Skip to main content

في قضية تعني مواطني إسرائيل الفلسطينيين: يبقى الوضع على ما هو عليه

يتعين على إسرائيل في ذكرى يوم الأرض التي تحل اليوم أن تعيد النظر في سياساتها التمييزية المتعلقة بالانتفاع بالأراضي

نُشر في: جلوبال بوست

القدس، إسرائيل- كنيستان كاثوليكيتان وحسب هما كل ما تبقى من أبنية في موضع كان عامراً ذات يوم بقريتين تقعان مباشرةً داخل الخط الحدودي لإسرائيل مع لبنان. وبالرغم من ارتياد سكان "إقرت" و"كفر برعم" السابقين قريتيهم كي يمارسوا عبادتهم أو يعقدوا زيجاتهم أو يدفنوا موتاهم؛ فإنه يتعذر عليهم الانتقال رجوعاً إليهما مرة أخرى.

وبينما تعد المطامح الفلسطينية في دولة تقام على الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967من الأمور المعلومة جيداً؛ إلا أنه كثيراً ما يُغَضُ البصر عن مدى أهمية الأرض لدى الأقلية الفلسطينية داخل إسرائيل والتي تمثل نحو 20 بالمائة من تعداد سكان البلاد. أما الفلسطينيون فإنهم يشيرون إلى يوم 30 مارس/أذار باعتباره "يوم الأرض" الذي مثل حدثاً محورياً في مسار نضالهم ضد السياسات التمييزية المتعلقة بالأرض.

ففي نوفمبر/تشرين الثاني 1948 قامت القوات العسكرية الصهيونية المسماة بالهاغاناه قبيل قيام دولة إسرائيل بتطويق سكان إقرت وكفر برعم  وإجلائهم عنها. كان القتال في تلك المنطقة قد انتهى، ولم يبد سكان القريتين أية مقاومة. وقد أخبر ضباط الهاغاناه السكان أن خروجهم سيكون مؤقتاً.

وفي عام 1951 قضت المحكمة العليا في إسرائيل بأنه يتعين على الدولة السماح لسكان القرى الذين تم انتزاعهم من مواطنهم بالعودة إليها. عندها أعلنت السلطات العسكرية اعتبار تلك القرى "مناطق عسكرية مغلقة" متذرعة بالدفاع عن المنطقة الحدودية ضد المسلحين المتسللين. وقد حددت المحكمة شهر فبراير/شباط 1952 لعقد جلسة استماع جديدة بشأن إقرت، غير أن الجيش قام في يوم عيد الميلاد من عام 1951 بنسف كافة المنازل بها. كذلك قضت المحكمة في يناير/كانون ثان 1952 بأنه يمكن لسكان كفر برعم العودة فور حصولهم على تصريح السلطات العسكرية بذلك. غير أن الجيش لم يف مطلقاً بذلك بل وقام في سبتمبر/أيلول 1953 بنسف القرية، مبقياً على الكنيستين قائمتين.

وبمضي السنين ارتضت بضع عشرات من العائلات المجتثة تلقي التعويضات، إلا أن الغالبية العظمى من العائلات واصلت نضالها، حتى بعد أن قامت إسرائيل بإقامة أربع مجتمعات يهودية على أراضٍ كانت فيما سبق مزارعاً تعود لتلك العائلات. وفي ستينيات القرن الماضي ادعت الحكومة أن السماح بعودة سكان القرى قد يمثل مخاطرة أمنية، إلا أن صحيفة هاأرتس أوردت في تقرير لها صدر في حينه أن غالبية أولئك القرويين كانوا من العاملين بالأجر في ذات المجتمعات اليهودية التي أقيمت على أراضيهم.

كذلك شارك آلاف الإسرائيليين اليهود خلال سبعينيات القرن الماضي في تظاهرات مؤيدة لسكان القرى دون طائل. وبدورها أثبتت عرائض الالتماس المرفوعة لاحقاً عدم جدواها، وقد رفضت آخرها من قبل المحكمة العليا في عام 2003. وتدافع الحكومة عن موقفها بالادعاء بأن "إعادة المجتثين" قد "تشجع على رفع عدد كبير من الدعاوى القضائية من قبل كل من يود أن يفتح مجدداً صفحة حرب الاستقلال وما نتج عنها".

ويواجه العديد من المواطنين الفلسطينيين الآخرين التمييز فيما يتعلق بحقوقهم في الأرض. فقد أقامت إسرائيل منذ عام 1948 سبع بلدات للأقلية غير اليهودية بها. وتعد تلك البلدات، التي خصصت لبدو النقب الذين تمت إزاحتهم، من بين أفقر البلدات في اسرائيل. وعلى النقيض من ذلك فقد أنشأت إسرائيل ما يربو على 700 مجتمع يهودي، وقد تم ذلك في حالات عدة على أراض تمت مصادرتها من مواطنيها الفلسطينيين.

وفي عام 1976 أفضت واحدة من حالات المصادرة شملت 20000 دونماً من الأرض (قرابة 4900 إكر) بغرض توسعة أحد المجتمعات اليهودية بالجليل، إلى إشعال احتجاجات واسعة النطاق في صفوف الأقلية الفلسطينية في إسرائيل بشأن قضايا الأراضي، عندها قامت الحكومة بإعلان حظرٍ محليٍ للتجوال وتوعدت المشاركين من معلمي المدارس بالفصل. غير أن التظاهرات عمت ارجاء إسرائيل  يوم 30 مارس/أذار، وجنح بعضها إلي العنف حيث أردت القوات الاسرائيلية ستة من المتظاهرين قتلى فضلاً عن جرح العشرات منهم. وفي أعقاب "يوم الأرض" الأول شرع مجتمع الفلسطينيين الاسرائيليين المدني في تنسيق حملة للدفاع السلمي في مواجهة السياسات التمييزية ذات الصلة بالأراضي والتخطيط المحلي.

وبالرغم من انقضاء 36 عاماً، فإن الطريق الواجب عليهم اجتيازه لا يزال طويلاً. ففي شهر مارس/أذار من العام 2010 خصصت الحكومة مبلغ 782 مليون شاقل (تعادل 210 مليون دولار أمريكي) على مدى خمس سنوات لتحسين الظروف في مجتمعات الأقلية الفلسطينية بما في ذلك الإسكان. غير أن إسرائيل لا تعترف رسمياً بوجود العديد من تلك المجتمعات.

وفي يومنا هذا يحيا عشرات الآلاف من بدو منطقة النقب في قرى ترفض السلطات الاعتراف بها أو تزويدها بالخدمات الأساسية، وقد قامت إسرائيل خلال عام 2011 بهدم قرابة 1000 من الأبنية "غير الشرعية" التي تعود للبدو وذلك طبقاً لما ذكره متحدث باسم "إدارة أراضي إسرائيل". وعلى النقيض من ذلك كان البرلمان الإسرائيلي قد منح الشرعية في عام 2010 وبأثر رجعي لـ 60 من المزارع العائلية الخاصة تعود ملكيتها جميعاً إلا واحدة لعائلات يهودية. وتمتد تلك المزارع على 81000 دونم (20000 إكر) من الأرض، أي ما يربو على إجمالي المساحة التي خصصتها الحكومة  لبلدات البدو السبع التي أقامتها والتي يسكنها 85000 شخص.

كذلك رفضت السلطات تقسيم الأراضي بما يفي بإقامة مجاورات للأقلية الفلسطينية في بقاع أخري مثل المدن المختلطة كاللد والرملة، الأمر الذي يجبر آلاف السكان على بناء مساكن "غير شرعية" تتهدها مخاطر الهدم. ويبلغ تعداد سكان "القطاع العربي" اليوم سبعة أمثال ماكان عليه في عام 1948، إلا أن احتياطي الأراضي المخصصة للسكان الفلسطينيين تم تخفيضها بمقدار النصف وذلك بحسب اتحاد الحقوق المدنية في إسرائيل. كذلك يخلو "مجلس أراضي إسرائيل"، وهو الكيان المتحكم في عملية تخصيص الأراضي، من أي من المواطنين الفلسطينيين.

وهناك من التوجهات ما يدعو للقلق. ففي العام الماضي  قام عشرات الأحبار، وفيهم مسئولون حكوميون، بمناشدة اليهود بعدم تأجير الشقق السكنية أو بيع الأراضي للعرب. كذلك أقر خلال شهر مارس/أذار قانون يجيز قيام "لجان القبول" المحلية بالمجتمعات اليهودية الصغيرة باستبعاد المتقدمين بطلبات سعياً للإنتقال إلى تلك المجتمعات على أساس معيار "الملائمة الاجتماعية" مبهم المعنى والذي طالما استخدمته المجتمعات في واقع العمل لاستبعاد غير اليهود.

وإذ يحيي مواطنو إسرائيل الفلسطينيون ذكرى "يوم الأرض" هذا العام، فإنه يتعين على حكومتها، أن تنتهز الفرصة لإعادة النظر في سياساتها التمييزية المتعلقة بالانتفاع بالأراضي.

نديم شحادة متدرب بقسم الشرق الأوسط بمنظمة هيومن رايتس ووتش. أما بيل فان إسفلد فهو باحث أول في هيومن رايتس ووتش ومقره القدس.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة