Skip to main content

الأبطال المجهولون

نُشر في: The Daily Star

ليس هناك الكثير لنحتفل به في يوم حقوق الإنسان هذا العام. الانتهاكات الجسيمة ت رتكب يومياً في سوريا، والعراق، وليبيا. كما يذوق اللاجئون من سوريا والعراق مرارة الجوع جراء قيام دول الجوار بإغلاق حدودها لتدريجيا  وسط تضاؤل المُساعدات الدولية. وفي مصر، تصدر السلطة القضائية، والتي كانت مؤسسة تفتخر في الماضي باستقلالها، المئات من أحكام الإعدام دون مُراعاة أي من الإجراءات القانونية السليمة. الكراهية الطائفية تملأ موجات الأثير، في حين يتم الزج بالمدونين الذين ينتقدون الحُكام في السجون. وفي ذات الوقت، تلقى النساء مُعاملة المواطنين من الدرجة الثانية في كل دول العالم العربي تقريباً.

تتعرض حقوق الإنسان للهجوم. ولا يتأتي هذا فقط من جانب الجماعات المُتطرفة مثل الدولة الإسلامية (داعش)؛ والتي ترفض صراحة المعايير الدولية لحقوق الإنسان، ولكن من جانب الحكومات السلطوية أيضاً، والتي تسعى إلى إسكات صوت أي معارضة أو مُطالبات اجتماعية قد تتحدى سلطتها أو تعمل على إضعافها. ومن أجل تحقيق هذه الأهداف، لم تعد هذه الحكومات تكتفي بالاعتماد على أجهزتها الأمنية القمعية ، بل أطلقت العنان على نحو متزايد لوسائل الإعلام من أجل حشد الدعم الشعبي لإجراءاتها القمعية تحت غطاء مُحاربة الإرهاب والمؤامرات الخارجية. كما تطال هذه الهجمات المُدافعين عن حقوق الإنسان.

إن حاولت الدفاع عن حقوق أعضاء جماعة الإخوان المسلمين في مصر، أو عن حقوق المُلحدين أو المثليين جنسياً في المملكة العربية السعودية أو إيران، فلن يقتصر الأمر على اتهامك بالتآمر ضد الدولة من جانب المسؤولين، بل ستشارك عدة وسائل إعلام في شن حملة ضدك، وضد أسرتك في بعض الأحيان. ولكي تتأكد، حاول أن تسأل العديد من النشطاء المصريين الذي اضطروا إلى مُغادرة بلدهم العام الماضي تحت وطأة الترهيب المُستمر، أو خوف الاعتقال. حتى المعاقل التقليدية لحرية التعبير في المنطقة مثل الكويت ولبنان، أصبحت تشهد المزيد من عدم التسامح إزاء موضوعات بعينها؛ مثل انتقاد الأمير في الكويت أو، إلى حد أقل، انتقاد الجيش في لبنان.

إن عمل حقوق الإنسان لم يكن أبداً يتمثل فقط بتبني قضايا ذات شعبية. اهمية حقوق الإنسان هي أنها تهدف إلى العمل كرقيب على الانتهاكات التي تُمارس بحق الضعفاء أو المهمشين؛ ومن بينهم هؤلاء الذين تبغضهم الغالبية العظمى في أي بلد من البلدان. يعني هذا الدفاع عن حقوق الجماعات الذين يتم اعتبارها غالباً من "الغرباء" مثل اللاجئين والمهاجرين، إلا أنه يتضمن أيضاً الدفاع عن الأفراد الذين يتم تصويرهم غالباً للرأي العام على أنهم "لا يستحقون" التمتع بحماية حقوق الإنسان؛ مثل المُشتبه في تورطهم بأعمال إرهابية. وبعبارة أخرى، لكي تؤمن بحقوق الإنسان، عليك الإيمان بالمبدأ بغض النظر عن ضحية انتهاك حقوق الإنسان، أوالموقف الشخصي الذي قد يتبناه المرء من الضحية: لا يتوقف تطبيق مبدأ حظر التعذيب والحق في مُحاكمة عادلة إذا ما كان الضحية مشتبها بالإرهاب، أو شخصاً كالقذافي، أو صدام حسين، أو ربما ذات يوم بشار الأسد، حتى وإن أنكر هؤلاء هذه الحقوق على الآخرين. 

لقد رفض العديد من النشطاء في المنطقة المُساومة على هذه المبادئ، ودفعوا ثمناً باهظاً نتيجة لذلك، من أرواحهم أو حريتهم أحياناً. وقد استمر أشخاص مثل علاء عبد الفتاح في مصر، ونبيل رجب في البحرين، في الاحتجاج والاعتراض على القوانين غير العادلة في بلادهم رغم الزج بهم في السجن عدة مرات. والأمر نفسه ينطبق على رزان زيتونة، التي عملت لسنوات على توثيق انتهاكات الحكومة السورية لحقوق الإنسان، وعانت الاضطهاد جراء ذلك، حتى تعرضت للخطف على يد مجموعة مُتمردة في 9 ديسمبر/كانون الأول 2013، ومن المحتمل أن يكون السبب هو عملها الحقوقي في المناطق الخاضعة لسيطرتهم. 

إن التزام هؤلاء النشطاء هو ما يُكسب شعار هذا العام ليوم حقوق الإنسان معناه؛ حقوق الإنسان 365، والذي يهدف إلى تسليط الضوء على أن حقوق الإنسان هي لكل فرد طوال الوقت. لقد أدرك مغزى هذه الرسالة حقاً نشطاء من قبيل علاء، ونبيل، ورزان؛ الذين يظهرون لنا يوماً بعد يوم معنى الالتزام الحقيقي بحقوق الإنسان. وأقل ما يمكننا القيام به في يوم حقوق الإنسان هذا العام هو تسليط الضوء على جهدهم وتكريمه، واستئناف جهودنا من أجل احترام حقوقهم. هذا هو أقل ما يمكننا القيام به حيال أشخاص عملوا 365 يوماً في العام من أجل حقوق الآخرين.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة