Skip to main content

سوريا: يجب معالجة المظالم الكامنة وراء القلاقل الكردية

قالت منظمة هيومن رايتس ووتش اليوم إنه ينبغي على الحكومة السورية اتخاذ خطوات فورية لوضع حد للإفراط في استخدام القوة، ووقف الاعتقالات التي تقوم بها رداً على الاضطرابات التي شهدتها المناطق الكردية.

فقد أفادت مصادر كردية سورية وتقارير صحفية أن ما لا يقل عن 30 شخصاً قد قتلوا، وأصيب أكثر من 160 آخرين، خلال عدة أيام من المصادمات التي اندلعت يوم 12 مارس/آذار في إستاد رياضي بمدينة القامشلي، وهي مدينة أغلب سكانها من الأكراد في شمال شرقي سوريا. وقالت مصادر كردية إن قوات الأمن استخدمت الذخيرة الحية ضد المدنيين الأكراد العزل في أعقاب الاشتباكات التي اندلعت أثناء مباراة لكرة القدم في القامشلي بين المشجعين الأكراد للفريق المحلي وجمهور المشجعين العرب لفريق زائر من مدينة دير الزور؛ وأفادت وسائل الإعلام الدولية أن تسعة أشخاص قد لقوا مصرعهم في أحداث يوم 12 مارس/آذار؛ ولم تلبث أن امتدت القلاقل إلى مدن كردية أخرى تقع بمحاذاة الحدود الشمالية مع تركيا، ثم إلى دمشق وحلب.

وقال جو ستورك القائم بأعمال المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمنظمة هيومن رايتس ووتش
"لقد كابد الأكراد عقوداً من التمييز الشديد في ظل الحكم البعثي؛ وهؤلاء الأكراد لديهم مظالم مشروعة تتعلق بحقوق الإنسان، ويجب أن تعالجها الحكومة بصورة عاجلة؛ أما القمع فلن يسفر عن شيء سوى تأجيج السخط والاستياء والتوتر السياسي".
كما أشارت التقارير الصحفية إلى أن الاعتداءات الكردية على الممتلكات العامة، في أعقاب المصادمات الأولية قد جرت إلى المزيد من ردود الفعل القاسية من جانب قوات الأمن؛ ولئن كان من واجب الحكومة السورية التصدي لمثل هذه الاعتداءات، فإنها ملزمة كذلك باستخدام أساليب تتناسب مع الخطر المحدق بها.
وقد أجرت هيومن رايتس ووتش محادثات مع مواطنين كرديين من مدينة القامشلي، قالا خلالها إنهما شهدا بأعينهما استخدام قوات الأمن الحكومية للذخيرة الحية يوم 13 مارس/آذار، أثناء موكب جنائزي حاشد في وسط المدينة لتشييع الضحايا الأكراد الذين سقطوا في اليوم السابق. وقال شاهد عيان، ينتمي لحزب سياسي كردي، إن بعض المشيعين رشقوا بالحجارة مبنى مؤسسة المياه في وسط المدينة، ثم أضرموا النار في مبنى الجمارك، وفي مبنى الأعلاف.

وفي محادثتين منفصلتين، قال الرجلان إنهما شاهدا قوات الأمن المسلحة، بالزي الرسمي والثياب المدنية، وهي تطلق نيرانها على المسيرة الجنائزية الطويلة؛ وكانت هذه القوات - فيما قال الرجلان - تسير في نحو 10 سيارات جيب عسكرية مكشوفة، ومرت هذه السيارات بالموكب مسرعة، بينما راح ركابها يمطرون المشيعين بوابل من نيران البنادق الأوتوماتيكية بصورة عشوائية. وقال أحد الرجلين إنه رأى رجلاً مصاباً بطلق ناري في ساقه، وعندما توجه للمستشفيات في وقت لاحق من نفس اليوم، علم أن عدداً من الأكراد قد قُتلوا وأصيب عشرات آخرون.
وقد حثت هيومن رايتس ووتش الحكومة السورية على السماح لمراقبين مستقلين بدخول المناطق التي شهدت المظاهرات والاشتباكات، على الفور وبدون أي قيود أو عوائق؛ ولا يجوز إبعاد الصحفيين، والمسؤولين الدبلوماسيين، ومراقبي حقوق الإنسان.

وورد أن قوات الأمن قد اعتقلت المئات من الأكراد منذ بدء الاضطرابات الأخيرة؛ فقد ذكر أنور البني، المحامي السوري المدافع عن حقوق الإنسان، يوم 16 مارس/آذار، أن منظمته المسماة "جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان في سوريا"، لديها أسماء 300 شخص اعتُقلوا في ضاحية الدومار في مدينة دمشق، وهي ضاحية أغلب سكانها من الأكراد.

وفي أعقاب حوادث العنف التي وقعت أثناء تشييع جنازة الضحايا في القامشلي يوم 13 مارس/آذار، قال مصدر كردي هناك لمنظمة هيومن رايتس ووتش إن السلطات السورية اعتقلت المئات من الشبان الأكراد في المدينة بصورة عشوائية.
وقال ستورك
"هناك أسباب وجيهة تدعو للتخوف من المعاملة التي يلقاها هؤلاء المعتقلون، خاصة إذا ما أخذنا بعين الحسبان الأساليب التي تنتهجها قوات الأمن السورية؛ فهذه حكومة درجت على أن تزج بالمعتقلين في السجون والمعتقلات حيث تحتجزهم بمعزل عن العالم الخارجي، وتذيقهم شتى صنوف التعذيب أثناء التحقيق معهم".
هذا، وقد دعت هيومن رايتس ووتش السلطات إلى ضمان عدم تعرض المعتقلين للتعذيب أو الاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي؛ كما طالبت المنظمة بإبلاغ أهالي المقبوض عليهم ومحاميهم بمكان اعتقالهم على الفور، والسماح لهم بسرعة الاتصال بالمعتقلين. ويجب تقديم الأفراد المشتبه في ارتكابهم جرائم جنائية يعترف بها القانون الدولي إلى محاكمة عادلة أمام المحاكم المدنية، وليس أمام محكمة أمن الدولة العليا.
وقال ستورك
"إن أي معتقل يُوجَّه إليه الاتهام أمام محكمة أمن الدولة لن يتلقى محاكمة عادلة".
فمنذ مطلع التسعينيات، أصدرت محكمة أمن الدولة السورية أحكاماً قاسية على المئات من السجناء السياسيين، في أعقاب محاكمات لا تفي بأدنى المعايير الدولية للمحاكمات والإجراءات القضائية العادلة؛ وليس بالإمكان الطعن في أحكام محاكم أمن الدولة أمام محكمة أعلى منها درجة، وفقاً لما يقضي به القانون الدولي.

وقد وثقت هيومن رايتس ووتش أشكال التمييز المنهجي الذي تقاسيه الأقلية الكردية في سوريا، بما في ذلك حرمان أجيال من الأكراد المولودين في سوريا بصورة تعسفية من حقهم في المواطنة (انظر تقرير هيومن رايتس ووتش المعنون: "سوريا: إسكات الأكراد"، في الموقع التالي:
https://www.hrw.org/reports/1996/Syria.htm

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة