Skip to main content

على مدى عامين، ومع إدانة الولايات المتحدة الانتهاكات الجسيمة ضد المتظاهرين في أنحاء الشرق الأوسط، غضت الطرف عن اعتداءات بنفس الدرجة من الجسامة في البحرين، هذا البلد صغير والحليف المهم لواشنطن. وفيما لم يظهر أي بادرة على توقف الانتهاكات في المنامة، فإن الولايات المتحدة بحاجة إلى تصعيد نبرتها، قبل فوات الأوان.

الأسبوع الماضي، قضت محكمة بحرينية بعقوبات قاسية بالسجن لمدد تصل إلى 15 عاما على 50 شيعيا، بينهم الناشط الحقوقي ناجي فتيل، بعد محاكمة جماعية زعمت ارتباط النشطاء بحركة "14 فبراير"، التي تدعى الحكومة أنها تعمل على الإطاحة بالنظام. 14 فبراير/شباط هو تاريخ بدء اندلاع حركة الاحتجاج في 2011. لا يزال قادة تلك الاحتجاجات السلمية في الأغلب الأعم في السجن وانضم إليهم نشطاء آخرون على مدى العامين الماضيين أدينوا لمجرد ممارستهم حقوق التعبير وتكوين الجمعيات (التنظيم)، والتجمع السلمي.

قبل أسبوع من صدور الحكم، أشار الرئيس الأمريكي باراك أوباما بصورة غير متوقعة إلى البحرين، إلى جانب العراق وسوريا، بوصفها بلدا مشحونة بالتوترات الطائفية التي تتحدى الديمقراطية والاستقرار في المنطقة، وهذا في كلمة له ألقاها في 24 سبتمبر/ أيلول في الجمعية العامة للأمم المتحدة. دفعت هذه الإشارة وزير الخارجية البحريني إلى إصدار بيان يمدح ثقافة التسامح في البحرين. ثم رد السفير الأمريكي أيضا، معتبرا أن الخطاب لم يعبر عن مجتمع البحرين المتقدم والمنفتح.

الإشارة الرئاسية كدرت صفو المنامة ـ وهي علامة أكيدة على النفوذ الدبلوماسي الأمريكي هناك ـ لكنها لم تكن كافية لوقف الحُكم في قضية الأسبوع الماضي.

أغلب البحرينيين من الشيعة، لكن البلد محكومة بنظام ملكي استبدادي سني، وقد أبدى هذا النظام عدم رغبته في الإصلاح، رغم وجود عدد من المبادرات التجميلية. تاريخيا، لعبت الجماعات المدنية دورا مهما في صياغة النقاش السياسي الدائر في البحرين، لكن الحكومة دأبت على تقويض تلك الجماعات بالتشريعات المقيدة. استخدمت قوات الأمن على نحو متصاعد القوة الغاشمة، لا سيما في مواجهة احتجاجات سلمية. تجري محاكمة معتقلين مدنيين في محاكمات صورية، مع العديد من الحالات الموثقة بتعريضهم للتعذيب من أجل انتزاع الاعترافات.

مما لا شك فيه أن إدارة أوباما لم تتوخى الصمت حيال الأزمة السياسية المتصاعدة في البحرين، لكنها لم تتخذ موقفا قويا أو متسقاً. هذا أساسا لأن البحرين هي حليف استراتيجي وقاعدة لأسطول البحرية الأمريكية الخامس. وتقع في منطقة الخليج الغنية بالنفط،بالتجاور مع إيران في الشمال، وترتبط البحرين بالمملكة العربية السعودية عن طريق جسر يبلغ طوله 16 ميلا. هناك شراكة أمنية لإدارة أوباما مع البحرين تحمل في طياتها تأثيرا على العائلة الحاكمة هناك. لكن هذا النفوذ سيضيع إذا اعتمدت الحكومة على القمع ما يدفع المجتمع إلى نقطة الغليان، ما قد يؤدي إلى فقدان الأسطول الخامس لمكانه. 

في مايو/ آيار 2011، أثار أوباما مخاوف بشأن البحرين خلال خطابه المحوري حول الانتفاضات العربية. أعلن أن "الاعتقالات الجماعية والقوة الغاشمة تخالف حقوق المواطنين في البحرين". وأشار إلى أنه "لا يمكنك إقامة حوار حقيقي حين يكون جزءا من المعارضة السلمية في السجن".

تم الترحيب بهذه التصريحات باعتبارها بادرة على أن الإدارة تعتزم الاستعانة على الأقل ببعض من نفوذها الدبلوماسي. عقب الخطاب، وكرد فعل على تزايد الضغط من الكونغرس، قررت الإدارة الأمريكية حجب المعدات العسكرية التي من المحتمل أن تستخدم ضد المتظاهرين ـ بما في ذلك السيارات المدرعة والأسلحة المضادة للدبابات، وبعض الأسلحة الصغيرة والخفيفة.

في بدايات 2012، أشار المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية أن الإدارة "ستوقف معظم المساعدات الأمنية للبحرين في انتظار إحراز مزيد من التقدم على مسار الإصلاح". لكن بعد أقل من خمسة أشهر، تزامنا مع زيارة ولي عهد مملكة البحرين الأمير سلمان بن حمد آل خليفة لواشنطن، أعلنت الإدارة عن مبيعات عسكرية محتملة للبحرين. ومنذ ذلك الحين، تراجعت الإدارة عن الضغط الشعبي على الحزب الحاكم. نتيجة لذلك، عانت الولايات المتحدة من تناقض وعدم اتساق وهو ما يعني عدم مصداقية الالتزام بالضغط من أجل إصلاح حقيقي.

على سبيل المثال، حين اعتقلت السلطات مؤخرا خليل المرزوق، نائب زعيم الوفاق وهي أكبر جماعة معارضة، بتهمة "التحريض على الإرهاب" في خطاب له ـ رغم تصريحاته الواضحة بعكس ذلك ـ بالكاد اتخذت وزارة الخارجية في البداية أي رد فعل. وبدلا من الدعوة لإطلاق صراح المرزوق، انتقد المتحدثة الرسمية باسم الخارجية الأمريكية انسحاب المعارضة من الحوار الوطني. ثم سارت الأمور على نحو متسارع في اليوم التالي، واشارت إلى قلقها بشأن اعتقال المرزوق، وحثت الحكومة البحرينية على "الوفاء بالتزاماتها بحماية حرية التجمع وتكوين الجمعيات، وحرية التعبير". لكن الضرر كان قد وقع بالفعل.

بدلا من أن تلجّم خطابها، يجب على إدارة أوباما وضع نهج أقوى وأكثر ملائمة. تحديدا، يتعين على الإدارة الوفاء بمطالبتها البحرين على الاستجابة لتوصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق ـ التي عينها الملك لكشف الاعتداءات التي وقعت أثناء وعقب احتجاجات 2011.

لقد توصل تقرير وزارة الخارجية الأمريكية للكونغرس إلى أن البحرين قد نفذت خمسة بنود فقط من 26 بندا من توصيات اللجنة. في نحو عامين منذ صدور التوصيات، لم يكن هناك أي ردود فعل من قبل الولايات المتحدة للتراجع وعدم اتخاذ موقف.

بالإضافة لذلك، فالولايات المتحدة بحاجة للسعي للوصول إلى جميع النشطاء السياسيين المعتقلين والضغط علناً للإفراج عنهم. الاكتفاء بدعوة جميع الأطراف للعودة إلى عملية الحوار الوطني الزاخرة بالمشكلات لا معنى لها حينما يكون الكثير من المشاركين وراء القضبان. وأخيرا، فإن الإدارة بحاجة للالتقاء علنا وبصورة منتظمة بالنشطاء البحرينيين المتبقين خارج السجن لإظهار تضامنها معهم.

إذا كانت الولايات المتحدة تحاول كسب نفوذ لدى حكام البحرين من خلال الحد من انتقادها، فليس ثمة دليل على أن هذا النهج يصنع أي فارق. في الحقيقة، يبدو أن هذا ما سيجعل الوضع السيئ أسوأ.

سارة مارغون هي مديرة مكتب هيومن رايتس ووتش في واشنطن. ماري لوري مسؤولة بمكتب  هيومن رايتس ووتش في  واشنطن.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة