توفّي السلطان قابوس بن سعيد آل سعيد، الحاكم العربي الذي حكم لأطول فترة، في يناير/كانون الثاني عن 79 عاما بعد أن حكم البلاد منذ 1970. أوصى قابوس بأن يخلفه وزير الثقافة السابق هيثم بن طارق، وسرعان ما صادقت الأسرة الحاكمة على هذا الخيار. ترأس السلطان هيثم سابقا لجنة "رؤية 2040"، وهي خارطة طريق الحكومة للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي في عُمان لـ 20 سنة.
استمرّت السلطات العُمانية بحجب الصحف والمجلّات المحلية المستقلّة الناقدة للحكومة، ومضايقة النشطاء، واعتقال الأفراد بسبب هويتهم الجندرية الفعلية أو المتصورة وتوجّههم الجنسي. كانت الحماية المقدّمة للعمّال المهاجرين في عُمان ضئيلة وسط تفشّي فيروس كورونا.
حرية التعبير
في ظلّ حكم السلطان هيثم بن طارق، استمر تضييق الخناق على حرية التعبير. استمرت الأجهزة الأمنية، تحديدا جهاز "الأمن الداخلي"، باستهداف النشطاء والمواطنين، غالبا بسبب آرائهم على منصّات التواصل الاجتماعي مثل "فيسبوك" و"تويتر". في إحدى الحالات، اعتُقل الناشط والمدوّن عوض الصوافي في يونيو/حزيران بسبب تغريداته الناقدة لمؤسسات الحكومة. في يونيو/حزيران، حكمت المحكمة على الصوافي بالسجن سنة، مع وقف التنفيذ، وحظرت استخدامه لوسائل التواصل الاجتماعي لسنة أيضا، بسبب انتهاكه لـ"قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات" عبر نشره معلومات تمس بالنظام العام. كذلك، في 10 يونيو/حزيران، حكمت المحكمة الابتدائية بمسقط على العضو السابق في مجلس الشورى سالم العوفي والإعلامي عادل الكاسبي بالسجن سنة، بزعم استخدامهما وسائل تقنية المعلومات للمساس بالنظام العام، بموجب قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات. ترتبط التهم الموجّهة إليهما بتغريدات تنتقد شخصيات في الحكومة ومجلس الشورى.
كما استُهدفت منظمات المجتمع المدني والمناصرة بسبب منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي. قيل إنّ النساء المسؤولات عن حساب "نسويات عمانيات" على تويتر استُدعين للاستجواب من قبل السلطات، وأُرغمن على تعليق نشاطهنّ على الحساب، على ما يبدو بسبب عملهنّ المتعلق بحقوق المرأة.
تأجّلت محاكمة الكاتب وناشط المجتمع المدني مسلّم المعشني إلى أجل غير محدّد بسبب تفشّي فيروس كورونا. اعتُقل المعشني في نوفمبر/تشرين الثاني 2019 خلال عبوره الحدود من اليمن. كانت السلطات قد اعتقلته في 2013، بسبب أعماله الأدبية.
حكمت محكمة إماراتية على عبد الله الشامسي، وهو رجل عُماني يعيش في الإمارات، بالسجن المؤبّد في مايو/أيار 2020 بسبب مزاعم تجسّسه لصالح قطر، بالإضافة إلى تهم أخرى لم يُعلن عنها، إثر محاكمة تشوبها انتهاكات الإجراءات القانونية الواجبة. شملت الأدلّة المقدّمة ضدّه تغريدات أنكر كتابتها ومسابقات على الإنترنت شارك فيها بعمر 17 عاما.
استجابة لتفشي فيروس كورونا، قرّرت الحكومة العُمانية التخفيف "بشكل استثنائي" ومؤقت من بعض القيود على بعض تطبيقات ومنصّات المكالمات الصوتية والمرئية على الإنترنت، بما فيها "ميكروسوفت تيمز"، و"سكايب للأعمال"، و"غوغل هانغ آوتس"، و"زوم". لا تزال التطبيقات مثل "واتساب"، و"سكايب"، و"فيس تايم" محظورة، ما يحدّ قدرة العُمانيين والعمّال المهاجرين على التواصل مع عائلتهم ومجتمعاتهم في الخارج، وسط أزمة صحة عامّة وقيود على الحركة نتيجة لذلك.
في يوليو/تموز 2020، قدّم السلطان هيثم عفوا لعدد من المعارضين السياسيين البارزين الذين يعيشون خارج عُمان. لكن، رفض العديد من النشطاء العمانيين العرض بسبب تطلّبه كتابة رسالة اعتذار وشكر للسلطان، وفق النشطاء الذين تحدّثت إليهم "هيومن رايتس ووتش".
فرضت السلطات الرقابة على 51 عملا أدبيا في الدورة 25 لـ "معرض مسقط الدولي للكتاب"، سواء بسبب النشاطات السياسية للمؤلفين أو محتوى أعمالهم. حُظرت كتب لمؤلّفين عُمانيين مرارا مثل سعيد الهاشمي، وسليمان المعمري، ونبهان الحنشي، وحمود سعود، ومحمد الفزاري، وزاهر المحروقي.
حقوق المرأة، ومجتمع "الميم"، والتعبير الجندري
لا تزال عُمان تميّز ضدّ النساء في الزواج، والطلاق، والميراث، والجنسية، والمسؤولية عن الأولاد في قوانين الأحوال الشخصية، ويبقى تمثيل النساء في الوظائف العامّة أو المناصب القانونية العليا منخفضا بشكل غير تناسبي. حتى الآن، لم يسبق قط تعيين امرأة في منصب قاضٍ في البلاد.
رفع قانون الجزاء العُماني المُعدّل في 2018 العقوبات على العلاقات الجنسية بالتراضي خارج إطار الزواج. تعاقب المادة 259 العلاقات الجنسية بين النساء والرجال بالتراضي خارج إطار الزواج بالسجن مدة لا تقلّ عن ستة أشهر، ولا تزيد عن ثلاث سنوات (كانت العقوبة سابقا السجن بين ثلاثة أشهر وسنة)، ومدّة لا تقل عن سنتين إذا كان أحدهما متزوّجا (كانت العقوبة سابقا السجن بين سنة وثلاثة سنوات). لمتابعة الملاحقة القضائية، على زوج أو وليّ الأمر التقدّم بشكوى رسمية، أو في حال غياب وليّ الأمر، يجوز للمدّعي العام إقامة الدعوى.
يجرّم القانون الجزائي المُعدّل أيضا التعبير الجندري غير التقليدي، ما يضع عُمان ضمن البلدان القليلة في العالم التي تجرّم مباشرة التعبير الجندري. تنصّ المادة 266 على عقوبة السجن بين شهر وسنة، وغرامة تتراوح بين 100 إلى 300 ريال (260 إلى 780 دولار)، أو كليهما لأيّ رجل "ظهر علنا بمظهر النساء في لباسه أو هيئته". بينما كان قانون الجزاء السابق يعاقب العلاقات المثلية فقط إذا أدّت إلى "فضيحة عامّة"، تعاقب المادة 261 من قانون الجزاء الجديد أي اتصال جنسي بالتراضي بين الرجال بالسجن بين ستّة أشهر وثلاث سنوات. تحاكي المادة 262 قانون الجزاء السابق، وتفرض عقوبة بالسجن تتراوح بين ستّة أشهر إلى ثلاث سنوات للأفعال الجنسية الأخرى بين الأشخاص من نفس الجنس، إذا رفع زوج أو وليّ أمر الشكوى.
في سبتمبر/أيلول 2018، أُفيد بالحكم على رجُلَيْن بالسجن أربع سنوات وبغرامة بسبب ارتداء ملابس نسائية ونشر صور على "سناب شات".
العمالة الوافدة
أفادت عُمان بوجود أكثر من 287 ألف عاملة منزل وافدة في فبراير/شباط، أغلبيتهم من جنوب وجنوب شرق آسيا وشرق أفريقيا. لم تفعل الحكومة ما يذكر لحماية حقوق عاملات المنازل على الرغم من التزامها مسبقا بمراجعة نظام الكفالة الذي يربط تأشيرات العمال الوافدين بأصحاب العمل ويمنعهم من مغادرة البلاد أو تغيير الوظيفة دون موافقة صاحب العمل. سبق أن وثّقت هيومن رايتس ووتش تسهيل نظام الكفالة لأشكال مختلفة من الانتهاكات والاستغلال التي يتعرّض لها عدد كبير من العمّال الوافدين في عُمان. غالبا ما لا يتقاضى العمّال الوافدون أجورهم كاملة، ويُرغمون على العمل لساعات طويلة جدا، ويُحرمون من الطعام المناسب والظروف المعيشية اللائقة. كما أنّ الاعتداءات الجنسية والجسدية على العمّال الوافدين مستشرية، وغالبا ما يصادر أصحاب العمل جوازات سفرهم. في ظلّ قيود الإغلاق بسبب تفشّي فيروس كورونا، تعرّضت عاملات المنازل المهاجرات لمخاطر مضاعفة، مثل الاعتداء، وعجزت بعضهنّ عن مغادرة البلاد بسبب القيود على السفر.
ليس أمام العمّال مجالات كثيرة لالتماس التعويض، ويخاطرون بالسجن والترحيل بسبب "هروبهم"، حتى إذا كانوا يهربون من الاستغلال أو الاعتداء. لا تملك آلية فضّ نزاعات العمل في عُمان في وزارة العمل أي سلطة لإرغام أصحاب العمل أو الوكلاء على حضور جلسات فضّ النزاعات.
يتعرّض العمّال المهاجرون ذوو الدخل المنخفض في عُمان بشكل للانتهاكات الحقوقية التي تزيد من خطر إصابتهم بفيروس كورونا. تشمل هذه الانتهاكات أماكن الإقامة المكتظة، وغياب الحصول المنصف على الرعاية الطبية والتأمين الصحي، ومراكز توقيف الوافدين، والسجون التي غالبا ما تحتجز المعتقلين في أماكن ضيّقة، ومزرية، وغير صحية.
هدّد الضغط الذي سبب تفشي فيروس كورونا على الاقتصاد بدوره الأمن الوظيفي للعمّال المهاجرين، مع سعي الشركات العُمانية إلى تخفيض تكاليفها التشغيلية. في أبريل/نيسان، نقلت "وكالة الأنباء العُمانية" المملوكة للدولة، توجيهات وزارة المالية إلى شركات الدولة باستبدال الموظّفين الأجانب بمواطنين عُمانيين. حثّت الشركات أيضا على الطلب من الموظّفين غير العُمانيين أن "يتركوا العمل بشكل دائم"، بينما منعت من طرد مواطنين عُمانيين. منذ أبريل/نيسان، طُرد مئات الموظفين غير العُمانيين. يعيش أكثر من 1.6 مليون أجنبي في عُمان، أي نحو 40% من إجمالي عدد السكان.
الأطراف الدولية الرئيسية
تحت حكم السلطان هيثم، ظلّت علاقات عُمان بالولايات المتحدة والمملكة المتحدة قويّة. تقدّم الدولتان إلى عُمان مساعدات اقتصادية وعسكرية كبيرة، تشمل مركبات وطائرات عسكرية بمليارات الدولارات. ترجع الولايات المتحدة الفضل إلى عُمان لإنفاذها العقوبات الأمريكية على إيران وحظر شحنات الأسلحة إلى اليمن عبر حدودها. أجهد تفشّي فيروس كورونا السلطنة بشكل إضافي، إذ لديها مدفوعات قروض مستحقّة بقيمة مليارات الدولارات للصين وغيرها.
لم يوجه حلفاء عُمان في أوروبا، وأمريكا الشمالية، والشرق الأوسط أي انتقادات تذكر لانتهاكاتها الحقوقية في 2020.