Skip to main content

العراق: الغوا القانون المناهض لمجتمع الميم-عين

القانون الجديد يؤجج العنف والتمييز

مريم (21 عاما)، امرأة مثلية من بغداد، هي واحدة من العديد من أفراد مجتمع الميم العراقيين الذين قالوا إنهم تعرضوا للمضايقة من قبل القوى الأمنية عند نقاط التفتيش بسبب مظهرهم. © 2022 John Holmes for Human Rights Watch

(بيروت) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن على الحكومة العراقية أن تلغي فورا القانون الذي أُقرّ مؤخرا، والذي يعاقب الممارسات الجنسية المثلية والتعبير عن العبور الجندري بالسجن. ينتهك القانون حقوق الإنسان الأساسية، بما فيها الحق بحرية التعبير، وتكوين الجمعيات، والخصوصية، والمساواة، وعدم التمييز للمثليين/ات ومزدوجي/ات التوجه الجنسي وعابري/ات النوع الاجتماعي (مجتمع الميم-عين) في العراق.

في 27 أبريل/نيسان 2024، أقرّ البرلمان العراقي قانونا مناهضا لمجتمع الميم-عين، وهو تعديل على "قانون مكافحة البغاء" رقم 8 لسنة 1988 الساري. القانون الجديد يعاقب العلاقات الجنسية المثلية بالسجن لمدة تتراوح بين 10 و15 سنة، بالإضافة إلى السماح بالسجن بين سنة وثلاث سنوات للأشخاص الذي يخضعون أو يُجرون عمليات تأكيد الجندر بتهمة "التشبه بالنساء". يفرض القانون أيضا السجن سبع سنوات، وغرامة تتراوح بين 10 ملايين دينار عراقي (7,700 دولار أمريكي) و15 مليون دينار (11,500 دولار) بتهمة "الترويج للشذوذ المثلي" غير المحدَّدة.

قالت رشا يونس، المديرة المؤقتة لحقوق مجتمع الميم-عين في هيومن رايتس ووتش: " إقرار البرلمان العراقي  للقانون المناهض لمجتمع الميم-عين موافقة ضمنية على سجل العراق المزري في انتهاك حقوق أفراد هذا المجتمع، ويشكّل ضربة موجعة لحقوق الإنسان الأساسية. القانون يزيد من سوء وضع أفراد مجتمع الميم-عين في العراق، الذين يواجهون أصلا العنف وتهديدات لحياتهم/ن".

رغم أن العراق لم يكن يُجرّم صراحةً السلوك الجنسي المثلي بالتراضي، لطالما استخدمت السلطات قوانين "الآداب" الغامضة لملاحقة أفراد مجتمع الميم-عين. يأتي تقديم مشروع قانون مكافحة المثلية بعد أشهر من خطاب المسؤولين العراقيين العدائي ضد الأقليات الجنسية والجندرية، وكذلك حملات القمع الحكومية ضد المنظمات الحقوقية. من التعديلات السابقة المقترَحة على قانون مكافحة البغاء، فرض عقوبة الإعدام على العلاقات الجنسية المثلية، لكن هذا الحكم لم يجد طريقه إلى الصيغة النهائية للقانون.

يساوي القانون الجديد، الذي راجعته هيومن رايتس ووتش، بين العلاقات الجنسية المثلية و"الشذوذ الجنسي"، الذي يعرّفه بأنه "أي [وطء] بين شخص وشخص آخر من الجنس نفسه [إذا] تكررت ممارسته لأكثر من ثلاث مرات".

يستهدف القانون الجديد تحديدا النساء العابرات جندريا (الترانس). فهو يسمح بالسجن بين سنة وثلاث سنوات، أو غرامة بين 5 ملايين دينار (3,800 دولار) و10 ملايين دينار (7,700 دولار) "للتشبه بالنساء" الذي يعرّفه بأنه "وضع مساحيق التجميل الخاصة بالنساء ولبس الملابس الخاصة بهن" أو "الظهور بمظهر يشبه مظهر النساء" في الأماكن العامة.

يحظر القانون العلاج بالهرمونات وما يسميه "تغيير الجنس" بناءً على الرغبة الشخصية، وكذلك أي محاولة لتغيير الهوية الجندرية، ويعاقب عليها بالسجن بين سنة وثلاث سنوات. تنطبق العقوبة نفسها على أي جراح أو طبيب آخر يجري جراحة تأكيد الجندر. يستثني القانون حالات حاملي/ات صفات الجنسين منذ الولادة التي تتطلب التدخل الجراحي لتأكيد الجنس البيولوجي ليكون إما ذكر أو أنثى فقط.

يستند قانون العراق الجديد المناهض لمجتمع الميم-عين إلى الجهود المتزايدة التي يبذلها المشرعون المناهضون لمجتمع الميم-عين، من أجل تجريم العلاقات الجنسية المثلية والتعبير عن العبور الجندري صراحةً. القانون الذي أٌقرّ في أبريل/نيسان جاء من رحم القانون الذي قدّمه النائب المستقل رائد المالكي، في 15 أغسطس/آب 2023.

لو أُقرّ القانون بشكله الأصلي، لكان عاقب العلاقات الجنسية المثلية بالإعدام أو السجن مدى الحياة، ولكان عاقب "الترويج للمثلية" بالسجن سبع سنوات كحدٍّ أدنى وغرامة، و"التشبه بالنساء" بالسجن حتى ثلاث سنوات. خلال تقديمه مشروع القانون، قال المالكي إن هدفه "الحفاظ على المجتمع العراقي من الانحراف والدعوات إلى ’الشذوذ‘ [نزعات جنسية غير طبيعية] التي غزت العالم".

وبدوره، جاء مشروع قانون 2023 في أعقاب مشروع قانون لمناهضة مجتمع الميم عين قدّمه المشرعون في إقليم كردستان العراق. في سبتمبر/أيلول 2022، قدم أعضاء في برلمان إقليم كردستان "قانون حظر الدعوة إلى المثلية الجنسية". بموجب هذا القانون، سيواجه أي شخص يدافع عن حقوق مجتمع الميم-عين أو "يدعو إلى المثلية الجنسية" عقوبة بالسجن حتى عام، وغرامة تصل إلى خمسة ملايين دينار (3,430 دولار). كما سيعلّق مشروع القانون، لمدة تصل إلى شهر، تراخيص شركات الإعلام ومنظمات المجتمع المدني التي "تدعو إلى المثلية الجنسية".

أتى مشروع القانون، رغم عدم إقراره، وسط حملة قمع مكثفة على حرية التجمع والتعبير في إقليم كردستان العراق. في 31 مايو/أيار، أمرت محكمة في الإقليم بإغلاق منظمة "راسان" بتهمة "أنشطتها في مجال المثلية الجنسية".

العنف والتمييز ضد مجتمع الميم-عين منتشران أصلا في العراق. قالت هيومن رايتس ووتش إن حالات استهداف أفراد مجتمع الميم-عين على الإنترنت، والعنف القاتل ضدهم/هن على يد جماعات مسلحة في العراق تحصل دائما دون العقاب.

في 8 أغسطس/آب 2023، أصدرت "هيئة الإعلام والاتصالات" العراقية توجيها تأمر فيه جميع وسائل الإعلام باستبدال مصطلح "المثلية الجنسية" بـ "الشذوذ الجنسي" في موادها المنشورة والمُذاعة، وتحظر استخدام مصطلحَي "النوع الاجتماعي" و"الجندر".

الاعتداءات المستمرة للسلطات العراقية على أفراد ونشطاء مجتمع الميم-عين تنتهك  حقوقهم/هن الأساسية، ومنها حقهم/هن بالخصوصية، وحرية الحركة، وحرية التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات، بما في ذلك على الإنترنت. بالإضافة إلى حقهم/هن بعدم التمييز وبالحماية بموجب القانون. الانتهاكات تخالف الدستور العراقي والاتفاقيات الدولية التي وقع عليها العراق.

يحظر القانون الدولي عدم المساواة في الحماية من العنف، وعدم المساواة في الوصول إلى العدالة. يضمن "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية"، في المادتين 2 و26، حقوق الإنسان الأساسية والحماية القانونية المتساوية بدون تمييز. أوضحت "لجنة حقوق الإنسان" التابعة لـ "الأمم المتحدة"، وهي هيئة الخبراء الدولية التي تقدّم تفسيرات رسمية للعهد، أن التوجه الجنسي هو وضع محمي ضد التمييز بموجب هاتين المادتين. كذلك، يؤكد "الميثاق العربي لحقوق الإنسان"، الذي انضمت إليه العراق، على هذه الحقوق.

قالت يونس: "الانتهاكات المتواصلة في حق أفراد مجتمع الميم-عين، التي تبدأ في كنف الأسرة وتمتد لتشمل جميع نواحي حياتهم/هن العامة، لا تؤدي إلى وفيات فحسب، إنما تجعل حياتهم/هن غير قابلة للاستمرار. على الحكومة العراقية أن تلغي على الفور القانون المناهض لمجتمع الميم-عين، وأن تنهي حلقة العنف والإفلات من العقاب ضد مجتمع الميم ".

 

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة