(تونس) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن السلطات الموريتانية تحتجز ناشطا منذ 24 يناير/كانون الثاني 2018، بسبب منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تشجب التمييز على ما يبدو. استخدم الناشط عبد الله سالم ولد يالي المواقع الاجتماعية لحث "الحراطين"، وهي مجموعة تنحدر من العبيد وتشكل أكثر من ثلث السكان، على مقاومة التمييز والمطالبة بحقوقهم.
اتهمت السلطات ولد يالي بالتحريض على الكراهية العنصرية والعنف بموجب القانون الجنائي، قانون الجرائم الإلكترونية لعام 2015، وقانون مكافحة الإرهاب لعام 2010، حسبما قاله محاموه لـ هيومن رايتس ووتش. غير أنهم لاحظوا أن ملف قضيته، بعد أسبوعين من توقيفه، لا يتضمن بعد أي نسخ من التسجيلات أو البيانات المتعلقة بالتعليقات محل الاتهام. على السلطات الموريتانية إطلاق سراحه أو الكشف عن الأدلة المستخدمة ضدّه فورا.
قالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "إذا كان لدى السلطات ملف ضد ولد يالي، فعليها اثبات أنه تجاوز المطالبة بحقوق فئة مهمشة، وحرض الآخرين على ارتكاب العنف أو التسبب في نوع آخر من الضرر. استخدام قانون مكافحة الارهاب ضد شخص يندد بالتمييز يجب أن يدق ناقوس الخطر".
احتجزت السلطات ولد يالي بمعزل عن العالم الخارجي لمدة أسبوع. قالت أسرته لـ هيومن رايتس ووتش إنها لم تعرف إلى أين أخذته السلطات حتى 1 فبراير/شباط، عندما قدمته الشرطة إلى لجنة من القضاة في فرع مكافحة الإرهاب بمحكمة نواكشوط.
أمر القضاة بإطلاق سراح ولد يالي تحت إشراف قضائي، وفقا لمحامييه أحمد مسعود وباه ولد مبارك. ومع ذلك، استأنفت النيابة العامة على الفور حكم الإفراج، فأمر القاضي بالإبقاء عليه رهن الاعتقال في انتظار صدور الحكم المستأنف، وهو قرار يحتج عليه محاموه. يبقى ولد يالي رهن الحبس الاحتياطي في سجن نواكشوط، حيث زارته أسرته.
كثيرا ما نشر ولد يالي، وهو "حرطاني"، قصائد نظمها عن قضايا الحراطين، على شكل مقاطع صوتية يتم تداولها على "الواتساب". قال ابن عمه سالم ولد يالي لـ هيومن رايتس ووتش إن عبد الله ولد يالي لا يدافع فقط عن الحراطين، بل كل الفئات المهمشة. قال ابن عمه إنه لم يتم القبض عليه من قبل.
قضايا العرق والتمييز حساسة سياسيا في موريتانيا وهي أساس للعديد من القوانين التي تتضمن، تحت شعار مكافحة التمييز وخطاب الكراهية، أحكاما فضفاضة استُخدمت في معاقبة الخطاب النقدي السلمي. تحظر المادة 1 من الدستور "كل دعاية ذات طابع عنصري أو عرقي".
في 18 يناير/كانون الثاني، اعتمد البرلمان قانونا يجرّم التمييز ويعاقب بشدة الخطاب المحرض على الكراهية أو التمييز. وقد انتقد 4 مقررين خاصين للأمم المتحدة القانون على الفور لغموض أحكامه، "مما قد يعرض الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان وغيرهم للخطر"، رغم أنهم أثنوا على الغرض المعلن من القانون وهو مكافحة التمييز.
قال أحمد مسعود إن ولد يالي متهم بانتهاك المادة 83 من القانون الجنائي التي تجرم "تحريض المواطنين أو السكان على حمل السلاح ضدّ سلطة الدولة أو ضدّ بعضهم البعض". تعاقب مواد قانون الجرائم الالكترونية التي يُفترض أنه انتهكها التحريض على العنف أو الكراهية العنصرية "شتم شخص بسبب انتمائه إلى مجموعة تتميز بالعرق أو اللون أو النسب أو الأصل الوطني أو الإثني، أو مجموعة تتميز بإحدى هذه السمات". كما أنه متهم بموجب قانون مكافحة الارهاب لسنة 2010 الذي يتضمن في تعريفه للعمل الإرهابي التحريض على التعصب العرقي أو العنصري أو الديني.
استخدمت النيابة العامة الموريتانية نفس أحكام قانون مكافحة الإرهاب لفتح تحقيق جنائي ضد ضابط الجيش المتقاعد عمر ولد ابيبكر في عام 2015. كانت مخالفة ولد ابيبكر خطابا عاما يدين إعدام مجموعة كبيرة من ضباط الجيش الموريتانيين الأفارقة في 1989-1991، ودعا إلى مساءلة المسؤولين. استمر التحقيق لأكثر من عامين، حيث كان ولد ابيبكر يخضع للمراقبة القضائية والمنع من السفر إلى الخارج.
قالت هيومن رايتس ووتش إن على السلطات الموريتانية أن تراجع وتلغي جميع قوانينها التي لا تفي بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان من حيث التحديد الواضح والضيق للتحريض على ارتكاب العنف أو الكراهية العنصرية.
وُلد ولد يالي في عام 1975 ويعيش في نواكشوط. درس الهندسة المدنية ولكنه يعمل في التجارة.
في مقاطع صوتية نُسبت إلى ولد يالي اطلعت عليها هيومن رايتس ووتش، يحث المتكلم الحراطين بشغف على الدفاع عن حقوقهم ومقاومة "النظام"، الطبقة العليا، والرئيس محمد ولد عبد العزيز، ولكنه لا يحث الناس على حمل السلاح أو التصرف بعنف. إذا كان لدى النيابة العامة أدلة على أن ولد يالي بالفعل حرض الآخرين على ارتكاب أعمال عنف أو إلحاق ضرر ملموس آخر، عليهم أن يُطلعوا المُدّعى عليه ومحاميه عليها.