(نيويورك) ـ قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن صوراً جديدة ملتقطة بالأقمار الصناعية، ومقاطع فيديو وشهادات شهود عيان، كشفت مجتمعة عن الطبيعة العشوائية عديمة التمييز للحملة الجوية واسعة النطاق التي شنتها الحكومة على المناطق الخاضعة للمعارضة في حلب منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2013. تتواصل الهجمات على المناطق المسكونة من حلب وريفها رغم قرار من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في 22 فبراير/شباط 2014 يطالب كافة الأطراف بالتوقف عن "الاستخدام العشوائي عديم التمييز للأسلحة في المناطق المأهولة، بما في ذلك القصف المدفعي والجوي، مثل استخدام القنابل البرميلية".
تسببت الغارات الجوية على حلب وريفها في قتل وجرح أعداد كبيرة من المدنيين وأدت إلى نزوح واسع النطاق، وقدرت إحدى المنظمات المحلية تسبب الغارات في مقتل ما لا يقل عن 2321 مدنياً في محافظة حلب بين الأول من نوفمبر/تشرين الثاني 2013 و21 مارس/آذار 2014.
قالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "تبين الصور الجديدة الملتقطة بالأقمار الصناعية وشهادات الشهود مدى الوحشية التي أطلق لها العنان في أجزاء من حلب. لقد أدى استخدام القنابل البرميلية على أحياء سكنية إلى نتائج متوقعة، فقتل مئات المدنيين ودفع الآلاف إلى ترك منازلهم. وإذا استطاعت تلك الأسلحة عديمة التمييز أن تصيب هدفاً عسكرياً فلن يكون هذا إلا من قبيل الصدفة".
تعليق الصورة: خريطة بالمواقع الـ 340 المدمرة بين 1 نوفمبر/تشرين الثاني و20 فبراير/شباط 2014
تمكنت هيومن رايتس ووتش، مستعينة بتحليل صور الأقمار الصناعية، من تحديد ما لا يقل عن 340 موقعاً في الأحياء الخاضعة للمعارضة من مدينة حلب وقد تعرضت للدمار بين مطلع نوفمبر/تشرين الثاني و20 فبراير/شباط، وهو تاريخ أحدث الصور التي تمت مراجعتها. وتظهر أغلبية المواقع التي تم تحديدها أنماطاً تدميرية تتفق إلى حد بعيد مع تفجير القنابل البرميلية ـ وهي قنابل غير موجهة عالية الانفجارية، رخيصة الصنع ويتم إنتاجها محلياً، وتصنع عادة من براميل الوقود الكبيرة واسطوانات الغاز وخزانات المياه، التي تُعبّأ بالمواد المتفجرة وقطع المعدن الخردة لتعزيز تفتت الشظايا، ثم يلقى بها من المروحيات.
توزعت مواقع الدمار على نطاق واسع في كافة الأحياء الخاضعة للمعارضة تقريباً، مع تركز أغلبها في المناطق السكنية كثيفة البناء البعيدة عن خط المواجهة العسكرية. وفي معظم الحالات التي تحدثت هيومن رايتس ووتش بصددها مع شهود، قال الشهود إنه لم تكن هناك أهداف عسكرية قريبة، مما يعكس الطبيعة العشوائية عديمة التمييز للغارات.
في منتصف مارس/آذار ـ بعد أن دعا مجلس الأمن إلى إنهاء غارات القنابل البرميلية ـ قام لاجئون ممن وصلوا حديثاً إلى تركيا، وآخرون من النازحين داخل سوريا، في حديث مع أحد باحثي هيومن رايتس ووتش، بوصف غارات جوية متكررة ويومية تقريباً على مناطق سكنية وتجارية في حلب، ومعظمها بالقنابل البرميلية، وبعيداً عن أي هدف عسكري يمكن تصوره على حد قولهم. وقد أجمع السكان في حديثهم على مشاهدة طائرات مروحية تلقي القنابل البرميلية عليهم، وعلى الصوت المميز للقنابل عند سقوطها، وعلى مشاهدة قنابل غير منفجرة ومخلفات ما يبدو بوضوح أنه قنابل برميلية.
تسببت غارة بالقنابل البرميلية على حريتان، شمال غرب حلب، يوم 19 ديسمبر/كانون الأول، في فصل رأس نورا العبدو، 13 سنة، عن جسدها، وإصابات جسيمة لطفلة في التاسعة. قالت الطفلة لـ هيومن رايتس ووتش إنها كانت تنزل درج بنايتها عند سقوط القنبلة، فبترت ساقها من فوق الركبة وقتلت قريبتها. قالت الطفلة: "سمعنا المروحية لكنني لم أستطع النزول في الوقت المناسب [للاختباء]. وسقط البرميل فقتل نورا وبتر ساقيّ".
ويبين الاستخدام المتكرر للقنابل البرميلية وغيرها من القنابل غير الموجهة وعالية الانفجارية على مناطق سكنية كثيفة البناء أن هذه الحوادث ليست فردية وإنما توحي باستراتيجية من الهجوم المتعمد على تلك المناطق. فعلى سبيل المثال، تبين صور القمر الصناعي أكثر من 30 موقعاً قد يكون الدمار فيه ناتجا عن غارات جوية في منطقتي مساكن هنانو وجورة عواد السكنيتين بمدينة حلب، مع تدمير أكثر من 100 بناية. لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من التوصل إلى شهود من جورة عواد، لكن شاهدين من مساكن هنانو قالا لـ هيومن رايتس ووتش إنه رغم وجود ثكنة للمعارضة في المنطقة إلا أن المنطقة التي سقطت عليها القنابل البرميلية لم تكن قريبة من الثكنة ولا من أي هدف عسكري آخر.
وبحسب مركز توثيق الانتهاكات، وهو مجموعة رصد سورية، وقعت أكثر من 266 غارة جوية على حلب وريفها بين 1 نوفمبر/تشرين الثاني 2013 و31 يناير/كانون الثاني 2014، فقتلت ما لا يقل عن 1380 مدنياً بينهم 441 طفلاً و78 سيدة و14 مقاتلاً. واستناداً إلى مقابلات مع أطباء ومستشفيات، يقدر المركز أن أكثر من 20 ألف شخص جرحوا نتيجة لتلك الغارات. وقد سجلت المنظمة 2321 وفاة جراء الغارات الجوية في نفس المنطقة بين 1 نوفمبر/تشرين الثاني و21 مارس/آذار. أما الشبكة السورية لحقوق الإنسان، وهي منظمة محلية أخرى، فقد أفادت بأن الغارات الجوية الحكومية على مدينة حلب والمناطق الريفية المحيطة بها قد قتلت 2426 شخصاً، بينهم 2401 مدنياً، بين 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2013 و24 فبراير/شباط 2014.
أدت الحملة الجوية أيضاً إلى نزوح أعداد كبيرة من السكان المدنيين من مناطق حلب الخاضعة للمعارضة. وقال سوري يعمل في تنسيق أعمال الإغاثة ببلدة كلس التركية الحدودية، وكان يسجل اللاجئين المقيمين في مناطق حضرية، قال لـ هيومن رايتس ووتش في منتصف مارس/آذار إن ما يقرب من 5000 إلى 6000 عائلة من حلب سعت إلى اللجوء في كلس منذ اشتداد الحملة الجوية الحكومية في نوفمبر/تشرين الثاني 2013.
طالب مجلس الأمن الأممي جميع الأطراف "بالتوقف الفوري عن كافة الهجمات على مدنيين" في قرار تم تبنيه بالإجماع يوم 22 فبراير/شباط، مع الإشارة الصريحة إلى وضع حد "للاستخدام العشوائي عديم التمييز للأسلحة في المناطق المأهولة، بما في ذلك القصف المدفعي والجوي، مثل استخدام القنابل البرميلية". كما أبدى المجلس صراحة "نية اتخاذ خطوات أخرى في حالة عدم الالتزام بهذا القرار".
قالت هيومن رايتس ووتش إن على القادة العسكريين، كسياسة عامة، الامتناع عن إصدار أوامر باستخدام الأسلحة المتفجرة التي يمتد تأثيرها على مساحات واسعة في المناطق المأهولة بسبب الأضرار المتوقعة للمدنيين. وقد عمدت الحكومة السورية في استخدامها للقنابل البرميلية على مناطق كثيفة السكان إلى استخدام وسائل وأساليب حربية لا يمكنها التمييز بين المدنيين والمقاتلين، مما يجعل الهجمات عشوائية ومن ثم فهي غير مشروعة.
وبالنظر إلى الحرب الجوية المستمرة التي تشنها سوريا على مناطق مدنية فإن على مجلس الأمن فرض حظر للتسلح على الحكومة السورية، علاوة على أية جماعة متورطة في انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان، وإحالة الوضع إلى المحكمة الجنائية الدولية، بحسب هيومن رايتس ووتش. ومن شأن حظر كهذا أن يحد من قدرة الحكومة السورية على شن غارات جوية، بما في ذلك عن طريق ضمان عدم تلقي سوريا لمروحيات جديدة أو صيانة مروحياتها في الخارج.
علاوة على هذا، وفي ضوء أدلة دامغة تفيد بأن الجيش وقوات الأمن السورية مسؤولون عن جرائم حرب مستمرة وجرائم ضد الإنسانية بحق الشعب السوري، فإن الشركات والأفراد الذين يواصلون تزويد سوريا أو قوات المعارضة المتورطة في جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية بالسلاح أو الذخيرة أو العتاد يخاطرون بالتواطؤ في تلك الجرائم، بحسب هيومن رايتس ووتش.
قالت هيومن رايتس ووتش إن تقديم السلاح إلى قوات أو جماعات مسلحة في سوريا، حين يرجح استخدامه في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، يرقى بموجب القانون الدولي إلى مصاف المساعدة في ارتكاب تلك الجرائم. ويمكن لأي مورد للسلاح أن يتحمل مسؤولة جنائية محتملة كشريك في تلك الجرائم وقد يواجه الملاحقة الجنائية.
قالت سارة ليا ويتسن: "طوال أعوام ثلاثة أعلنت الحكومة السورية موسم صيد مفتوح على المدنيين، بدون أية عواقب تقريباً. وعلى مجلس الأمن الأممي الردّ على هذه الاستهانة بقراراته، بما في ذلك فرض حظر للتسلح، ليبين أنه ستكون هناك عقوبات على الانتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان".
لمزيد من التفاصيل، يرجى متابعة القراءة أدناه.
تحليل صور القمر الصناعي ومقاطع الفيديو
حددت هيومن رايتس ووتش ما لا يقل عن 340 موقعاً منفصلاً في الأحياء الخاضعة للمعارضة من مدينة حلب، وقد تم تدميرها بين مطلع نوفمبر/تشرين الثاني و20 فبراير/شباط 2014، عن طريق تحليل 4 صور ملتقطة بالأقمار الصناعية تم تسجيلها فوق المدينة بين 31 أكتوبر/تشرين الأول 2013 و20 فبراير/شباط 2014. وكان أكبر تركز لمواقع الدمار المنفصلة الـ340 التي تم تحديدها في مدينة حلب في أحياء المرجة، وجورة عواد، والميسر، والحلوانية/طريق الباب، وصالحين، والصاخور، والحيدرية، وضهرة عواد ومساكن هنانو.
وكان مستوى الدمار وموضعه على السواء يختلفان عما شهدته حلب من أضرار فيما سبق هذه الحملة الحكومية. وقد تم تحديد ما يقرب من 300 موقع من مواقع الدمار الكبير من تواريخ أسبق لصور التقطتها الأقمار الصناعية بين منتصف 2012 وحتى 31 أكتوبر/تشرين الأول 2013، وهو العدد الذي تم تجاوزه في أقل من 4 أشهر. كما تغير نمط الدمار في تلك المواقع، حيث تركزت المواقع الأسبق في أحياء بعينها وكانت أقرب إلى خطوط النزاع، بينما كشفت المواقع الأحدث عن دمار واسع النطاق لأحياء كانت سليمة نسبياً وأبعد عن النزاع النشط.
ورغم أن بعض مواقع الدمار المحددة في صور الأقمار الصناعية نتجت على الأرجح عن آثار أسلحة متفجرة أخرى، من قبيل القصف المدفعي المطول، وحفنة من الهجمات بما يبدو أنه ذخائر موجهة، إلا أن أغلبية كبيرة من هذه المواقع الـ340 تظهر أنماطاً تدميرية تتفق مع انفجار قنابل غير موجهة وعالية الانفجارية.
تميل القنابل البرميلية، وغيرها من القنابل غير الموجهة عالية الانفجار، إلى إحداث مساحات من المباني المدمرة أوسع مما نشهده عادة مع الأنواع الأخرى من الغارات الجوية ونيران المدفعية، مع إيجاد حفر انفجارية غير منتظمة وضحلة العمق، "ذات حواف صَدَفية".
كما حددت هيومن رايتس ووتش من مراجعة مقاطع فيديو على موقع يوتيوب، ومن صور القمر الصناعي وشهادات الشهود، أن من الممكن على الأرجح أن نسبة ضئيلة من مواقع الدمار المحددة قرب مواقع الجبهة منذ بدء الهجمة الحكومية سببها قوات المعارضة. في إحدى الحالات الموثقة قامت قوات المعارضة بحفر أنفاق تحت المواقع الخاضعة للحكومة قرب القلعة، وفجرت شحنتين ناسفتين كبيرتين فدمرت عدة مبان وربما أحدثت تلفيات في القلعة العتيقة، بين 2 و10 فبراير/شباط 2014.
وقد خلصت هيومن رايتس ووتش إلى أن القنابل البرميلية مسؤولة عن الكثير، إن لم يكن أكثر الدمار الناجم عن الحملة الجوية التي شنتها سوريا على الأحياء السكنية في مدينة حلب، استناداً إلى فحصها لصور القمر الصناعي ومقاطع الفيديو وشهادات الشهود.
راجعت هيومن رايتس ووتش أكثر من 70 مقطع فيديو منشور على موقع يوتيوب في تلك الفترة، للتحقق من استخدام القنابل البرميلية من قبل القوات الحكومية، وتقييم نطاق الدمار والتيقن من وجود مدنيين في توقيت الهجمات. وقد تم كلما أمكن تحديد مواقع تصوير مقاطع الفيديو ومواقع الارتطام كما تظهر فيها، من خلال مقارنة المعالم المشتركة مع صور القمر الصناعي.
تعليق الصورة: البصمة المألوفة لانفجار القنبلة البرميلية
وقد أظهرت الكثير من مقاطع الفيديو بوضوح مروحيات حكومية تطلق قنبلة برميلية أو أكثر فوق مناطق سكنية في حلب، كما يتضح من حجمها الكبير وحركتها غير المستقرة عادة أثناء السقوط الحر. تتميز القنابل البرميلية أيضاً بأنها عادة ما
تدفع أو تلقى من المنحدر الخلفي للطائرة المروحية. وقد راجعت هيومن رايتس ووتش مقاطع فيديو لقنابل برميلية غير منفجرة على الأرض.
في حالة واحدة، يظهر في مقطع فيديو منشور على يوتيوب بتاريخ 2 فبراير/شباط طائرة مروحية حكومية من طراز Mi-8/Mi-17"هيب" متعددة الأغراض وهي تلقي بقنبلة برميلية على حي طريق الباب في غضون 10 دقائق. وقد حددت هيومن رايتس ووتش الموقع الدقيق لتصوير المقطع وكذلك موقع ارتطام القنبلة البرميلية الأولى الظاهرة في المقطع بمقارنتهما مع معالم مشتركة من صور الأقمار الصناعية. ويظهر في مقطع فيديو ثان لآثار الدمار الناجمة عن الهجمة الأولى، منشور على يوتيوب في اليوم نفسه، يظهر تدمير ما لا يقل عن ثلاث بنايات علاوة على وجود مدني كبير في توقيت الهجمة. كما حددت هيومن رايتس ووتش حدوث الواقعة بين 31 يناير/كانون الثاني و2 فبراير/شباط استناداً إلى صور القمر الصناعي.
فيديو لمروحية حكومية طراز Mi-8/Mi-17 تسقط قنابل برميلية على مناطق سكنية يطابق صور قمر صناعي
شهادات الشهود
أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات مع 30 من سكان حلب، وكان معظمها بعد فرارهم من المدينة، بشأن الغارات الجوية بين ديسمبر/كانون الأول 2013 ومارس/آذار 2-14، كما أيدت أقوالهم كلما أمكن بتحليل مقاطع فيديو وصور منشورة على الإنترنت. وقد وصف جميع الذين أجريت معهم المقابلات طائرات مروحية تحوم فوق أحيائهم وتلقي بقنابل برميلية.
وفي جميع حالات الهجوم بقنابل برميلية التي وصفها السكان لـ هيومن رايتس ووتش عدا واحدة، قال الشهود إنه لم تكن هناك أهداف عسكرية قريبة في توقيت الغارة. وقال شاهد واحد من مساكن هنانو لـ هيومن رايتس ووتش إن مقاتلين من جماعات معارضة مسلحة كانوا ينامون في مبان سكنية في الحي في توقيت الغارة، إلا أنهم لم يكونوا قريبين من موقع الضربة ولم يتعرضوا للإصابة.
الهجمات منذ قرار الأمم المتحدة
حريتان
بحسب شهود تحدثوا مع هيومن رايتس ووتش في 23 فبراير/شباط، سقطت قنبلة برميلية على مجمع سكني عائلي يبعد نحو 100 متر عن ساحة حريتان العامة، فقتلت 3 مدنيين وبينهم طفلة، وجرحت اثنين آخرين. تحدثت هيومن رايتس ووتش مع عدد من أفراد عائلة المصري، التي أصيب منزلها، فشرحوا أن حسن محمود المصري، البالغ من العمر 70 سنة تقريباً، قتل في الهجوم إضافة إلى حفيده الذي في الخامسة، وجاره فؤاد علي بلكش. ويشير مركز توثيق الانتهاكات إلى حسن المصري وغيث المصري، طفل، وبلكش، بوصفهم قتلى جراء غارة بالقنابل البرميلية على حريتان في 23 فبراير/شباط.
وبحسب أقارب الضحايا، تسببت الغارة أيضاً في جرح ابنتي المصري البالغتين، والتي فقدت إحداهما ذراعها اليمنى. راجعت هيومن رايتس ووتش مقطع فيديو لآثار الدمار الناجم عن الغارة، تم تصويره بعد وقوعها بقليل، مع أحد أفراد العائلة فتعرف على الضحايا. كما شرح لنا هذا الشخص أنه لم تكن هناك مواقع عسكرية قرب المنزل أو الساحة، التي وصفها بأنها منطقة تجارية نشطة.
حي الإنذارات
في الأيام الأخيرة من فبراير/شباط سقطت قنبلتان برميليتان على مبنى سكني في حي الإنذارات في نحو الحادية عشرة صباحاً، بحسب أحد الشهود. قال "وجيه" (تم تغيير الأسماء لحماية هوية الشهود)، وهو أحد سكان المبنى وهو من مواليد أعزاز التي فر منها للنجاة من القصف الحكومي، قال لـ هيومن رايتس ووتش إن الغارة وقعت بينما كان هو، وزوجته وخمسة أطفال أصغرهم عمره 20 يوما فقط، في المنزل. وقال إن زوجته وأباه وأخاه أصيبوا جميعاً في الغارة، علاوة على سيدة أخرى فقدت ذراعها وعينها. وقال إنه شاهد شخصين قتلا في الغارة، رجل يسكن البناية وسيدة في الخامسة والأربعين.
قال وجيه: "دمر البرميل بنايتنا. اقترب ابني الأصغر من الموت لمدة 30 دقيقة لكنهم أنعشوه. وأصيبت زوجتي في فمها ويدها اليمنى وخصرها من الشظايا. سقط البرميل على بعد 15 متراً فقط أمام المنزل فانهار... غادرنا في نفس اليوم وكذلك فعل معظم الناس".
وقال وجيه لـ هيومن رايتس ووتش إن أقرب خط للجبهة كان على بعد 4 كيلومترات، وإن منزلهم كان في منطقة سكنية بها مدارس ومسجد، ولكن ليس بها مواقع عسكرية أو نقاط تفتيش أو مقاتلون.
دوار الحيدرية
اعتدت القوات الجوية السورية مراراً على دوار الحيدرية، وهو تقاطع محوري على أحد الطرق الرئيسية الواصلة بين حلب الخاضعة للمعارضة وريفها. كما يعد الدوار نقطة تجمع للحافلات التي تخدم ريف حلب، ولذا فعادة ما يزدحم بالمدنيين، كما قال سكان لـ هيومن رايتس ووتش. وكان قد سبق لـ هيومن رايتس ووتش نشر تقرير عن الغارات على الحيدرية بما في ذلك يومي 15 و16 ديسمبر/كانون الأول. قال ثلاثة شهود أيضاً لـ هيومن رايتس ووتش إن الدوار تعرض لهجمات في تاريخ أحدث.
قال اثنان من السكان لـ هيومن رايتس ووتش في 17 مارس/آذار إن الدوار تعرض للهجوم قبل 20 يوماً. وقال أحدهما، وهو "سامر"، لـ هيومن رايتس ووتش إن ثلاثة قنابل برميلية سقطت على الدوار واحدة بعد الأخرى، فقتلت مدنيين كانوا في سيارات أجرة وعربات مينيباص هناك. وقال شاهد ثان، هو "نضال"، متحدثاً عن نفس الغارة، إنه بينما كان يغادر حلب إلى ريفها، سقطت البراميل على الدوار فأصابت عربات ميكروباص واقفة هناك. وقال، "أصيبت عربة سوزوكي مليئة بالنازحين في دوار الحيدرية كما أصيبت عربات ميكروباص أخرى بقنبلة برميلية. توفي 13 شخصاً من عائلة واحدة".
قال وجيه لـ هيومن رايتس ووتش أيضاً إنه في 13 مارس/آذار، بينما كان في طريق العودة إلى حلب، أصيب الدوار ثانية بقنبلتين برميليتين على نقطة تجمع الحافلات في الحيدرية، حيث تقف السيارات وعربات الميكروباص. ولم يستطع تقدير عدد القتلى، لكنه قال إن أعداداً كبيرة من السكان الذين كانوا في العربات قد قتلوا.
عندان
في غارة جوية مساء 12 مارس/آذار سقطت قنبلتان على شرق عندان، وهي بلدة إلى الشمال الغربي من حلب، فقتلتا أفراداً من عائلة العتيق. وقال شاهد من عندان كان قد شاهد أوائل المستجيبين وهم ينقلون الجرحى إلى المستشفيات ويجمعون الجثث، قال لـ هيومن رايتس ووتش إن عائلة أحمد العتيق المكونة من 5 أفراد قتلت في غارة جوية بالقنابل البرميلية على منزلهم، كما أصيب نحو 30 شخصاً آخرين في الغارات. ووصف المنطقة بأنها سكنية وقال لـ هيومن رايتس ووتش إن الجماعات المسلحة لا وجود لها في المنطقة. أشار مركز توثيق الانتهاكات إلى 4 أفراد من عائلة العتيق على أنهم قتلوا في 12 مارس/آذار في غارة جوية على عندان: حسن العتيق وزلخة العتيق وطفلان هما خديجة محمد العتيق وعماد محمد العتيق.
هجمات أسبق بالقنابل البرميلية
حريتان
في 19 ديسمبر/كانون الأول قامت مروحية تابعة للحكومة السورية بإلقاء ما لا يقل عن قنبلتين وصفهما الشهود بأنهما برميليتين على بلدة حريتان إلى الشمال الغربي من مدينة حلب. تسببت القنبلة الثانية من هاتين في فصل رأس نوار العبدو، 13 سنة، عن جسدها، وإصابة طفلة ثانية هي "وفاء"، 9 سنوات. قالت والدة وفاء لـ هيومن رايتس ووتش: "كنت في السوق عند وقوع الغارة. وسمعت بها بعدها بـ 10 دقائق فقط. كان الناس يتحدثون ويقولون إن برميلاً سقط في شارعنا... وعند وصولي إلى المنزل كانوا قد أخذوها [إلى المستشفى]".
وشرحت وفاء أنها كانت تنزل درج بنايتها عند سقوط القنبلة، التي بترت ساقها من فوق الركبة وقتلت قريبتها. قالت وفاء، "سمعنا المروحية لكنني لم أستطع النزول في الوقت المناسب [للاختباء]. جاء البرميل فقتل نورا وأخذ ساقي".
شرحت والدة وفاء أن إحدى الساقين قطعت في الغارة الأصلية، لكن الثانية التي أصيبت بدورها بترت لاحقاً في مستشفى بتركيا. وقالت لـ هيومن رايتس ووتش إنهم كانوا يعرفون بمسؤولية قنبلة برميلية عن الإصابات لأن أحد أقاربهم شاهد القنبلة تسقط نحوهم من طائرة مروحية.
وقالت إنه لم تكن هناك مواقع عسكرية للمعارضة المسلحة في بلدتهم، ولكن هناك نقطة شرطية تديرها المعارضة، رغم أنها على بعد كيلومتر واحد. وبينما كانت تلك هي أول قنبلة برميلية تسقط على حيهم، إلا أن والدة وفاء شرحت أنها ليست المرة الأولى التي يتعرض الحي فيها للقصف، رغم أنه حي سكني.
راجعت هيومن رايتس ووتش أيضاً 5 مقاطع فيديو تم تصويرها بعد الغارة بقليل، وفي أحدها تظهر فتاة يحملها رجل، ويشير إليها المصور على أنها نورا.
طريق الباب
في غارة بتاريخ 28 ديسمبر/كانون الأول، قال شاهد رأى مروحية في الجو ثم الدمار الناتج عن قصفها، لـ هيومن رايتس ووتش إن القنابل البرميلية أصابت الجزء الغربي من سوق الخضر في حي طريق الباب بين الظهيرة والثالثة مساءً. وقال، "إنهم يقصفون مناطق كهذه حيث يتجمع الناس؛ كي يرحلوا. لا توجد مواقع عسكرية [للمعارضة المسلحة] هناك".
وقدر الشاهد أن أقرب هدف عسكري يبعد نحو 5 كيلومترات. وهو يعتقد أن العشرات من مرتادي السوق قتلوا في الغارة. أشارت الشبكة السورية لحقوق الإنسان إلى 36 شخصاً، وبينهم 7أطفال، بوصفهم قتلى بالقنابل البرميلية على سوق الخضر بطريق الباب في 28 ديسمبر/كانون الأول. أما مركز توثيق الانتهاكات فقد ذكر 20 ضحية بينهم 4 أطفال.
حي مساكن هنانو
حددت هيومن رايتس ووتش ما يصل مجموعه إلى 35 موقع ارتطام منفصل بحي مساكن هنانو في شمال شرق حلب بين مطلع نوفمبر/تشرين الثاني 2013 و20 فبراير/شباط 2014. وقد وقعت غالبية الهجمات بين 6 و20 فبراير/شباط. ويظهر في معظم المواقع أنماط تدميرية تتفق إلى حد بعيد مع استخدام القنابل البرميلية وربما الأسلحة التقليدية الملقاة من طائرات مروحية. وتقع مواقع الارتطام على نحو شبه حصري في أحيان ذات كثافة عالية من المباني السكنية. علاوة على مواقع الدمار الرئيسية الـ35، تم تحديد عدة حفر ارتطام ناجمة عن القصف المدفعي، مما يشير إلى أن القوات الحكومية البرية والجوية على السواء قد استهدفت الحي.
تحدثت هيومن رايتس ووتش أيضاً مع شاهدين من مساكن هنانو فوصفا لنا غارتين منفصلتين بالقنابل البرميلية على الحي في فبراير/شباط قتل فيهما مدنيون أو أصيبوا.
تستعرض الخريطة 17 موقعاً محتملاً لغارات جوية/ضربات بقنابل برميلية (موضحة بالأحمر) تتركز في وسط منطقة سكنية كبيرة إلى جانب مساكن هنانو الشرقي. كل الهجمات المرصودة في هذا المكان، باستثناء هجوم واحد، وقعت في فبراير/شباط 2014
قال "باسل"، وهو ناشط إعلامي من مساكن هنانو، لـ هيومن رايتس ووتش إنه قام في 6 فبراير/شباط بتوثيق غارة بالقنابل البرميلية على القطاع الشرقي من الحي. وشاهد قبل الغارة مروحية تحوم فوق الحي ثم تلقى مكالمة من صديق قال له إن المروحية ألقت بقنبلة برميلية هناك. وقال إنه عند وصوله إلى مسرح الغارة بعد سقوط القنبلة بـ20 دقيقة تقريباً، شاهد 14 مدنياً مقتولين وبينهم 4 سيدات وطفلان، وبنايتين مدمرتين، وبنايات أخرى مصابة بأضرار، و6 أو 7 سيارات مدمرة. أشار باسل إلى 11 من الضحايا بالاسم: عبد القادر طبخ، ومحمد الريحاوي، وعبد المحسن الحموي، ومحمد محمود التدابلي (16 سنة)، وأحمد رمضان الشريف، وبشرى عبد القادر طبخ، وشهلة عبد القادر طبخ، وهبة عبد القادر طبخ، وعلاء طبخ، وأمين عبد القادر طبخ (6 سنوات)، وسما الحسن (6 سنوات).
وقال لـ هيومن رايتس ووتش: "كان رجل يحمل جثة طفل يبدو لي أنه في الخامسة". وكان هناك آخرون مصابون. وقال: "وكانت الإصابات التي رأيتها تشمل أساساً بتر الأطراف وإصابات ناجمة عن الشظايا. لا أتذكر عدد المصابين لكنني رأيت 20 على الأقل". وقال لـ هيومن رايتس ووتش إن قنبلة برميلية ثانية سقطت على الجزء الشرقي من الحي في نفس اليوم فقتلت مدنيين إلا أنه لم يوثقها. وقال باسل إنه لم يكن ثمة وجود لجماعات المعارضة المسلحة في ذلك الوقت، سواء كانوا مقاتلين أو نقاط تفتيش أو قاعدة عسكرية، وإن خط الجبهة كان على بعد 10 كيلومترات.
وقال "منصور"، وهو ناشط إعلامي من الحي، لـ هيومن رايتس ووتش إنه في نحو الثامنة والنصف من صباح 10 فبراير/شباط قامت مروحية بإلقاء 4 قنابل برميلية على الجزء الجنوبي من الحي قرب مقابر الأحمدية. وقال إنه كان على بعد أمتار من موضع سقوط القنابل على شارع سكني وإنه شاهد رجلا وسيدة في الشارع يصابان جراء تلك القنبلة. وقال منصور لـ هيومن رايتس ووتش إنه رغم وجود ثكنة للمعارضة في مساكن هنانو إلا أن خط الجبهة كان على بعد 5 كيلومترات، قرب قاعدة اللواء النظامي السوري رقم 80.
حي النيرب
في منتصف فبراير/شباط في نحو الساعة 5:30 مساءً، سقطت قنبلة يصفها شهود بأنها برميلية على منزل مكون من طابق واحد في حي النيرب بمدينة حلب، فقتلت أماً وأطفالها الثلاثة وجرحت طفلاً رابعاً. عجز الشهود الذين أجرت هيومن رايتس ووتش معهم المقابلات عن تذكر التاريخ الدقيق. وقال والد الأطفال لـ هيومن رايتس ووتش إن زوجته، ضية الواوي، وحسن، 18 شهراً، وعبد الكريم، 3 سنوات، وأحمد، 10 سنوات، قتلوا في الغارة بينما أصيب ابنهما الرابع. وقال لـ هيومن رايتس ووتش أيضاً إن القنبلة نفسها قتلت ابن شقيقه، محمد، 10 سنوات، وابنته فاطمة، سنتان، وطفل ثالث هو محمد العلي الواوي. وقال إن القنبلة أصابت منازلهم في منطقة سكنية لا توجد بها أهداف عسكرية.
مخيم حندرات الفلسطيني في حلب
تحدثت هيومن رايتس ووتش مع أربعة رجال من مخيم حندرات للاجئين الفلسطينيين في شمال شرق مدينة حلب، فقالوا إنهم فروا من المنطقة بعائلاتهم بسبب غارات الحكومة بالقنابل البرميلية على المخيم.
وبحسب هؤلاء الرجال، أصيبت الأحياء المحيطة بالمخيم بقنابل برميلية في الأيام السابقة على إصابة المخيم نفسه في 21 فبراير/شباط، وبعده قرر أكثر من 200 من سكان المخيم من 48 عائلة الفرار إلى تركيا. وقال أحد الرجال، "عمر"، لـ هيومن رايتس ووتش إن هذا النزوح هو النزوح الجماعي الثالث من المخيم بسبب الحرب، وإنه لم يبق أحد تقريباً من سكان المخيم الأصليين البالغ عددهم 7000-8000.
قال ساكن ثان، هو "بسام"، لـ هيومن رايتس ووتش إن ثلاثة قنابل برميلية سقطت على جزء من المخيم في 21 فبراير/شباط (جزء المشروع) في نحو الساعة 11/20 صباحاً، قبل صلاة الجمعة. وقال إن إحدى هذه الضربات قتلت فتاة وأمها بينما كانتا تسيران قرب خزان المياه في الحي.
تحدث عمر واثنان آخران من السكان مع هيومن رايتس ووتش بشأن هجمة 21 فبراير/شباط، ولم يعرف أحد من السكان اسمي الضحيتين، الفتاة وأمها، وهم يعتقدون أنهما كانتا سوريتين انتقلتا للمخيم فراراً من الهجمات الحكومية على أجزاء أخرى من محافظة حلب.
قال السكان أيضاً لـ هيومن رايتس ووتش إنه لم تكن هناك مواقع عسكرية داخل المخيم، واصفين إياه بأنه منطقة سكنية بعيدة عن خطوط الجبهة. وقالوا لـ هيومن رايتس ووتش إن المخيم يدار من طرف مجلس شرعي محلي معارض، وصفه السكان بأنه مدني. ولم يكن المجلس الشرعي يقع في المنطقة المصابة من المخيم.