Skip to main content

سوريا

أحداث عام 2020

رجل يجلس وأطفاله على بقايا كنيسة قديمة في بابسقا، سوريا، المدرجة ضمن المدن "الميتة" أو "المنسية" على "قائمة اليونيسكو لمواقع التراث العالمي"، في 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2020. دُمّر منزله جراء قصف الجيش السوري.

© 2020 أنس الخربطلي/"بكتشر ألاينس/"دي بي أيه"/"أيه بي إيمدجز"

في 2020، واجه المدنيون في سوريا عاما آخر من التحديات والانتهاكات الشديدة، على يد الحكومة السورية أولا ثم السلطات الأخرى، رغم الانخفاض الملحوظ في حدة النزاع.

اختبر الاقتصاد السوري سقوطا حرا معظم العام 2020، مع انخفاض غير مسبوق في قيمة العملة الوطنية، وفرض المزيد من العقوبات الدولية، والأزمات في بلدان الجوار. بالنسبة إلى السوريين العاديين، تُرجم ذلك عجزا عن شراء الغذاء، والأدوية الأساسية، والضروريات الأخرى. نتيجة ذلك، أكثر من 9.3 مليون سوري يفتقرون إلى الأمن الغذائي، ويعيش أكثر من 80% من السوريين تحت خط الفقر.

كما استمرت الانتهاكات الحقوقية بشدة في الأراضي الخاضعة لسيطرة الحكومة، وقمعت السلطات بوحشية كل إشارة على عودة ظهور المعارضة، مستخدمة الاعتقالات التعسفية والتعذيب. واصلت السلطات أيضا، بشكل غير قانوني، مصادرة الممتلكات وتقييد عودة السوريين إلى مناطقهم الأصلية.

تسببت الحرب المستمرة منذ عقد في تدمير الاقتصاد والنظام الصحي في البلاد، ما عقّد بشدّة جهود الاستجابة لتفشي فيروس "كورونا" وتخفيف آثاره، حتى في المناطق التي انحسرت فيها الاشتباكات. رغم انخفاض الأرقام الرسمية، يشكك الأطباء/الطبيبات والممرضين/الممرضات في مناطق خاضعة لسيطرة الحكومة في دقة هذه الإحصاءات الرسمية المنخفضة ويقدرون الإصابات بالفيروس بمئات الآلاف. صدّت المستشفيات المكتظة المرضى، وساهم النقص الحاد في معدات الحماية الشخصية في وقوع وفيّات عديدة. كشف الوباء أيضا عن التصدعات القائمة في البلاد، منها التمييز في توزيع الإمدادات الطبية الأساسية.

لغاية مارس/آذار 2020، وقت دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ، واصل التحالف العسكري السوري-الروسي هجومه على محافظة إدلب، آخر معقل مناهض للحكومة في سوريا. منذ 2019، استهدف التحالف المدنيين والبنية التحتية المدنية في الشمال الغربي بهجمات عشوائية قتلت الآلاف وهجّرت قرابة مليون شخص جديد. الهجوم أدى أيضا إلى عجز المنطقة عن التعامل مع الوباء. أصبحت المنطقة معرضة بشكل متزايد لتفشي فيروس كورونا بشكل هائل مع تدمير أكثر من 50% من بنيتها التحتية الصحية، وتهجير مئات الآلاف من دون القدرة على ممارستهم التباعد الاجتماعي.

أدى إغلاق مجلس الأمن للمعبر الحدودي الوحيد المفوّض من العراق إلى شمال شرق سوريا في يناير/كانون الثاني إلى نقص حاد في الإمدادات الطبية وتضاؤل ​​عدد المستشفيات القادرة على الاستجابة لفيروس كورونا في المنطقة. جاء الإغلاق بسبب تهديد روسيا باستخدام حق النقض، والقيود التي فرضتها المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة على إيصال المساعدات الإنسانية. تزايدت صعوبات إيصال المساعدات عبر الحدود في يوليو/تموز مع إغلاق مجلس الأمن أحد المعبرَين المخولين بتوصيل المساعدات الأممية من تركيا إلى شمال غرب سوريا. ثمة معبر واحد فقط مخول حاليا، فعلقت الإمدادات وتأخرت.

من ناحية أخرى، ما يزال مصير آلاف من اختطفهم تنظيم "الدولة الإسلامية" ("داعش")، في الشمال الشرقي بشكل رئيسي، غامضا. مع أن "مجلس سوريا الديمقراطية" بقيادة الأكراد أنشأ مجموعة عمل مدنية لتتبع وتحديد المخفيين، لم يتحقق تقدم كبير، ولا يزال التحالف العالمي لهزيمة داعش بقيادة الولايات المتحدة غائبا بشدة عن هذه المسألة.

انتهاكات التحالف العسكري السوري-الروسي واستخدام أسلحة غير مشروعة

استمر التحالف العسكري السوري-الروسي في مهاجمة الأعيان المدنية عمدا وعشوائيا – بما في ذلك المدارس، والمستشفيات، والأسواق، والمنازل، والملاجئ – مستخدما تكتيكات ميزته على مر السنين، منها استخدام الأسلحة المحظورة دوليا.

وثقت هيومن رايتس ووتش 18 هجوما غير قانوني في إدلب بين يناير/كانون الثاني ومارس/آذار 2020. تسببت الهجمات في مقتل 112 شخصا على الأقل وإصابة 359 آخرين تقريبا وتدمير المدارس والمنشآت الصحية. استخدمت الذخائر العنقودية في هجومين على مدارس في مدينة إدلب في فبراير/شباط.

بحلول مارس/آذار 2020، أوقفت 84 منشأة طبية عملياتها في محافظتي إدلب وحلب، بحسب "مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية" )أوتشا(. أفادت منظمة "إنقاذ الطفولة" أن 217 مدرسة هُجرت أو تضررت جرّاء النزاع في إدلب بين ديسمبر/كانون الأول 2019 ومارس/آذار 2020.

بعد استعادة السيطرة على مناطق محددة، قامت القوات البرية الحكومية – منها الفرقة 25 من "القوات الخاصة"، وهي قوة من النخبة المدعومة من روسيا والمعروفة باسم "قوات النمر" – بالانتقام من المدنيين الذين اختاروا عدم مغادرة بلدات محافظتي إدلب وحلب، وأطلقت النار عليهم ومثّلت بالجثث. في فبراير/شباط، ظهرت لقطات فيديو صادمة تُظهر القوات الحكومية وهي تطلق النار على نساء مسنات في غرب حلب أثناء قيامهن بتهيئة أمتعتهن لمغادرة المنطقة.

معوقات المساعدة الإنسانية وإعادة الإعمار

بينما انخفضت مستويات العنف بشدّة، لا يزال أكثر من 11.1 مليون شخص في سوريا بحاجة إلى إغاثة. تسبب عقد من الحرب الحافلة بالانتهاكات، منها الجرائم ضد الإنسانية، في تدمير البنية التحتية للبلاد، مع تدمير المنازل والمدارس، ونقص المياه النظيفة والصرف الصحي، وعجز معظم السكان عن كسب قوتهم.

رغم ذلك، واصلت الحكومة السورية فرض قيود صارمة على إيصال المساعدات الإنسانية في المناطق التي تسيطر عليها وأماكن أخرى من البلاد. قيّدت الحكومة وصول المنظمات الإنسانية إلى المجتمعات التي تحتاج إلى المساعدة بدعوى تطبيق قوانينها وسياساتها. كما مارست الانتقائية في الموافقة على مشاريع الإغاثة لمعاقبة المدنيين في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة. كذلك ألزمت المنظمات الإنسانية بعقد شراكات مع جهات محلية حاصلة على الموافقات الأمنية. يستمر خطر أن تستنزف أجهزة الدولة المنتهِكة تمويل المساعدات وإعادة الإعمار مستقبلا بهدف توظيفه لدعم الانتهاكات الحقوقية.

في يناير/كانون الثاني، أنهى "مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة" تفويضه بنقل إمدادات إغاثة الأمم المتحدة من العراق إلى شمال شرق سوريا عقب تهديد روسيا باستخدام حق النقض (الفيتو). لم تتمكن مجموعات الإغاثة غير الأممية التي اعتمدت في السابق بشدة على الأمم المتحدة في إمدادات الرعاية الصحية من تقديم مساعدات كافية من إقليم كردستان العراق إلى الشمال الشرقي السوري لتلبية احتياجات السكان. من ناحية أخرى، حافظت السلطات السورية في دمشق على قيودها القائمة من أمد طويل على وصول المساعدات إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الأكراد في شمال شرق سوريا. وفقا لـ أوتشا، كان يمكن الوصول إلى 30% فقط من المراكز الطبية التي تلقت الإمدادات سابقا عبر الحدود، ما أدى إلى نقص حاد في الإمدادات الطبية وإغلاق مراكز الرعاية الأساسية، وهدد حق أكثر من مليونَي شخص في الصحة. في يوليو/تموز 2020، أمعن مجلس الأمن في إضعاف آلية عبور الحدود عبر إلغاء تفويضه لأحد المعابر الحدودية في شمال غرب سوريا.

واصلت الحكومة السورية أيضا تقييد الوصول إلى المباني السكنية وهدم المنازل بشكل غير قانوني دون تعويض مناسب. بحسب "لجنة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في سوريا"، ما يزال المدنيون ممنوعين من العودة إلى منازلهم في القابون، وجوبر، ومخيم اليرموك، وأجزاء من داريا. كما تستخدم الحكومة السورية المرسوم 66 لعام 2012 وقانونها الفضفاض لمكافحة الإرهاب لمصادرة ممتلكات المعارضين للحكومة وعائلاتهم، دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة أو التعويض المناسب.

الاعتقال التعسفي، والتعذيب، والإخفاء القسري

تواصل قوات الأمن السورية الاعتقال التعسفي، والإخفاء، وإساءة المعاملة بحق الأشخاص في جميع أنحاء البلاد، بمن فيهم العائدين وقاطني المناطق التي تمت استعادتها. بحسب "الشبكة السورية لحقوق الإنسان"، لا يزال قرابة 100 ألف سوري مخفيين قسرا، فضلا عن مقتل قرابة 15 ألفا جرّاء التعذيب منذ مارس/آذار 2011، معظمهم على يد القوات الحكومية السورية.

في فبراير/شباط، عاد الناشط الحقوقي البارز مازن الحمادة إلى سوريا ليُعتقل حال وصوله مطار دمشق، بحسب أقاربه ومحاميه. ما زال مكانه مجهولا. في يونيو/حزيران، بدأ سكان السويداء بتنظيم تجمعات حاشدة للاحتجاج على تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد. ردت قوات الأمن السورية ومناصريها بعنف وحشي، وقمعت الاحتجاجات، واعتقلت نشطاء معارضين عدة. بحسب لجنة التحقيق الأممية، أخفي قرابة 34 رجلا، وامرأة واحدة، و10 أطفال في محافظات درعا، وحمص، والقنيطرة، وريف دمشق، والسويداء، على يد قوات أمن حكومية مثل "شعبة الاستخبارات العسكرية" و"الشرطة العسكرية".

زاد انتشار فيروس كورونا المخاوف بشأن المعتقلين والمخفيين. ما يزال عشرات الآلاف في مراكز الاحتجاز الحكومية في ظروف إنسانية مروعة، حيث يشكل الحرمان من الرعاية الصحية جزءا من السياسة الحكومية. في 22 مارس/آذار، وسّع الرئيس بشار الأسد نطاق الجرائم المشمولة بالعفو المعلن في سبتمبر/أيلول 2019، وهو ما كان إلى حد كبير استجابةً للوباء. ومع ذلك، لم يُفرج حتى الآن إلا عن بضع مئات مسجونين لارتكاب جرائم عادية، ولا يزال مصير الآلاف مجهولا.

أفادت لجنة التحقيق الدولية عن تعرُّض النساء والفتيات للعنف الجنسي، بما في ذلك الاغتصاب في مراكز الاحتجاز الحكومية والمناطق الخاضعة لسيطرة الجماعات المسلحة. تواصل الجهات الحكومية وغير الحكومية استهداف الرجال، والفتيان، والنساء الترانس )العابرات جندريا(، والرجال المثليين ومزدوجي التوجه الجنسي، وتعرِّضهم للاغتصاب وأشكال العنف الجنسي الأخرى أيضا.

انتهاكات الجماعات المناهضة للحكومة

ما تزال "هيئة تحرير الشام"، وهي جماعة تابعة لـ "القاعدة" أعادت تقديم نفسها كمجموعة مستقلة، تسيطر في الغالب على عدة مناطق في إدلب، وتواصل قمعها الوحشي ضد المدنيين. وثقت لجنة التحقيق الأممية أربع حالات إعدام محتجزين وراجعت عشرة تقارير إضافية عن حالات مشابهة بين نوفمبر/تشرين الثاني 2019 ويونيو/حزيران 2020. بحسب اللجنة، تدخلت الهيئة مرارا في تقديم المساعدات الإنسانية وعرقلت الخدمات الصحية.

انتهاكات تركيا والفصائل الموالية لها

قامت تركيا و"الجيش الوطني السوري" الذي تدعمه بقصف المباني المدنية عشوائيا، والنهب الممنهج للممتلكات الخاصة، واعتقال المئات، وتنفيذ سبع إعدامات بإجراءات موجزة على الأقل في المناطق التي تحتلها في شمال شرق سوريا. بحسب لجنة التحقيق الدولية، ارتكبت القوات المدعومة من تركيا أيضا عنفا جنسيا ضد النساء والرجال في المناطق الخاضعة لسيطرتها، بما فيها 30 اغتصاب على الأقل.

لم تضمن تركيا والفصائل التي تدعمها وصول إمدادات كافية من المياه للمناطق الخاضعة لسيطرة الأكراد في شمال شرق سوريا، والتي يعتمد فيها قرابة 460 ألف فرد على إمدادات المياه من محطة مياه علوك بالقرب من بلدة رأس العين (سري كانيه). انقطع إمداد المحطة 13 مرة بعد الاستيلاء عليها من قبل تركيا والقوات التي تدعمها في أكتوبر/تشرين الأول 2019.

انتهاكات قوات سوريا الديمقراطية والتحالف بقيادة الولايات المتحدة

اعتقلت "قوات سوريا الديمقراطية"، وهي جماعة مسلحة بقيادة الأكراد، على الأقل ثمانية نشطاء تعسفيا في المناطق الخاضعة لسيطرتها للاشتباه في انتمائهم إلى داعش، ورفضت إبلاغ أسرهم بمكانهم. تواصل السلطات بقيادة الأكراد، بدعم من التحالف العسكري ضد داعش بقيادة الولايات المتحدة، احتجاز حوالي 100 ألف من المشتبه بانتمائهم إلى داعش وأفراد أسرهم، معظمهم من النساء والأطفال. يُحتجز عشرات آلاف النساء والأطفال المرتبطين بـ داعش في معسكرات صحراوية مغلقة في ظروف مهينة ومهددة لحياتهم في الغالب، و12 ألف رجل وصبي تقريبا في سجون مكتظة، و14 ألفا آخرين من 60 دولة أخرى. لم يمثل أي أجبني من غير العراقيين أمام قاض لتقرير ضرورة أو قانونية اعتقاله.

في أكتوبر/تشرين الأول، أعلنت السلطات بقيادة الأكراد عن عفوين عامين. شمل الأول 25 ألف سوري مرتبطين بـ داعش في مخيم الهول، والثاني شمل سجناء داعش السوريين من المستوى المنخفض الذين لم توجه إليهم تهم بارتكاب جرائم عنف. بحلول أواخر أكتوبر/تشرين الأول، أُطلق سراح قرابة ألف شخص.

لا تزال مصائر الآلاف الذين اختطفهم داعش على مر السنين، بمن فيهم صحفيون ونشطاء وعاملون في المجال الطبي وقادة مجتمعيون ونشطاء حقوقيون، مجهولة. اكتُشفت في مناطق سيطرة داعش سابقا أكثر من 20 مقبرة جماعية تضم آلاف الجثث. في خطوة إيجابية، في 5 أبريل/نيسان، أعلن "مجلس سوريا الديمقراطية"، سلطة الأمر الواقع الكردية المسيطرة حاليا على المناطق التي كانت تحت سيطرة داعش، عن إنشاء مجموعة عمل جديدة تتألف من محامين، ونشطاء، وأقارب للمساعدة في التعرّف على مصير من أخفاهم داعش. لكن حتى وقت كتابة هذا الملخص، لم يتحقق سوى تقدم ضئيل.

لم يجرِ التحالف العسكري العالمي ضد داعش بعد تحقيقا شاملا في الهجمات التي شنها أعضاؤه وقتلت مدنيين، ولم ينشئ أي برنامج للتعويضات أو غيرها من المساعدات للمدنيين المتضررين من عمليات التحالف.

أزمة النزوح

ثمة 6.1 مليون نازح في جميع أنحاء البلاد. بحلول فبراير/شباط، نزح 900 ألف شخص بحلول منتصف جرّاء الأعمال العدائية في محافظة إدلب، بحسب أوتشا. تشير سجلات "المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين" إلى أنه حتى مايو/أيار، جرت قرابة 13,423 حالة عودة طوعية ذاتية التنظيم من البلدان المضيفة المجاورة. أبقت تركيا حدودها مغلقة.

في 27 فبراير/شباط، أعلنت تركيا أن السلطات لن تعترض طالبي اللجوء الراغبين في مغادرة تركيا والتوجه نحو "الاتحاد الأوروبي". تجمع آلاف المهاجرين وطالبي اللجوء، بمن فيهم لاجئون سوريون، على الحدود التركية-اليونانية.  رُحّل العديد ممن تمكن منهم من العبور إلى اليونان بإجراءات موجزة. ارتكبت قوات الأمن اليونانية، إلى جانب مسلحين مجهولين، الاحتجاز، والانتهاكات، والاعتداء الجنسي، والسرقة، والسلب بحق طالبي اللجوء والمهاجرين، ثم أجبرتهم على العودة إلى تركيا. تواصل تركيا احتجاز السوريين وترحيلهم بإجراءات موجزة إلى شمال سوريا، في انتهاك لالتزاماتها بموجب القانون الدولي.

يتحمل اللاجئون السوريون في لبنان وطأة الأزمة الاقتصادية والمالية العميقة في البلاد، بالإضافة إلى التمييز العام والمؤسسي الواسع.

22% فقط من حوالي 1.5 مليون لاجئ سوري مقيمين في لبنان لديهم حق العيش قانونيا في البلاد بسبب قيود شروط الإقامة اللبنانية، ما يترك الأغلبية تعيش في الظل، وعرضة للاعتقال التعسفي، والاحتجاز، والمضايقة، والترحيل إلى سوريا بدون احترام الإجراءات الواجبة. استخدمت 21 بلدية لبنانية على الأقل تفشي فيروس كورونا ذريعةً لفرض قيود تمييزية تطال اللاجئين السوريين فقط دون اللبنانيين. زاد الوباء من تفاقم الوضع الصعب أصلا للاجئين من ذوي الإعاقة في لبنان.

حتى قبل إغلاق المدارس بسبب الوباء، كان أكثر من مليوني طفل في سوريا، وتقريبا مليون طفل لاجئ، خارج المدرسة. يواجه الأطفال اللاجئون السوريون عقبات مالية وبيروقراطية في رحلة تعليمهم بعد المرحلة الابتدائية، مع دعم غير كاف من البلدان المضيفة أو المانحين الدوليين. تراجعت معدلات الالتحاق بالمدرسة من 95% في المدارس الابتدائية إلى قرابة 30% في المدارس الثانوية في تركيا والأردن، وأقل من 5% في لبنان. كانت الترتيبات الخاصة بالأطفال اللاجئين ذوي الإعاقة في مدارس لبنان والأردن شبه معدومة.

تواصل الحكومة السورية منع وصول العاملين في المجال الإنساني إلى مخيم الركبان بالقرب من الحدود الأردنية لمساعدة 12 ألف لاجئ عالقين فيه. بحسب أوتشا، تسليم المواد الأساسية إلى المخيم متقطع ويتم بطرق غير رسمية.

في يوليو/تموز، أعلن وزير الهجرة والاندماج الدنماركي ماتياس تسفاي عزم الدنمارك مراجعة - وربما إلغاء - تصاريح الإقامة للاجئين الذين تعتبر أنهم لا يحتاجون إلى الحماية. ألغت البلاد بالفعل خمس تصاريح للاجئين من دمشق نظرا لـ"تحسن" الوضع هناك.

جهود المساءلة الدولية

في أبريل/نيسان، بدأت محاكمة مسؤولَيْن سابقين في المخابرات السورية في كوبلنز، ألمانيا، في قضية تتصل بارتكابهما التعذيب في مركز احتجاز سوري. في الشهر نفسه، بدأت في فرانكفورت أول محاكمة تتعلق بالإبادة الجماعية على يد شخص مشتبه بانتمائه إلى داعش ضد الأقلية اليزيدية. تتابع دول أخرى، مثل فرنسا والسويد، قضايا مماثلة بموجب قوانينها المتعلقة بالولاية القضائية العالمية. "الآلية الدولية المحايدة والمستقلة المفوضة من قبل الأمم المتحدة"، والتي تأسست عام 2016 للمساعدة في التحقيقات والمحاكمات في جرائم الحرب وغيرها من الجرائم الخطيرة في سوريا، واصلت عملها. شمل ذلك التواصل مع السلطات القضائية الوطنية في تحقيقاتها.

يواصل "فريق التحقيق والتحديد" في "منظمة حظر الأسلحة الكيميائية" التحقيق في هجمات بالأسلحة الكيميائية في سوريا بهدف تحديد الجناة. في أبريل/نيسان، أكد الفريق أن القوات الجوية السورية نفذت ثلاث هجمات بالأسلحة الكيميائية استهدفت اللطامنة في مارس/آذار 2017.

في 17 يونيو/حزيران، دخل قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا حيّز التنفيذ. بينما ينص الغرض المعلن من العقوبات على متابعة المساءلة عن الانتهاكات الحقوقية، فهو يسمح للسلطات الأمريكية بفرض عقوبات من جانب واحد - مثل قيود السفر وتجميد الأصول - على الأفراد، والشركات، والصناعات، والكيانات التي تقدم مساعدة مادية للحكومة السورية وحلفائها العاملين في سوريا، وقواتها شبه العسكرية. وُضعت 39 جهة مبدئية في 17 يونيو/حزيران، تلتها عشر جهات أخرى في 29 يوليو/تموز. لم يُقيَّم حتى الآن التأثير الكامل لهذه العقوبات.

في سبتمبر/أيلول، أخطرت هولندا سوريا بأنها استندت إلى أحكام "اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب" التي تنص على إجراء مفاوضات بشأن النزاعات بموجب المعاهدة واللجوء المحتمل إلى محكمة العدل الدولية.

الأطراف الدولية الرئيسة

رغم إنشاء لجنة دستورية بتيسير أُممي، لا تزال المفاوضات السياسية متوقفة فعليا. اللجنة المشكّلة للجمع بين الأطراف السورية، تأخر اجتماعها ولا تمثل جميع الأطراف، ولم تظهر نتائج ملموسة بعد.

تواصل روسيا، وتركيا، وإيران ممارسة نفوذها في سوريا، مع قيادة روسيا جهود إضفاء الشرعية السياسية على الحكومة السورية، بما في ذلك عبر استخدامها حق النقض في مجلس الأمن. يظهر نفوذ تركيا بشكل مباشر في المناطق الخاضعة لسيطرتها في سوريا، وبشكل غير مباشر في محافظة إدلب، حيث تفاوضت في مارس/آذار مع روسيا على وقف إطلاق النار الذي لا يزال ساريا.

تواصل الولايات المتحدة دعمها التحالف المناهض لداعش في سوريا وتقدم الدعم المالي واللوجستي لقوات سوريا الديمقراطية، فضلا عن مساعدات الاستقرار في المنطقة. ضغطت الولايات المتحدة وبعض أعضاء "المجلس الأوروبي" في مجلس الأمن لإعادة آلية العمل الإنساني عبر الحدود ودعم المحاسبة ضد الانتهاكات في سوريا. واصلت روسيا استخدام حق النقض لإجهاض تفويض المساعدات عبر الحدود.

واصل الاتحاد الأوروبي إدانة انتهاكات قانون حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدوليَّين في سوريا، وكرر دعم جهود المساءلة الدولية. استضاف الاتحاد عن بعد مؤتمره الرابع في بروكسل حول سوريا، مع التركيز على حل سياسي للأزمة والاستجابة للاحتياجات الإنسانية.

جدد كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة العقوبات على الحكومة السورية ووسّعاها.