(نيروبي، 22 مايو/أيار 2014) – قالت هيومن رايتس ووتش في تقرير أصدرته اليوم إن المحاكم العسكرية في الصومال حاكمت منذ 2011 مئات الأشخاص خارج الولاية القانونية أو في إجراءات لا ترتقي للمعاير الدولية للمحاكمة العادلة. ينبغي على الحكومة أن تحيل على وجه السرعة قضايا المدنيين إلى المحاكم العادية. قالت هيومن رايتس ووتش إن على المانحين الدوليين الذين يساعدون في تقديم تحسينات يحتاجها نظام العدالة في الصومال بصورة ماسة ، ألا يهملوا إصلاح المحاكم العسكرية.
يوثق تقرير "محاكم السلطة المطلقة: انتهاكات المحاكمة العادلة من قبل المحكمة العسكرية في الصومال" المكون من 33 صفحة انتهاكات حقوق المحاكمة العادلة الأساسية للمدعى عليهم الذين يخضعون للمحاكمة أمام المحاكم العسكرية، بمن في ذلك أفراد الجيش، والمتمردون المشتبه بهم، ومؤيدوهم، وضباط الشرطة، والمدنيون العاديون. قابلت هيومن رايتس ووتش أكثر من 30 من المتهمين وأقاربهم وكذلك موظفي المحاكم العسكرية والمحامين والخبراء القانونيين. وصف هؤلاء كيف تقيد إجراءات المحكمة العسكرية حقوق المتهمين في الحصول على محام من اختيارهم، وإعداد وتقديم الدفاع، والحصول على جلسة محاكمة علنية، وعدم التسبب في توريط أنفسهم في جرائم، وحق الاستئناف ضد الإدانة في محكمة أعلى. تم الحكم على أكثر من 12 شخصا من المدانين في العام الماضي بالإعدام وتم إعدامهم؛ ما يعظم من الضرر اللاحق بالحقوق الأساسية.
قالت ليزلي ليفكو، نائبة مدير قسم أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "قد تكون المحاكمات الموجزة من قبل المحاكم العسكرية في الصومال، ملائمة بالنسبة للسلطات الصومالية، ولكن هذا لا يمكن أن يبرر انتهاك حقوق المتهمين. يحتاج الصومال إلى إصلاح المحاكم العسكرية، وإحالة محاكمات المدنيين إلى محاكم مدنية".
في أغسطس/آب 2011، وفي أعقاب القتال المحتد في العاصمة الصومالية مقديشيو، ومع انسحاب جماعة المعارضة الإسلامية الرئيسية، حركة شباب المجاهدين، من وسط المدينة، أعلن رئيس الحكومة الاتحادية الانتقالية آنذاك، شيخ شريف شيخ أحمد، حالة الطوارئ في المناطق التي أخلتها حركة الشباب. منح المرسوم المحكمة العسكرية الولاية القضائية على كل الجرائم التي ارتكبت في هذه المناطق، بما في ذلك على نحو تلقائي تلك المرتبكة من قبل المدنيين. وعلى الرغم من أن حالة الطوارئ انتهت بعد ثلاثة أشهر، فقد استمرت المحكمة العسكرية في محاكمة مجموعة من المتهمين مرتكزة على ذلك بأنها تسير بموجب قانون أصول المحاكمات الجزائية العسكري.
قامت المحكمة العسكرية بمحاكمة القضايا ذات الصلة بحركة الشباب، إلى جانب القضايا التي عادة ما كانت تنطوي على صعوبة بالنسبة إلى المحاكم المدنية، مثل محاكمة أعضاء أجهزة الشرطة والاستخبارات. تحظر المعاير الدولية والأفريقية لحقوق الإنسان إلى حد كبير محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية، وتطالب بشكل متزايد أن تضمن الدول أن اقتصار الاختصاصات القضائية الممنوحة للمحاكم العسكرية على الجرائم العسكرية من قبل العسكريين.
بررت الحكومة والسلطات القضائية الصومالية محاكمة كل القضايا المتعلقة بحركة الشباب، بما في ذلك تلك التي تضم متهمين مدنيين، على أساس أن المحاكم العادية غير محمية وعرضة للهجوم في مواجهة الاحتياجات الأمنية الملحة في البلاد. قالت هيومن رايتس ووتش إنه رغم أن هذه مخاوف حقيقية، لكن هذا لا يمكن أن يكون مبررا لانتهاك حقوق المتهمين في الحصول على محاكمة عادلة.
