(نيويورك) - قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم، إن قوات الأمن البورمية زرعت ألغاما أرضية خلال هجمات على القرى وعلى طول الحدود البنغالية، مما يشكل خطرا جسيما على مسلمي الروهينغا الفارين من الفظائع. على الحكومة البورمية أن تتوقف فورا عن استخدام الألغام الأرضية المضادة للأفراد والانضمام إلى "معاهدة حظر الألغام" لعام 1997.
قالت ميناكشي غانغولي، مديرة قسم جنوب آسيا في هيومن رايتس ووتش: "إن الأخطار التي يواجهها آلاف الروهينغا الفارين من الفظائع في بورما، قاتلة أصلا دون وجود الألغام الأرضية. على الجيش البورمي وقف استخدام هذه الأسلحة المحظورة التي تقتل وتشوه دون تمييز".
وفقا لروايات شهود، تقارير مستقلة، وتسجيلات الصور والفيديو، قام الجنود البورميون في الأسابيع الأخيرة بزرع ألغام أرضية مضادة للأفراد عند نقاط عبور رئيسية على حدود بورما مع بنغلاديش. قال شهود لـ هيومن رايتس ووتش إن أفرادا عسكريين بورميين زرعوا أيضا ألغاما على الطرق داخل ولاية راخين الشمالية، قبل هجماتهم على قرى ذات أغلبية من الروهينغا. اتهمت الحكومة البورمية "جيش خلاص روهينغا أراكان" (جيش أراكان)، باستخدام أجهزة متفجرة مرتجلة ضد البنى التحتية وقوات الأمن.
قال اثنان من اللاجئين الروهينغا من المناطق الداخلية لولاية راخين، أحدهما من بلدة بوثيدونغ والآخر من بلدة راثدونغ، لـ هيومن رايتس ووتش إنهما شاهدا الجيش البورمي يزرع ألغاما مضادة للأفراد على الطرق عندما دخل الجيش وهجم على القرويين. قال "محمد"، (39 عاما)، إنه رأى ابن أحد جيرانه يدوس على أحد الألغام التي زرعها الجيش. بتر اللغم ساقه اليمنى.
في 4 سبتمبر/أيلول 2017، انفجر لغم أرضي على طريق يستعملها العديد من اللاجئين بالقرب من قرى تونغ بيو ليت يار، على بعد حوالي 200 متر من الحدود البنغالية. شهدت هيومن رايتس ووتش دخانا متصاعدا من هذه القرى، مما يشير إلى حريق من قبل الجيش الذي تسبب في فرار القرويين. في اليوم التالي، أصيب 3 رجال من الروهينغا بجروح في 3 انفجارات منفصلة لألغام أرضية بالقرب من نفس النقطة الحدودية.
قال لاجئان من الروهينغا لـ هيومن رايتس ووتش، إن رجالا يرتدون زيا عسكريا بورميا شوهدوا في الجزء الشمالي من تونغ بيو ليت يار، وهم يقومون بأنشطة على الأرض قبل انفجارات 4 سبتمبر/أيلول. وصف أحدهما رؤيته لدورية عسكرية بورمية على الطريق بالقرب من الحدود صباح يوم 4 سبتمبر/أيلول. شاهد من موقع مطل، ما يسمى بالمنطقة العازلة، كثيرا من جنود الدورية يقفون مرتين على الأقل، يركعون على الأرض، يحفرون الأرض بسكين، ويزرعون شيئا غامقا في الأرض.
منذ أواخر أغسطس/آب، قامت قوات الأمن البورمية، في أعقاب هجوم منسق نفذه مسلحو جيش أراكان، بحملة تطهير عرقي شملت الحرق العمد، والقتل، وغيرها من الاعتداءات ضد سكان الروهينغا، مما تسبب بهروب أكثر من 420 ألف شخص إلى بنغلاديش المجاورة.
دعت هيومن رايتس ووتش أعضاء "مجلس الأمن" الأممي، إلى عقد اجتماع عام وتبني قرار يدين حملة التطهير العرقي من قبل الجيش البورمي، والتهديد بفرض مزيد من التدابير، بما في ذلك فرض عقوبات محددة على القادة العسكريين وحظر للأسلحة.
في أبريل/نيسان 2017، أفادت وسائل الإعلام أن حكومتي بورما وبنغلاديش، اتفقتا على إزالة الألغام الأرضية والعبوات الناسفة من المنطقة الحدودية. وفي 6 سبتمبر/أيلول، احتجت الحكومة البنغالية على استخدام الألغام الأرضية مؤخرا من قبل قوات الأمن البورمية على الحدود. في خطابها، في 21 سبتمبر/أيلول أمام "الجمعية العامة للأمم المتحدة" في نيويورك، اتهمت رئيسة الوزراء البنغالية، شيخة حسينة، بورما بزرع الألغام الأرضية على طول الحدود لمنع الروهينغا من الفرار من العنف. ذكر مسؤولو حرس الحدود البنغالية أن 5 أشخاص على الأقل قتلوا وأصيب 12 آخرين في انفجار لغم أرضي.
ذكر "مرصد الألغام الأرضية" أن قوات الأمن البورمية استخدمت باستمرار الألغام المضادة للأفراد في مواقع عديدة على طول الحدود بين بنغلاديش وبورما منذ عام 1999، لكن هذا الاستخدام انخفض في السنوات الأخيرة. في سبتمبر/أيلول 2016، أبلغ نائب وزير الدفاع، الجنرال مينت نوي، البرلمان بأن الجيش يواصل استخدام الألغام الأرضية في القتال مع الجماعات المسلحة للأقليات العرقية.
يحظر استخدام الألغام الأرضية المضادة للأفراد بموجب اتفاقية حظر الألغام المضادة للأفراد لعام 1997. بنغلاديش طرف في الاتفاقية ودمرت مخزونها من الألغام الأرضية وفقا لالتزاماتها بموجب الاتفاقية. على الرغم من أن بورما ليست طرفا في المعاهدة، فإن هذه الأسلحة غير قانونية لأنها لا تميز بين المدنيين والمقاتلين، وستقتل وتشوه المدنيين بعد وقت طويل من زرعها. لم ترد الحكومة البورمية على هذه الادعاءات بشكل جوهري، لكن زاو هتاي، المتحدث باسم رئيسة مينمار بحكم الواقع، أونغ سان سو تشي، قال إن مسلحي الروهينغا قد يكونون مسؤولين. نفى وزير أمن الدولة والشؤون الحدودية في محافظة راخين، الكولونيل فون تينت، الادعاءات بأن القوات الحكومية تزرع الألغام الأرضية، وحمّل المسؤولية لجيش أراكان: "لا يوجد لغم أرضي زرعه الجيش في المنطقة. الإرهابيون هم من زرعوا الألغام الأرضية. لن يفعل الجيش ذلك أبدا".
في بيان صدر في فبراير/شباط 2011 عن حظر الألغام الأرضية، قالت أونغ سان سو تشي لـ "الحملة الدولية لحظر الألغام الأرضية":
أعتقد أن الجميع يدركون أنه لا ينبغي استخدام الألغام الأرضية في ميانمار، نظرا لآثارها الخطيرة ليس فقط على القوات المقاتلة، وإنما على المدنيين غير المقاتلين أيضا الذين لا يهتمون سوى بقوت يومهم – الأمهات، والآباء، وأطفالهم. ولمنع ذلك، على قوات تات ما داو [القوات المسلحة البورمية]، والجنود المقاتلين - بمعنى جميع الأطراف المشاركة في النزاع المسلح - أن تتخذ قرارها بوقف الألغام.
قال غانغولي إن زرع الألغام الأرضية في طريق اللاجئين الفارين وعلى الطرق، التي من المحتمل أن تسافر فيها العائلات، هو انعدام للشفقة بشكل يصعب وصفه. على الحكومة البورمية أن تنهي فورا حملتها التطهيرية ضد سكان الروهينغا، بما في ذلك إزالة الألغام الأرضية فورا من ولاية راخين الشمالية.
هيومن رايتس ووتش شريكة مؤسسة ورئيسة الحملة الدولية لحظر الألغام الأرضية، والتي حصلت على جائزة نوبل للسلام لعام 1997 لجهودها الرامية إلى إبرام معاهدة حظر الألغام وإسهامها في دبلوماسية دولية جديدة تقوم على أساس الضرورات الإنسانية.
الحالات الجديدة لاستخدام الألغام الأرضية في ولاية راخين
سابيكام ناهور، (45 عاما تقريبا)، فقدت ساقيها بعد أن داست على لغم أرضي مضاد للأفراد، زُرع داخل بورما بالقرب من الحدود البنغالية. قالت لـ هيومن رايتس ووتش، إن الحادث وقع بعد ظهر يوم 4 سبتمبر/أيلول 2017، بعد أن هاجم الجيش البورمي قريتها، في الجزء الشمالي من تونغ بيو ليت يار. قالت ناهور إنها كانت في مرحاض خارجي عندما سمعت إطلاق النار، فركضت باتجاه الحدود البنغالية القريبة. وقالت إنها استعملت سابقا نفس الطريق مرات عديدة حينما كانت تذهب إلى الأسواق في بنغلاديش. قالت ناهور إنها كانت تركض عندما حدث انفجار مفاجئ عندما داست على الأرض. سقطت، ومن على الأرض، رأت إحدى ساقيها تنفصل عن جسدها. حملها عدد من الروهينغا واقتادوها عبر الحدود، ومن هناك تم نقلها إلى المستشفى.
قال سوبير أحمد، (55 عاما)، إن ابنه عزيز الحق، (15 عاما)، داس على لغم أرضي وقتل على بعد 60 مترا من الحدود البنغالية. قال سوبير إن ابنه وشقيقه فُصلا عن العائلة في 25 أغسطس/آب، بعد أن وصل ما لا يقل عن 30 جنديا بورميا إلى منزلهم في تونغ بيو ليت يار، وأطلقوا النار على القرويين الذين كانوا قد انتهوا لتوهم من صلاة الفجر. خلال انتظاره لابنه على الحدود في ثيانج كالي في بنغلاديش، سمع سوبير انفجارا قويا ثم رأى عزيز الحق ملقى على الأرض، بالقرب من شقيقه. هرع سوبير إلى حيث كان ابنه وأخذه، وترك وراءه ساق الصبي الممزقة. أشار سوبير إلى أن أحمد كان يسافر، على الأقل مرة في السنة، عبر نفس الطريق لنقل الأسماك إلى الأسواق في بنغلاديش.
قال "محمد" إن ابن جاره، نور الإسلام، ذهب ضحية للألغام المضادة للأفراد حوالي منتصف نهار يوم 29 أغسطس/آب في بلدة بوثيدونغ. قال إنهم لم يكونوا يعلمون أن الألغام موجودة في المنطقة. قال محمد: "رأيت أن ساقه اليمنى قد قطعت. رأيت الألغام تنفجر بأم عيني على الطريق". وقال محمد إنه سافر على نفس الطريق قبل يوم من اندلاع القتال، وإن الطريق كانت آمنة في ذلك الوقت.
زرع الألغام الأرضية من قبل الجيش
قال اللاجئ الذي شهد جنودا يحفرون في الجزء الشمالي من تونغ بيو ليت يار على الحدود من بنغلاديش، إنه واصل مراقبة أنشطة الدورية العسكرية، وذهب إلى عدة مواقع لاحظ فيها أنشطة مماثلة. قال إنه من 4 إلى 10 سبتمبر/أيلول قام بإزالة عدة ألغام مضادة للأفراد، واستخدم الأحجار لتفجير 3 ألغام أخرى.
قال كبار ضباط حرس الحدود البنغالية إنهم شاهدوا أنشطة مماثلة قام بها جنود بورميون على مدى عدة أيام قبل 4 سبتمبر/أيلول. وادعوا أن المسؤولين البورميين تصرفوا خلافا للاتفاقات والبروتوكولات الحدودية لعدم إبلاغ نظرائهم البنغاليين قبل دخول المنطقة الحدودية.
وصف لاجئون أيضا رؤيتهم لألغام أرضية على طرق أخرى في المنطقة العازلة. حصلت هيومن رايتس ووتش على صور للألغام المضادة للأفراد من طراز PMN-1 مزروعة على طول السياج الحدودي على الطرف البورمي. لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من تحديد مصدر هذه الألغام من الصور وحدها، خاصة إذا ما كانت نسخا من التصميم السوفيتي الذي تنتجه الصين (النوع 58) أو بورما (MM-2).
إضافة إلى زرع الألغام على الحدود، حصلت هيومن رايتس ووتش على روايات موثوقة من الروهينغا الذين وصفوا استخدام الألغام الأرضية المضادة للأفراد على الطرق في بلدة بوثيدونغ بعد 25 أغسطس/آب، قبل أن يبدأ الجيش مهاجمة القرى، مما أعاق الفرار من القرى.
وصف روحيم (52 عاما)، الجنود الذين يصلون على الأقدام وفي الشاحنات إلى شوت بيين، راثدونغ، في الصباح الباكر من يوم 25 أغسطس/آب. قال إن الجنود كانوا يعملون في فرق، ووضعوا ألغاما أرضية على الطريق خارج الجدار الطيني الكبير لمنزله. قال روحيم: "عندما يأتون، يكون بعضهم في فرق من 4، وبعضهم من 10، وبعضهم كان يجلس، يحفر، ويزرع الألغام في الطرق". وقال إنهم يزرعون الألغام على الطرق فقط، مما يمنع القرويين من استخدام الطرق أثناء فرارهم من إطلاق النار الكثيف وهجمات أخرى من قبل الجيش.
قال محمد إنه بالإضافة إلى مهاجمة قريته بإطلاق النار وأسلحة متفجرة أخرى في ليلة 26 أغسطس/آب، وزع الجيش ألغاما مضادة للأفراد على الطريق في تونغ بازار، بوثيدونغ. وقال إن ألغاما زُرعت بالقرب من المستشفى.