Skip to main content

في الصباح الباكر من يوم 21 مارس/آذار، داهم جنود حوالي 35 محجرا في قرية بيت فجار، قرب بيت لحم. احتجزوا عمالا في المحاجر، وصادروا حفّارات ومنصات حفر، وخربّوا معدات ثقيلة الأخرى. أُغلِقت المحاجر منذ ذلك الوقت، مما شكل تهديدا لمصدر رزق نحو 3500 عامل.

مقلع مهجور في بيت فجار بعد أن أغلقه الجنود في 21 مارس/آذار.  © هيومن رايتس ووتش، 5 أبريل/نيسان 2016

قرر صاحب محجر إسرائيلي إغلاقه، رغم أن أصحاب المحاجر الفلسطينية يحاولون جاهدين إعادة فتحها. أعلنت شركة "هايدلبرغ للإسمنت"، ومقرها ألمانيا، قبل 3 أسابيع، أنها ستبحث عن موقع بديل لمحجر نحل رابا، الذي تملكه من خلال شركات فرعية إسرائيلية. هذا الموقع هو واحد من 11 محجرا تديرها شركات إسرائيلية في الضفة الغربية.

تعرّضت "هايدلبرغ للإسمنت"، مثل عدد متزايد من الشركات التي تعمل في المستوطنات، لضغوط من المستثمرين لوقف النشاط التجاري في المستوطنات التي ينتهك وجودها القانون الإنساني الدولي. التدابير المتخذة للحفاظ على هذه الشركات وحمايتها تتسبب في انتهاكات لحقوق الإنسان. الاستغلال غير القانوني للموارد الطبيعية في الأراضي المحتلة لصالح سلطة الاحتلال، في هذه الحالة بالذات، يثير إشكالات كبيرة.

نشرت "هيومن رايتس ووتش" في يناير/كانون الثاني تقريرا بعنوان "تجارة الاحتلال" رسمت فيه الخط الرابط بين محاجر بيت فجار، ونظيرتها التابعة لشركة هايدلبرغ. في الوقت الذي تغلق فيه "الإدارة المدنية الإسرائيلية" المحاجر الفلسطينية في بيت فجار، تسمح لمقلع نحل رابا بالاستمرار في العمل فوق ما يسمى بأراضي الدولة، التي أخذَت من قرية زاوية الفلسطينية المجاورة. أوصى التقرير الشركات بإنهاء أنشطتها في المستوطنات أو معها، بسبب النظام الذي يميز ضد الشركات الفلسطينية لصالح شركات المستوطنات، ولأن المستوطنات غير قانونية أصلا.



عندما قدّمتُ التقرير إلى رجال أعمال إسرائيليين ومسؤولين في الحكومة، قالوا إن إغلاق شركات المستوطنات سيضر بـ 26 ألف عامل فلسطيني لديهم تصاريح للعمل فيها. ادّعى صناعي كبير أن الشركات الفلسطينية لا يمكن أن تنافس كفاءة ومهارات وحجم الشركات الإسرائيلية، لذلك فالأفضل للفلسطينيين العمل لأصحاب عمل إسرائيليين والتعلم منهم.

ليس من الواضح ما الذي يفعله أصحاب محاجر بيت فجار هذه الأيام. حتما هم لا يتحدثون عن تحسين الكفاءة وترشيد الإنتاج اقتداء بالشركات الإسرائيلية، ولكنهم يتحدثون عن البقاء على قيد الحياة، بعد تحرش السلطات الإسرائيلية المثير للغضب واليأس. لا يستطيعون حتى استعادة المعدات التي صادرتها السلطات الإسرائيلية. تشترط الإدارة المدنية إعادتها بالالتزام بوقف نشاط المحاجر ودفع رسوم الاستخراج بأثر رجعي، وتزعم أن المحاجر تعمل بدون تراخيص وتهدّد السلامة والبيئة.

تقع محاجر بيت فجار في المنطقة ج، مثل معظم المحاجر الفلسطينية، وهي المنطقة التي تشكل 60 بالمئة من الضفة الغربية التي تسيطر عليها إسرائيل بشكل كامل. لم تصدر الإدارة المدنية منذ 1994 ترخيصا جديدا واحدا لمحجر فلسطيني، وفي كثير من الحالات، أوقفت تجديد التراخيص القائمة. أقل من 10 محاجر فلسطينية – من أصل 300 في الضفة الغربية– لها تراخيص إسرائيلية.

لو كانت الإدارة المدنية معنيّة بحماية القرويين الفلسطينيين والبيئة، لحافظت على نظام تصاريح فعال، يُمكّن مراقبة السلامة وحماية البيئة. يثير توقيت المداهمات - بعد 4 أيام من طعن 2 من سكان بيت فجار لجندي إسرائيلي وإصابته بجروح - مخاوف من سياسة العقاب الجماعي المحظورة.

يشكل الشلل الذي يواجهه أصحاب محاجر بيت فجار مثالا على القيود التي تفرضها إسرائيل على الفلسطينيين في البناء والترخيص والتنمية في المنطقة ج، لصالح المستوطنات والشركات المنافسة التي تعمل داخلها بالدرجة الأولى. يقدّر البنك الدولي أن هذه القيود تكلّف الاقتصاد الفلسطيني 3.4 مليار دولار سنويا.

هذه القيود تتناقض مع واجب إسرائيل، بصفتها قوة احتلال تدير الأراضي، في العمل لصالح السكان المدنيين الفلسطينيين، ومع تصريحات المسؤولين الأمنيين الكبار بأن التنمية الاقتصادية الفلسطينية متطابقة مع المصالح الأمنية لإسرائيل. كما تفاقم القيود غضب بعض الأطراف، مثل مستثمري "هايدلبرغ" ونشطاء حقوق الإنسان، الذين تحدثوا عن التمييز ضد الشركات الفلسطينية، ويدعون إلى وقف النشاط التجاري في المستوطنات ومعها.

السماح لمحاجر في بيت فجار باستئناف نشاطها لا يعطي شرعية لعمل "هايدلبرغ للإسمنت" في نحل رابا، أو أي مكان آخر في المستوطنات، لكنه يسمح لمئات العمال الفلسطينيين بدعم أسرهم، وسيخفف من الظلم الفظيع الذي تمارسه دولة إسرائيل لصالح المستوطنات.

 

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة