Skip to main content

إسرائيل: يجب أن تأمر المحكمة بوقف الإعادة القسرية للمهاجرين إلى مصر

ينبغي تجنب التواطؤ في الانتهاكات المصرية الجسيمة

(القدس، 12 ديسمبر/كانون الأول 2009) – قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على المحكمة العليا الإسرائيلية أن تأمر بوضع حد لسياسة الحكومة الخاصة بالإعادة القسرية للمهاجرين إلى مصر، ممن يدخلون إسرائيل من الحدود مع سيناء دون منحهم فرصة لطلب اللجوء. وقد أعادت مصر قسراً مئات المهاجرين وملتمسي اللجوء إلى بلدان يواجهون فيها خطر التعذيب والمعاملة السيئة.

وقالت هيومن رايتس ووتش إن سياسة إسرائيل المتمثلة في إعادة الأفراد بإجراءات موجزة تجعلها متواطئة مع الانتهاكات الحقوقية المصرية الجسيمة. ومن المقرر أن تنظر المحكمة العليا الإسرائيلية في طعن ضد سياسة الإعادة القسرية في 13 ديسمبر/كانون الأول 2009، وكانت قد رفضت على طول الخط الأمر بوقف هذه السياسة.

وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "مصر ترتكب انتهاكات خطيرة لحقوق المهاجرين، وتصبح إسرائيل متواطئة في هذه الإساءات إذا هي أجبرت المهاجرين وملتمسي اللجوء على العودة إلى الاحتجاز طرف السلطات المصرية"، وتابعت: "وعلى المحكمة العليا أن تأمر الحكومة بعدم استخدام الإعادات القسرية في هذه الظروف كإجراء للسيطرة على تدفق المهاجرين".

وقد أعادت إسرائيل قسراً إلى مصر 217 مهاجراً بين يناير/كانون الثاني وأغسطس/آب ضمن سياسة "الإعادات السريعة" الإسرائيلية، التي تسمح للجنود الإسرائيليين المتمركزين على امتداد الحدود مع مصر بإعادة المهاجرين إلى السلطات المصرية في ظرف 24 ساعة من القبض عليهم. وفي العادة تحتجز مصر المهاجرين المُعادين قسراً وتحكم عليهم محاكم عسكرية بالسجن لمدة عام، بغض النظر عما إذا كانوا مُسجلين كلاجئين في المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين من عدمه. كما ترفض مصر السماح لمفوضية اللاجئين بمقابلة اللاجئين وملتمسي اللجوء، في خرق للقانون الدولي للاجئين.

وفي رسالة بعثت بها المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في 26 نوفمبر/تشرين الثاني إلى الحكومة الإسرائيلية، أخطرت الحكومة أن "هناك احتمال قوي" أن تعيد مصر قسراً اللاجئين إلى بلدانهم الأصلية لدى إتمام أحكام السجن بحقهم. وإعادة اللاجئين إلى أماكن قد يتعرضون فيها للاضطهاد (الإعادة القسرية) هو انتهاك لحظر الأساسي في قانون اللاجئين والاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب.

وقد أعرب مسؤولون إسرائيليون عن تخوفهم من أن "الملايين" من المهاجرين الأفارقة المتطلعين للعمل في إسرائيل سوف "يتدفقون" عليها، مما قد يبدل التركيب السكاني للبلاد، ما لم تطبق إسرائيل سياسات صارمة بمجال الرقابة على المهاجرين لدى الحدود. وهناك نحو 17500 مهاجر، أغلبهم من إريتريا وأثيوبيا والسودان، نجحوا في العبور إلى إسرائيل قادمين من مصر، منذ عام 2005، طبقاً لمنظمات غير حكومية إسرائيلية معنية بحقوق اللاجئين.

ويقول القائمون على مساعدة اللاجئين إن نسبة كبيرة من هؤلاء الإريتريين والسودانيين سجلوا أنفسهم كملتمسي لجوء لدى مفوضية الأمم المتحدة للاجئين، في السودان وفي مصر على التوالي، قبل قدومهم إلى إسرائيل، لكنهم مستعدون للمخاطرة بالموت على الحدود المصرية بسبب افتقادهم للأمان وخشية إعادتهم إلى بلدانهم، وليس بدافع الأسباب الاقتصادية وحدها.

وطبقاً لتقرير قدمته الحكومة للمحكمة العليا الإسرائيلية، فإن الجيش الإسرائيلي بالقرب من الحدود المصرية يطلق خراطيش مضيئة لدى رؤية مهاجرين يحاولون عبور الحدود "لجذب انتباه القوات المصرية المتواجدة على الجانب الآخر"، رغم أن شرطة الحدود المصرية كثيراً ما تستخدم القوة المميتة بحق المهاجرين العُزل في هذه الحالات. وحتى نوفمبر/تشرين الثاني، كانت شرطة حرس الحدود المصرية قد أطلقت النار على 16 مهاجراً على الأقل وقتلتهم، في عام 2009 وحده، وهم يحاولون مغادرة مصر بواسطة عبور الحدود في سيناء إلى إسرائيل، فضلاً عن مقتل 33 مهاجراً على الأقل على يد الشرطة المصرية في ظروف مشابهة من يونيو/حزيران 2007 إلى أكتوبر/تشرين الأول 2008. وقد تكررت إدانة هيومن رايتس ووتش لأعمال القتل هذه.

وذكرت الحكومة الإسرائيلية أن إطلاق الخراطيش المضيئة يفيد أيضاً في "إخطار النظراء المصريين" بأعمال الإعادة القسرية للمهاجرين من إسرائيل، وزعمت أن "التنبيه بالخراطيش... يضمن سلامة المخترقين للحدود لدى تسليمهم إلى القوات المصرية". وفي رسالتها إلى السلطات الإسرائيلية، أعربت مفوضية الأمم المتحدة للاجئين عن قلقها إزاء سياسة "الإعادات السريعة، في غياب أي اتفاق رسمي بين مصر وإسرائيل، اتفاق يكفل الضمانات الكافية لسلامة وحماية ملتمسي اللجوء المُعادين". وفي 2007 زعمت إسرائيل أن رئيس الوزراء في ذلك الحين، إيهود أولمرت، والرئيس حسني مبارك، قد توصلا لاتفاق حول هذه القضية. وردت مصر بعدم وجود مثل هذا الاتفاق.

وبينما كان بعض العابرين للحدود من المهاجرين الاقتصاديين، فكثيرون غيرهم من القادمين من إريتريا ودارفور في السودان ربما كانوا لاجئين لديهم أسباب منطقية لخشية إعادة مصر إياهم إلى أماكن يتعرضون فيها للاضطهاد في بلدانهم. وقد أعادت مصر قسراً العشرات من السودانيين، منهم لاجئين وملتمسي لجوء مُسجلين طرف المفوضية، في أبريل/نيسان 2008. كما أعادت مصر عشرات الإريتريين الذين أعادتهم إسرائيل قسراً لمصر في أغسطس/آب 2008، وما يُقدر بـ 1200 إريتري في يونيو/حزيران 2008، رغم تحذيرات من أن من المرجح أن تعذبهم إريتريا أو تسيئ معاملتهم.

سياسة "الإعادات السريعة" الإسرائيلية، لا تسمح للمهاجرين بأي فرصة معقولة بعرض مطالبهم باللجوء. والمهاجرون المحتجزون لا يُسمح لهم بالاتصال بالمفوضية السامية لشؤون اللاجئين. وبموجب هذه السياسة، فإن الضباط في أقسام الجيش الإسرائيلي من المسؤولين على الحدود مع سيناء يقررون السماح بالإعادة القسرية من جانبهم من عدمها. ومن المفترض أن ينظر القادة في أمر إن كانت الإعادة "ستمثل خطراً ملموساً وقائماً على حياة المخترق للحدود في مصر لدى إعادته إلى مصر"، وهو معيار أعلى بكثير من المعيار الوارد للإعادة في القانون الدولي، الذي يحظر الإعادة القسرية في حالة وجود خطر "الاضطهاد"، ويقومون بمشاورة القسم القانوني للجيش في مثل هذه الحالات.

المهاجرون القادمون من دول – على قائمة غير منشورة – "يوجد احتمال قائم بأن ترحلهم [مصر] مباشرة إليها" يجب عدم ترحيلهم مباشرة إلى مصر، طبقاً لتقرير الحكومة للمحكمة. ومن حيث الممارسة، وطبقاً لشهادة خطية بقسم من جندي إسرائيلي شارك في الإعادة القسرية لعشرة إريتريين في 13 يونيو/حزيران، فإن نائب قائده أمر الجنود بإعادة المهاجرين إلى مصر "إذا لم يكن من بينهم أشخاص من دارفور" رغم الخطر الموثق بشأن إعادة مصر القسرية للأفراد إلى إريتريا. والأشخاص المعادون إلى إريتريا هم عرضة لخطر الاحتجاز لفترات مطولة بمعزل عن العالم الخارجي، والحرمان من الرعاية الطبية والتعذيب.

وبموجب سياسة "الإعادات الساخنة"، فإن الجنود الإسرائيليين عليهم "استجواب" المهاجرين المحتجزين ميدانياً. ومن المفترض في الجنود القدرة على التحدث مع المهاجرين "على مستوى مبدئي"، طبقاً للسياسة، لكن ليس من الواضح كم من الإريتريين يتحدثون الإنجليزية أو العربية – التي قد يتقنها الجنود الإسرائيليون – أو عدد الجنود الإسرائيليين على امتداد حدود سيناء ممن يتحدثون اللغة التيجيرينية أو التيجرية، وهي لغات الكثير من الإريتريين، ويتحدثها أغلب المهاجرين.

وفي شهادته الخطية بقسم، قال الجندي الإسرائيلي الذي شارك في الإعادة القسرية لعشرة إريتريين: "نحن لا نفهم اللغة التي يتحدثونها، لكن كان من الواضح أنهم خائفون وكان وضعهم مريعاً. تجاهلنا توسلاتهم ونقلناهم إلى الشرطة المصرية التي تجمعت على الجانب الآخر من السياج". وقالت الحكومة الإسرائيلية في تقريرها للمحكمة أن لا أحد من المهاجرين "زعم وجود خطر على حياته أو حريته في مصر" قبل ترحيله.

وبناء على هذه المقابلة على الحدود، يعبئ الجنود الإسرائيليون استقصاءً. وباستخدام هذا النموذج يمكن لأي ضابط في منصب قيادي أن يقرر التصريح بالترحيل من عدمه. والاستقصاء لا يشمل أي أسئلة أو فئات من الأسئلة على صلة بخشية الاضطهاد أو الرغبة في اللجوء، بل يشير إلى "المخترقين للحدود" وفيه أجزاء عن خلفية المخترق (نتائج الاستجواب) وهي "الخوف/الأمن" "جنائي" "مهاجر عامل" و"أخرى".

وقالت سارة ليا ويتسن: "يحظر القانون الدولي للاجئين الإعادة القسرية غير المباشرة، أي إرسال اللاجئين إلى دولة ثالثة مستعدة لإعادتهم إلى حيث تتعرض حياتهم وحريتهم للتهديد". وأضافت: "ليس على اللاجئين أن يُظهروا أنهم سيتعرضون للاضطهاد في مصر، بل أنهم في خطر من أن ترحلهم السلطات المصرية إلى بلدانهم التي تعرضوا فيها للاضطهاد أو التعذيب".

ووافق البرلمان الإسرائيلي في 8 ديسمبر/كانون الأول على خطة لبناء سياج أو حاجز على امتداد حدود سيناء. وفي 6 ديسمبر/كانون الأول، رفضت لجنة تشريعية مشروع قانون كان من شأنه ضم اتفاقية الأمم المتحدة للاجئين إلى القانون الإسرائيلي.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.