ومؤخرا فقط، سعى قضاة المحكمة العسكرية إلى وصول المتهمين إلى مستشار قاوني. ومع ذلك، نظرا لعدم وجود محامين في منطقة جنوب وسط البلاد، التي تسيطر عليها الحكومة، وممارسة إجراء محاكمات جماية من قبل المحكمة، ففي كثير من الأحيان تكون إمكانية وصول المتهمين إلى محامين من اختيارهم محدودة. في يوليو/تموز 2013، على سبيل المثال، استمعت المحكمة المتنقلة لعشرات الحالات على مدى أربعة أيام في مدينة بيدوا. وتم استقدام واحد فقط من المحامين المؤهلين في البلدة في اللحظة الأخيرة من اليوم الأول لجلسات الاستماع لتمثيل جميع المتهمين، ولم يكن من قبيل المفاجأة أنه لم يكن قادرا على أن يجلس مع كل متهم، ناهيك عن أنه لم يكن لديه فرصة لإعداد دفاع كاف. بالإضافة إلى ذلك، يواجه محامو الدفاع قيودا على قدرتهم على إعداد دفاع كاف لعدم توفر الوقت اللازم للإعداد المناسب، وعدم توفر المعلومات المتعلقة بالاتهامات.
حمل أحد محامي الدفاع قضاة المحكمة مسؤولية إعاقة وصوله إلى الوثائق والملفات الضرورية، قائلا: "لو كانت المحكمة مدنية لكان بمقدوري أن أطلب بسهولة ]حكما كتابيا[، ولكن هؤلاء الرجال بالمحكمة العسكرية يعتقدون أن لديهم سلطة مطلقة، ولا يمكنك أن تطلب منهم أي شيء، وهم لا يحترمون حقوق الإنسان".
وفي حين أن الإجراءات التي ينتهي المطاف بالمتهمين من خلالها إلى الظهور أمام محكمة عسكرية تظل غير واضحة، فقد وجدت هيومن رايتس ووتش أن العديد من المتهمين تم اعتقالهم خلال الحملات الأمنية الجماعية من قبل جهاز الاستخبارات الصومالي، المعروف باسم وكالة الاستخبارات والأمن القومي. تحتجز هيئة الاستخبارات والأمن القومي في بعض الأحيان المعتقلين لفترات طويلة دون أي مراجعة قضائية.
قالت ليزلي ليفكو: "يزيد تقييد حصول المتهمين على المشورة القانونية وتقييد قدرتهم على تقديم دفاع، من إمكانية تعرضهم لخطر سوء المعاملة أثناء الاحتجاز، ويضعف من فرصهم في الحصول على محاكمة عادلة. وعلى السلطات الصومالية والجهات المانحة أن تدعم وجود منظومة مساعدة قانونية قوية يكون من شأنها ضمان تقديم المشورة القانونية الكافية لجميع المتهمين في جميع أنحاء البلاد".
قدمت حكومة الرئيس حسن شيخ محمود وشركاؤها الدوليون التزاما بدعم إعادة بناء النظام القضائي في البلاد. وفي حين كان التركيز على عملية الإصلاح على المحاكم المدنية، فعلى الأقل هناك اثنان من المانحين يسعيان إلى إشراك المحاكم العسكرية.
قالت هيومن رايتس ووتش إنه نظرا للمخاوف الكبيرة بشأن سلامة إجراءات المحاكم العسكرية، فإنه ينبغي على الرئيس حسن شيخ محمود أن يقوم فورا بتخفيف أحكام الإعدام كخطوة أولى نحو فرض حظر على عقوبة الإعدام. وينبغي على الحكومة والجهات المانحة الدولية تعزيز القدرات والمساءلة والأمن بالنسبة إلى المحاكم العادية وتوسيع نطاق التدريب المناسب لجميع القضاة والمدعين العامين ومحامي الدفاع.
وعلى قضاة المحاكم العسكرية السماح بحضور مراقبين مستقلين للمحاكمات، وضمان تحسين قدرة الجمهور على الوصول للإجراءات القضائية وتعزيز الإجراءت الأمنية، بحسب هيومن رايتس ووتش. وينبغي للبرلمان الصومالي تفعيل قوانين توفر حماية أفضل للمتهمين امام جميع المحاكم. ينبغي أن تشمل هذه القوانين قانونا للمساعدة القانونية، وقانونا للأمن القومي يحترم حقوق الإنسان ويحدد الأدوار المختلفة للأجهزة الأمنية الوطنية، على النحو المنصوص عليه في الدستور المؤقت، وتشريعات تقيد اختصاصات المحاكم العسكرية.
قالت ليزلي ليفكو: "سوف تستغرق عملية إعادة بناء منظومة العدالة في الصومال وقتا، لكن يمكن تنفيذ خطوات مهمة الآن. تحتاج المحاكم المدنية إلى دعم حقيقي، أما المحاكم العسكرية فهي بحاجة لأن تعود لنظر القضايا العسكرية".