Skip to main content
تبرعوا الآن

أرض الصومال- إساءة معاملة وإهمال ذوي الإعاقة

ينبغي ضمان الرقابة وإنهاء التقييد والعلاج غير الطوعي

A resident sits with his foot chained in the courtyard of the Raywan private center in the Somaliland capital Hargeisa, on July 29, 2015. © 2015 Zoe Flood for Human Rights Watch

(نيروبي) - يوضع ذوو الإعاقة العقلية في إقليم "جمهورية أرض الصومال"  إجباريا على نحو متزايد في مؤسسات، حيث يتعرضون لانتهاكات خطيرة وظروف سيئة. ينبغي أن توفر سلطات أرض الصومال الإشراف على جميع مرافق الصحة العقلية، وتحظر تكبيل ذوي الظروف الصحية العقلية، وتنشئ خدمات مجتمعية طوعية لهم.  

وجد تقرير "مكبلون كالأسرى: الانتهاكات بحق ذوي الإعاقة العقلية في أرض الصومال"، الذي يتكون من 81 صفحة، أن الرجال الذين يُعتقد أو الذين يعانون فعلا من الإعاقة العقلية يواجهون قيودا تعسفية، وأعمال ضرب، وعلاجا غير طوعي، واكتظاظا في المراكز الصحية الخاصة والعمومية. ويُحتجز معظمهم رغما عنهم وليس لديهم إمكانية الطعن في احتجازهم. في المراكز الخاصة على وجه الخصوص، يواجه الذين يعانون من إعاقات عقلية تكبيلا عقابيا ومطولا، وحبسا، وعزلا، وقيودا شديدة مفروضة على حركتهم. تسلط النتائج الضوء على أهمية خدمات الصحة العقلية في مناطق ما بعد النزاع. ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، تشهد أرض الصومال معدلات مرتفعة من الإعاقة النفسية-الاجتماعية.

قالت لايتيسيا بدر، الباحثة في قسم أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "بدلا من توفير الرعاية الطبية المناسبة والطوعية أو إعادة التأهيل، فإن هذه المراكز تُخضع المقيمين فيها لأنظمة شبيهة بالسجن، والعزلة، والعلاج غير الطوعي. على سلطات أرض الصومال التحرك بسرعة لمعالجة انتهاكات داخل مؤسسات الصحة العقلية".

أجرت هيومن رايتس ووتش الأبحاث في هرغيسا، وبربرة، وغابيلي، وقابلت أكثر من 115 شخصا، من بينهم 47 من ذوي الإعاقة الفعلية أو المتصوَّرة الذين تم إيداعهم في مؤسسات. تعرّض معظمهم للإساءة، فيما تغيب الإجراءات السليمة، والرقابة القضائية، وقنوات الانتصاف. وركز البحث أساسا على مراكز الإقامة التي يديرها القطاع الخاص في هرغيسا. بما أن معظم المراكز تستضيف الرجال، فإن النتائج تعكس بصورة كبيرة أوضاعهم، رغم أن النساء ذوات الإعاقة العقلية يعانين أيضا من انتهاكات خطيرة.

لا تحتفظ أرض الصومال ببيانات رسمية عن انتشار ظروف الصحة العقلية، ولكن البحوث الحالية تشير إلى مستويات عالية تنذر بالخطر بسبب العنف والصدمة إثر الحرب الأهلية، وانعدام الخدمات الصحية، والاستخدام واسع النطاق لمنشط القات الشبيه بالأمفيتامين. وعلى مدار سنوات، تُرك ذوو الإعاقة العقلية بمفردهم لمواجهة وصمة اجتماعية كبيرة، أو يضطرون إلى الاعتماد إلى حد كبير على الأقارب الذين يتوفرون على القليل من المعلومات والفهم لأوضاعهم وليست لهم وجهة يتجهون إليها للحصول على المساعدة.

في 2014، أقرت سلطات أرض الصومال خططا حددت الصحة العقلية كأولوية، ودعت إلى صياغة تشريعات تتماشى مع "اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة". لكن هذه الخطط لم تُنفذ، ويتغاضى الدعم الدولي للخدمات الصحية إلى حد كبير عن الصحة العقلية. لدى أرض الصومال حاليا فقط طبيبان للأمراض العقلية والنفسية لنحو 3.5 مليون شخص.

في السنوات الأخيرة، بالإضافة إلى حفنة من عنابر الصحة العقلية العمومية المتهالكة والتي تعاني من نقص في الموارد، ظهرت مراكز يديرها القطاع الخاص في أنحاء هرغيسا لتلبية الطلب الكبير على رعاية الصحة العقلية. والخدمات المجتمعية الطوعية شبه معدومة.

وجدت هيومن رايتس ووتش أن هذه المراكز، بدلا من تقديم الرعاية الطبية المناسبة والاستشارة للنزلاء بموافقتهم، هي أماكن احتجاز وعزل إلى حد كبير. ومعظم الذين تمت مقابلتهم وُضعوا في المراكز رغما عنهم من قبل ذويهم. احتجز البعض لمدة تصل إلى 5 سنوات، مع عدم وجود وسيلة للطعن في احتجازهم. وعدد من المقيمين في المراكز هم من الشتات.

الحراس وغيرهم من الموظفين يحتجزون المقيمين في المراكز الخاصة المقيمين في بيئة سلطوية بشكل كبير، وفي بعض الأحيان عقابية. كما يخضعونهم لجدول زمني صارم، وحبس مطول، وضرب، وتكبيل. ويُستخدم التكبيل على نطاق واسع عند الاستقبال للسيطرة على المقيمين، وكشكل من أشكال العقاب في المراكز الخاصة وفي جناح الصحة العقلية بمستشفى بربرة العام، وإن كان بدرجة أقل.

قال رجل يبلغ من العمر 27 عاما، قضى شهرين في مركز خاص بعد أن وضعه والداه هناك: "التكبيل قاعدة لجميع الوافدين الجدد. كنت مكبلا طيلة الشهرين اللذين قضيتهما هناك. شعرت كما لو أن حريتي أخذت مني".

جناح الصحة العقلية في المركز الاستشفائي في هرغيسا هو المركز الوحيد الذي وجدت هيومن رايتس ووتش أنه خال من التكبيل. وقالت هيومن رايتس ووتش إن على أجنحة الصحة العقلية التي تديرها الحكومة وغيرها من المراكز الخاصة أن تحذو حذوه.

وجدت هيومن رايتس ووتش أن الحراس يضربون أحيانا المقيمين الذين يرفضون تناول الدواء أو اتباع الأوامر، أو الذين تظهر عليهم علامات السلوك العدواني.

قال مريض في مركز خاص: "يوم أمس، تعارك أحد المرضى مع الحراس، فاستخدموا الحزام لضربه. كان يريد منهم إزالة قيوده. ضربوه بالحزام 5 أو 6 مرات".

يتعرض بعض نزلاء المراكز العمومية والخاصة للعلاج الطبي غير الطوعي، من خلال القوة والتخدير. وتوصف الأدوية المؤثرة على العقل على نطاق واسع، بناء على تقييمات طبية روتينية. في كثير من الأحيان لا يتم تزويد النزلاء بمعلومات عن تشخيصهم.

وجدت هيومن رايتس ووتش أن المراكز أخفقت إلى حد كبير في إعداد ودعم عودة النزلاء إلى المجتمع، وتوفر القليل من الأنشطة ذات المغزى. وفي معظم المراكز الخاصة، يقضي المقيمون معظم وقتهم داخل غرفهم، في كثير من الأحيان مكبلين أو وراء الأبواب المغلقة، وأحيانا في الظلام.

قالت هيومن رايتس ووتش إن معالجة أزمة الصحة العقلية في أرض الصومال ستتطلب جهودا كبيرة. وعلى السلطات أن تبدأ بحظر التكبيل، وتنظيم ومراقبة جميع مؤسسات الصحة العقلية، والتأكد من أن الناس الذين وُضعوا في المؤسسات لديهم قنوات للإنتصاف.

على أرض الصومال أن تركز أيضا على وقف التوجه نحو وضع ذوي الإعاقة النفسية-الاجتماعية في المؤسسات، والعمل معهم وأسرهم ومجتمعاتهم المحلية، بما في ذلك الشتات، لمواجهة الوصمة المرتبطة بالصحة العقلية. على الحكومة أن تجد الطرق المناسبة لذوي الإعاقة النفسية -الاجتماعية للعيش بطريقة آمنة، ومستقلة، وكريمة في مجتمعهم.

وبالنظر إلى العدد الكبير الظاهر من الناس الذين يوضعون في المؤسسات بسبب استهلاكهم للقات، على السلطات تقديم خدمات مماثلة على مستوى المجتمع المحلي بالنسبة للأشخاص الذين يتعاطون المخدرات.

قالت هيومن رايتس ووتش إن أرض الصومال والشركاء الدوليين يراجعون حاليا الخطط الصحية، وينبغي أن يغتنموا هذه الفرصة ليشملوا خدمات الصحة العقلية في خططهم وبرامجهم.

على أرض الصومال، بمساعدة شركائها الدوليين، توظيف وتدريب المزيد من مهنيّي الصحة العقلية والعاملين الاجتماعيين، وجعل الصحة العقلية في أحكام الرعاية الصحية الأولية، وضمان الحصول على العلاج والمشورة على أساس الموافقة الحرة والمستنيرة، وضمان توريد منتظم ومقنن للأدوية العقلية. كما ينبغي على الحكومة أن تعزز سياسات الصحة العقلية، وتنفيذ هذه الخطط، بما في ذلك اعتماد تشريعات الصحة العقلية، بما يتماشى مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.

قالت لايتيسيا بدر: "إن احتجاز ذوي الإعاقة العقلية على مدى طويل تمييزي، وينتهك حقوقهم الأساسية، ولا يوفر لهم الخدمات التي يحتاجون إليها. ولكن لدى أرض الصومال فرصة لبناء نظام لذوي الإعاقة النفسية والاجتماعية، يوفر كلا من الدعم والاستقلال".

 

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

المنطقة/البلد