قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن عناصر الأمن العام اللبناني حاولوا بشكل غير قانوني إغلاق مؤتمر سنوي حول حقوق المثليين/ات، مزدوجي/ات التوجه الجنسي، ومتحولي/ات النوع الاجتماعي (مجتمع الميم) في 29 سبتمبر/أيلول 2018. كان موظفو هيومن رايتس ووتش من بين المشتركين في "ندوى"، مؤتمر تنظمه "المؤسسة العربية للحريات والمساواة"، وهي مجموعة تعمل على تعزيز حقوق مجتمع الميم وقضايا حقوقية أخرى. مديرية الأمن العام هي فرع استخباري من قوات الأمن اللبنانية، تشرف على دخول الأجانب إلى البلاد وخروجهم منها.
في وقت متأخر من اليوم الثالث للمؤتمر، وصل عناصر من الأمن العام إلى الفندق حيث كان يُعقد المؤتمر واستجوبوا مدير المؤسسة العربية للحريات والمساواة جورج قزي. أعطوه تعليمات بإلغاء المؤتمر وتوقيع تعهد بوقف أي نشاطات ذات صلة. حين رفض قزي التوقيع، أمر العناصر الفندق بإنهاء المؤتمر.
كما سجل العناصر تفاصيل متعلقة بالمشاركين من سجل الفندق، بمن فيهم أولئك الآتين من بلدان شديدة القمع، مثل مصر، حيث اعتقلت الشرطة في 2017 أكثر من 100 شخص بتهمة كونهم مثليين أو متحولين، والعراق، حيث قتلت المجموعات المسلحة أشخاصا من مجتمع الميم دون عقاب. المؤسسة العربية للحريات والمساواة، وهي منظمة غير حكومية مسجلة رسميا، نقلت المؤتمر إلى فندق آخر لإتمام أنشطة اليوم الأخير.
قالت لما فقيه، نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "التحرك الأخير للأمن العام لإنهاء مؤتمر حول مجتمع الميم في لبنان هو هجوم على الحق في حرية التجمع ومحاولة لإسكات الناشطين والناشطات الشجعان. محاولة تخويف منظمي ندوى وناشطين يعملون في ظروف صعبة في مختلف أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يخرق تعهدات لبنان بموجب القانون الدولي".
تضمّن المؤتمر، الذي دام 4 أيام، ورشات عمل حول قضايا مثل حقوق الإنسان، المناصرة، بناء الحركات، الصحة، والفنون، وقد عقد كل عام في بيروت منذ 2013، وشمل مشاركين من مختلف التوجهات الجنسية والهويات الجندرية.
الأسباب التي دفعت الأمن العام إلى التدخل في المؤتمر ومحاولة إيقافه ليست واضحة. لكن المحاولة أتت بعد أن اتهمت "هيئة العلماء المسلمين" منظمي ندوى بالترويج للمثلية الجنسية والمخدرات. طالبت هيئة علماء المسلمين باعتقال المنظمين وإلغاء أحداث المؤتمر على أساس أنه يدعو إلى "التشجيع على الشذوذ الجنسي".
قالت هيومن رايتس ووتش إن مسؤولية الأمن العام هي حماية الجميع، وليست التحرك بناء على ادعاءات زائفة ولا أسس لها.
أدى تدخل السلطات اللبنانية سابقا إلى وقف نشاطات حقوقية حول الجندر والجنسانية تحت شعار "حماية الآداب العامة". في 14 مايو/أيار، أوقفت قوى الأمن الداخلي ناشطا بارزا من مجتمع الميم وضغطت عليه لإلغاء بعض النشاطات المرتبطة بـ "بيروت برايد". في أغسطس/آب 2017، أمر الأمن العام فندقا بإلغاء ورشة حول حقوق الإنسان من تنظيم المؤسسة العربية للحقوق والمساواة.
عرقلة النشاطات الحقوقية السلمية تنتهك الحق في عدم التمييز وحرية التجمع والتعبير وتشكيل الجمعيات في بلد شهد تقدما في المحاكم نحو احترام حقوق مجتمع الميم.
في يوليو/تموز، أصدرت محكمة الاستئناف في جبل لبنان حكما رائدا، معتبرة أن أي سلوك بين شخصين من نفس الجنس ليس مخالفا للقانون، رافضة المادة 534 من قانون العقوبات التي تجرم "كل مجامعة على خلاف الطبيعة" وتنص على عقوبة بالسجن حتى سنة. استنكرت المحكمة التدخل التمييزي في الحياة الخاصة للأشخاص، وأعلنت أن المثلية الجنسية ليست "على خلاف الطبيعة".
قمع حقوق الإنسان التي استهدف ندوى يوم السبت، هو تراجع على المستوى الحقوقي في لبنان، ما يهدد قدرة الناشطين على التنظيم بسلمية ومناصرة حقوق الجندر والجنسانية بدون أي تمييز.
قالت هيومن رايتس ووتش إن على الحكومة اللبنانية اتخاذ خطوات فورية لإسقاط تجريم العلاقات الجنسية بالتراضي بين البالغين. بينما تتم مراجعة هذه القوانين، على وزير الداخلية والنيابة العامة والمدير العام للأمن العام ضمان استطاعة المجموعات التنظيم للعمل بشأن قضايا مجتمع الميم بدون تدخل أو ترهيب من الجهات الرسمية.
قالت فقيه: "قمع مؤتمر لناشطي حقوق مجتمع الميم هو خطوة إلى الوراء، ليس في لبنان فقط بل في مختلف أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. في منطقة حيث قُتل العشرات واعتُقل المئات بسبب توجههم الجنسي أو هويتهم الجندرية، ينبغي للسلطات اللبنانية أن تساعد الناشطين الذين يعملون معا على حلول إقليمية بدل منعهم من ذلك".