Skip to main content

يجب على الاتحاد الأوروبي مؤازرة الفلسطينيين الذين تفصلهم إسرائيل عن مزارعهم

نُشر في: Public Service Europe

اعتاد مزارعو قرية بيت سوريك  بالضفة الغربية كسب عيشهم من بيع الزيت المنتج من أشجار الزيتون التي يملكونها. ويقول أبو رامي، وهو رئيس اتحاد مزارعي القرية أنه لم يعد بمقدورهم في الوقت الحالي أن ينتجوا من الزيت ما يكفي عائلاتهم. وتتمثل المشكلة في النظام الذي أرسته إسرائيل للسماح بوصول المزارعين إلى أراضيهم في الضفة الغربية على الجانب الآخر من حاجز الفصل. وفي واقع الأمر تعامل إسرائيل كافة الفلسطينيين القاطنين على الجانب الإسرائيلي من الحاجز إلي جانب أولئك الساعين لبلوغ أراضيهم الواقعة على ذلك الجانب، كما لو كانوا مصدراً للتهديدات أمنية.

شرعت إسرائيل في بناء حاجز الفصل في عام 2002؛ وهو في بعض مواضعه مجرد سياج و في مواضع أخرى جدار خرساني يرتفع لثمانية أمتار ويتضمن أبراجاً للحراسة، وذلك لغرض معلن هو الحيلولة دون مهاجمة مفجري القنابل الانتحاريين الفلسطينيين للمدنيين الإسرائيليين. وقد قررت محكمة العدل الدولية في 2004 أن مسار الحاجز، أينما مر داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، يمثل خرقاً للقانون الدولي. ويمتد حالياً 85 بالمائة من مسار الحاجز داخل أراضي الضفة الغربية مما يقطع الطريق على مئات الآلاف من الفلسطينيين دون الوصول إلى الأراضي المملوكة لهم أو تلك  اعتادوا زراعتها ومتابعتها قبل ذلك دون قيود.

وتدفع إسرائيل بأنها قامت بفتح بوابات في الحاجز تسمح للفلسطينيين من الضفة الغربية بالوصول إلى أراضيهم. إلا أن الواقع اليومي يكذب ذلك الادعاء. إذ تلقي إسرائيل بالعديد من المزارعين الفلسطينيين بين براثن الفقر وذلك بالحيلولة دون بلوغهم مزارعهم معظم أيام العام. حيث يتعين على الفلسطينيين في سبيل المرور عبر البوابات أن يقوموا بـ "التنسيق" (وهو المصطلح الإسرائيلي الذي يعني الحصول على إذن مسبق من السلطات العسكرية). كذلك يتعين على الفلسطينيين استصدار تصاريح عسكرية خاصة للوصول إلى ما تربو مساحته على 18400 هكتار تصنفها إسرائيل كمناطق تماس، أي تلك المساحات التي تمثل مناطق عسكرية مغلقة في وجه الفلسطينيين، وإن لم تكن كذلك بالنسبة للإسرائيليين.

وقد جاء في تقرير سري رشح محتواه لاحقاً ويعود تاريخه لشهر يوليو/تموز 2011 أن رؤساء بعثة الاتحاد الأوروبي التي أنيط بها التعامل مع الشئون الفلسطينية قد رفعوا توصياتهم بأنه يتعين على الاتحاد الأوروبي "حث إسرائيل على التوسع في فتح البوابات المؤدية لمنطقة التماس اعتيادياً بدون تنسيق مسبق". إن بلدة بدُّو المطوقة بمناطق إسرائيلية هي واحدة من المناطق المتضررة، وتتألف من ثمان قرى بها 30000 ساكن، يلفها الحاجز من ثلاث جهات. وقد فصل الحاجز مجموعة من المزارعين الفلسطينيين عن 50 بالمائة من مزارعهم وعن 70 بالمائة من أراضي مراعيهم.

قام الجيش، استجابة للعريضة المرفوعة لمحكمة العدل العليا الإسرائيلية، ببناء  خمس بوابات للمزارعين الفلسطينيين عبر الحاجز المحيط بالبلدة المطوقة. وتتطلب البوابات الخمس جميعها إجراء التنسيق. هذا بخلاف أن إحداها هي بوابة لمنطقة تماس، مما يعني حاجة الفلسطينيين للحصول على تصاريح خاصة لاستخدامها. وكان من نتائج ذلك أن المزارعين من البلدة المطوقة أصبحوا بحسب مراقبي الأمم المتحدة غير قادرين على بلوغ مزارعهم لفترات بلغت 268 يوما خلال عام 2009، و282 يوما في 2010، و328 يوماً في 2011، و84 يوماً من عام 2012 وذلك حتى يوم 3 إبريل/نيسان.

وفي الأيام التي تسمح فيها إسرائيل بالدخول للأراضي فإنها تفعل ذلك دون مراعاة كافية للتغيرات الفصلية فيما بين عمليتي الزراعة والحصاد. ويقول فاروق رداد، وهو مزارع من قرية بدُّو، أنه يملك هكتارين من كرم العنب فيما وراء الحاجز، غير أن الأيام التي سمحت له إسرائيل خلالها الدخول على مدى العامين الماضيين لم تطابق موسم جني المحصول، الذي تعفن بدوره على الأشجار.

وقد رفضت المحكمة الاسرائيلية دفوعاً بأنه يمكن الوفاء بالاحتياجات الأمنية بواسطة نظام أقل تضييقاً، كقيام الجنود بتفتيش المزارعين بحثاً عن الأسلحة قبل السماح لهم بعبور الحاجز. إلا أن إسرائيل تفرض على الفلسطينيين العاملين داخل المستوطنات الإسرائيلية نظاماً يقل في تضييقه بقدر كبير عن ذلك. مثال ذلك أن نحو 150 فلسطينياً ينتمون لإحدى قرى بلدة بدُّو المطوقة يعملون في مستوطنة هار أدار ، وذلك بحسب مجلس قرية بيت إكسا، ويقوم أرباب الأعمال من المستوطنين بجمع وثائق الهوية الخاصة بهؤلاء العمال وتقديمها للسلطات العسكرية لإجراء المراجعات الأمنية. ويتلقى الفلسطينيون تصاريح صالحة لثلاثة أشهر في الأغلب الأعم، وعلى وجه العموم يتم تجديدها، ويكون بإمكانهم المرور على مدى ستة أيام أسبوعياً عبر بوابة في حاجز الفصل. ويبدو أن إسرائيل تتوافر لديها نية تبني نظام أمني يتسم بدرجة أكبر من القدرة على التمييز عندما يتعلق الأمر براحة المستوطنين. ولكن الحال لا يكون كذلك إذا كان الأمر يعني مزارعين فلسطينيين يحاولون كسب عيشهم على أرض هي ملك لهم.

تسمح السلطات العسكرية الإسرائيلية حالياً لخمسة عشر مزارعاً فقط من بيت إكسا بالمرور عبر نفس البوابة. وبحسب مراقبي الأمم المتحدة فقد قامت خلال عام 2012 وحتى الآن بفتح تلك البوابة لعشرة أيام فقط. وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2010 منحت السلطات العسكرية 70 مزارعاً  تصاريح كانت صالحة لثلاثة أسابيع. وبعد أشهر تلت ذلك، أي في شهر مارس/أذار 2010،  قامت بتجديد 15 وحسب من التصاريح السبعين، وذلك لأسباب بيروقراطية عوضاً عن كونها أسباب أمنية محددة. لقد انقضت 10 سنين منذ شرعت إسرائيل في تشييد حاجزها الفاصل، وبدون ضغط محدد  المغزى على إسرائيل لتغيير سياساتها المتعلقة بالحاجز، فإنه من المرجح أن يعاني المزارعون الفلسطينيون من الانتهاكات المتواصلة لحقوقهم. وبإمكان الاتحاد الأوروبي أن يقدم أفضل العون لمزراعي بدو لتلافي الدفع بهم لبراثن الفقر وذلك بالمناصرة النشطة لقضيتهم لدى إسرائيل للسماح لهم بالعمل في أرضهم.

*بل فان إسفلد هو باحث أول بقسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش*

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة