Skip to main content

تونس: انتخابات في أجواء من القمع

القيود المفروضة على حريات الإعلام والتجمع والتعبير تزيد احتمالات افتقاد النزاهة

(نيويورك، 23 أكتوبر/تشرين الأول 2009) – قالت هيومن رايتس ووتش اليوم، إن الأعمال القمعية والرقابة المشددة على العملية الانتخابية قد قللت من احتمالات إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية حرة ونزيهة في تونس يوم 25 أكتوبر/تشرين الأول 2009.

الرئيس زين العابدين بن علي أعلن في افتتاح الحملة الرسمية في 11 أكتوبر/تشرين الأول أن حكومته "عملت على أن توفر لهذه الانتخابات كل ضمانات الشفافية والنزاهة". ولكن القوانين المصممة على المقاس منعت المرشحين من بعض أقوى أحزاب المعارضة من خوض الانتخابات، والقيود المشددة على حرية التعبير وحرية الصحافة والتجمع، حرمت المنافسين من الدفاع عن قضاياهم أمام الجمهور.

وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "السلطات التونسية للأسف ليست أكثر ميلاً لتقبل الانتقاد خلال الانتخابات مما هي عليه في الفترات ما بين الانتخابات".

ومن المتوقع أن يفوز زين العابدين بن علي بفترة رئاسة لخمس سنوات، بسهولة، للمرة الخامسة، وهو احتمال صار ممكناً مع التعديل الدستوري لسنة 2002 الذي ألغى تحديد الفترات ورفع السن القصوى للرؤساء من 70 إلى 75. هذا التعديل هو الأحدث في سلسلة تعديلات تهدف إلى تمكين الرئيس بن علي من البقاء في منصبه. تعديلات عامي 1988 و 1998 سبق أن زادت من عدد الفترات المسموح بها للرئيس.

وتولى زين العابدين بن علي السلطة من الحبيب بورقيبة المريض عام 1987 في انقلاب "طبي" أبيض، ولم يحصل قط على أقل من 94 في المائة من الأصوات في الانتخابات الأربعة التي خاضها منذ ذلك الحين. منذ انتخابات عام 2004 التشريعية، وحزب زين العابدين بن علي، التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم، حصل على 152 مقعدا من أصل ما مجموعه 189 مقعداً. الانتخابات السابقة تمخضت عن منح مقاعد أكثر للحزب الحاكم، ولكن في عام 1998 تم تعديل القانون الانتخابي لتخصيص 37 مقعدا للأحزاب التي لم تحصل على الأغلبية المطلقة من الأصوات على المستوى الوطني.

والتعديل الدستوري لسنة 2008، على الرغم من أنه خفف قليلاً من تشديد القواعد المتبعة سابقاً، فما زال يفرض شروطا صارمة لأهلية المرشحين للرئاسة. ويجب على المرشحين إما الحصول على تزكية من 30 عضواً من أعضاء البرلمان أو العمداء - حاجز عالي بالنظر إلى أن قليلا فقط من أعضاء البرلمان ليسوا من الحزب الحاكم - أو عملوا لمدة عامين كزعيم منتخب لحزب معترف به قانونياً قبل يوم الانتخابات. وقد أقصى هذا الشرط الجميع إلا ثلاثة منافسين.

اثنان من المتنافسين الثلاثة على الرئاسة المتبقين - محمد بوشيحة من حزب الوحدة الشعبية، وأحمد الإينوبلي من الاتحاد الديموقراطي الوحدوي - يمثلان الأطراف التي تعتبر على نطاق واسع على أنها موالية للحكومة. والثالث، أحمد إبراهيم، من حركة التجديد، قد طلب مناظرة تلفزيونية لتقديم نفسه في وقت يُضاف إلى الوقت المحدود الذي منحه التلفزيون الذي تهيمن عليه الحكومة لكل من المرشحين لمخاطبة الجمهور. بن علي كان له أكبر نصيب من الوقت على الهواء، زاعماً أن ظهوره الإضافي على شاشات التلفزة مُنح له كرئيس للدولة وليس كمرشح.

تعديل عام 2008 تمت المصادقة عليه بعد أشهر من إعلان أحمد نجيب الشابي، الأمين العام السابق للحزب الديمقراطي التقدمي، ترشيحه لانتخابات عام 2009. التعديل أقصاه حينما تولت مي الجريبي منصب أمين عام الحزب في عام 2006.

وفي 10 أكتوبر/تشرين الأول، أعلن المجلس الدستوري في تونس أن ترشيح منافس آخر، مصطفى بن جعفر، غير صالح على أساس تعديل عام 2008. على الرغم من أنه كان أميناً عاماً للتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات منذ أن حصل على اعتراف قانوني قبل سبع سنوات، فلم ينتخب لهذا المنصب حتى هذا العام.

الحكومة تقيد الوصول إلى وسائل الإعلام للأحزاب والمرشحين الذين لا زالوا ينافسون. وصادرت السلطات عدد 10 أكتوبر/تشرين الأول من المجلة الأسبوعية لحزب التجديد "الطريق الجديد"، الذي تضمن برنامج حملة إبراهيم، على أساس أنه صدر قبل 11 أكتوبر/تشرين الأول، الافتتاح الرسمي للحملة.

كما طالبت وزارة الداخلية بأن يزيل إبراهيم خمس نقاط من برنامج حملته الانتخابية، بما في ذلك انتقادات لما اعتبره الحزب "ذهنية حكم الحزب الواحد" والإقصاء التعسفي لبعض مرشحيه. رشيد الشملي، وهو ناشط في الحزب، قال لـ هيومن رايتس ووتش إن مجموعات من الرجال قد نزعوا ملصقات حملة التجديد عن الجدران في المدن عبر أنحاء البلاد، في حين ملصقات الحاكم الحالي لا تزال سليمة حتى عندما لم تكن معلقة وفقا للقوانين الانتخابية.

رئيس المرصد الوطني للانتخابات، وهي الهيئة المكلفة من الحكومة بمراقبة الانتخابات، تم تعيينه من قبل ويرفع التقارير إلى زين العابدين بن علي. ولا توجد مراقبة مستقلة للانتخابات للتأكد من أنها تتم بطريقة عادلة وشفافة.

في الأشهر التي سبقت الانتخابات الرئاسية، واصلت الحكومة مضايقة المنتقدين والصحفيين ذوي التوجه المستقل.

وفي 29 سبتمبر/أيلول، وفقا لحمة الهمامي، الناطق الرسمي باسم حزب العمال الشيوعي التونسي المحظور، اعتدى رجال شرطة في زي مدني عليه وزوجته راضية نصراوي، محامية حقوق الإنسان، في مطار قرطاج بتونس بعد عودته من باريس. وفي باريس أجرى الهمامي مقابلة مع قناة الجزيرة، اتهم فيها الحكومة التونسية بالقمع وانتهاك حقوق الإنسان، وشرح لماذا قام بدعوة حزبه إلى مقاطعة الانتخابات.

منزل حمامي ونصراوي في تونس محاصر برجال الشرطة السرية منذ 10 أكتوبر/تشرين الأول، ومنع رجال الشرطة في مطار قرطاج الهمامي من السفر إلى فرنسا في ذلك اليوم لحضور ندوة حول الانتخابات التونسية، بزعم أن المحكمة قد أصدرت أمرا بمنعه من السفر إلى الخارج. وفي 20 أكتوبر/تشرين الأول، منعوا نصراوي من السفر لنفس السبب. ولم تُظهِر الشرطة لأي منهما أمرا من المحكمة أو هي قدمت أية تفاصيل. السلطات القضائية والمدير العام للأمن الوطني على حد سواء نفوا أمام محاميّ الزوجين علمهم بوجود أي أمر للمحكمة من هذا القبيل.

وفي يوم 15 أغسطس/آب، حلّ حلفاء الحكومة مكتب النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين وعوضوه بقائمة جديدة تتكون بالكامل من مؤيدي الحكومة. هذا الإجراء جاء عقب إصدار تقرير في مايو/أيار عن المجموعة والذي انتقد قمع الحكومة لوسائل الإعلام، وعجلت به حملة تشويه في الصحافة الموالية للحكومة ضد المكتب السابق ورئيسه المنتخب ديمقراطيا. بعد صدور التقرير، استقال أعضاء المكتب المؤيدين للحكومة وبدأوا في توزيع عريضة تؤيد إقالة المكتب الحالي. وورد أن الصحفيين تعرضوا للتهديد والترهيب لتوقيع العريضة. رئيس النقابة المطاح به، ناجي بغوري، قال للجنة من أجل حماية الصحفيين، "وسائل الإعلام المملوكة للقطاع الخاص تضغط على صحفييها للتوقيع على العريضة خوفاً من حرمانهم من التأييد الشعبي وإيرادات الإعلانات". وفي 11 سبتمبر/أيلول، أمرت محكمة تونسية بتحويل مكاتب النقابة للإدارة الجديدة. وفي اليوم نفسه، منعت الشرطة الصحفيين من الوصول إلى المكاتب في تونس، ودفعت بغوري واعتدت عليه لفظياً. ثم إن الشرطة طردت عضوة المكتب المستقلة، نجيبة الحمروني، وثلاثة من العاملين بالنقابة، ومراسل قناة الجزيرة وناشط في مجال حقوق الإنسان، لطفي حجي، وكانوا في المكتب عندما وصلت الشرطة.

كما منعت السلطات بوجيه فلورنس، مراسلة صحيفة لوموند بشمال أفريقيا، من دخول البلاد عندما هبطت في مطار تونس قرطاج يوم 20 أكتوبر/تشرين الأول. وكالة أسوشييتد برس أوردت أن الأسباب الرسمية للرفض تتمثل في أن بوجيه "معادية للنظام". وذكرت الأسوشيتد برس أن بياناً صادراً عن السلطات التونسية جاء فيه أنها "قد تم إبلاغها سابقاً بأنها لن تكون مقبولة في تونس"، وأنها أجرت "أنشطة مشبوهة" وأنها "تظهر دوماً 'ضغينة صارخة وتحيز عدائي ممنهج تجاه تونس". بوجيه نفسها قالت إنها علمت بشكل غير رسمي أن السبب المباشر لهذا الطرد كان مقالاً لها في صحيفة لوموند بتاريخ 8 أكتوبر/تشرين الأول حول مضايقات الشرطة لحمامي ونصراوي.

وقالت سارة ليا ويتسن: "حتى إذا كان كل شيء نظيفاً يوم التصويت، سوف تكون الانتخابات حرة ونزيهة في تونس فقط عندما تتوقف السلطات عن تكميم مرشحي المعارضة والصحفيين والمعارضين".

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة