Skip to main content

البحرين ـ مزاعم بإساءات جسيمة لسجناء

ينبغي التحقيق في مزاعم إساءة المعاملة بعد الاضطرابات

(بيروت) ـ إن على سلطات البحرين أن تأمر بإجراء تحقيق مستقل في مزاعم باستخدام قوات الأمن للقوة المفرطة لقمع اضطرابات وقعت بسجن جو يوم 10 مارس/آذار 2015، وقيامها بإساءة معاملة سجناء في أعقاب ذلك. كما ينبغي محاسبة أفراد قوات الأمن أو غيرهم من المسؤولين الذين يثبت عليهم استخدام القوة غير المشروعة أو غير المتناسبة، بحسب هيومن رايتس ووتش.

في منتصف أبريل/نيسان تحدثت هيومن رايتس ووتش هاتفياً مع ثلاثة من نزلاء سجن جو المفرج عنهم حديثاً، كل على حدة، فقالوا إنهم شاهدوا قوات الأمن تطلق الغاز المسيل للدموع داخل مباني السجن وتضرب النزلاء بشكل ممنهج أثناء إخلاء الزنازين في سياق قمع الاضطرابات التي وقعت في 10 مارس/آذار. وزعم الثلاثة أن مسؤولي الأمن قاموا في أعقاب الاضطرابات بإخضاع سجناء، ومنهم بعض المحتجزين لأسباب سياسية، لانتهاكات بدنية ونفسية، ولم يتيحوا لهم العلاج الطبي لإصاباتهم، بما فيها جراح بالرأس والساق.

وقال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "كلما زادت معلوماتنا عن رد البحرين على الاضطرابات بسجن جو، ازدادت الصورة إثارة للانزعاج، وعلى السلطات أن تبادر فوراً لإتاحة وصول أطباء مستقلين إلى السجن، وضمان وصولهم إلى مبنى 10 حيث يزعم وقوع أشد الانتهاكات خطورة".

وقد بدأت اضطرابات 10 مارس/آذار عقب مشادة بقاعة الزيارة صباح ذلك اليوم بين العاملين بالسجن وأقارب كانوا يزورون أحد النزلاء. وقال أحد الأقارب لـ هيومن رايتس ووتش إن 10 نزلاء على الأقل شهدوا الواقعة.

وقال أحد السجناء الثلاثة الذين أجرت معهم هيومن رايتس ووتش المقابلات، وقد حضر الواقعة، إن بقية النزلاء طردوا ضباط السجن الأربعة أو الخمسة الذين كانوا مناوبين في مبنى 4 بالقوة، بعد علمهم بالمشادة، بينما قام نزلاء آخرون بطرد العاملين بالسجن من المبنيين 1 و6. وقال إن مبنى آخر من مباني السجن العشرة، وهو مبنى 3، كان خالياً من الضباط في ذلك الوقت وطوال شهرين، في أعقاب مشادة سابقة بين العاملين والنزلاء.

ووصف السجناء استخدام الغاز المسيل للدموع والخرطوش والاعتداء بالضرب، فيما كانت شرطة مكافحة الشغب تستعيد السيطرة على المباني الثلاثة، وقالوا إن السجناء نقلوا إلى الخارج طوال أسابيع، وخضعوا للضرب المتكرر، والرش بالماء البارد والإرغام على الهتاف بشعارات موالية للحكومة. كما تم اقتياد بعضهم إلى غرف خالية من كاميرات الدوائر المغلقة، وضربوا هناك بحسب قولهم.

وتنص المادة 54 من قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء على أنه "لا يجوز لموظفي السجون أن يلجأوا إلى القوة، في علاقاتهم مع المسجونين، إلا دفاعا عن أنفسهم أو في حالات الفرار أو المقاومة الجسدية بالقوة أو بالامتناع السلبي لأمر يستند إلى القانون أو الأنظمة. وعلى الموظفين الذين يلجأوا إلى القوة ألا يستخدموها إلا في أدنى الحدود الضرورية...".

ويمكن للغاز المسيل للدموع أن يسبب مشاكل طبية جسيمة، حتى عند ضبط النفس في استخدامه. ولا يجوز استخدام الغاز المسيل للدموع كوسيلة لضبط الشغب إلا حيثما اقتضت الضرورة كرد فعل متناسب لقمع العنف.

وقد صدقت البحرين على اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وهي ملزمة بها. ومع ذلك فقد قامت السلطات فعليا في أبريل/نيسان 2013 بإلغاء زيارة خوان منديث، مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالتعذيب. وفي العام نفسه نص مرسوم ملكي على تشكيل اللجنة البحرينية لحقوق السجناء والمحتجزين، التي لم تقدم حتى الآن أي تقرير عن الظروف بسجن جو.

وقال جو ستورك: "إن هذه المزاعم تجعل من السماح الفوري لمقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالتعذيب بزيارة البحرين ضرورة إلزامية، لتقديم تقرير عن معاملة المحتجزين الذين لم يفعل بعضهم شيئاً سوى انتقاد السلطات البحرينية".

روايات النزلاء السابقين

في عصر ذلك اليوم قادت شرطة مكافحة الشغب عملية لاستعادة السيطرة على المباني الأربعة، مع إطلاق الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية على نزلاء مبنى 3 الذين تدفقوا على المنطقة المكشوفة خارج المبنى، كما قال نزيل سابق كان محتجزاً بذلك المبنى. وقال النزيل إن شرطة مكافحة الشغب أرغمت النزلاء على العودة للداخل، ثم أطلقت الغاز المسيل للدموع داخل الردهات، رغم الحيز المحصور، لإرغام السجناء على دخول الزنازين فيما يبدو. وبعد ذلك دخلت الشرطة المبنى وأخلت الزنازين واحدة بعد واحدة.

وقال السجين السابق إن أحد نزلاء مبنى 3 استخدم هاتفاً خلوياً مهرباً لالتقاط ما لا يقل عن خمسة من الصور التي تم تداولها لاحقا على مواقع التواصل الاجتماعي، ومنها 3 صور تظهر إصابات لحقت بالنزلاء نتيجة، فيما يبدو، لقذفهم بالقنابل الصوتية وعبوات الغاز التي أطلقتها الشرطة يوم 10 مارس/آذار. ويظهر في صورة أخرى سحابة من الغاز في مدخل باب داخل السجن تم ربطه بخرطوم حريق لمنع شرطة مكافحة الشغب من الدخول، مما يؤيد الزعم بأن شرطة مكافحة الشغب أطلقت الغاز المسيل للدموع داخل الردهات.

وقام نزيلان سابقان بمبنى 4، كل على حدة، بوصف نمط مشابه، فقالا إن شرطة مكافحة الشغب استخدمت الغاز المسيل للدموع لإجلاء النزلاء عن المناطق المكشوفة خارج مبانيهم، ثم أطلقت الغاز داخل الردهات لإرغام النزلاء على دخول الزنازين. وزعم أحدهما أيضاً أن شرطة مكافحة الشغب أطلقت ما لا يقل عن ثلاثة دفعات من الخرطوش داخل ردهة عنبر الزنازين، فألحقت إصابات خطيرة بنزيل واحد في الفخذ. وقال إن شرطة مكافحة الشغب دخلت عنبر الزنازين بعد ذلك، وجرّت السجناء من الزنازين وضربتهم في الردهة. وقال: "فور مغادرة الغرفة بدأ الضرب من جميع الجهات"، مضيفاً أنه تعرض للضرب لما بدا وكأنه 5 دقائق من جانب 3 ضباط أو أكثر.

وقال أحد السجناء السابقين بمبنى 4 إن بعض النزلاء، قبل أن تدخل شرطة مكافحة الشغب إلى المبنى، كانوا قد ضربوا اثنين من العاملين حتى فقدوا الوعي وتركوهما في منطقة الحمامات.

وقال جميع النزلاء الثلاثة السابقين إن شرطة مكافحة الشغب، بعد أن استعادت السيطرة على المبنيين 3 و4، أرغمت النزلاء على المرور من ردهة بشرية من الضباط الذين ضربوهم بالخوذات والعصي بل وأرجل الموائد المكسورة، في مناطق مكشوفة منفصلة أمام كل مبنى من مبنيي السجن. وقال الثلاثة جميعاً إنهم ضربوا بهذه الطريقة.

وقال سجين سابق من مبنى 4 إن سلطات السجن استبقته مع نزلاء آخرين في منطقة مكشوفة أمام المبنى لمدة لا تقل عن 3 أسابيع، في خيام تم نصبها بعد الاضطرابات بعدة أيام. وقال إن سلطات السجن أمرت النزلاء في 25 مارس/آذار بمغادرة خيمة واحدة، بواقع خمسة كل مرة، قائلة إن هناك هاتفاً تم تهريبه إلى داخل السجن، ثم أرغمتهم على التجرد من ثيابهم الخارجية، والوقوف لما يزيد على ساعة وأيديهم مرفوعة فوق رؤوسهم، والسير على المقعدة في دائرة مع سكب الماء البارد فوقهم. ثم قام الضباط، حسب قوله، بإرغام النزلاء على أداء التمارين مع الهتاف "عاش عاش بو سلمان" ـ في تعبير عن التأييد لملك البحرين.

وقال النزيل السابق من مبنى 3 لـ هيومن رايتس ووتش إن سلطات السجن احتجزته هو ونزلاء آخرين من ذلك المبنى في العراء لمدة 3 أيام وليال، محاطين بعشرات من أفراد شرطة مكافحة الشغب، الذين كانوا يرغمونهم على الإقعاء، أو الوقوف، أو الرقص، قبل إقامة خيمة لهم. وقال إن أفراد الشرطة اعتدوا بالضرب مراراً على النزلاء ورشوهم بالماء البارد، ووجهوا إليهم إهانات طائفية، وأرغموهم على الهتاف "عاش عاش بو سلمان". وقال إن الضباط أرغموا بعض النزلاء على وضع أحذيتهم في أفواههم أو حلقوا رؤوسهم. وقال إنه أصيب يوم 10 مارس/آذار، لكنه لم يتلق أية رعاية طبية قبل الإفراج عنه من السجن بعد مرور أسابيع.

وقال سجين سابق إنه كان ضمن مجموعة من النزلاء أمرت سلطات السجن بأخذهم إلى مبنى 10 عقب الاضطرابات، واتهمت بعضهم بـ"التشجيع" على الإضراب. وقال إن ضباط شرطة مكافحة الشغب قاموا في 16 أو17 مارس/آذار، وهو اليوم التالي لنقلهم إلى مبنى 10، بضربه هو ونزيلين آخرين من عنبره في المرحاض، الخالي من كاميرات الدوائر المغلقة. وتكرر اعتداء الضباط بالضرب على نزلاء في المرحاض وغرف الإدارة، الخالية من الكاميرات بدورها، بحسب قوله، كما عاملوا أحد النزلاء وهو ناجي فتيل، "معاملة الحيوانات". وكان فتيل ضمن مجموعة يصل عددها إلى 80 نزيلاً لم يتواصلوا مع عائلاتهم حتى أوائل أبريل/نيسان، بحسب تغطية هيومن رايتس ووتش. وأخيراً تم السماح لفتيل بمهاتفة عائلته في 12 أبريل/نيسان.

وقال أحد أقارب جعفر عون، وهو نزيل آخر لم يسمح له بالتواصل مع عائلته، إن عون أجرى معهم مكالمة مدتها دقيقتان في 4 أبريل/نيسان، وقال لهم إنه نقل من مبنى 4 إلى مبنى 10، وإنه مصاب بخلع في إحدى الكتفين وإحدى الركبتين وجراح في الظهر. لم يقل عون كيف أصيب أو ما إذا كان قد تلقى أي علاج طبي.

وقال أحد أقارب أحمد مشيمع لـ هيومن رايتس ووتش إنه لم يتصل بعائلته.

كما يرقد عبد الجليل السنكيس، المحتجز بتهم ذات دوافع سياسية، في مستشفى القلعة منذ الأول من أبريل/نيسان بعد إضرابه عن الطعام في 21 مارس/آذار. وقد قالت عائلته لـ هيومن رايتس ووتش إن الإضراب كان بغرض الاحتجاج على إساءة معاملة المحتجزين بسجن جو عقب اضطرابات 10 مارس/آذار. وقال السنكيس لقريبه إن نزلاء المباني 1 و3 و6 أرغموا على البقاء بالخارج في خيام، وإن السجناء أرغموا على الهتاف بشعارات موالية للحكومة، وإن نزلاء مبنى 10 الذين تعتبرهم سلطات السجن مسؤولين عن الاضطرابات تعرضوا للضرب المتكرر. كما قال إن السجناء الـ13 البارزين، المحتجزين بتهم ذات دوافع سياسية والمعزولين عن بقية نزلاء السجن في مبنى 7، أرغموا منذ بدء الاضطرابات على ارتداء الزي الرمادي للسجناء الجنائيين.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة