يتفاقم السجلّ المخزي لانتهاكات حقوق الإنسان في السعودية يوما بعد آخر. منذ أن أصبح محمد بن سلمان ولي عهد المملكة في 2017، شمل السجلّ السجن والتعذيب المزعوم لناشطات سعوديات بارزات في حقوق المرأة، وإعدام جماعي في أبريل/نيسان لمواطنين شيعة أدينوا في محاكمات جائرة، وقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي. أنكرت الحكومة السعودية تورّط ولي العهد في جريمة القتل.
من الأمثلة الأخرى على انتهاكات الحقوق في السعودية محاكمة مرتجى قريريص (18 عاما) والذي يواجه عقوبة الإعدام بسبب جرائم يُزعم أنه ارتكبها عندما كان عمره 10 أو 11 سنة.
لكن يوم السبت، فيما قد يكون ظاهريا نتيجة للضغوط الدولية، أفادت تقارير أن قريريص لن يُعدَم، ويمكن أن يُطلَق سراحه بحلول 2022.
رغم أن هذا الخبر إيجابي، إلا أن مجرد تفكير الحكومة السعودية في إعدام قريريص أمر مقلق.
السعودية هي واحدة من بضعة دول تفرض عقوبة الإعدام على الأطفال، ما يتعارض مع التزاماتها الدولية.
طلب مكتب المدعي العام الذي يعمل منذ 2017 تحت إمرة الديوان الملكي الذي يسيطر عليه محمد بن سلمان، إنزال عقوبة الإعدام ضد قريريص، من الطائفة الشيعية في السعودية. يزعم ممثلو الادعاء أن جرائم قريريص مرتبطة بحركة احتجاج في المنطقة الشرقية بالسعودية من قبل مواطنين شيعة بين 2010 و2014، وهو متهم بمهاجمة الشرطة بقنابل مولوتوف، ومهاجمة سيارة دبلوماسية ألمانية، وحيازة سلاح ناري بشكل غير قانوني، والمشاركة في الاحتجاجات، وعضوية "منظمة إرهابية". نفى قريريص هذه الاتهامات.
بحسب "المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان"، قُبض على قريريص في سبتمبر/أيلول 2014، عندما كان عمره 13 عاما فقط، وهو رهن الحجز الاحتياطي منذ ذلك الحين.
يجب ألا يواجه أي طفل جامح عقوبة الإعدام، وخاصة شخص مثل قريريص الذي يُزعَم بأنه ارتكب جرائم في هذه السن المبكرة. على السعودية أن تسن إصلاحات قانونية لوقف جميع عمليات إعدام الجناة دون استثناء.
ربما نظرا لهذا الانتقاد، سعت السلطات في منتصف 2018 إلى تعزيز سمعة البلاد من خلال اعتماد "نظام الأحداث" الذي يوفر أوجه حماية جديدة للأطفال المعنيين بنظام العدالة الجنائية. قدمت السعودية هذا الإصلاح في تقريرها لعام 2018 إلى "مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة"، خلال استعراضها الشامل لسجل حقوق الإنسان في البلاد. لكن ما لم تذكره السعودية هو نظام الأحداث الجديد لا ينطبق على بعض الجرائم المعروفة باسم "الحدود"، أو الجرائم الخطيرة المحددة بموجب تفسير السعودية للشريعة الإسلامية التي تحمل عقوبات محددة.
لأن النيابة اتهمت قريريص بإحدى هذه الجرائم، ظل معرّضا لعقوبة الإعدام. تشمل الأدلة المذكورة في ورقة الاتهام الموجهة ضد قريريص اعترافه، الذي يقول إن السلطات انتزعته منه بالإكراه، وكذلك اعترافات 4 آخرين متهمين بجرائم مماثلة في قضايا أخرى.
2 من الاعترافات الأخرى التي استُشهد بها كأدلة كانت من علي النمر وداود المرهون، وكلاهما كانا مراهقين وقت ارتكاب جرائمهما المزعومة، وينتظران تنفيذ حكم الإعدام فيهما منذ 2014.
المحاكمات الجائرة للمواطنين الشيعة على الجرائم المرتبطة بالاحتجاج شائعة جدا. حصلت هيومن رايتس ووتش على 10 أحكام منفصلة وحللتها، والتي أصدرتها "المحكمة الجزائية المتخصصة" في 2013 و2016 ضد رجال وفتيان، بمن فيهم النمر والمرهون، المتهمين بارتكاب جرائم متعلقة بالاحتجاج. في جميع أحكام المحاكمة تقريبا، أنكر المتهمون اعترافاتهم، قائلين إنهم أجبروا على الإدلاء بها، بما فيه عن طريق الضرب والحبس الانفرادي المطوّل.
عندما أنكر المحتجزون اعترافاتهم في المحكمة قائلين إنها انتُزعت منهم تحت التعذيب، رفضت المحكمة مزاعمهم جملة وتفصيلا في كل الحالات. رفضت المحكمة أيضا طلبات عرض مقاطع فيديو للاستجواب، واستدعاء المحققين لاستجوابهم.
أسفرت هذه المحاكمات الجائرة بشكل صارخ عن إعدام عشرات الشيعة السعوديين في السنوات الأخيرة، من بينهم 37 أعدِموا في 23 أبريل/نيسان، بمن فيهم عبد الكريم الحواج الذي كان مراهقا وقت ارتكاب جرائمه المزعومة.
بالنسبة لقريريص، توضح قضيته أن الإصلاحات الأخيرة لم تقدم الكثير لحماية الأطفال من العيوب الكبرى في نظام العدالة الجنائية السعودي، والذي يُعرّض المعتقلين لخطر التعذيب والمحاكمات الجائرة وعقوبة الإعدام.
لاحترام الحقوق الأساسية للأطفال، على السعودية تطبيق ضمانات قانونية تنص على عدم جواز استجوابهم دون حضور أحد الوالدين أو الوصي القانوني والمحامي، وضمان قدرتهم على تقديم دفاع مناسب أمام هيئة قضائية مستقلة ونزيهة. على السعودية حظر جميع عمليات إعدام الأطفال والأطفال المذنبين فورا.
بدون مثل هذه الإصلاحات، ستستمر حالات مثل قريريص في تشويه سجل السعودية الحقوقي، وتبقيها على قائمة الدول المعدودة التي تحافظ على هذه الممارسة المشينة.