قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على الجماعات المسلحة في غزة ولبنان أن تفرج فوراً عن الجنود الإسرائيليين الثلاثة المحتجزين رهائن منذ الصيف الماضي. وعلى إسرائيل أيضاً إطلاق سراح وزراء حماس ونوابها الذين اعتقلتهم في إجراء انتقامي واضح.
وكانت جماعات مسلحة من حماس، ولجان المقاومة الشعبية، وجيش الإسلام، قد نفّذت في 25 يونيو/حزيران 2006 هجوماً ضد قاعدةٍ عسكريةٍ إسرائيلية قرب حدود قطاع غزة فقامت بأسر العريف الإسرائيلي جلعاد شاليط البالغ 20 عاماً. وفي 30 يونيو/حزيران 2006، أصدرت هذه الجماعات بياناً يطالب بالإفراج عن 1000 سجين فلسطيني تحتجزهم إسرائيل مقابل إطلاق سراح شاليط. وبعد أربعة أيام، هددت بأنها "ستعتبر قضية الجندي مُغلقةً" إذا لم تلق مطالبها استجابةً.
وفي ذكرى مرور عام على أسر شاليط، وزعت حماس تسجيلاً صوتياً تحدث فيه الجندي الأسير عن تدهور وضعه الصحي. وكان ذلك أول دليلٍ واضح منذ عامٍ كامل على أنه ما زال حياً يرزق. وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إنها لم تتمكن من الوصول إلى شاليط.
وقالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "لم تتلقَ أسرة العريف شاليط أية أنباءٍ منه لمدة عامٍ كامل. وما زال جنديان إسرائيليان غيره رهن الحجز الانفرادي"، وتابعت تقول: "وعلى الجماعات التي تحتجز هؤلاء الجنود رهائن أن تفرج عنهم فوراً".
وفي 12 يوليو/حزيران 2006 أقدمت قوات حزب الله على أسر الرقيبين إلداد ريجيف وإيهود غولدواسر في نيةٍ معلنة لمبادلتهما بالسجناء اللبنانيين وغيرهم من السجناء العرب المحتجزين في إسرائيل. وتشير التقارير الصحفية إلى أن الجنديين أصيبا بجروحٍ خطيرة؛ وليس من المعروف إذا كانا على قيد الحياة حتى الآن. ولم يدلِ حزب الله بأي تصريحٍ في هذا الصدد، كما لم يسمح للصليب الأحمر بزيارة الجنديين المحتجزين.
ويسبب القلق على مصير شخص محتجز انفرادياً، وانقطاع أخباره، معاناة كبيرة لأفراد أسرته. وتهدف قوانين الحرب إلى ضمان تمكن جميع الأشخاص المجردين من الحرية من التواصل مع أسرهم والاستفادة من المساعدة الإنسانية. وفي هذه الظروف، يمكن للصليب الأحمر أن يلعب دوراً إنسانياً أساسياً من خلال عرضه زيارة جميع الأشخاص المجردين من حريتهم بغية التحقق من ظروف احتجازهم وإعادة صلتهم بأسرهم. وعلى الجماعات التي تحتجز الجنود الإسرائيليين أن تسمح للصليب الأحمر بزيارتهم فوراً.
كما تحظر قوانين الحرب أخذ الرهائن؛ وهو بالتعريف التهديد بإيقاع الأذى أو باستمرار احتجاز أحد الأشخاص بغية إجبار طرفٍ آخر على فعل أمرٍ ما أو على الامتناع عن فعل أمرٍ ما، وذلك كشرطٍ لإطلاق سراح الرهينة. ويفرض القانون الدولي على الأطراف المتقاتلة في نزاعاتٍ لا تدور بين حكومةٍ وأخرى إطلاق سراح المحتجزين بمجرد انتفاء الأسباب التي أوجبت احتجازهم. ولا يجوز أن تكون هذه الأسباب غير قانونية. وبما أن حماس وحزب الله أوضحا أنهما ماضيان في احتجاز الجنود الإسرائيليين الثلاثة حتى يتم إطلاق سراح من تحتجزهم إسرائيل (أي أنهما يحتجزانهم رهائن)، فإن عليهما الإفراج عنهم فوراً.
وبما أن السلوك غير القانوني من جانب أحد الأطراف لا يبرر سلوكاً غير قانوني من جانب الطرف الآخر، فإن هيومن رايتس ووتش تدعو إسرائيل أيضاً إلى الامتناع عن أية ممارساتٍ غير قانونية بهدف إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين. فبعد أربعة أيام من اتخاذ العريف شاليط أسيراً في غزة، احتجز الجيش الإسرائيلي في 29 يونيو/حزيران 2006 ثمانيةً من وزراء حماس، فضلاً عن 20 شخصاً على الأقل من نوابها في المجلس التشريعي الفلسطيني في الضفة الغربية، وذلك وفقاً لما ذكرته صحيفة نيويورك تايمز. وقد تم إطلاق سراح ستة منهم في وقتٍ لاحق.
وتتهم إسرائيل نواب حماس، الذين ما زالوا رهن الاحتجاز، "بالعضوية في منظمة غير مشروعة"؛ إلا أن ثمة أدلةً تشير إلى أنهم محتجزين بهدف التوصل إلى إخلاء سبيل العريف شاليط. ففي 29 يونيو/حزيران 2006، وبعد ساعاتٍ من اعتقال أعضاء حماس، نقلت وكالة أنباء أسوشييتد برس عن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية مارك ريجيف قوله: "إذا تحرك الفلسطينيون الآن للإفراج عن العريف شاليط وأعادوه إلينا؛ فسوف نعمد فوراً إلى تقليل حدة التوتر إلى حدٍّ كبير..... فالعريف شاليط هو الموضوع الرئيسي، وهو السبب الأول للأزمة". وفي اليوم عينه، أفادت أسوشييتد برس بأن اللواء يائير نافيه، مدير القيادة المركزية في الجيش الإسرائيلي، وعند سؤاله عما إذا كان سيجري الإفراج عن مسؤولي حماس إذا أطلقت سراح شاليط، أجاب: "أظن هذا. فقد جاء قرار اعتقالهم من المستوى السياسي..... وأعتقد أن منظور المستوى السياسي يمكن أن يتغير". إلا أن الكثير من المسؤولين الإسرائيليين الآخرين ينكرون أن اعتقال أعضاء حماس كان من أجل الإفراج عن شاليط.
وفضلاً عما تقدم، تقول صحيفة جيروسالم بوست، وغيرها من المصادر الصحفية، إن إسرائيل قامت أثناء النزاع المسلح في لبنان عام 2006 بنقل جثث 13 مقاتلاً على الأقل من حزب الله إلى داخل إسرائيل بغية استخدامها في التفاوض مع حزب الله. وهذه ممارسةٌ تنتهك ما تفرضه قوانين الحرب على أطراف النزاع من السعي إلى تسهيل إعادة رفات القتلى إلى بلدانهم أو تسليهما إلى أقاربهم.
وقالت سارة ليا ويتسن: "لم تبدأ إسرائيل اعتقال نواب حماس ووزرائها ممن شاركوا في الانتخابات الفلسطينية التي وافقت إسرائيل على إجراءها عام 2006 إلا بعد أسر العريف شاليط". وأضافت: "ولا يجوز أن تكون الاعتقالات التعسفية جزءاً من رد إسرائيل على أخذ الرهائن".
للاطلاع على بيان هيومن رايتس ووتش الصادر في يونيو/حزيران 2006 عن اتخاذ العريف شاليط رهينة، يُرجى زيارة:
https://www.hrw.org/arabic/docs/2006/06/29/isrlpa13691.htm