Skip to main content
تبرعوا الآن

الإمارات: يجب إلغاء أحكام إدانة النشطاء

يجب إجراء مراجعة قضائية مستقلة للاعتقالات والمحاكمة

(أبو ظبي) – قال تحالف دولي من سبع منظمات حقوقية اليوم إن قرار العفو عن النشطاء الخمسة هو إقرار بأنه ما كان يجب ملاحقتهم قضائياً في المقام الأول، وعلى السلطات أن تُلغي الإدانات من سجلات النشطاء. في 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2011 قام رئيس الإمارات العربية المتحدة بتخفيف الأحكام التي أصدرتها المحكمة الاتحادية العليا على النشطاء بتهمة "الإهانة العلانية" لمسؤولين إماراتيين وأمر بالعفو عنهم.

وبينما يعتبر قرار العفو خطوة إيجابية، فإن على السلطات الإماراتية الآن أن تحمي النشطاء، المعروفين بين مؤيديهم بمسمى "الإماراتيون الخمسة" وأن تحمي جمعياتهم من اعتداءات الموالين للحكومة وأن تحقق فوراً في التهديدات الكثيرة التي تعرضوا لها، على حد قول التحالف، الذي يضم مؤسسة الكرامة والعفو الدولية والشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان ومؤسسة فرونت لاين ديفيندرز (مدافعو الخط الأمامي) ومركز الخليج لحقوق الإنسان وهيومن رايتس ووتش و"إندكس أون سينسورشب". لابد أن تقوم السلطات بإجراء مراجعة قضائية مستقلة في اعتقالهم ومحاكمتهم، التي لا تفي بالمعايير الدولية لإجراءات التقاضي السليمة، وأن تعوضهم على فترة تزيد عن سبعة أشهر قضوها رهن الاحتجاز، على حد قول التحالف.

وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "الإفراج عن النشطاء الخمسة خطوة إيجابية، لكن ما كان يصح أن يقضوا يوماً واحداً وراء القضبان، دعك من قضاء سبعة أشهر في الحبس. العفو وحده لن يُصلح أخطاء الحكومة الفادحة في التعامل مع هذه القضية".

في 27 نوفمبر/تشرين الثاني توصلت هيئة من أربعة قضاة إلى أن الرجال الخمسة مذنبين وقضت بحبس أحمد منصور – المصلح الإماراتي البارز – بالسجن ثلاث سنوات، والآخرين بالسجن لمدة سنتين. وفي خرق لمعايير المحاكمة العادلة التي تلتزم بها الإمارات، لم يُتح للمحتجزين الحق في الاستئناف لأن القضية كانت تُنظر بموجب إجراءات أمن الدولة.

تم الإفراج عن الرجال مساء 28 نوفمبر/تشرين الثاني بعد أن تدخل شيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات لتخفيف الأحكام. وقال ممثلون عن التحالف الحقوقي قابلوا منصور لدى الإفراج عنه إنه بدا ضعيفاً ونحيلاً جراء الحبس، الذي قضى خلاله أسبوعين مضرباً عن الطعام. وقال منصور إنه فقد 24 كيلوغراماً أثناء الحبس.

وقالت أحد المحامين في القضية إن العفو يعني استمرار وجود سجل جنائي للنشطاء. وقالت المنظمات إن على السلطات الإماراتية أن تبرئهم وأن تمسح أحكام الإدانة من سجلاتهم، وإلا فمن الصعب على هؤلاء الرجال العثور على العمل أو السفر.

وقالت حسيبة حاج صحراوي، نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية: "الإفراج عن هؤلاء الرجال لن يمنع تكرر مهزلة العدالة". وتابعت: "كي يُنظر لهذا الإفراج على أنه أكثر من حملة علاقات عامة لتحسين الصورة، فلابد من أن يواكبه إلغاء تجريم التشهير وإصلاح نظام القضاء".

وقالت المنظمات إن على الإمارات دعوة خبراء الأمم المتحدة المعنيين بحرية التعبير واستقلال القضاة والمحامين. صدر تقرير من خبيرة لمراقبة المحاكمة تمثل التحالف، انتهى إلى وجود انتهاكات بيّنة لإدارة هذه القضية. شملت توصياتها إسقاط الاتهامات المنسوبة إلى النشطاء الخمسة.

ولقد تم استهداف النشطاء وأسرهم بحملة غاشمة، شملت التهديدات وتشويه السمعة والترهيب، وقد أخفقت السلطات في التحقيق في هذه الأعمال أو ملاحقة المسؤولين عنها، على حد قول المنظمات. وفي أحدث واقعة، في 27 نوفمبر/تشرين الثاني، قام شخص موالٍ للحكومة بالاعتداء على قريب أحد المحتجزين وراح يكيل له التهديدات والسباب أمام قاعة المحكمة، رغم حضور الأمن المكثف، بعد صدور الحكم. وتم في تقرير مستقل صدر في 25 نوفمبر/تشرين الثاني من إعداد مركز الخليج لحقوق الإنسان، بمساعدة بحثية من هيومن رايتس ووتش، تم توثيق تهديدات المتعاطفين مع الحكومة وأجواء الإفلات من العقاب التي تهيأت لهم.

وقال رشيد مسلي، مدير القسم القانوني في مؤسسة كرامة: "ربما تحرر النشطاء الإماراتيون الخمسة أخيراً، لكن أمنهم الشخصي ما زال في خطر بسبب الحملة التي تتهددهم مع إفلات القائمين عليها من العقاب". وأضاف: "على السلطات أن تكف عن تجاهل ما يحدث وأن تبدأ في ملاحقة من يهددون النشطاء بالقتل".

تم القبض على النشطاء الخمسة في أبريل/نيسان. بدأت محاكمتهم في 14 يونيو/حزيران في أبو ظبي. وهم: أحمد منصور – مهندس ومدونوعضو في اللجنة الاستشارية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش وفي الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان– وناصر بن غيث – أستاذ اقتصاد ومحاضر في جامعة السوربون أبو ظبي – ونشطاء الإنترنت فهد سليم دلك وأحمد عبد الخالق وحسن علي الخميس.

الخمسة متهمون تحت طائلة المادة 176 من قانون العقوبات، التي تجرم الإهانة العلانية لكبار المسؤولين، بدعوى استخدامهم لمنتدى محظور في الإمارات وهو حوار الإمارات. ولقد راجعت المنظمات الحقوقية في التحالف الرسائل والتعليقات التي يُزعم أن المدعى عليهم قد بثوها، ولم يتبين أن أي منها تزيد عن انتقاد السياسات والقيادات السياسية. ولا توجد أدلة على استخدام هؤلاء الأشخاص للعنف أو حرضوا عليه أثناء نشاطهم السياسي.وقالت المنظمات الموقعة أن ملاحقة الرجال الخمسة قضائياً انتهاك لحقهم في حرية التعبير بموجب الدستور الإماراتي وبموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان.

خلفية

قال التحالف إن المحكمة خرقت بشكل بيّن حقوق النشطاء في المحاكمة العادلة. لم تسمح المحكمة للمدعى عليهم بمراجعة الأدلة والاتهامات بحقهم حتى انقضت فترة ستة أشهر على بدء المحاكمة. ولم تسمح المحكمة للمحامين بسؤال أحد شهود الادعاء ولم توفر الوقت الكافي للمحامين بسؤال شهود آخرين. ودون تفسير، منعت السلطات العامة من حضور جلسات المحاكمة الأولى، وكذلك الصحفيين والمراقبين الدوليين، وأهالي المدعى عليهم. وفي مناسبات عدة، رفضت المحكمة الموافقة على طلبات بالإفراج عن المدعى عليهم بكفالة، أو تجاهلت النظر في تلك الطلبات، رغم أن المدعى عليهم متهمين بجرائم غير عنيفة، ولم تعلن السلطات أنهم قد يهربون.

يسمح قانون العقوبات الإماراتي للحكومة بحبس الأفراد لمجرد تعبيرهم سلمياً عن الرأي، في خرق لضمانات القانون الدولي لحقوق الإنسان الخاصة بحرية التعبير. المادة 176 من قانون العقوبات تسمح بعقوبة أقصاها السجن خمس سنوات بحق كل من يهين علانية رئيس الدولة أو علمها أو رمزها الوطني. والمادة 8 توسع من نطاق تطبيق هذا الحكم القانوني ليشمل نائب الرئيس وأعضاء المجلس الأعلى للاتحاد وآخرين.

يواجه منصور اتهامات إضافية، بتحريض الآخرين على مخالفة القانون، والمطالبة بمقاطعة الانتخابات، والدعوة للتظاهر. في مارس/آذار قبل اعتقاله بقليل، أعلن عن دعمه لوثيقة وقع عليها أكثر من 130 شخصاً تطالب بانتخابات عامة ومباشرة للمجلس الوطني الاتحادي، وهو مجلس حكومي استشاري، مع المطالبة بسلطات تشريعية للمجلس. قبل القبض عليه أجرى مقابلات تلفزيونية وإعلامية كثيرة عن هذا الموضوع.

ورد في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية أن "لكل إنسان حق في حرية التعبير... في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين". وبينما الإمارات ليست دولة طرف في العهد الدولي، فالعهد يعتبر مصدراً مُلزماً ودليلاً إرشادياً يعكس الممارسات الدولية الفضلى. المعايير الدولية المقبولة لا تسمح بقيود على المحتوى المنشور إلا في أضيق الحالات، مثل في حالة القدح والذم أو التشهير بحق أفراد أو إذا كان الكلام المُعبر عنه يهدد الأمن الوطني.

وتنص المادة 32 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان – الذي صدقت عليه الإمارات – على الحق في حرية الرأي والتعبير، والحق في نقل الأخبار إلى الآخرين بمختلف السبل. القيود الوحيدة المسموح بها على ممارسة هذا الحق هي التي يتم فرضها من أجل "احترام حقوق الآخرين أو سمعتهم أو حماية الأمن الوطني أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة". والمادة 13 (2) من الميثاق تنص على أن تكون جلسات المحاكمة "علنية إلا في حالات استثنائية تقتضيها مصلحة العدالة في مجتمع يحترم الحريات وحقوق الإنسان".

وينص إعلان الأمم المتحدة الخاص بالمدافعين عن حقوق الإنسان على أنه يتعين على الدول "اتخاذ جميع الإجراءات الضرورية لضمان حماية الجميع من العنف والتهديدات والانتقام والتمييز والضغوط أو أي عمل تعسفي آخر" نتيجة لمشاركته في النشاط الخاص بحقوق الإنسان.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة