Skip to main content

تونس: يتبغي إنهاء هجمات الشرطة على المتظاهرين

أمام الملأ يُظهر الحاجة إلى كبح جماح قوات الأمن

(تونس العاصمة) - قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن عنف الشرطة ضد المتظاهرين الأخير في تونس العاصمة يؤكد حاجة حكومة تونس الانتقالية للقطع مع وسائل الماضي القمعية والوحشية. في 29 يناير/كانون الثاني 2011، لاحظت هيومن رايتس ووتش أعوانا في زي رسمي يضربون شابا بأيديهم وبالهراوات خلف حافلة للشرطة في الشارع الرئيسي في العاصمة. وفي وقت لاحق يوم 29 يناير/كانون الثاني، اعتدت الشرطة على مصور فرنسي وحطموا كاميرته بينما كان يصورهم وهم يضربون بالهراوات ويركلون شبابا آخرين.

وقالت هيومن رايتس ووتش، ينبغي لوزير الداخلية الجديد، فرحات الراجحي، أن يصدر أوامر واضحة لجميع قوات الشرطة باحترام حرية التجمع واستخدام القوة فقط في حالة الضرورة القصوى. وينبغي للسلطات التحقيق الفوري ومحاكمة الضباط الذين استخدموا القوة غير المشروعة الموجهة ضد المتظاهرين.

وقالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "التونسيون، الذين هللوا لحريتهم الجديدة في الكلام والتظاهر، يشاهدون أيضا مشاهد الشارع - والصور المتلفزة - عن الشرطة وهم يضربون المتظاهرين". وأضافت: "ينبغي للحكومة أن تُوضح أنه ستتم معاقبة الضباط الذين يعتدون على الناس".

وتدير الشرطة عمليات ضرب عديد للمتظاهرين في تونس العاصمة في الأيام الأخيرة، وفقا لمحامين ونشطاء حقوق الإنسان تونسيين، بمن فيهم مختار الطريفي، رئيس الرابطة التونسية لحقوق الإنسان. ويرتبط الكثير من عنف الشرطة في تونس العاصمة باعتصام طيلة أسبوع في ساحة كبيرة أمام "القصبة"، مقر الحكومة الوطنية"، من طرف المحتجين الذين يطالبون بالإطاحة جميع الوزراء الذين خدموا تحت تحت حكم الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي. إجراءات الشرطة للسيطرة ومن ثم، في 28 يناير/كانون الثاني، طرد المتظاهرين أدت إلى مناوشات انطوت على قذف بالحجارة من قبل المتظاهرين واستخدام الغاز المسيل للدموع من قبل الشرطة، سواء في ساحة القصبة أوفي قلب المدينة.

وقالت سارة ليا ويتسن: "هذه الوحشية تزيد من التوتر وتدل على أن عناصر الشرطة لا يزالون يتصرفون كما لو أنهم فوق القانون، على الرغم من رحيل زين العابدين بن علي".

في يوم 29 يناير/كانون الثاني، وعلى الساعة 5 مساء، لاحظ باحثان من هيومن رايتس ووتش على شارع الحبيب في وسط تونس العاصمة العديد من رجال الشرطة بالزي الرسمي يضربون شبابا داخل حافلة الشرطة بأيديهم وبالهراوات.

وأوضح شرطي في زي رسمي كان يقف قرب السيارة، عندما سُئل عما كان يحدث، إن الشباب كانوا "يشتمون الشرطة". ثم اقترب وقال، مشيرا إلى معصمه، "تُعطيهم هذا القدر من الحرية" - ثم أشار إلى الجزء الأعلى من ذراعه - "ويريدون هذا القدر"!

بعد بضع دقائق فُتح باب حافلة الشرطة وخرج الشاب، وهو يبكي وأنفه يُدمي، ثم لاذ بالفرار.

ساعة واحدة بعد ذلك، صور المصور الفرنسي المستقل ميشال مونطو عناصر الشرطة يرتدون الزي الرسمي يقبضون على شاب ثم يضربونه ويركلونه بينما كان مستلقيا على ظهره، في ممر الراجلين في الشارع. وكما قال مونطو في وقت لاحق لـ هيومن رايتس ووتش، لما رأه رجال الشرطة يلتقط الصور، ركضوا نحوه وضربوه على ساقيه بالهراوات بينما أمسكوا آلة التصوير الخاصة به وحطموها بعد ذلك. استرجع مونطو، الذي كان في مهمة للمجلة الفرنسية الأسبوعية لافي، بطاقة الذاكرة وفيها صور كان قد أخذها للتو، بما في ذلك هذه التي تظهر هنا.

في كلا الحادثين، اعتدت الشرطة على الضحية الذي لم يكن يقاوم ماديا - الأول كان محاطا برجال الشرطة داخل الحافلة، والثاني كان ممددا على ظهره. أفرجت عنهما بعد أن تم ضربهما، لإظهار أن هدفهم لم يكن الاعتقال ولكنه كان معاقبة سريعة.

بموجب القانون الدولي، ينبغي لموظفي إنفاذ القانون استخدام القوة بالقدر اللازم فقط لأداء واجبهم - المعيار الذي نصت عليه المادة 3 من مدونة لقواعد سلوك الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين (اعتمدت ونشرت علي الملأ بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 34/169 المؤرخ في 17 كانون الأول/ديسمبر 1979).

تنص المادة 101 من المجلة الجنائية التونسية بالسجن لمدة خمس سنوات في حق أي موظف دولة، وهو يؤدي واجبه، "يرتكب بدون موجب بنفسه أو بواسطة جريمة التعدي بالعنف على الناس". المادة 101 مكرر تفرض عقوبة لمدة ثماني سنوات في السجن عن الأفعال التي ترقى إلى مستوى التعذيب. وهكذا، فإن القضاء في تونس مُخول له التحقيق في هذه الاعتداءات وتوجيه اتهامات عندما يقتضي الأمر ذلك.

بالنسبة لمعظم فترة رئاسة زين العابدين بن علي، كانت لدى الشرطة حوافز قليلة لاتقان الوسائل المشروعة للسيطرة على مظاهرات واسعة لأن السلطات لا تسمح تقريبا لأي أن يخرج إلى الشارع. تُنهي الشرطة عمليا أي تجمع في الشارع العام لصالح مطالب اجتماعية أو سياسية. إلا أنه فقط بعد أن أحرق التاجر المتجول محمد البوعزيزي نفسه احتجاجا في 17 ديسمبر/كانون الأول تدفق التونسيون بكثافة الى الشوارع في تحد لحظر فعال على الاحتجاجات العامة.

وحينما تكثفت تلك الاحتجاجات وانتشرت، أطلقت الشرطة النار على المتظاهرين بالذخيرة الحية، مما أسفر عن مقتل العشرات، على النحو المُبين في تقرير نشرته هيومن رياتس ووتش في 29 يناير/كانون الثاني.

في 14 يناير/كانون الثاني، اليوم الذي فر فيه زين العابدين بن علي من البلاد، وُجهت إلى المصور الفرنسي لوكاس مبروك دوليكا ضربة قاتلة بواسطة اسطوانة الغاز المسيل للدموع في العين، أطلقها، كما ورد، عون شرطة كان يقف على بُعد 20 مترا، عندما كان يغطي احتجاجات في نفس الشارع.  وكان دوليكا في مهمة للوكالة الأوروبية للصور الصحفية.

منذ الإطاحة بزين العابدين بن علي يوم 14 يناير/كانون الثاني، أصبحت المدن فى جميع انحاء البلاد مسرحا للتجمعات العامة تقريبا يوميا، كلما صبت مجموعات متنوعة في الشوارع للتظاهر لأسباب مختلفة، بما في ذلك المؤيد والمعارض للحكومة الانتقالية، ومن أجل تحقيق المساواة للمرأة، وحق المرأة في ارتداء الملابس الإسلامية، ومن أجل إطلاق سراح السجناء السياسيين، ومحاكمة أفراد الشرطة الذين أطلقوا النار على المتظاهرين وقتلوهم.

كانت بعض التجمعات جامحة. اندفع عدد كبير من المشاركين في الاعتصام في ساحة القصبة عبر الشوارع الرئيسية في وسط المدينة وألقوا الحجارة على الشرطة في بعض الأحيان.

وعلى حد علم هيومن رايتس ووتش لم تجرح الشرطة أو تقتل أي متظاهر بذخيرة حية منذ رحيل زين العابدين بن علي. ومع ذلك، فإفادات عن ضربهم للمتظاهرين تتصاعد يوميا ويتم تشويه سمعة الجهود التي تبذلها الحكومة الانتقالية لإقناع التونسيين بقطعها مع وسائل الماضي القمعية.

وقالت ليا ويتسن: "إن حادث إطلاق النار المميت على المتظاهرين من قبل شرطة زين العابدين بن علي كان عاملا رئيسيا في نجاح التمرد ضده". وأضافت: "من الواضح أن حجم الوحشية أقل الآن، ولكن مصداقية الحكومة الانتقالية لا تزال معرضة للخطر".

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.