قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن على الاتحاد الأفريقي إعادة النظر في قراره بتقييد استقلالية وولاية "اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب" (اللجنة الأفريقية). افتتحت الدورة العادية الـ 64 للجنة الأفريقية في شرم الشيخ، مصر في 24 أبريل/نيسان وستختتم أعمالها في 14 مايو/أيار 2019.
في يونيو/حزيران 2018، أعلن "المجلس التنفيذي للاتحاد الأفريقي" (المجلس التنفيذي)، الذي يتألف من وزراء خارجية الدول الأعضاء، أن اللجنة الأفريقية تتمتع فقط "باستقلالية ذات طبيعة وظيفية، وليس باستقلالية عن نفس الهيئات التي أنشأت اللجنة". كما قرر المجلس أن أجهزة الاتحاد الأفريقي المعنية بالسياسات ستُراجع المعايير التي تسمح للجنة بمنح صفة المراقب للمنظمات غير الحكومية بما يتماشى مع معايير الاعتماد الحالية للاتحاد الأفريقي التي تأخذ في الاعتبار القيم والتقاليد الأفريقية".
قالت كارين كانيزا - نانتوليا، مديرة المناصرة في قسم أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "قرار المجلس التنفيذي بتقييد دور اللجنة الأفريقية يهدد بجعل هذه الهيئة البالغة الأهمية بالية وغير مجدية. كانت اللجنة الأفريقية مرارا وتكرارا آخر حصن للعدالة لعدد لا يحصى من ضحايا الحكومات التعسفية".
في مقطع فيديو مصاحب، انضم قادة حقوق الإنسان والمجتمع المدني الأفارقة من جميع أنحاء القارة إلى هيومن رايتس ووتش للتعبير عن قلقهم من أن قرار المجلس التنفيذي سيعطل قدرة اللجنة الأفريقية على دعم المعايير الحقوقية الأفريقية بشكل مستقل ومحاسبة الدول الأعضاء على الانتهاكات.
تُعتبر اللجنة الأفريقية التي أُنشأت في 1987 من أجل تفسير ومراقبة صك حقوق الإنسان البارز للقارة، وهو "الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب" (الميثاق الأفريقي)، هيئة مستقلة للاتحاد الأفريقي. على مدار عقود، عملت اللجنة كهيئة شبه قضائية لإلزام الحكومات الأفريقية بالوفاء بالتزاماتها الحقوقية كأطراف في الميثاق الأفريقي، وأدانت الانتهاكات من خلال قرارات نيابة عن الضحايا.
يساور النشطاء الحقوقيون والمنظمات غير الحكومية الأفريقية القلق من أن قرار المجلس التنفيذي سيعيق قدرة اللجنة على العمل بشكل مستقل، دون تدخل سياسي من الدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي. قالت أتشينج أكينا، المديرة التنفيذية لـ "شبكة المواطنين الأفارقة"، والتي تعزز المشاركة بين الاتحاد الأفريقي وجماعات المجتمع المدني الأفريقية، إن فعالية اللجنة في مساءلة الدول عن التزاماتها بموجب الميثاق الأفريقي وضمان العدالة للضحايا، هو السبب في اعتبار السلطات السياسية إنها تهديد لاستخدامهم للسلطة دون مساءلة. وصفُ استقلالية اللجنة بأنها "وظيفية" فقط سيجعل اللجنة في نهاية المطاف غير فعالة.
على مدى أكثر من 30 عاما من تأسيسها، وسعت اللجنة الأفريقية حدود حقوق الإنسان في القارة من خلال وضع صكوك وقرارات تاريخية. نظرت اللجنة في أكثر من 400 رسالة أو قضية، واتخذت حتى 2015، 235 قرارا، جميعها تقريبا مقدمة من أفراد وجماعات غير حكومية. على الرغم من أن قراراتها تصبح ملزمة فقط عند الموافقة عليها من قبل جمعية رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأفريقي، فإن اللجنة توفر منصة مهمة للاعتراف والبتّ متعدد الجنسيات في مزاعم انتهاكات الحقوق ضد مواطني البلدان الأعضاء في الاتحاد الأفريقي.
من خلال "بروتوكول حقوق المرأة" في أفريقيا الملحق بالميثاق الأفريقي، تعزز اللجنة وتحمي حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين في القارة. في أغسطس/آب 2003، حكمت اللجنة ضد حكومات رواندا وأوغندا وبوروندي، ووجدت أن القوات المنتشرة في المقاطعات الشرقية في جمهورية الكونغو الديمقراطية ارتكبت في 1998عمليات اغتصاب وتشويه واسعة النطاق للنساء والفتيات، من بين انتهاكات أخرى.
كما كانت اللجنة من المعارضين الرئيسيين لاستخدام التعذيب في قارة تفتقر فيها العديد من الدول إلى آليات وطنية لمنع استخدامه، وأنشأت "لجنة منع التعذيب" في أفريقيا في 2002. في 2015، على سبيل المثال، أدانت اللجنة تعذيب مدافعين حقوقيين في السودان وأمرت الحكومة السودانية بتعويض الضحايا وفقا للقانون الوطني.
أدانت اللجنة الأفريقية الممارسات التعسفية في صناعة التعدين، والتي تزدهر في العديد من البلدان الأفريقية الغنية بالموارد، بما في ذلك جمهورية الكونغو الديمقراطية. في 2017، وجدت اللجنة أن الحكومة الكونغولية مسؤولة عن عملية عسكرية في 2004، بتحريض من شركة إنتاج النحاس "أنفيل ماينينغ"، والتي أسفرت عن الإعدام بإجراءات موجزة لأكثر من 70 شخصا، والاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري لعشرات آخرين. وأمرت الحكومة بدفع 2.5 مليون دولار أمريكي كتعويضات للضحايا وعائلاتهم، ووبخت علنا "أنفيل ماينينغ".
قال ابراهيما كانيه، مدير المناصرة لشؤون الاتحاد الأفريقي في "مؤسسات المجتمع المفتوح" والعضو المؤسس لـ "الملتقى الأفريقي للدفاع عن حقوق الإنسان"، وهي منظمة حقوقية سنغالية: "اللجنة الأفريقية هي الأداة الوحيدة التي لدينا الآن لحماية الحقوق في القارة. إذا كان هذا النظام وتلك الآلية يتعرضان للهجوم، فهذا يعني أن نظام حقوق الإنسان نفسه يتعرض للهجوم".
لأكثر من 3 عقود، اعتمدت القارة على اللجنة للدفاع عن الحقوق من خلال تنفيذ الميثاق الأفريقي. سوف تجد لجنة جُردت من استقلاليتها صعوبة متزايدة في حماية الحقوق دون تدخل من الدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي ذات السجلات الطويلة من الانتهاكات الحقوقية.
قالت كانيزا نانتوليا: "تجريد المؤسسة الحقوقية الرئيسية في إفريقيا من استقلاليتها التي جعلتها أداة فعالة لحماية حقوق المواطنين الأفارقة، يُوجّه رسالة مفادها أن الاتحاد الأفريقي غير مستعد للتصدي للانتهاكات الحقوقية الخطيرة في القارة. ينبغي تعزيز ولاية اللجنة، بدلا من تقييدها، لحماية حقوق جميع المواطنين الأفارقة".