Skip to main content

ليبيا

أحداث 2024

أحد أعضاء فريق "أطباء بلا حدود" ينسّق عملية إنقاذ في 16 مارس/آذار 2024 بعد اعتراض قارب صغير مليء بالمهاجرين المتجهين نحو أوروبا في منطقة البحث والإنقاذ الليبية.

© 2024 Simone Boccaccio/SOPA Images/LightRocket via Getty Images

استمرت الانقسامات العميقة بين الأطراف الليبية، في حين أضعف الوضع الاقتصادي الهش الجهود الرامية إلى التوصل إلى تسوية سياسية.

تنافست سلطتان متناوئتان في الجزئين الشرقي والغربي من البلاد على الشرعية والسيطرة، وعملت الجماعات المسلحة والميليشيات التابعة لها دون مواجهة العقاب، فزادت القمع ضد المنظمات المدنية وقمعت حرية التعبير.

شابَ تعافي الناجين من الفيضانات الكبرى في شرق ليبيا، والتي أودت بحياة الآلاف في العام 2023، البطء والعقبات خلال سعيهم إلى تلقي التعويضات العادلة والدعم لإعادة الإعمار والوصول إلى السلع والخدمات الأساسية، بما فيها السكن، والرعاية الصحية، والكهرباء، والتعليم.

عانى المهاجرون وطالبو اللجوء، ومنهم أطفال، من الظروف غير الإنسانية والتعذيب والعمل القسري والاعتداء الجنسي خلال احتجازهم تعسفا في مرافق تسيطر عليها جماعات مسلحة تابعة للحكومتين بالإضافة إلى المهربين والمتجرين بالبشر.

العملية السياسية

تسيطر "حكومة الوحدة الوطنية" ومقرها طرابلس، والتي عُيّنت كسلطة مؤقتة في العام 2021 عبر عملية تقودها "الأمم المتحدة"، على غرب ليبيا إلى جانب الجماعات المسلحة التابعة لها. تسيطر جماعة مسلحة مناوئة لها تُعرف باسم "القوات المسلحة العربية الليبية" على شرق ليبيا وجنوبها إلى جانب أجهزة أمنية وميليشيات تابعة لها، وإدارة مدنية تُعرف باسم "الحكومة الليبية".

في مارس/آذار، استأنف نائب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة المعين حديثا ورئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا المحادثات السياسية بين مختلف الفُرقاء الليبيين.

لم تُسفر المحادثات في تونس في فبراير/شباط والقاهرة في يوليو/تموز، بين أعضاء مجلس النواب في الشرق ومنافسه "المجلس الأعلى للدولة" في طرابلس، عن توافق بشأن قوانين الانتخابات. تأجّلت الانتخابات التي كان مقرر إجراؤها في ديسمبر/كانون الأول 2021 إلى أجل غير محدد بعد أن أخفقت الأطراف الليبية في الاتفاق على أساس تشريعي ودستوري.

تقود بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عملية لتوحيد مشاريع قوانين المصالحة، التي تغطي العفو وجبر الضرر وكشف الحقيقة والعدالة، بين "المجلس الرئاسي" ومجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة و"الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور". حتى أكتوبر/تشرين الأول، لم يكن قد مرّ مشروع القانون الموحد في مجلس النواب بعد ولم يكن قد عُرض على التصويت. 

النزاع المسلح

تكررت الصدامات بين الجماعات المسلحة والميليشيات التي تعمل اسميا تحت وزارتَي الدفاع أو الداخلية للحكومتين المناوئتين. إذ استمرت الاشتباكات المتقطعة بينهما للسيطرة على الموارد في غرب ليبيا، في حين أسفرت اشتباكات فبراير/شباط في العاصمة طرابلس عن مقتل 10 أشخاص.

في مايو/أيار، أدى تجدد الاشتباكات في الزاوية غرب طرابلس بين الجماعات المسلحة المتنافسة المرتبطة بحكومة الوحدة الوطنية إلى مقتل مدني وإصابة 22 آخرين. في أغسطس/آب، أدت الاشتباكات العنيفة في تاجوراء، شرق طرابلس بين الجماعات المسلحة إلى مقتل تسعة أشخاص على الأقل وإصابة آخرين.

في الشرق، تلقت القوات المسلحة العربية الليبية معدات عسكرية، منها دبابات وأسلحة أخرى، في انتهاك لحظر الأسلحة الأممي. في يوليو/تموز، اعترضت السلطات الإيطالية شحنة طائرات مقاتلة مسيّرة صينية كانت في طريقها إلى القوات المسلحة العربية الليبية.

النظام القضائي

ظل نظام العدالة الجنائية في ليبيا محفوفا بمخاوف خطيرة بشأن الإجراءات القانونية الواجبة، إذ افتقر المحامون إلى القدرة على زيارة موكليهم بحرية في السجن، ولم يُخطَروا مسبقا بالجلسات، ولم يُمنحوا حرية الوصول إلى وثائق القضية. ظل القضاة والمدعون العامون والمحامون معرضين لخطر مضايقات الجماعات المسلحة، واستمرت المحاكم العسكرية في محاكمة المدنيين.

تُدرِج 30 مادة في قانون العقوبات الليبي عقوبة الإعدام لأفعال تشمل التعبير وتكوين الجمعيات. لم تُنفَّذ أي أحكام إعدام منذ 2010 رغم استمرار المحاكم العسكرية والمدنية في فرضها. حتى سبتمبر/أيلول، بلغ العدد الإجمالي للأشخاص الذين صدرت بحقهم أحكام إعدام مبرمة 105، منهم 19 محتجزا.

الاحتجاز

مارست وزارة العدل سيطرة اسمية على الأقل على السجون، في حين كانت الجماعات المسلحة وأجهزة الأمن تدير مرافق احتجاز أخرى في مختلف أنحاء البلاد. تسود الظروف اللاإنسانية، بما فيها الاكتظاظ الشديد وسوء المعاملة، في المرافق التي تديرها مختلف الجماعات. كان نحو 30-50% من السجناء المحتجزين تحت إشراف وزارة العدل في الحبس الاحتياطي بسبب التأخير في الإجراءات القضائية.

توفي عدد من الأشخاص أثناء الاحتجاز في ظروف مقلقة. توفي أحمد عبد المنعم الزاوي في 13 يوليو/تموز أثناء احتجازه لدى جهاز الأمن الداخلي في أجدابيا في شمال شرق ليبيا، في حين توفي المحلل السياسي سراج دغمان في مديرية الأمن الداخلي العامة في بنغازي بعد سبعة أشهر من الاحتجاز التعسفي.

في أغسطس/آب، أُطلق سراح أربعة سياسيين وصحفيين اعتقلوا على خلفية قضية دغمان بدون توجيه اتهامات إليهم، بعد 10 أشهر من الاعتقال التعسفي بتهمة التخطيط للإطاحة بالجيش بدون تقديم أي دليل.

ظل عضوا مجلس النواب إبراهيم الدرسي وسهام سرقيوة مفقودين بعد اختفاء الدرسي في بنغازي في مايو/أيار، واختطاف سرقيوة على يد مسلحين تابعين للقوات المسلحة العربية الليبية من منزلها في بنغازي في العام 2019.

العدالة الدولية

أعلن المدعي العام لـ "المحكمة الجنائية الدولية" كريم خان في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 عزم مكتبه استكمال التحقيقات النشطة في ليبيا بحلول نهاية العام 2025. في مايو/أيار، قدّم إلى "مجلس الأمن" الدولي خارطة طريق تضم اعتزامه فتح مكتب في طرابلس، مشيرا إلى تحقيق تقدم بشأن الجرائم في مرافق الاحتجاز والنزاعات في عامَي 2014 و2020. أضاف أن مكتبه قدم الدعم للتحقيقات الوطنية في الجرائم ضد المهاجرين.

في أبريل/نيسان، أجرت نائبة المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية نزهة شميم خان زيارة رسمية إلى طرابلس وأوضحت أن "المكتب يعتزم التحرك نحو المرحلة القضائية من أنشطته، مع الاستمرار في العمل على استراتيجيات الاعتقال، والحفاظ على الأدلة، ودعم السلطات الوطنية، وضمان التزاماته بحماية الضحايا والشهود".

سيف الإسلام، نجل معمر القذافي والمطلوب من قبل المحكمة الجنائية الدولية منذ العام 2011 بتهمة ارتكاب جرائم خطيرة، ظل هاربا. في أكتوبر/تشرين الأول، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية ست مذكرات اعتقال أخرى بحق قادة وأعضاء آخرين في ميليشيا "الكانيات".

حقوق المرأة

في 6 نوفمبر/تشرين الثاني، أعلن وزير الداخلية بالوكالة في طرابلس عماد الطرابلسي أن "شرطة الآداب" المنشأة حديثا ستفرض تدابير واسعة النطاق، تستهدف النساء والفتيات في غرب ليبيا، بدون أساس قانوني وفي انتهاك لحقوقهن. شملت هذه التدابير القيود على الملابس وفرض الحجاب على النساء والفتيات في المدارس، وحظر الاختلاط بين الرجال والنساء غير المرتبطين أو المتزوجين، وإلزام أي امرأة ترغب في السفر بتقديم إذن كتابي من ولي أمرها الذكر.

حرية التجمع وتكوين الجمعيات

ينص قانون العقوبات الليبي على عقوبات شديدة، منها الإعدام، لتأسيس جمعيات "غير قانونية" ويحظر على الليبيين الانضمام إلى منظمات دولية أو إنشاءها بدون إذن من الحكومة. لا يمكن للمنظمات المدنية واقعيا العمل بشكل مستقل، ويُجبر الناشطون على فرض رقابة ذاتية أو البقاء في المنفى.

واجهت المنظمات المدنية في ليبيا قيودا على قدرتها على العمل بسبب العوائق القانونية والقمع الشديد على يد الجماعات المسلحة والميليشيات وأجهزة الأمن التابعة للحكومتين المتنافستين. تتمتع "مفوضية المجتمع المدني"، المكلفة بترخيص المنظمات المدنية، بصلاحيات إشراف وسيطرة واسعة النطاق على الأداء الداخلي للمنظمات، منها تفتيش مقارها، وتجميد حساباتها المصرفية، وتعليق أنشطتها، وحتى حلها بدون أمر من المحكمة. كما يتعين على المنظمات الراغبة في تلقي التمويل أو ممارسة الأنشطة أو التواصل مع أطراف أجنبية الحصول على الموافقة المسبقة من المفوضية.

أدى غياب إطار قانوني موحد إلى تفاقم الوضع. قدمت المنظمات المدنية في العام 2021 مشروع قانون للجمعيات إلى مجلس النواب، لكن لم يتم تمريره. في فبراير/شباط، بدأ المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات، إلى جانب مسؤولين ليبيين ومنظمات مدنية ليبية، خارطة طريق لتبني إطار قانوني قائم على الحقوق للمجتمع المدني.

حرية التعبير

مارست الجماعات المسلحة والميليشيات وأجهزة الأمن القمع ضد المعارضة، وتسارعت وتيرة استهداف المعارضين السياسيين والأصوات المعارضة.

في يناير/كانون الثاني، اعتقل جهاز الأمن الداخلي التابع للقوات المسلحة العربية الليبية المدونة مريم الورفلي في مدينة سبها الجنوبية، واحتجزها بسبب منشورات على "فيسبوك" تنتقد فيها توزيع القوات المسلحة العربية الليبية غاز الطهي في جنوب ليبيا، بحسب تقارير.

في 8 يوليو/تموز، اختطف مسلحون مجهولون الناشط السياسي معتصم العريبي في مدينة مصراتة الغربية وأفرجوا عنه بعد ثلاثة أيام، بعد دعوات من بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا والولايات المتحدة للإفراج عنه.

في 11 يوليو/تموز، احتجز جهاز الأمن الداخلي في طرابلس الصحفي أحمد السنوسي، الذي ادعى وجود فساد حكومي، وأفرج عنه في 15 يوليو/تموز. وتدخلت الأمم المتحدة و"الاتحاد الأوروبي" ودعيا إلى إطلاق سراحه.

فيضانات درنة

حتى يونيو/حزيران، كان نحو 44,800 شخص ما يزالون نازحين بعد عاصفة هائلة في سبتمبر/أيلول 2023 قتلت الآلاف ودمرت شرق ليبيا، ودرنة على وجه الخصوص. لم تقدّم السلطات الليبية ما يكفي من التعويضات والدعم لإعادة الإعمار للناجين. وحدها الإدارة الشرقية المرتبطة بالقوات المسلحة العربية الليبية قدمت دفعات تعويض محدودة لمرة واحدة لبعض الضحايا، مع استبعاد اللاجئين والمهاجرين المتضررين من الفيضانات.

في 28 يوليو/تموز، حكمت محكمة جنايات درنة على 12 مسؤولا ليبيا بالسَّجن حتى 27 عاما لدورهم في انهيار سدين في درنة، والذي تسبب في فيضانات هائلة. لم تشمل القائمة كبار القادة وأعضاء القوات المسلحة العربية الليبية الذين أداروا الاستجابة للأزمة.

العدالة الاقتصادية

في أغسطس/آب، أدى الخلاف السياسي بين حكومة الوحدة الوطنية ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح حول قيادة "مصرف ليبيا المركزي"، والذي أشعلته أشهر من الخلافات حول الميزانية، إلى فرار محافظ المصرف المركزي صدّيق الكبير خارج البلاد بعد أن قد ترأّس المصرف لفترة طويلة، وتعليق العمليات المصرفية. ردا على ذلك، أغلقت السلطات الشرقية حقول النفط والموانئ. أدى محافظ جديد للمصرف المركزي اليمين الدستورية في 30 سبتمبر/أيلول بعد وساطة أممية واتفاق مع المجلس الأعلى للدولة.

أدى تعليق العمليات المصرفية إلى تجميد إصدار خطابات الاعتماد وتعميق الصعوبات الاقتصادية في ليبيا. أدى تعليق مبيعات النفط الخام، التي تمثل 90% من صادرات ليبيا ومصدر دخلها الوطني الوحيد، إلى انخفاض قيمة العملة المحلية.

في فبراير/شباط، أنشأ مجلس النواب في طبرق "صندوق التنمية وإعادة الإعمار الليبي"، المكلف بقيادة جهود إعادة الإعمار في جميع أنحاء البلاد، وعيّن نجل قائد الجيش الوطني الليبي خليفة حفتر، بلقاسم، رئيسا له. ورغم عمليات إعادة الإعمار الكبرى الجارية في درنة، التي تشمل وحدات الإسكان، تفتقر استراتيجية التخطيط والتمويل للصندوق إلى الشفافية.

المهاجرون وطالبو اللجوء والنازحون

سجلت "المنظمة الدولية للهجرة" أكثر من 760 ألف مهاجر في ليبيا حتى يوليو/تموز. وحتى سبتمبر/أيلول، كانت "المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين" قد أحصت أكثر من 77 ألف طالب لجوء ولاجئ مسجلين في ليبيا. وصل أكثر من 180 ألف لاجئ سوداني منذ أبريل/نيسان 2023 ليصل إجمالي اللاجئين السودانيين المسجلين لدى المفوضية في طرابلس إلى 55,447 بحلول ديسمبر/كانون الأول.

واصلت القوات التونسية طرد المهاجرين وطالبي اللجوء إلى الحدود التونسية-الليبية جماعيا، والكثير منهم قد تم اعتراضهم في البحر. بحلول أغسطس/آب، بلغ عدد النازحين الداخليين في ليبيا 125,802. وشمل ذلك آلاف السكان من تاورغاء الذين طردهم المقاتلون في العام 2011. ظل كثيرون عاجزين عن العودة بسبب التدمير المتعمد للمدينة وندرة الخدمات العامة، وبينهم آلاف العائلات التي هُجِرت قسرا على يد القوات المسلحة العربية الليبية من بنغازي وأجدابيا ودرنة منذ العام 2014. في أغسطس/آب، تسببت الفيضانات بعد هطول أمطار غزيرة في منطقة غات الجنوبية الغربية في تهجير 7,000 شخص.

واصل المهاجرون وطالبو اللجوء محاولة العبور من ليبيا إلى أوروبا. وحتى ديسمبر/كانون الأول، عُثر على 1,536 شخصا ميتا أو مفقودا في وسط البحر الأبيض المتوسط ​​بعد مغادرتهم ليبيا.

واصل الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء التعاون مع قوات خفر السواحل الليبية التي مارست انتهاكات وكان سلوكها خطيرا أحيانا، وتوفير الإمدادات والدعم الفني والمراقبة الجوية لمساعدتها على اعتراض المهاجرين المتجهين إلى أوروبا بحرا. وحتى سبتمبر/أيلول، اعترضت القوات الليبية أو أنقذت 16,466 مهاجرا وطالب لجوء وأعادتهم ليواجهوا مخاﻄر الأذى الجسيم في ليبيا.