Skip to main content

المبادئ السبعة لمشاركة دولية فعالة في المسألة اليمنية

أدت المزاعم بأن محاولة رجل نيجيري تفجير إحدي الطائرات الأميركية نهار عيد الميلاد للعام 2009 كان وراءها فرعٌ لتنظيم القاعدة يتخذ من اليمن قاعدة له، إلى زيادة مثيرة في مقدار التنبه الدولي للتهديد الذي يمثله الإرهاب المنطلق من الأراضي اليمنية.

ولكي تتسم أية سياسة ذات صبغة دولية لمكافحة الإرهاب في اليمن بالفاعلية فإنه يتعين عليها أن تأخذ في الحسبان الدروس المستفادة مما حدث إبان الرد على القاعدة في كل من باكستان وأفغانستان: فالتكتيكات الحربية من قبيل الضربات الجوية التي توقع قدراً كبيراً من الخسائر البشرية في صفوف المدنيين، فضلاً عن أعمال التوقيف التعسفية، ومعاملة المشتبه في انتمائهم للجماعات المسلحة معاملة تتسم بالانتهاك، كلها تنسف الجهود الرامية للحد من التأييد المحلي للقاعدة. ولقد انخرطت الحكومة اليمنية في كل من تلك الأعمال ضد تنظيم "القاعدة في شبه الجزيرة العربية".

الأمر الثاني أن أية مشاركة مع اليمن يجب أن تعنى بمشكلات حقوق الإنسان التي أوغرت صدر قطاع عريض من المجتمع اليمني تجاه الحكومة، الأمر الذي قلل من قدرة الحكومة على محاربة الإرهاب بفاعلية. فالانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان من قبل قوات أمن الدولة (وتحديداً من قبل قوات الأمن المركزي، وجهاز الأمن السياسي، وجهاز الأمن القومي) تخاطر بتوفير أرضٍ قد تكون أكثر إثماراً لتأييد في اتجاه تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية.

تنشأ أخطر الانتهاكات المتعلقة بحقوق الإنسان في اليمن في سياق         اثنين من النزاعات الداخلية الملحة هما حرب الحكومة مع المتمردين الحوثيين في شمال البلاد، وقمعها لحركة انفصالية في جنوبها. وقد حذر المسؤولون مؤخراً من تدويل هذين النزاعين؛ إلا أنه قد يكون من الخطأ تجاهل الجهود الدولية للمظالم المؤسِّسة لهذين النزاعين. فلقد أدى أسلوبي التعامل العسكري والأمني في اليمن إلى قدر هائل من الانتهاكات لحقوق الإنسان المقررة دولياً وللقانون الدولي الإنساني، الأمر الذى أدى إلى إقصاء قطاعات عريضة من المجتمع اليمني.   

إن معظم اليمنيين لا يرون في تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية تهديداً لهم. فهم معنيون بدرجة أكبر بالممارسات القمعية للحكومة واستشراء فسادها، فضلاً عن حرمان الأعداد المتعاظمة الازدياد من السكان من الوظائف، وكذلك أزمة المياه التي تلوح في الأفق، والنضوب المستمر لاحتياطيات النفط التي تمثل المصدر الرئيسي للدخل، هذا إلى جانب النزاعين في الشمال والجنوب. إن إيجاد الحلول لما يتعلق بحقوق الإنسان من مظالم مؤسسة لهذين النزاعين وتقوية سبل حماية حقوق الإنسان بصورة عامة لهي من الأمور الحاسمة في سبيل  خلق حكومة أكثر استقراراً في اليمن وتمكينها من أن تعنى بمشكلة البلاد الاقتصادية فضلاً عن مشكلات التنمية.

توصيات هيومن رايتس ووتش لحلفاء اليمن

                                                                                                                                                                                                                                                                

1. زيادة حجم معونات التنمية الممنوحة لليمن مع كفالة اتباع استراتيجية متماسكة وذلك بالتعاون مع وكالات الأمم المتحدة المعنية، كما أنه يتعين استخدام المعونة في التصدي للقضايا المتصلة بحقوق الإنسان والتي تدفع باتجاه انعدام الاستقرار.

2. دعم إنشاء بعثة مراقبة لحقوق الإنسان في اليمن تابعة لمكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة مع تفويضها في إصدار تقارير علنية فيما يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان من قبل كافة أطراف النزاعات القائمة في اليمن، والضغط على الحكومة اليمنية لضمان تعاونها في سبيل إنشاء تلك اللجنة.

3. إضافة مكونات ذات فعالية في مجال حقوق الإنسان ضمن أية اتفاقات ثنائية للمعونة الموجهة لقوات الأمن، من قبيل إنفاذ القانون، والتدريب العسكري، والمعدات العسكرية التي تشمل وسائل غير قاتلة للسيطرة على حالات التجمهر، واحترام قوانين الحرب، وإجراءات لمكافحة التعذيب، والخضوع للمحاسبة الداخلية.

4. التأكيد على أهمية وجود نظام قضائي مستقل تتوافر لديه من الموارد والكفاءة ما يمكنه من التصدي لقضية الإخضاع للمساءلة عن انتهاكات حقوق الإنسان ومن ضمنها التوقيف التعسفي والتعذيب.

5. حث الحكومة على ضمان وصول الوكالات الإنسانية المحايدة إلى كافة أماكن الاعتقال في اليمن وإنهاء استخدام مواقع الاعتقال الخاصة أو غير المجازة.

6. ضمان عدم وصول أية مساعدات لوحدات قوات الأمن المتورطة في القتل خارج نطاق القانون أو التوقيف التعسفي أو ممارسة التعذيب وسواها من الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان، وكذا ضمان التصريح علانية حال وقوع مثل تلك الانتهاكات.

7. تقديم العون لكل من الولايات المتحدة واليمن لإعادة اليمنيين المحتجزين دون توجيه اتهامات في معتقل غوانتانامو إلى وطنهم أو إعادة توطينهم، ويشمل ذلك أربعين مواطناً يمنياً كانت الولايات المتحدة قد أبرأت ساحتهم تمهيداً لإخلاء سبيلهم.

1. لا تحولوا أعداء القاعدة إلى أصدقاءٍ لها

 

الدروس المستقاة من التجارب في أفغانستان وباكستان وغيرها من نزاعات داخلية تعز على الحصر، تتمثل في أن الجماعات المساحة ذات الطابع العسكري تزدهر ما لم تكن الحكومة تتمتع بالتأييد الشعبي. وينطبق هذا تحديداً على وضع اليمن. فإذا ما اقتصر اصطفاف كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وغيرهما من القوى الدولية الفاعلة إلى جانب حكومة الرئيس علي عبد الله صالح دون اهتمام مواز بالمشكلات السياسية والاقتصادية الأعم في البلاد، بما في ذلك الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان فإن تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية سوف يزداد قوة لا ضعفاً.

ينبغي على البلدان التي تعمل إلي جانب الحكومة اليمنية أن تدرك أن العديد من اليمنيين يرون في حكومتهم خطراً أشد على أمنهم مما تمثله القاعدة. فالحكومة من خلال إجراءاتها القمعية كثيراًَ ما استهدفت، وكذلك قامت بإقصاء، يمنيين ربما كانوا في أحوال أخرى من مؤيدي جهود الحكومة في مواجهة تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية.

فمثلاً نجد حرب الحكومة اليمنية التي تدور رحاها منذ خمسة أعوام ضد حركة الحوثيين من المسلمين الزيديين شمال البلاد تستهدف بعضاً من أشد الأعداء الراسخين للقاعدة. لقد حكم اليمن زعماء دينيون زيديون على امتداد ألفية كاملة وحتى قيام الثورة ذات التوجه الجمهوري في عام 1962. وفي تسعينيات القرن العشرين أطلق النشطاء الزيديون، في ظل زعامة العائلة الحوثية، شرارة حركة تهدف لمجابهة انتشار النفوذ الوهابي المرتكن إلى إيعاز سعودي ونفوذ وهابي في شمال اليمن يحظى بدعم الحكومة اليمنية. وهناك من التقارير ما يفيد بأن الرئيس صالح حاول في عام 2004 تجنيد مقاتلين جهاديين لمعاونته في القتال ضد المتمردين الحوثيين.

لقد أدت جولات القتال المتكررة شمال البلاد وحتي يناير/كانون ثان 2010 إلى نزوح نحو 200 ألف مدني. فيما أفضت أحدث حملات الحكومة العسكرية  ضد الحوثيين والتي انطلقت في أغسطس/آب 2009 تحت اسم "عملية الأرض المحروقة" إلى مزاعم خطيرة بانتهاكات للقانون الدولي الإنساني، فيما قام باحثو هيومن رايتس ووتش في شمال اليمن خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول 2009 بتجميع روايات شهود عيان تشير بصورة قوية إلى قصف جوي وقصف مدفعي دون تمييز واستخدام للأطفال كجنود من قبل الحكومة إلى جانب وقوع انتهاكات لقوانين الحرب من قبل الحوثيين.

أما الحركة الانفصالية في جنوب اليمن، والتي يتزعمها أفراد النخبة الأقرب للعلمانية ممن ينتمون لدولة الجنوب السابقة ذات التوجه الماركسي، فلقد كانت تقليدياً في تضاد أيديولوجي مع جماعات الإسلاميين المسلحة ذات الطابع العسكري من قبيل تنظيم القاعدة. غير أن الرئيس صالح قام إبان حرب 1994 الأهلية مع الجنوب بنشر المسلحين الإسلاميين العائدين من أفغانستان بهدف سحق القوات الجنوبية. ولقد أدت المظالم الناجمة في الجنوب منذ ذلك الحين إلى احتجاجات جماهيرية ذات طابع سلمي بدرجة كبيرة بدأت في الجنوب في عام 2007. غير أن ما قامت به حكومة صالح من قمع وحشي لتلك الاحتجاجات: من إطلاق للنار على المحتجين العزل وحرمان الجرحى من المحتجين من العناية الطبية إلى إغلاق لصحف المعارضة و إسكات للمنشقين فضلاً عن موجات التوقيف التعسفي، قد أدى لإقصاء قطاعات عريضة تنتمي للجنوب عن الحكومة في العاصمة صنعاء، مما زاد سلطتها ضعفاً. ويبدو أنها أيضاً قد أوجدت رباطاً قوامه الاشتراك في وضعية الضحية يمكن للقاعدة استغلاله.

يتعين على حلفاء اليمن الضغط على الرئيس صالح لكي يضع نهاية لسياساته القمعية في الشمال والجنوب، وأن يضع موضع الاهتمام الشكاوى المشروعة، الاقتصادية منها والسياسية في كلي الإقليمين. كما يتعين أن يكون قيام القوى الدولية الفاعلة كالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بذلك أمراً مرئياً بالنسبة للشعب اليمني بحيث يتعذر على تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية تصوير حلفاء صالح كمشاركين في الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان، وهو ما حاول التنظيم عمله بالفعل.

2. تعلموا من درس باكستان

 

لقد جانب الصواب شراكة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي للحاكم العسكري السابق لباكستان برفيز مشرف بصورة لاإنتقادية، كما وانها قد أتت بنتائج عكسية. فيما ازداد في الوقت الراهن تأكيد الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على دعم المؤسسات الديموقراطية وحكم القانون في البلاد عوضاً عن الاصطفاف إلى جانب الزعيم الفرد أو التعويل حصرياً على القوات المسلحة للبلاد. إن الوضع في اليمن لفي حاجة للأسلوب ذاته.

يبدو الرئيس صالح في الوقت الحاضر جاداً في توجيه اهتمامه لمصادر القلق الأمنية الثي فرضتها القاعدة. وفيما يشبه إلى حد بعيد حال القادة الباكستانيين في الماضي، فللرئيس تاريخ طويل من الاتفاقات المعقودة مع الجماعات الإسلامية المسلحة والتي لا تراعى فيها إعتبارات حقوق الإنسان، وكذلك القبض على المئات من الأشخاص بناء على قرائن محدودة أو دون أية قرائن وسجنهم لأشهر أو أعوام دون توجيه اتهام. لقد أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلة مع أسرة أحد الشباب وكان قد تم احتجازه لمدة 18 شهر باعتباره واحد من أعضاء القاعدة البارزين وذلك في واحدة من الحالات الواضحة لتشابه الأسماء، كما وقد نما إلى علمنا أن العديد من الرجال قد تم اتخاذهم كرهائن من قبل قوات الأمن ضماناً لتسليم أقارب لهم أنفسهم.

تقوم حكومة صالح بمقضاة المشتبه علاقتهم بالإرهاب أمام محاكم جنائية متخصصة لا تتفق ومعايير المحاكمة العادلة المتعارف عليها دولياً. ويصرح محاميوا الدفاع أنه كثيراً ما يحرمون من حق الاطلاع على ملفات موكليهم، وأن القضاة يتجاهلون شكاواهم بشأن الاعترافات المنتزعة قسراً، والتعذيب، وغيرها من أوجه الانتهاك لحقوق موكليهم.

وعوضاً عن ملاحقة كبار أعضاء القاعدة، فقد أخذ الرئيس صالح حتى وقت قريب في إصدار توجيهاته إلى قواته الأمنية باتجاه التركيز على خصومه السياسيين المحليين ( والعديد منهم، كما أشرنا، هم من المعارضين للقاعدة أيديولوجياً). وبدون قدر ملموس من الضغط والحذر، فإنه من المحتمل أن يقوم باستغلال أى دعم دولي جديد في تشديد وطأة القمع الداخلي. وفي واقع الأمر، فإنه في 4 يناير/كانون ثان، أي في غضون بضعة أيام من تعبير الرئيس باراك أوباما مؤخراً عن دعمه لحكومة صالح، قامت قوات الأمن بفتح نيرانها على مئات من المتظاهريين سلمياً كانوا يطالبون بإعادة فتح جريدة "الأيام" وهي كبرى الجرائد اليمنية المستقلة. وفي 16يناير/كانون ثان، وأيضاَ في ضوء اهتمام متزايد من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، أصدرت محكمة مستحدثة خاصة للصحافة حكماً بإيداع أنيسة عثمان، الصحفية في "الوسط" الأسبوعية، السجن لثلاثة أشهر لتوجهها "بالإهانة" للرئيس في أحد المقالات. وحتي قبل وقوع هذين الحدثين، فإن شدة إتخاذ الحكومة للإجراءات الصارمة تجاه حرية التعبير اعتباراً من العام 2009 كانت شدة غير مسبوقة.

يتعين على حلفاء اليمن ألا يقدموا علانية او ضمنياً أية دعم غير مشروط لحكومة الرئيس صالح، بل إن عليهم بدلاً من ذلك المطالبة بوضع نهاية لأعمال التعذيب، والتوقيف التعسفي، وما تتخذه الحكومة من إجراءات صارمة تجاه حريات التعبير وتشكيل الاتحادات والاجتماع السلميين. كما أن عليهم التحقق من أن المعونة الأجنبية لا تعضد, أو يتم تصوير كونها تعضد، جهاز الدولة القمعي. كذلك فإنه على الدبلوماسيين والمسئولين مقابلة الصحفيين اليمنيين وقادة المجتمع المدنى والإعراب عن دعمهم لهم، مع تأكيدهم على الحاجة لاحترام الحكومة وحمايتها للحقوق الأساسية وحكم القانون.

3. الخسائر البشرية في صفوف المدنيين المدنيين تؤلم في اليمن بقدر ما تؤلم في أفغانستان

 

الحال في اليمن، كما هو في أفغانستان، من حيث كون الخسائر البشرية التي تقع في صفوف المدنيين في سياق محاربة المسلحين اليمنيين تبدل اتجاه الأشخاص الذين لم يكونوا ليؤيدوا جماعات مثل القاعدة صوب مناهضة الحكومة ومناهضة من يقوون ظهرها. ففي أعقاب الضربات الجوية التي تمت بمعونة أميركية ضد تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية في أبيان يوم 17ديسمبر/كانون أول 2009, وفي شبوة يوم 24ديسمبر/كانون أول, والتي صدرت تقارير تفيد بحصدها لأرواح نساء وأطفال، عندئذ ضم نشطاء جنوب اليمن العلمانيون صفوفهم إلى جانب المسلحين الإسلاميين وأدانوا الضربات الجوية باعتبارها هجوم على حركتهم.

ترى الحكومة أن السيطرة الجوية أمر ضروري ضد القاعدة في شبه الجزيرة العربية، وذلك في الأجزاء من اليمن التي تتعذر فيها عمليات إنفاذ القانون بالطرق العادية. غير أن الافتقار لتواجد أرضي يزيد من مخاطر نقص المعلومات الاستخباراتية، فضلاً عن تلاعب الشخصيات الفاعلة بالقوات الدولية. غير أنه يتوجب أن تتم الضربات الجوية طبقاً لمتطلبات قانون الحرب كما أنه ينبغي استخدامها ضد أهداف حربية مشروعة. إن التوجيهات التكتيكية للجنرال الأميركي ستانلي ماكريستال التي تحمل تقريراً بالدروس المستفادة من أفغانستان لهي أمر وثيق الصلة تماماً بالوضع في اليمن إذ يقول: علينا تفادي الوقوع في فخ كسب الانتصارات التكتيكية الذي يؤدي لمعاناتنا من هزائم استراتيجية بإيقاعنا لخسائر بشرية بين المدنيين أو إحداث ضرر زائد عن الحد وبالتالي إقصاء الشعب عنا.

4. يتعين تدويل الجهود في المجال المدني

 

يتوجب على البلدان الضالعة في قضية اليمن طلب المساعدة من الدول التي بمقدورها مد يد العون للنهوض بدرجة احترام الحكومة اليمنية لحقوق الإنسان. فمثلاً يجب الضغط على العربية السعودية لاستخدام نفوذها لدى صنعاء في سبيل المعاونة لوضع نهاية لانتهاكات حقوق الإنسان التي تقع في سياق النزاعين الشمالي والجنوبي في الوقت الذي يتم فيه الإصرار على تدخل أعمق لكل من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي. وعلى المجتمع الدولي الضغط على اليمن للسماح للوكالات الإنسانية المحايدة الوصول إلى كافة أماكن الاعتقال. وعلى الأمم المتحدة نشر بعثة لمراقبة حقوق الإنسان في طول البلاد وعرضها تحظى بدعم قوي من الأمين العام وأن تتقدم بمقدراتها السياسية والتوسطية في سبيل تحملها مسئولية ايجاد حلول للمظالم المؤسسة في النزاعين الشمالي والجنوبي والتي تصب زيتها على نيران عدم الاستقرار في اليمن. إن للأمم المتحدة خبرة لها وزنها في مثل تلك القطاعات، والدور المباشر للأمم المتحدة سوف يكون أقل إثارة للجدل بالنسبة للحكومة اليمنية عما لو كان دوراً مباشراً تقوم به قوى خارجية، وبصفة خاصة الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، وهما دولتان لا تحظى أيهما حالياً إلا بالقليل من التأييد.

يجب على حلفاء اليمن حث الأمم المتحدة على تحمل هذا الدور والحض على اشتراك الأمم المتحدة في مؤتمر لندن حول الأوضاع في اليمن يوم 27يناير/كانون ثان، والضغط على الحكومة اليمنية في سبيل قبولها حضور المؤتمر. كما أن عليهم التعهد بتوفير التمويل اللازم لهذا التدخل البناء للأمم المتحدة في الشأن اليمني.

5. ارفعوا من مقدار الدعم

ولكن تذكروا أن المقاومة تحركها السياسة لا الفقر

 

إن كسب ثقة اليمنيين لصالح العربية السعودية وإلإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وغيرها من الدول المانحة سيكون أمراً غير ممكن إذا ما اتجهت المعونة المقدمة لليمن بشكل رئيسي للأغراض العسكرية والأمنية.

ينبغي زيادة المعونة المخصصة للتنمية لمقابلة المشكلات التي يواجهها اليمنيون في حياتهم اليومية ولتحسين إمكانية الحصول على الماء، والرعاية الصحية، والتعليم، والطرق، والوظائف. في الوقت ذاته، فإن الإخفاق سوف يكون من نصيب الجانب "اللين" من المشاركة الدولية إذا ما ركزت حصرياً على الشئون الاجتماعية والاقتصادية غير المثيرة للجدل وتحاشت التعرض للمظالم السياسية التي تدفع لمعارضة القمع الحكومي وتغذي التأييد للتوجه العسكري.

لذا فإنه يتعين تركيز العون الدولي على وضع نهاية لانتهاكات حقوق الإنسان وتطوير مبادئ الحوكمة في اليمن. فمثلاً ينبغي أن يدعم المانحون التدريب المؤهل لإنفاذ القانون وتعضيد مبدأ الخضوع للمسائلة القضائية باعتبارهما جزء لايتجزأ من المشاركة في مكافحة الإرهاب، وخاصة فيما يخص إستخدام أساليب غير مميتة في السيطرة على التجمهر عند التعامل مع الأعمال الاحتجاجية في الجنوب، فضلاً عن دعم آليات منع التعذيب والإنصاف حال وقوعه وإخضاع مرتكبيه للمحاسبة.

6. اليمن بحاجة للدعم

 

إن الرد الدولي على تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية بحاجة لتعاون اليمن، ولسوف تسعى حكومة صالح لانتهاز الفرصة التي توفرها تلك الحاجة للإصرار على التعاون في ظل الاشتراطات التي تضعها. إلا أن الحكومة بدورها في حاجة للدعم. ولقد تضاعفت معونة الولايات المتحدة لليمن خلال السنوات القليلة الماضية، كما وقد شرع الاتحاد الأوروبي في دمج اليمن ضمن آلية منظومته للاستقرار أي في حزمة من اجراءات المعونة عديدة الشُعَب؛  وذلك بترقية مستوى تمثيل اليمن لدرجة الوفد كامل العضوية في عام 2009. غير أن المعونة المالية من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تبقى ضئيلة إذا ما قورنت بالدعم السعودي المعلن وغيره من التزامات دول الخليج. لذا يتعيين على حلفاء اليمن وبخاصة العربية السعودية العمل بناء على رؤية استراتيجية من واقع حاجتها ليمن مستقر الأوضاع والتمسك بأن تعزيز قدرة الحكومة المركزية على تغطية احتياجات كثافة اليمن السكانية يتطلب إنهاء الانتهاكات الخطيرة المتواترة لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني. إن العربية السعودية بحاجة لأن تتبين أن مشاركتها العسكرية ضد المتمردين الحوثيين قد ساهمت في نزوح واسع النطاق في شمال البلاد وأن حضور الأمم المتحدة بصفة مراقب في اليمن بالقرب من الحدود السعودية يمكن أن يحسن من درجة الأمن بالنسبة للسكان المدنيين.

تناضل الحكومة اليمنية في سبيل بسط سيطرتها على أجزاء من أراضيها كما تسعى للحصول على العتاد الحربي والاستخباراتي لمجابهة لخصومها الداخليين بما فيهم الحوثيين والقاعدة والانفصاليين الجنوبيين. في حين ينفذ ما لديها من نفط يذهب في سبيل تمويل عملياتها وما لديها من ماء تعيل به سكانها الآخذين في الازدياد. بينما قدم إلى اليمن في عام 2009 ما يربو على 50000 من طالبي اللجوء الإثيوبيين، إضافة لمئات الآلاف من اللاجئيين الصوماليين الموجودين بالفعل. لذا فإن حلفاء اليمن يتمتعون بمركز تفاوضي قوي، وعليهم مد يد العون ولكن بشروط حاسمة توضع بغرض التصدي للمشكلات السابق بيانها. وهذا أمر ضروري ليس فقط لكون حلفاء اليمن لديهم أهداف عديدة مأخوذة في الحسبان من محاربة للإرهاب إلى حقوق الإنسان ومن ثم التنمية، ولكن نظراً لأهمية ذلك أيضاً، إذ إنه في غياب التطوير في كل من مجالي الحوكمة والتنمية، فإنه لن يمكنهم تحقيق الهدفالأمني المتمثل في مواجهة القاعدة.

7. الإبقاء على يمنيين في غوانتانامو يوفر أداة دعائية للقاعدة

 

في أعقاب حادث الشروع في مهاجمة طائرة متجهة إلي ديترويت، والذي وقع يوم عيد الميلاد، علقت إدارة أوباما تنفيذ ما كان مخططاً من إعادة لنحو 40 يمني من سجنهم الأميركي في غوانتانامو بيي إلى وطنهم. وهناك ما لا يقل عن 88 يمني في غوانتانامو يمثلون تقريباً نصف عدد المعتقلين الحاليين، وباستثناء ثلاثة منهم فالباقون جميعهم محتجزون دون توجيه اتهامات بحقهم. إن النكوص عن إعادة هؤلاء المعتقلين لبلادهم أوإعادة توطينهم يظل العقبة الوحيدة الكبيرة في سبيل إغلاق معتقل غوانتانامو.

إن قرار إدارة أوباما بتعليق عودة اليمنيين من معتقلي غوانتانامو إلى اليمن كان أمراً يمكن فهمه في ضوء المناخ السياسي القائم في الولايات المتحدة. غير أن محاولة التفجير في يوم عيد الميلاد لا تغير بصورة أساسية من مدى الخطر القائم. فالحال ذاته مثلما كان منذ بضعة أشهر ، ومعلوم أن إعادة اليمنيين إلى وطنهم أوإعادة توطينهم يطرح مخاطر أمنية إلا أنه أمر ضروري في سبيل إغلاق معتقل غوانتانامو. كما أن إنهاء الاعتقال لأجل غير مسمى بإغلاق غوانتانامو يظل من الأمور التي لا سبيل لجهود الولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب لتجاهلها.

 قد يكون من بين اليمنيين الذين أعيدوا لوطنهم من هم عرضة للتجنيد من قبل تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، مثلما هو حال بعض من عادوا في السابق، وبخاصة إن لم يكونوا قد تلقوا دعماً من الحكومة اليمنية لإعادة بناء حيواتهم. غير أن الولايات المتحدة قد سبق لها أن أطلقت بالفعل سراح الآلاف من المعتقلين من مرافق الاعتقال الخاصة بها في كل من العراق وأفغانستان بما حمله ذلك من المخاطرة ذاتها بعودة بعضهم للإنضمام إلي الجماعات المسلحة. وعلى النقيض من ذلك، فإنه إذا ما بقي اليمنيون في غوانتانامو، وبخاصة إذا ما أصبح غوانتانامو بصورة أساسية معسكراً لليمنيين فقط، فإن تنظيم  القاعدة في شبه الجزيرة العربية سيكون قد أهدي فرصة رائعة للدعاية بغرض التجنيد.

إن إستراتيجية أميركية عامة تجاه اليمن ينبغي لها  كي تتصف بكونها الأقوى أن تتيح لإدارة أوباما العمل على مدى عدة أشهر مقبلة مع الحكومة اليمنية على خطة لإعادة آمنة لأية معتقل إلى وطنه أو لإعادة توطينه ما لم تكن قد وجت إليه أية إتهامات، على أن يبتدأ في ذلك بمن تم اسقاط ابراء ساحتهم تمهيداً لإطلاق سراحهم. ويجب أن تتضمن تلك الخطة عوناً دولياً يساعد هؤلاء المعتقلين على الاندماج مجدداً في المجتمع بما يجعلهم أقل قابلية للتجنيد بواسطة الجماعات المسلحة. ويمكن لليمن أو لبلد ثالث إذا ما لزم الأمر أن تضع قيوداً على تحركات المعتقلين لحماية أمنها القومي.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة