرت جريدة الوطن أن صايفي غاب أيضا عن محاكمته في بسكرة والتي أجلت إلى أجل غير مسمى في 24 مارس/آذار 2008.

وذكرت جريدة L’Expressionأن النائب العام لدى محكمة الجزائر العاصمة، زغماتي بلقاسم، أعلن في 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2009، أن صايفي لم يكن في أي سجن في حدود اختصاصه، أي في الجزائر العاصمة.

وفقا لجريدة الوطن، حكمت محكمة الجنايات في مجينة باتنة، في 21 يونيو/حزيران 2010، على صايفي بالإعدام غيابيا لأنشطته الإرهابية.

وفي7  مارس/آذار 2011، جلبت السلطات، أسبوعين بعد رفع حالة الطوارئ، صايفي أمام نائب عام خاص بالإرهاب (النائب العام لدى الأقطاب القضائية المتخصصة المكلف بقضايا الإرهاب) في محكمة الجنايات بالجزائر العاصمة. واتهمته المحكمة بالمس بأمن الدولة من أجل إسقاط أو تغيير طبيعة نظام الحكم؛ وتحريض المواطنين على حمل السلاح ضد الدولة؛ والمس بالوحدة الوطنية؛ وقيادة جماعات مسلحة لزعزعة الأمن القومي؛ واغتصاب؛ وسرقة؛ ومهاجمة موظفين عموميين؛ وتشكيل مجموعة إرهابية لزرع الرعب بين السكان وخلق جو من انعدام الأمن؛ وحيازة أسلحة وذخائر ممنوعة؛ وبيع واستيراد وتصدير أسلحة دون ترخيص؛ والقتل العمد؛ والاختطاف بغرض المطالبة بفدية. هذه هي الجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات، المواد 77، و84، و86 مكرر (7)، و87 مكرر، و87 مكرر (3)، و 87 مكرر (1)، و245، و255، و256، و257، و261، و291، و 293 مكرر.

حبست السلطات صايفي في سجن سركاجي في الجزائر العاصمة. ونقلت تقارير إعلامية عن وزير العدل الطيب بلعيز في مارس/آذار 2011 قوله أن صايفي كان رهن الاحتجاز السابق للمحاكمة وأن قضيته "هي الآن في يد القضاء".

ومع ذلك، وجدت هيومن رايتس ووتش أن تعامل المحاكم مع قضايا اختطاف عام 2003 في العام التالي أظهر عدم احترام حق المتهمين في محاكمة عادلة والحق في محاكمة سريعة. وظل صايفي في سجن سركاجي. ولم يُقدم بعد للمحاكمة، ورفضت طلبات الدفاع لإحضاره إلى المحكمة للإدلاء بشهادته في محاكمة المدعى عليهم المتهمين لدورهم في أنشطة إرهابية التي يُزعم أن صايفي قادها.

على سبيل المثال، يحاكم عمر فراح وياسين عيساني بتهمة العضوية في جماعة إرهابية مسلحة، والقتل، والمشاركة في اختطاف سياح أجانب عام 2003، وغيرها من الجرائم الخطيرة. وليسوا من بين أولئك الذين وضعوا رهن "الإقامة الجبرية" السرية خلال حالة الطوارئ. ومع ذلك، فقد تم تأجيل محاكمتهم عدة مرات بسبب احتجاجات فريق الدفاع على رفض المحكمة استدعاء صايفي للإدلاء بشهادته. وفي جلسة 17 مارس/آذار 2011 للمحاكمة، على سبيل المثال، قال القاضي للمحامين أن وجود صايفي "ليس ضروريا". وذكرت جريدة الوطن:

طلبت المحامية حضرية خنوف تأجيل المحاكمة. "سيدي القاضي، إننا نعرف اليوم أن البارا [صايفي] هو رهن الاحتجاز لدى وزارة العدل. وأكد الوزير بنفسه ذلك. ولتستمر هذه المحاكمة بشكل صحيح، نطلب أن يتم إحضاره". وأجاب القاضي أنه تم تأجيل المحاكمة من قبل عدة مرات، وأن المحكمة قررت المضي قدما في المحاكمة، بعد تحديد أن وجود البارا غير ضروري، "معتبرا أنه ليس من بين المتهمين".

هذا التصريح دفع المحامي أمين سيدهم للرد "لكن، سيدي القاضي، تم ذكر البارا في تقرير المحكمة، ونسخة منه بين أيديكم. إنه من بين الأطراف المتهمة، إسمه هو الثالث. وأنا، كمحام لـ [عيساني]، أطالب بحضوره على اعتبار أنه رهن الاعتقال وفقا لوزير العدل".

قدمت المحامية سعدية تواتي نفس الطلب. التمست في شهر يناير/كانون الثاني الماضي من النائب العام "حضور البارا". وقالت: "ووفقا لتقرير المحكمة، ينتمي موكلي إلى مجموعة البارا، ولكن هذه الأخيرة تنفي هذه الاتهامات. ينبغي أن يستمع إليه من أجل توضيح هذه النقطة".

طلب المحامون الثلاثة معرفة ما كان وراء رفض إحضار هذا "الأمير السابق". "إنه ليس شاهدا بل الطرف الرئيسي المتهم وقائد عملية اختطاف سياح أجانب". وتساءلوا، "لماذا يحاولون إبقائه بعيدا عن هذه القضية؟"

وأكد سيدهم لـ هيومن رايتس ووتش أن القاضي قد وصف صايفي بـ "حالة خاصة" لتبرير رفضه استدعائه إلى المحكمة.

واحتجاجا على رفض المحكمة استدعاء صايفي، انسحب المحاميين سيدهم وخنوف من هذه القضية في جلسة 17 مارس/آذار، مما دفع القاضي إلى تعيين محامين جدد للدفاع عن فراح وعيساني. ولم يظهر صايفي في الجلسات الموالية للمحاكمة في 14 أبريل/نيسان ومرة ​​أخرى في 22 يونيو/حزيران. وأرجأ القاضي النظر في القضية حتى جلسة المحكمة المقبلة، التي تبدأ في أكتوبر/تشرين الأول 2011. واستمرت التأجيل طيلة برنامج الخريف للمحكمة، بسبب إصرار الدفاع على مقاطعة القضية احتجاجا على رفض القاضي استدعاء صايفي للاستجواب. وحتى1 فبراير/شباط 2012، كان قد تم تأجيل المحاكمة 11 مرة. وفي 11 أبريل/نيسان 2012، في ظل وضع لم يتغير، أرجأ القاضي القضية حتى دورة المحكمة خريف 2012. في نفس الوقت، التمس عيساني من محكمة النقض إلغاء لائحة الاتهام التي أعدتها غرفة الاتهام.

حسن حطاب
كان حطاب، لحين استسلامه، معروفا على نطاق واسع على أنه أمير الجماعة السلفية للدعوة والقتال. وقال وزير الداخلية يزيد زرهوني لوسائل الإعلام أن حطاب سلم نفسه للسلطات في 22 سبتمبر/أيلول 2007. وقالت صحيفة جزائرية إنه سلم نفسه للاستفادة من عفو. ومع ذلك، نقل عن زرهوني قوله: "بما أن [حطاب] متورط في قضايا قضائية عدة، فعليه توضيح موقفه".

مثله مثل صايفي، أدين حطاب غيابيا خلال حالة الطوارئ لجرائم الإرهاب على الرغم من أنه كان في السجن وقت محاكمته. وذكرت جريدة الوطن في 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2007، أن محكمة جنائية في تيزي وزو حكمت عليه وعلى شريكه بالإعدام غيابيا، بتهمة الانتماء لمنظمة إرهابية ومحاولة اغتيال جنرال في الجيش عام 1993. في 17 مارس/آذار 2007 - قبل استسلام حطاب – حكمت عليه محكمة جنائية في باتنة بالإعدام غيابيا لتهم تتعلق بالإرهاب.

بعد يوم من رفع حالة الطوارئ في 23 فبراير/شباط 2011، عرضت السلطات حطاب أمام محكمة. وجهت إليه تهم "تشكيل مجموعة إرهابية، والمشاركة في هجمات باستخدام متفجرات، والقتل العمد، محاولة القتل مع سبق الإصرار، وحيازة أسلحة حربية دون ترخيص"، من بين تهم أخرى.

وبدلا من وضع حطاب رهن الاحتجاز السابق للمحاكمة، كما فعلت مع صايفي، قالت السلطات إنها وضعت حطاب رهن "الاقامة المحمية". وصرح وزير العدل، بلعيز، في 13 مارس/آذار 2011، أنه يمكن لقاضي التحقيق أن يزور ويسأل حطاب في "إقامته المحمية". ولكن على "عائلة المتهم ومحاميه ألا يكشفوا مكان [إقامته المحمية]، لأسباب أمنية". وذكرت تقارير إعلامية في ذلك الوقت أن بلعيز ألمح إلى أن السلطات وضعت حطاب رهن "إقامة محمية" وليس رهن الاحتجاز السابق للمحاكمة لأنه يمكن أن يكون "مفيدا" لقوات الأمن في حربها على الإرهاب.

في ديسمبر/كانون الأول 2011، قال النائب العام لدى محكمة الجزائر العاصمة، بلقاسم زغماتي، للصحافة، إن قاضي التحقيق نقل حطاب من "الإقامة المحمية" إلى "الرقابة القضائية"، دون الكشف عن مكان وجوده. وحتى كتابة هذه السطور، لا يزال تحت "الرقابة القضائية".

منذ احتجازه قبل نحو خمس سنوات، لم يظهر حطاب أمام المحكمة في أي محاكمات حيث كان المدعى عليه أو في محاكمات متهمين طلبوا شهادته كشاهد.

كمال جرمان
تشتبه السلطات الجزائرية في أن يكون جرمان أحد كبار مساعدي صايفي. وتصف قائمة مجلس الأمن بشأن تنظيم القاعدة جرمان على أنه عضو في تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي.

وأرسلت ليبيا جرمان إلى الجزائر في 14 يوليو/تموز 2007، وفقا لملف محاكمته، حسب ما جاء في الصحافة الجزائرية. وقال سيدهم، محامي جرمان، لـ هيوهيومن رايتس ووتش إن ملف قضيته يدل على أن السلطات وضعته رهن الحراسة النظرية (احتجاز سابق للمحاكمة) من 10 سبتمبر/أيلول حتى 23 سبتمبر/أيلول 2007. وقال سيدهم إنه لم يسمح لـ جرمان، خلال ذلك الوقت، بأي اتصال مع أسرته أو محاميه. وقال سيدهم لـ هيومن رايتس ووتش إن الملف يشير أيضا إلى أن عناصر الشرطة القضائية حققوا معه يوم 28 أكتوبر/تشرين الأول من ذلك العام. واتهمت السلطات جرمان في اتصال مع اختطاف السياح الأجانب عام 2003، لكنها أبقته رهن "الإقامة الجبرية" حتى نهاية حالة الطوارئ، حينما نقلوه إلى الاحتجاز السابق للمحاكمة.

وقد تم تأجيل محاكمة جرمانأمام محكمة الجنائية في الجزائر العاصمة مرارا وتكرارا، بسبب احتجاج محامو جرمان، بما في ذلك سيدهم، على رفض المحكمة استدعاء صايفي كشاهد للدفاع. في 15أبريل/نيسان 2011، على سبيل المثال، رفض محامو الدفاع مناقشة القضية في غياب صايفي، متشبثين بأنه يظهر في قرار الأمر بالإحالة على أنه متهم شريك. وذكرت صحيفة Liberteالجزائرية أن القاضي أجل الجلسة، للسماح بـ "توضيحات" حول وضعية صايفي في هذه القضية. وذكرت جريدة Le Soir d’Algerie، أن القاضي أجل القضية، في 9يونيو/حزيران 2011، مع استمرار احتجاج الدفاع على عدم ظهور صايفي حتى دورة الخريف. وظل الوضع دون تغيير طوال دورات خريف 2011 وربيع 2012. وفي 3 أبريل/نيسان 2012، أجلت المحكمة القضية مرة أخرى بسبب غياب فريق الدفاع، الذي انسحب من المحاكمة احتجاجا على رفض المحكمة استدعاء صايفي. ومن المقرر أن تستأنف المحاكمة في 7 يوليو/تموز.

عمار غربية
يحاكم غربيةلدوره المزعوم في اختطاف سياح أجانب عام 2003. بدأت محاكمته أمام محكمة في الجزائر العاصمة في نوفمبر/تشرين الثاني 2011. في ذلك الوقت، طلب سيدهم، محام غربية أيضا، من المحكمة استدعاء صايفي للإدلاء بشهادته كشاهد. تم تأجيل المحاكمة حتى يناير/كانون الثاني 2012، حين استمرت المحكمة في رفضها استدعاء صايفي، مما دفع سيدهم للانسحاب من القضية احتجاجا. وحتى كتابة هذه السطور، لم تستأنف المحاكمة.

هؤلاء السجناء الثلاثاء لم يتم اتهامهم بالضلوع في اختطاف أروبيين عام 2003، ولكنهم وضعوا جميعها رهن "الإقامة الجبرية" السرية خلال حالة الطوارئ.

لونيس مقدم

اعتقلت السلطات مقدم في 18 أبريل/نيسان 2010، ووضعته رهن "الإقامة الجبرية"، وفقا لأمر كتابي بتاريخ 10 مايو/أيار 2010، صادر عن وزارة الداخلية. ذكرت أيضا وسائل الإعلام الجزائرية في وقت لاحق اعتقال مقدم في نفس التاريخ، واصفة إياه بأنه قائد سابق للجنة الطبية في تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي.

اطلعت هيومن رايتس ووتش على "تقرير عام" في ملفات قضية مقدم والذي وقع من قبل رئيس جهاز الشرطة القضائية في الجزائر العاصمة والذي يشير إلى أمر اعتقال في 10 مايو/أيار 2010.

وقال سيدهم، وهو أيضا محامي دفاع مقدم، منذ الوقت الذي وضع فيه مقدم رهن "الإقامة الجبرية" في أبريل/نيسان أو مايو/أيار 2010 وحتى 24 فبراير/شباط 2011، يوم بعد انتهاء حالة الطوارئ، لم تعرضه السلطات على قاض أو تسمح له بلقاء محامي.

في 15 مايو/أيار 2011، درست غرفة الاتهام في محكمة ولاية بومرداس التهم الموجهة إلى مقدم والتي شملت "الانتماء إلى منظمة إرهابية تعمل داخل البلاد". وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2011 أدانته محكمة وحكمت عليه بالسجن 10 سنوات.

عثمان تواتي
وصفت السلطات تواتي على أنه مساعد كبير لأمير تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي عبد المالك درودكال، وبأنه "قاض" داخل المنظمة. وذكرت وسائل إعلام أن تواتي سلم نفسه للسلطات في 25 مايو/أيار 2010. وقال سيدهم إنه ظل رهن "الإقامة الجبرية" إلى أن مثل أمام قاضي التحقيق يوم 27 فبراير/شباط 2011. لا يزال تواتي رهن الاعتقال السابق للمحاكمة، ويواجه اتهامات بالانتماء إلى منظمة إرهابية وحيازة أسلحة دون ترخيص.

خلوف فارس
وقال سيدهم إن فارس وضع رهن "الإقامة الجبرية" لفترة عقب إلقاء القبض عليه، وتم رفض لقاءه بمحاميه أو عائلته، ووجه له الاتهام بعد ذلك عام 2008. وفي مايو/أيار 2011، بعد انتهاء حالة الطوارئ، وأدانته محكمة في الجزائر العاصمة بالعضوية في منظمة إرهابية وحيازة متفجرات، وحكمت عليه بالسجن لمدة خمس سنوات ثم أرسل فارس إلى سجن البويرة.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة