(طرابلس) – قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على المجلس الوطني الانتقالي الليبي الحاكم أن يفرض تجميداً فورياً على استخراج الجثث من المقابر الجماعية إلى أن يتوفر خبراء طب شرعي للمساعدة في عمليات الاستخراج. وقالت هيومن رايتس ووتش إن على المجلس الانتقالي أيضاً أن يرتب تأمين المقابر الجماعية المعروفة والمواقع المشتبه في أنها تضم مقابر جماعية، من أجل منع عمليات الاستخراج غير المصرح بها.
وقال بيتر بوكارت، مدير قسم الطوارئ في هيومن رايتس ووتش: "إننا نتفهم حاجة الليبيين للعثور على المفقودين ودفن الضحايا دفنات لائقة، لكن فتح المقابر دون حضور خبراء طب شرعي من شأنه تدمير الأدلة والتعقيد من أمر التعرف على الجثث. لابد أن ينصب التركيز الآن على تحديد وتأمين مواقع المقابر، وإعداد الخطط لإجراء عمليات استخراج لائقة للجثث".
منذ انهيار حكومة القذافي في مناطق ليبيا الغربية أواخر أغسطس/آب 2011، والمقابر الجماعية المدفونة بها جثث القتلى أثناء النزاع تُكتشف بشكل أسبوعي في طرابلس ومناطق أخرى، بحسب اللجنة الدولية للصليب الأحمر. بناء على الأدلة القائمة، فمن الواضح أن بعض الناس ماتوا أثناء الاحتجاز طرف الحكومة، بما في ذلك إثر الإعدام. وثّقت هيومن رايتس ووتش عمليات إعدام نفذتها قوات القذافي في طرابلسوالقواليشوبني وليد، واختناق 19 محتجزاً حتى الموت في الخُمس، وفي بعض هذه الحالات تم استخراج الجثث من مقابر جماعية.
مواقع المقابر الموثقة حتى الآن تتباين في الحجم، وتضم بعضها عشرات الجثث. كما تختلف مواعيد حفرها، وبعضها قد تضم رفات قتلى في حوادث منفصلة. قال سائق جرافة لـ هيومن رايتس ووتش إنه قام بدفن مئات الجثث في مقبرة بطرابلس، كان قد تم جمعها من مختلف أنحاء المدينة أثناء القتال وبعده، ونقلها إلى موقع الدفن الجماعي في 20 أغسطس/آب. هويات هؤلاء الأشخاص وأسباب وفاتهم غير معروفة.
بالإضافة إلى المقابر الجماعية التي دُفن فيها أشخاص قُتلوا أثناء النزاع الذي دام ستة أشهر، هناك مواقع أخرى معرضة للخطر يعود تاريخها لفترات ما قبل النزاع. قد يكون بينها مقابر لنحو 1200 سجين قُتلوا في مذبحة سجن أبو سليمفي عام 1996، والذين لم تتم مطلقاً إعادة جثثهم إلى أسرهم.
بدأت عمليات استخراج الجثث في عدة مواقع دفن ما إن تم تحديدها. تقوم عادة السلطات والمجموعات المحلية بإجراء عمليات الاستخراج هذه دون تنسيق مع السلطة المركزية، وفي بعض الأحيان دون معاونة احترافية من الطب الشرعي. ساعدت اللجنة الدولية للصليب الأحمرفي ترتيب التعامل مع 125 جثماناً من 12 موقعاً مختلفاً، لكن لم تشترك اللجنة في جمع الأدلة المحتمل استخدامها فيما بعد في إجراءات قضائية. وقالت هيومن رايتس ووتش إنه كلما تمت عمليات استخراج بلا تخطيط أو معاونة، فهذا يعني احتمال فقد فرصة التعرف على الجثث وملابسات الوفاة.
ولقد ناقش المجلس الانتقالي خططاً لإنشاء لجنة للمفقودين. تعلن هيومن رايتس ووتش دعمها لهذه الخطة وتدعو لضمان أن تكون هذه اللجنة شاملة، قوامها ممثلين عن مختلف الوزارات المعنية، مثل العدل والأمن الداخلي والصحة، بالإضافة إلى خبراء طب شرعي ومحامين. هذا الطيف الواسع من الخبرات ضروري لتنسيق عمليات الاستخراج وللتعرف على رفات القتلى أثناء النزاع. ودعت هيومن رايتس ووتش السلطات إلى إنشاء هذه اللجنة سريعاً ودعت إلى تمكينها، كي تبدأ في عملها بموجب كل القوانين والسياسات اللازمة لممارساتها لصلاحياتها.
ودعت هيومن رايتس ووتش الأمم المتحدة والحكومات الداعمة للمجلس الانتقالي إلى مساعدة اللجنة المذكورة عن طريق توفير التمويل والدعم الفني وخبراء الطب الشرعي أينما ظهرت الحاجة إليهم. توفير خبراء الطب الشرعي لابد أن يتم تحت إشراف اللجنة، وأن يركز على جمع الأدلة الجنائية والتعرف على الرفات، حتى تتسنى إعادة الجثث إلى أهالي القتلى، على حد قول هيومن رايتس ووتش.
وقال بيتر بوكارت: "في فترات ما بعد النزاع، مثلما كان الحال في كوسوفو والعراق، يكون التنسيق مع السلطات المحلية ضعيفاً، وتستعين مختلف فرق الطب الشرعي بسياسات وبروتوكولات مختلفة". وأضاف: "ستكون المساعدة الدولية ذات فعالية عظمى إذا هي ساندت القدرات الليبية القائمة".