Skip to main content

الولايات المتحدة: الأطفال العاملون في المزارع يعيشون حياة خطرة

يجب وضع حد للمعايير المزدوجة التي تخفق في حماية الأطفال المشتغلين بالزراعة

(نيويورك، 5 مايو/أيار 2010) - قالت هيومن رايتس ووتش في تقرير أصدرته اليوم إن الولايات المتحدة تخفق في حماية مئات الآلاف من الأطفال المشاركين في عمل المزارع الخطير والشاق في أغلب الأحيان. ودعت هيومن رايتس ووتش الكونجرس إلى تعديل القانون الفيدرالي الذي يسمح بعمل الأطفال تحت 18 عاماً وحتى سن صغيرة في الزراعة، ولساعات أطول وفي أوضاع أخطر من أية صناعة أخرى.

في تقرير "حقول الخطر: عمل الأطفال في الزراعة بالولايات المتحدة" الذي جاء في 99 صفحة، انتهت هيومن رايتس ووتش إلى أن الأطفال عمال المزارع يخاطرون بسلامتهم وصحتهم وتعليمهم في المزارع التجارية في شتى أنحاء الولايات المتحدة. وأثناء التحضير للتقرير، قابلت هيومن رايتس ووتش 59 طفلاً تحت سن 18 عاماً يعملون في مزارع بـ 14 ولاية في شتى أنحاء الولايات المتحدة.

وقالت زاما كورسن نيف، كاتبة التقرير ونائبة مديرة قسم حقوق الأطفال في هيومن رايتس ووتش: "الولايات المتحدة دولة نامية عندما يتعلق الأمر بعمل الأطفال في المزارع". وتابعت: "فالأطفال الذين يقطفون الطعام الأميركي يجب أن يحظون على الأقل ببعض تدابير الحماية التي يحصل عليها العمال القائمون على تقديم هذا الطعام".

أطفال المزارع الذين تبلغ أعمار بعضهم 12 عاماً، يعملون بأجر لمدة 10 ساعات أو أكثر يومياً، من خمسة إلى سبعة أيام في الأسبوع، كما تبينت هيومن رايتس ووتش. يبدأ بعضهم في العمل بدوام جزئي من سن 6 إلى 7 سنوات. الأطفال، مثل الكثير من عمال المزارع البالغين، يكسبون أقل بكثير من الحد الأدنى للأجور، ويتم الاقتطاع من أجورهم أيضاً بما أن أصحاب العمل يختصمون من ساعات العمل التي يعملونها، ويجبرونهم على إنفاق النقود على الأدوات والقفازات، ومياه الشرب التي من الواجب أن يوفرها لهم أصحاب العمل بموجب القانون.

الزراعة هي العمل الأخطر المُتاح أمام الأطفال في الولايات المتحدة، طبقاً لمركز الرقابة على الأمراض بالمعهد القومي للسلامة والصحة المهنية (NIOSH). ويتعرض الأطفال لخطر التسمم بالمبيدات الحشرية، والإصابات الجسيمة، والأمراض المتعلقة بدرجات الحرارة الزائدة. ويعانون من نسب إصابات تبلغ أكثر من أربعة أضعاف إصابات الأطفال العاملين في وظائف أخرى. بعضهم يعملون دون حتى معدات الحماية الأساسية، ومنها الأحذية والقفازات. وقال كثيرون لـ هيومن رايتس ووتش إن أصحاب عملهم لا يوفرون لهم مياه الشرب، أو أماكن لغسل الأيدي، أو مراحيض. والفتيات والنساء في هذه الوظائف معرضات بشكل خاص للإساءات الجنسية.

وجراء ساعات العمل المطولة، فإن الأطفال الذين يعملون بالزراعة يتسربون من التعليم بمعدل يفوق المعدل الوطني أربعة أضعاف. وقابلت هيومن رايتس ووتش أطفال كثيرين أعيدوا للمدرسة مرة وأكثر، وقالوا إن لا أحد في أسرهم تخرج في المدرسة الثانوية.

ودعت هيومن رايتس ووتش الكونجرس الأميركي إلى تعديل القانون الحاكم لعمل الأطفال - وهو قانون معايير العمل المنصفة - من أجل وضع حد للتمييز ضد عمال المزارع الأطفال. وفي المهن الأخرى، يحظر القانون توظيف الأطفال تحت سن 14 عاماً، ويحد من عمل الأطفال تحت 16 عاماً بحد أقصى ثلاث ساعات يومياً، في موسم المدارس. لكن في الزراعة، يمكن أن يعمل الأطفال في أية مزرعة من سن 12 عاماً، ومن أي سن في المزارع الصغيرة. وعلى النقيض من الوظائف الأخرى، فإن القانون لا يضع حدوداً لبدء العمل في الصباح أو انتهاء العمل ليلاً أو عدد الساعات التي يعملها الأطفال يومياً في الزراعة، طالما هم لا يعملون أثناء أوقات المدرسة. فضلاً عن أن القانون يسمح للأطفال في سن 16 أو 17 عاماً بالعمل في ظروف الزراعة الخطيرة، وفي جميع المهن الأخرى، فإن السن الدنيا للعمل الخطر هي 18 عاماً.

وقالت كورسن نيف: "قانون عمل الأطفال الحالي تمت صياغته في ثلاثينيات القرن العشرين، عندما كان هناك الكثير من الأطفال يعملون في مزارع الأسرة، لكن هذا العهد انتهى". وأضافت: "لقد حان الوقت كي تحدث الولايات المتحدة قوانين عمل الأطفال القديمة التي تتبناها وأن تمنح الأطفال العاملين في الزراعة نفس تدابير الحماية الممنوحة لغيرهم من الأطفال المشتغلين".

وفي سبتمبر/أيلول 2009، اقترحت النائبة بالكونجرس لوسيل رويبال آلورد من كاليفورنيا قانون العمل المسؤول للأطفال (HR 3564) على مجلس النواب. وكان لمشروع القانون أكثر من 80 نائباً يرعونه، وتم التصديق عليه من قبل أكثر من 80 منظمة، منها الاتحاد الأميركي للمعلمين، ومؤسسة NAACP، وعمال المزارع الأميركيون المتحدون. لكن لم يتم التحرك فيما يخص مشروع القانون.

حتى القوانين القائمة فهي ضعيفة من حيث التطبيق. وقد تراجع كثيراً تطبيق قوانين العمل الخاصة بالأطفال من قبل وزارة العمل الأميركية، بين عامي 2001 و2009. ولم تتوصل وزارة العمل الأميركية إلا إلى 36 حالة فقط من خرق حقوق الأطفال في العمل الزراعي، في عام 2009، أي 4 في المائة من جميع انتهاكات حقوق العمال الأطفال. أنظمة السلامة الخاصة بالمبيدات الحشرية التابعة لوكالة الحماية البيئية الأميركية، لا تشمل أحكاماً خاصة بالأطفال.

ويفاقم من التهاون في التطبيق خوف العمال من إبلاغ السلطات عن المخالفات. نحو 85 في المائة من عمال المزارع في الولايات المتحدة هم من أصول لاتينية. وبينما الكثير من عمال المزارع الأطفال من المواطنين الأميركيين، فإن آبائهم ربما ليست لديهم أوراق هوية أو لديهم تأشيرات زراعية قصيرة الأجل، مما يخلف الأسرة بالكامل في خوف من الترحيل. معايير العمل وتطبيقها تنطبق على جميع العمال، بغض النظر عن موقفهم من الهجرة.

ودعت هيومن رايتس ووتش وزارة العمل الأميركية إلى أن تزيد كثيراً من جهودها من أجل التعرف على الاستخدام غير القانوني للعمال الأطفال والمعاقبة عليه. وعلى جميع الولايات أن تحدد سناً دنيا للعمل الزراعي، لا تقل عن 14 عاماً، على حد قول هيومن رايتس ووتش.

كما يخرق عمل الأطفال في المزارع الأميركية الالتزامات القانونية الدولية للولايات المتحدة بموجب اتفاقية أسوأ أشكال عمل الأطفال الصادرة عن منظمة العمل الدولية. ففي مارس/آذار أعربت لجنة خبراء المنظمة عن قلقها العميق إزاء عدد الإصابات والوفيات الزائد الذي يعاني منه الأطفال المشتغلين بالزراعة في الولايات المتحدة، وكذلك الإعفاءات في القانون الأميركي التي تسمح بعمل الأطفال الصغار. ودعت اللجنة الولايات المتحدة إلى التحرك الفوري من أجل الالتزام بالتزاماتها التعاقدية.

وفي 10 مايو/أيار 2010، سوف تنضم الولايات المتحدة إلى أكثر من 80 دولة أخرى في مؤتمر عمل الأطفال العالمي الذي تستضيفه الحكومة الهولندية في لاهاي. الهدف من المؤتمر هو العمل على التطبيق الأفضل لاتفاقية أسوأ أشكال عمل الأطفال، بالتركيز على الزراعة.

وقالت كورسن نيف: "تنفق الولايات المتحدة أكثر من 25 مليون دولار سنوياً - أي أكثر من جميع الدول الأخرى مجتمعة - على القضاء على عمل الأطفال بالخارج، لكنها تتسامح مع سياسات عمل الأطفال المسيئة في الداخل".

أصوات الأطفال والآباء والمزارعين، من التقرير:

"لم أعش طفولتي، ولا أريدهم [أطفالي] أن يمروا بما مررت به. الإنسان لا يكون طفلاً إلا مرة واحدة. ما إن يكبر، يبدأ في العمل".

- صبي يبلغ من العمر 17 عاماً يعمل بقطع أشجار الكريسماس، وقطف الطماطم، ويعمل في محاصيل أخرى منذ كان يبلغ من العمر 12 عاماً، في ساوث كارولينا.

"[عندما كان عمري 12 عاماً[ أعطوني أول سكين. أسبوع وراء أسبوع رحت أجرح يدي. كل أسبوع أصاب بندبة جديدة. يداي تحملان الكثير من القصص".

- صبي يبلغ من العمر 17 عاماً بدأ العمل في سن 11 عاماً في ميتشجن.

"نعمل كل يوم، ولا نحصل على راحة إلا إذا أمطرت. يفرح الأولاد كثيراً [عندما تمطر السماء] حتى إنهم يصرخون جذلاً".

- صبي يبلغ من العمر 15 عاماً يعمل في ميتشجن أثناء الصيف.

"هنا توجد كيماويات كثيرة في الحقل... لا تستطيع شمها. [مؤخراً] رشت الطائرة المبيد على القطن... شعرت بالدوار. وغطيت وجهي ورحت أعمل. ولم يخبرنا أحد بأن نخرج من الحقل".

- شاب يبلغ من العمر 18 عاماً يعمل منذ سن 8 أو 9 أعوام في حقول القطن في تكساس مع أطفال آخرين.

"لا أتذكر آخر مرة ذهبت للمدرسة في التوقيت الصحيح... أخشى أن عملي سيبعدني عن التعليم... توقفت عن دراسة الرياضيات لأنني كنت خائبة فيها للغاية. أقول للمعلمة: لا أعرف كيف أقسم وها أنا على وشك أن أبدأ في المدرسة الثانوية. أتنقل من مكان لمكان، وهذا يربكني، ولا أستطيع الاستمرار في الدراسة".

- فتاة تبلغ من العمر 15 عاماً تعمل بحقول القطن في تكساس.

"ابني يحتاج لوقت للعب. لا يمكنه العمل 30 ساعة أسبوعياً. يمكنه العمل ثلاث إلى أربع ساعات مرات قليلة في الأسبوع... وكصاحب عمل لا أستطيع أن أستعين بأطفال يبلغون من العمر 13 أو 14 عاماً. لا! أنا لا أدعم هذا الأمر".

- صاحب مزرعة يعمل ابنه البالغ من العمر 12 عاماً في مزرعته بميتشجن.

"أقول لابنتي: آسفة لأنني سرقت طفولتك منك".

- أم، تعمل ابنتها البالغة من العمر 11 عاماً في قطف القطن ورعاية أشقائها الأصغر.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة