Skip to main content

سوريا ـ هجمات صاروخية غير مشروعة تقتل أكثر من 140

التصعيد التكتيكي الأخير يهدد المدنيين

(كيلس) ـ قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن الحكومة السورية أطلقت 4 صواريخ باليستية على الأقل فأصابت مناطق مأهولة بالسكان في مدينة حلب وبلدة بمحافظة حلب خلال أسبوع 17 فبراير/شباط 2013. قتلت الهجمات أكثر من 141 شخصاً، بينهم 71 طفلاً، وأدت إلى دمار مادي واسع النطاق.

يوحي مدى الدمار الناجم عن الهجمة الواحدة، وغياب الطائرات عن المنطقة وقتها، والتقارير التي تفيد بانطلاق صواريخ باليستية من قاعدة عسكرية قريبة من دمشق، يوحى هذا كله على نحو لا يدحض بأن القوات الحكومية استخدمت الصواريخ الباليستية في ضرب المنطقة. زارت هيومن رايتس ووتش مواقع الهجوم الأربعة، وكلها في مناطق سكنية، ولم تجد أثراً لأهداف عسكرية حول المواقع الأربعة، مما يعني أن الهجمات غير مشروعة.

قال أوليه سولفانغ، باحث الطوارئ في هيومن رايتس ووتش الذي زار المواقع: "زرت العديد من مواقع الهجوم في سوريا، لكنني لم أر مثل هذا الدمار قط. يظن المرء أن الأوضاع لا يمكن أن تتدهور أكثر من هذا، فإذا بالحكومة السورية تجد طريقة لتصعيد تكتيكاتها العسكرية".

أعدت هيومن رايتس ووتش قائمة بأسماء القتلى من سجلات المدافن ومن المقابلات مع الأقارب والجيران، ومن معلومات مستمدة من مركز حلب الإعلامي ومركز توثيق الانتهاكات، وهو شبكة من النشطاء المحليين.

في نحو منتصف ليل 18 فبراير/شباط سقط صاروخ على حي جبل بدرو في حلب، فقتل 47 شخصاً على الأقل، بينهم 23 طفلاً. بحسب السكان المحليين، بدأت القوات الحكومية قصف موقع الهجوم بعد نحو 20 دقيقة من سقوط الصاروخ، فجرحت عدة أشخاص. وقبيل السادسة من مساء 22 فبراير/شباط، سقط صاروخ على حي طريق الباب في القسم الشرقي من حلب، فقتل 13 شخصاً على الأقل، بينهم 8 أطفال. بعد دقائق لا غير، سقط صاروخ على حي أرض الحمرا القريب، فقتل 78 شخصاً على الأقل، بينهم 38 طفلاً.

كانت الأحياء الثلاثة، وكلها في القسم الشرقي من حلب، تخضع لسيطرة المعارضة. ورغم تنقل مقاتلي المعارضة في أرجاء المناطق التي يسيطرون عليها إلا أن الأحياء الثلاثة لم تشهد معارك أرضية منذ شهور، بحسب السكان المحليين. تقع مقرات القيادة العسكرية الخاصة بالمعارضة، المعروفة لـ هيومن رايتس ووتش، في أحياء أخرى.

 

في توقيت الهجمات كان كثيرون ممن فروا من القتال في أغسطس/آب 2012 قد عادوا إلى المنطقة، علاوة على النازحين من أجزاء أخرى من محافظة حلب. ثمة قتال يدور حول مطار حلب الدولي، جنوبي الأحياء المهاجَمة، لكن السكان المحليين الذين أجرت هيومن رايتس ووتش معهم مقابلات في كل موقع من مواقع الهجوم قالوا إنه لم تكن هناك قاعدة لمقاتلي المعارضة في المنطقة ولم يشن مقاتلو المعارضة هجمات من هذه الأحياء. تأكدت هيومن رايتس ووتش أثناء زيارتها من وجود قتال نشط قرب المطار، ولكن ليس في تلك الأحياء.

أصابت الهجمة الصاروخية الرابعة التي وثقتها هيومن رايتس ووتش تل رفعت، وهي بلدة في ريف حلب، في نحو الساعة 9:30 مساء 18 فبراير/شباط، فقتلت 3 أشخاص بينهم فتاتان. ورغم أن تل رفعت لم تشهد معارك برية منذ شهور، إلا أن سكان حلب قالوا لـ هيومن رايتس ووتش إن القوات الحكومية في المطار القريب الواقع تحت هجوم المعارضة قصفت البلدة مراراً، فأدت بأغلبية السكان إلى الفرار. التقت هيومن رايتس ووتش في زيارات سابقة بقادة للمعارضة في تل رفعت، ولكن ليس في المنطقة التي تعرضت للهجوم. قال سكان محليون لـ هيومن رايتس ووتش إنه لم يكن هناك وجود للمقاتلين.

تشير أبحاث هيومن رايتس ووتش إلى مقتل 141 شخصاً على الأقل، بينهم 71 طفلاً، في الهجمات الأربع. لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من التحقق من الاسم الأول لستة أشخاص من جملة الضحايا الـ141 الموثقين.

قالت هيومن رايتس ووتش إن من المرجح أن يكون العدد الإجمالى للضحايا أكبر. بما أن عائلات عديدة غادرت المنطقة بعد الهجمات ودفنت أفرادها القتلى في القرى المحيطة فالأرجح أن تكون السجلات ناقصة.

قال أقارب الضحايا في مواقع الهجوم لـ هيومن رايتس ووتش إنهم واصلوا البحث عن الأشخاص الذين تشير التقديرات إلى بقائهم أحياء تحت الأنقاض. أثناء زيارة هيومن رايتس ووتش لموقع الهجوم في أرض الحمرا في 24 فبراير/شباط، بعد الهجمة بيومين، عثر السكان المحليون على جثة سيدة كانت مدفونة تحت الأنقاض. وقال أحد أفراد عائلتها لـ هيومن رايتس ووتش إنهم ما زالوا يبحثون عن أفراد آخرين من عائلتها.

في كل موقع من المواقع، أسفر الهجوم عن تدمير تام لما بين 15 و20 منزلاً، وتلفيات لا يستهان بها في أعداد أكبر.

لم تعثر هيومن رايتس ووتش على بقايا أسلحة في مواقع الهجوم، ومن ثم لم تتمكن من التعرف على الأسلحة المستخدمة بدقة. إلا أن مجموعة من النشطاء المحليين في ريف دمشق أفادوا على صفحتهم بموقع فيسبوك بأنهم لاحظوا انطلاق صواريخ نحو الشمال قبل ثلاث هجمات من الأربع.

في الساعة 9:38 من مساء 18 فبراير/شباط، نشرتالتنسيقية المحلية بمدينة يبرود على صفحتها بموقع فيسبوك أنها لاحظت "صاروخاً من طراز سكود" في السماء فوق يبرود الساعة 9:05 مساءً، يتجه نحو شمال سوريا. قال شهود في تل رفعت لـ هيومن رايتس ووتش إن صاروخاً أصاب البلدة في نحو الساعة 9:30 مساء 18 فبراير/شباط.

وعلى نحو مماثل، أفادتتنسيقية يبرود في 22 فبراير/شباط بأنها رأت ثلاثة "صواريخ من طراز سكود" تطير شمالاً في نحو الساعة 5:30 مساءً. وقبيل السادسة مساءً، أفادتتنسيقية يبرود بسقوط الصواريخ على حلب. لم توثق هيومن رايتس ووتش أي تحذير من الهجمات التي أصابت حي جبل بدرو في حلب في حوالي منتصف ليل 18 فبراير/شباط.

يتفق مستوى الدمار الناجم، وشهادات الشهود التي تصف انفجاراً واحداً بكل موقع، مع استخدام الصواريخ الباليستية. كما قال بعض الشهود لـ هيومن رايتس ووتش إنهم لم يروا أو يسمعوا أية طائرات قبل الهجوم أو بعده، مما يبعد احتمال أن تكون الهجمات غارات جوية.

تقوم سوريا بتخزين عدة أنواع من الصواريخ الباليستية، بحسب المطبوعة الموثوقة "ميليتاري بالانس 2011" الصادرة عن المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية.

أنكرأحد مسؤولي الحكومة السورية استخدام السلطات لصواريخ سكود ضد المعارضة. إلا أن عدداً من مقاطع الفيديوالمنشورة على موقع يوتيوب بتواريخ مختلفة تظهر قوات عسكرية سورية وهي تطلق صواريخ باليستية. علاوة على هذا فقد تم التعرف على أحد الأسلحة المستخدمة في الهجوم على بليون بجبل الزاوية في ديسمبر/كانون الأول 2012، واتضح أنه صاروخ باليستي من طراز "لونا-إم" (المعروف أيضاً بـ"فروغ-7")، بحسب علامات التعريفالموجودة على بقاياه.

استخدمت القوات الحكومية السورية الصواريخ الباليستية لأول مرة في ديسمبر/كانون الأول 2012، بحسب تقرير للنيويورك تايمز.  ومنذ ذلك الحين أحصى النشطاء أكثر من 30 هجمة بمثل هذه الصواريخ قبل الهجمات الموثقة في هذا التقرير. وقالوا إن عدداً منها سقط في حقول دون إحداث تلفيات تذكر. زعم نشطاء يبرود على صفحتهم بموقع فيسبوك أن الحكومة أطلقت الصواريخ من قاعدة النصيرية الجوية القريبة، شمالي مدينة دمشق. كما اتهمت لجان التنسيق المحلية، وهي شبكة من نشطاء المعارضة، اتهمت اللواء 155 المتمركز قرب دمشق بإطلاق الصواريخ.

قال أوليه سولفانغ: "يعد استخدام هذه الحكومة للصواريخ الباليستية ضد شعبها دركاً جديداً من التدني، حتى بالنسبة لها. لم يكن هناك أثر للمقاتلين أو قواعدهم في تلك المناطق، بل مدنيون فقط، وكثير منهم من الأطفال". 

 

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الموضوع

الأكثر مشاهدة