Skip to main content

(واشنطن) ـ أصدرت هيومن رايتس ووتش اليوم التصريح التالي فيما يتعلق بطلبات اللجوء التي قدمها المتعاقد السابق لوكالة الأمن القومي إدوارد سنودن.

تشير إفشاءات سنودن بشأن عمليات المراقبة الهائلة لبيانات الاتصالات التي أجرتها الولايات المتحدة وبريطانيا إلى انتهاك خطير للحق في الخصوصية. وإذا صحت تلك الإفشاءات فإنها تشير إلى جمع بيانات عن اتصالات وارتباطات وتحركات ملايين الأشخاص العاديين الذين لا يوجد اشتباه في ارتكابهم لجرائم أو اعتبارهم مصدر تهديد. ويتسم جمع البيانات على هذا النحو العشوائي عديم التمييز بأنه فضفاض في جوهره، ولا يمكن تبريره بافتراض إمكانية الاستفادة منه في المستقبل ضد التهديدات المحتملة الواقعة على هذين البلدين.

كثيراً ما يجرّم القانون إفشاء الأسرار على أيدي موظفي الحكومات أو وكلائها، لكن القانون الدولي يعترف بأن كشف الأسرار الرسمية هو أمر مبرر أحياناً للصالح العام. وقد يكون ضرورياً بوجه خاص لفضح الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والوقاية منها، بما في ذلك المراقبة المفرطة أو غير المبررة. وتبين المبادئالدولية الخاصة بفضح انتهاكات الأمن القومي الظروف المختلفة التي يتعين على الحكومات بموجبها حماية الأشخاص من العقوبة إذا أفشوا معلومات تتعلق بالشأن العام. 

أما حماية فاضحي الانتهاكات في الولايات المتحدة فإنها تقصر كثيراًعن هذه المعايير بالنسبة للأشخاص الذين يفشون انتهاكات في مجال الأمن القومي. إن القانون الأمريكي بكل بساطة لا يوفر لفاضحي انتهاكات الأمن القومي حماية كافية من التنكيل أو العقاب على إفشاء معلومات للصالح العام.

يواجه سنودن تهماً مختلفة أمام المحكمة الفدرالية الأمريكية، وقد يؤدي بعضها إلى أحكام بالسجن المطول، وتشمل تهماً موجهة بموجب قانون التجسس الأمريكي الذي عفا عليه الزمن. لقد قامت الحكومة الأمريكية بتفسير هذا القانون الغامض بطرق لا تتفق مع القانون الدولي لحقوق الإنسان، إذ لم تنص على استثناءات أو تدابير دفاع كافية لفاضحي الانتهاكات الذين يفشون أموراً ذات أهمية جسيمة للشأن العام.

ثم أنه لا توجد سوابق تذكر تبين الكيفية التي يمكن لمحكمة أمريكية أن تفسر بها قانون التجسس في هذه القضية. لكن الحكومة الأمريكية تحاججت في الماضي بأن [هذا] القانون لا يلزمها ، ضمن أمور أخرى، بأن تثبت إما انعقاد نية فاضح الانتهاكات على المساس بالمصلحة القومية، أو تسبُّب نشر المعلومات في [إحداث] ضرر حقيقي.

ونتيجة لهذا يمكن لسنودن أن يقيم مطالبته بحق اللجوء على أساس أنه إذا أعيد للولايات المتحدة فقد يواجه ضرراً بالغاً بسبب آرائه السياسية ـ أي رأيه القاضي بضرورة إطلاع الجمهور العام على تعدي الحكومة الهائل على حقوق الخصوصية. ويجوز له أن يدفع بأن القانون، بما أنه لا يوفر لفاضحي الانتهاكات حماية يعتمد عليها، أو تدابير دفاع، أو استثناءات، فإن من شأن احتمالات الملاحقة القضائية وربما العقوبة القاسية أن تسبب له ضرراً بالغاً، وهذا كما يشترط القانون الدولي للاجئين.

علاوة على هذا فإن أوضاع السجون الأمريكية، سواء بالنسبة للمحتجزين على ذمة المحاكمة أو من يقضون عقوباتهم، تمثل عبئاً كبيراً، يشمل الحبس الانفرادي المطول وغير ذلك من القيود المفروضة على التواصل. وسوف يكون على أي بلد يدرس طلباً أمريكياً بالتسليم أن يقيّم مدى تعرض سنودن لخطر المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة إذا أعيد لمحاكمته أمام محكمة أمريكية.

إن على أي بلد يطالب سنودن بحق اللجوء إليه أن يدرس طلبه بإنصاف وأن يحمي حقوقه بموجب القانون الدولي. وقد يكون صحيحاً أن بعض البلدان التي يرجح أن تبدي أكبر مقاومة للضغوط الأمريكية لإعادته وملاحقته قضائياً تمتلك هي نفسها سجلات رديئة في مجال حماية منتقديها ومعارضيها. لكن هذا لا يصلح سبباً كي تُسقط اشتراطات القانون الدولى للاجئين في حالة سنودن.

وعلى أي بلد يجهر بالدفاع عن سنودن أن يضمن لمواطنيه أيضاً حقوق حرية التعبير، كما لمنتقديه وفاضحي الانتهاكات فيه، وحقوق شعبه في حرية المعلومات. وعلى الولايات المتحدة أيضاً أن تتذكر أنها ظلت لعقود طويلة تمنح اللجوء السياسي لأشخاص يعانون من عقوبات قاسية بسبب انتقادهم لحكوماتهم، فلا يجب عليها تطبيق معيار مزدوج بالعمل ضد الحكومات الأخرى التي قد تمنح حق اللجوء في هذه القضية. 

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة