Skip to main content

يجب أن توقف إسرائيل هدم منازل الفلسطينيين

تدمير منازل 18 أسرة في الضفة الغربية ومنح آخرين مهلة 24 ساعة للإخلاء

(القدس، 12 يونيو/حزيران 2009) - قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على الحكومة الإسرائيلية أن توقف فوراً أعمال هدم منازل وممتلكات الفلسطينيين في الضفة الغربية، وأن تعوض الأشخاص المُشردين الذين هُدمت مساكنهم.

وقد هدمت السلطات الإسرائيلية منازل وممتلكات 18 أسرة من الرعاة في شمالي وادي الأردن في 4 يونيو/حزيران 2009، مما أسفر عن تشريد نحو 130 شخصاً، بعد أن أمرتهم في 31 مايو/أيار بالإخلاء لأنهم يعيشون "على مقربة من منطقة عسكرية". وبعض الأسر التي تم تدمير منازلها وممتلكاتها كانوا يعيشون في قريتهم منذ خمسينيات القرن العشرين على الأقل.

وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "منح الأسر أقل من الأسبوع لإخلاء مساكنها، دون فرصة للطعن في القرار أو الاستئناف، هو أمر غير رحيم بقدر ما هو غير عادل". وتابعت قائلة: "وكان ينبغي على إسرائيل منح هؤلاء الأشخاص حقهم في إجراءات التقاضي السليمة كي يتسنى لهم الطعن في قرارات تشريدهم".

وفي تمام الساعة السابعة والنصف صباح يوم 4 يونيو/حزيران، حسب أقوال شهود عيان، وصلت عشرين سيارة جيب تابعة للجيش الإسرائيلي برفقة ثلاث جرافات وعدة سيارات بيضاء تخص سلطة الإدارة المدنية الإسرائيلية، وسدت - السيارت - الطرق الترابية غير الممهدة المؤدية إلى بلدة الرأس الأحمر. وبدأت عملية الهدم في الساعة الثامنة صباحاً، وأسفرت عن تدمير 13 مبنى سكنياً، و19 حظيرة و18 فرناً قديماً كانت محفورة تحت الأرض، طبقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية. وضمن الأسر الثمانية عشر المُشردة 67 طفلاً وطفلة، حسب ما أفاد المكتب. كما صادر الجنود الإسرائيليون جراراً وعربة مقطورة وخزان مياه محمول، وكان السكان يستخدمون المذكور لنقل المياه إلى منازلهم، حسب ما أفاد شهود العيان.

وكان عناصر من الجيش الإسرائيلي وسلطة الإدارة المدنية الإسرائيلية قد سلموا أوامر إخلاء ووقف بناء لثلاثين أسرة، قوامها - الأسر - نحو 250 شخصاً، حوالي الساعة الخامسة من صباح يوم 31 مايو/أيار، في الرأس الأحمر، ومنطقة الحديدية القريبة من القرية، طبقاً لشهود ولتوفيق جبارين، المحامي الذي يمثل بعض الأسر المذكورة. وورد في الأوامر أن 18 أسرة في الرأس الأحمر تقيم على مقربة من منطقة عسكرية، وأن أمامها 24 ساعة للمغادرة، دون منحها أي سبيل للطعن في القرار.

وقد أعلنت السلطات الإسرائيلية قبل سنوات أن المنطقة قريبة من منطقة عسكرية وكان بإمكانها إصدار أوامر الإخلاء في أي وقت. وقال مسؤول تنسيق المنطقة طرف سلطة الإدارة المدنية الإسرائيلية لـ هيومن رايتس ووتش إن أوامر الإخلاء صدرت لأنه "من الخطر العيش هنا. فهم [السكان] يمكن أن يتعرضوا للضرر من الذخائر أو التمارين العسكرية" ولم يشرح المسؤول سبب إصدار الأوامر بعد فترة طويلة من إعلان المنطقة منطقة مغلقة، لكن هذه الممارسة ليست نادرة الحدوث، حسب ما أفادت منظمات غير حكومية إسرائيلية وفلسطينية.

وقال جبارين لـ هيومن رايتس ووتش إنه بعد الهدم في 4 يونيو/حزيران "انتقل أغلب المشردين إلى منطقة أخرى من الرأس الأحمر، على مسافة 300 متر تقريباً، فعاد الجيش مجدداً، ليلة السبت [6 يونيو/حزيران] وقال لهم إن عليهم المغادرة" وأضاف أن المشردين يعتمدون على المساعدات.

وبموجب أمر عسكري إسرائيلي صدر عام 1970، يحق للحكومة إخلاء الأشخاص الذين يقيمون في "على مقربة من مناطق عسكرية" دون أي إجراءات قضائية أو إدارية. والفصل 90 من الأمر ورد فيه أن "السكان الدائمين" يمكنهم البقاء في المناطق التي تُعتبر قريبة من مناطق عسكرية، وأن أوامر الإخلاء لا تغير من وضعهم كسكان دائمين. إلا أن المحكمة الإسرائيلية العليا قضت بأنه بما أن الرعاة في المنطقة يرتحلون من مكان لمكان بطبيعتهم، فمصطلح "سكان دائمين" لا ينطبق عليهم.

ويقول السكان إن الرأس الأحمر والحديدية يعود تاريخهما إلى الخمسينيات من القرن العشرين على الأقل. ومستوطنة روعي الإسرائيلية شُيدت بين القريتين في عام 1978. ويقع قسمي مستوطنة روعي في "المنطقة ج" بالضفة الغربية، وهي المنطقة التي تستمتع إسرائيل بسيطرة شبه كاملة عليها بموجب اتفاقات أوسلو لعام 1995.

وقالت سارة ليا ويتسن: "من المدهش أن نرى إسرائيل تُخلي الفلسطينيين من قراهم بالضفة الغربية، وتنتهك مجدداً حقوق الشعب المُحتل، فيما تسمح ببقاء مستوطنة ما كان يجب بناءها في المقام الأول طبقاً للقانون".

وقال جبارين، أنه في 9 يونيو/حزيران منعت المحكمة الإسرائيلية العليا الدولة بصورة مؤقتة من إجراء المزيد من عمليات الإزالة بحق السكان المتبقين في الرأس الأحمر. وقال جبارين إنه في الحديدية، ستحظى سبع أسر نالت أوامر وقف بناء بفرصة الطعن والتقدم بطلبات بتصاريح بناء في جلسة الطعن.

وطبقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فإنه في ديسمبر/كانون الأول 2006، رفضت المحكمة الإسرائيلية العليا طلباً بمنع عمليات هدم في الحديدية، لأن المباني المعنية كانت في منطقة ورد أنها زراعية في الخطط الرئيسية الموضوعة منذ الحماية البريطانية، وتمثل تهديداً أمنياً لمستوطنة روعي القريبة منها. وهدمت السلطات الإسرائيلية بعض المنازل في الحديدية في فبراير/شباط ومارس/آذار 2008، مما أدى لتشريد 60 شخصاً إجمالاً. وبعض الأسر المشردة عادت إلى المنطقة فيما بعد، لكن نظراً لعمليات الإخلاء المتواترة على مدار السنوات، أصبح أكثر من 12 أسرة في الحديدية مشردين بشكل نهائي.

وفيما يحق لإسرائيل - بصفتها القوة المحتلة في الضفة الغربية - في بعض الحالات أن تطالب السكان بمغادرة منازلهم، فيجب ألا تفعل هذا بشكل متعسف وأن تتيح للأشخاص المتأثرين بالقرارات الحق في إجراءات التقاضي السليمة. والمادة 17 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، بالإضافة لمعاهدات أخرى تُعد إسرائيل دولة طرف فيها وتنطبق على الوضع في الضفة الغربية، تحظر تدخل الدولة بشكل متعسف أو غير قانوني في خصوصية مسكن أي شخص.

وسياسة إسرائيل الخاصة بهدم منازل السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية، فيما تسمح ببناء ونمو المستوطنات القريبة، هي سياسة تمييزية. والحظر ضد التمييز مذكور في المادة 2 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ومقنن في مختلف معاهدات حقوق الإنسان الأساسية التي صدقت إسرائيل عليها، ومنها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والاتفاقية الدولية لمناهضة كافة أشكال التمييز العنصري، واتفاقية حقوق الطفل.

وتمنع عمليات هدم المنازل القائمة سكان الضفة الغربية من التمتع بحقهم في المسكن المناسب. وفي التعليق العام رقم 4 للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، التي تراقب التزام الدول الأطراف بالعهد، ورد أن "حق الإسكان يجب ألا يُفسر في معناه الضيق أو المحدود الذي يساويه بتوفير المأوى مثلاً، بأن يكون ثمة سقف فوق رأس المرء، أو باعتبار المأوى وبشكل حصري محض مكان للإيواء لا أكثر، بل يجب أن يُرى على أنه الحق في الإقامة في مكان يكفل الأمن والسلم واحترام الكرامة".

وبعض الأشخاص المُشردين في الرأس الأحمر سبق أن تشردوا من قبل. وأحد عملاء جبارين، عبد الرحيم حسين بشارات، انتقل إلى الرأس الأحمر بعد أن هدمت السلطات الإسرائيلية منزله في قرية الحديدية القريبة، مرتين، أخرهما في عام 2008.

خلفية وشهادات

طبقاً لمنظمة بيمكوم غير الحكومية الإسرائيلية المتخصصة في قضايا التخطيط وتحديد المناطق، فإن الفلسطينيين في الضفة الغربية كثيراً ما يشيدون منازلهم دون التقدم بطلب تصاريح بناء قبل البناء، لأن عملية استصدار التصريح باهظة وتستغرق زمناً طويلاً، وعادة ما لا يصادفها النجاح. وقد رفضت إسرائيل 94 في المائة من طلبات تصاريح البناء المقدمة إليها من فلسطينيين في الضفة الغربية، في الفترة من 2000 إلى 2007، طبقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، وهناك ما يُقدر بثلاثة آلاف أمر هدم إسرائيلي لم يتم تنفيذها بعد في الضفة الغربية، هذا بالإضافة لأوامر الهدم الصادرة للقدس الشرقية. وفي عام 2009، قبل أعمال الهدم في الرأس الأحمر، هدمت إسرائيل 27 مبنى فلسطيني آخر في الضفة الغربية، مما أسفر عن تشريد 120 شخصاً.

وفي وقت سابق من شهر مايو/أيار، أفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن السلطات الإسرائيلية وزعت سبعة أوامر بوقف أعمال البناء في خربة سمرة الواقعة شمالي الحديدية، مما أثر على 35 شخصاً، منهم 22 طفلاً، ووزعت ستة أوامر هدم منحت بموجبها 25 شخصاً - منهم 15 طفلاً - في قلقيلية حداً أقصى 48 ساعة للإخلاء. ويمكن هدم منازلهم الآن في أي وقت.

وكان أبو أحمد - أحد سكان الرأس الأحمر ويبلغ من العمر 62 عاماً - في زيارة لقرية تمون القريبة حين اتصل به أحد الأقارب ليخبره بأن منزله يتعرض للهدم. وقال أحمد لـ هيومن رايتس ووتش إنه حاول العودة، لكن الجنود الإسرائيليون أوقفوه حتى الساعة العاشرة صباحاً، بعد أن فاتت فرصة العودة. وقال: "دمروا من ممتلكاتي خزاناً للمياه وثلاث حظائر للخراف وخيمتين. وكان يعيش هناك 10 أشخاص، والآن تم تدمير منزلنا فلا مكان أمامنا نلجأ إليه. علينا أن نضع غطاءً بلاستيكياً فوق المنطقة التي كان يشغلها المنزل". وأضاف أبو أحمد أنه انتقل إلى الرأس الأحمر بعد أن تكرر هدم السلطات الإسرائيلية لمسكنه في الحديدية، وأخر مرة كانت في عام 2008.

وكان ابن أحمد، صلاح عبد الله بشارات، 28 عاماً، يقيم مع والده في المنزل حين تم تنفيذ الهدم. وقال لـ هيومن رايتس ووتش إن جرافة و14 سيارة جيب تابعة للجيش الإسرائيلية وصلت إلى مسكن الأسرة الساعة 8 صباحاً. وأمر الجنود أفراد الأسرة بمغادرة المنزل، ودخلوا هم، وأبعدوا بعض قطع الأثاث ونحوها جانباً، ثم هدموا الخيام وحظائر الخراف. ويعيش بشارات الآن مع زوجته وثلاثة أطفال في خيمة على مسافة 200 متر من موقع الهدم.

فتحي خضيرات، باحث ميداني في مركز معاً للتنمية، شهد أعمال الهدم في الرأس الأحمر صباح 4 يونيو/حزيران. وقال لـ هيومن رايتس ووتش:

هدم الجنود كل شيء، وصادروا جراراً يخص شخصاً كان قد توقف في المكان لجمع نفايات الحيوانات لاستخدامها كسماد. لكن هؤلاء الناس لا يمكنهم مغادرة هذه المنطقة. إنهم يعتمدون تماماً على تربية الحيوانات. وبعضهم انتقلوا إلى هنا بعد أن هُدمت منازلهم في قرى أخرى. واليوم، فإنهم ما زالوا يعيشون هنا، أو على مبعدة مئات الأمتار من حيث كانوا، وليس لديهم أي ممتلكات.

وقد تكرر هدم السلطات الإسرائيلية للمنازل والممتلكات الأخرى في الحديدية في السنوات الأخيرة. وقال أبو صقر - وهو رجل يبلغ من العمر 59 عاماً وولد في تلك القرية - لـ هيومن رايتس ووتش:

في حالتي أنا، هدموا منزلي أربع مرات. والآن لم يعد لدينا سوى بعض قطع الخشب وخيمة نعيش فيها.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة