أجرى الأردن انتخابات برلمانية في سبتمبر/أيلول 2024، حيث انتُخب 41 مقعدا من أصل 138 مقعدا في مجلس النواب بموجب قانون جديد يهدف إلى تعزيز الأحزاب السياسية. في أعقاب الانتخابات، عيّن الملك عبد الله الثاني حكومة جديدة برئاسة رئيس الوزراء جعفر حسان، الذي شغل سابقا منصب مدير مكتب الملك.
واصلت السلطات الأردنية تقييد الفضاء المدني في 2024 باعتقال المعارضين السلميين والصحفيين ومضايقتهم، واستخدام قوانين غامضة وتعسفية لتقييد حرية التعبير والنشاط السلمي. في فبراير/شباط، أفادت "أكسس ناو" أن 35 صحفيا وناشطا وسياسيا أردنيا ومقيما في الأردن استهدفوا مرارا ببرنامج التجسس الإسرائيلي "بيغاسوس" التابع لشركة "إن إس أو غروب" بين 2019 و2023، منهم اثنان من موظفي "هيومن رايتس ووتش".
حرية التعبير
يُجرّم القانون الأردني الخطاب الذي ينتقد الملك، والدول الأجنبية، والمسؤولين الحكوميين، والمؤسسات الحكومية، والإسلام والمسيحية، والخطاب التشهيري.
في أغسطس/آب 2023، عدّل البرلمان الأردني على عجل قانون الجرائم الإلكترونية، متجنبّا المناقشات ومساهمة الرأي العام. زادت التغييرات العقوبة المفروضة على التشهير عبر الإنترنت أو "اغتيال الشخصية" إلى الحبس لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر و/أو غرامة تتراوح بين 5 آلاف و20 ألف دينار أردني (7 آلاف إلى 28 ألف دولار أمريكي). في أعقاب الانتقادات العامة وتوصيات "مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة"، وافقت الأردن في 2024 على مراجعة التعديلات.
في 2023، وصل عدد القضايا المتعلقة بالتشهير عبر الإنترنت بموجب قانون الجرائم الإلكترونية للعام 2015 إلى 3,330، وفقا للتقرير السنوي الصادر عن "المركز الوطني لحقوق الإنسان".
في يونيو/حزيران، حكمت محكمة أردنية على هبة أبو طه بالسجن لسنة بسبب مقال انتقدت فيه مزاعم شحن البضائع إلى إسرائيل عبر الأردن. في يوليو/تموز، سجنت السلطات الصحفي والمعلق أحمد حسن الزعبي لقضاء عقوبة الحبس لسنة بسبب منشور على فيسبوك من ديسمبر/كانون الأول 2022 انتقد فيه رد السلطات على الاحتجاجات على أسعار الوقود.
في أواخر 2023 وأوائل 2024، اعتقلت السلطات الأردنية وضايقت عشرات الأردنيين الذين شاركوا في الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين في جميع أنحاء البلاد أو شاركوا في المناصرة عبر الإنترنت. وثّقت هيومن رايتس ووتش حالات وجهت فيها السلطات اتهامات إلى أربعة نشطاء بموجب قانون الجرائم الإلكترونية الجديد، منهم الناشط البارز أنس الجمل، وأيمن صندوقة، وهو أمين عام حزب سياسي منحل الآن.
حرية تكوين الجمعيات والتجمع
رغم أن "قانون الاجتماعات العامة" في الأردن لعام 2011 لا يشترط طلب موافقة الحكومة على الاجتماعات العامة أو المظاهرات، استمرت السلطات في إلزام المنظمات وأماكن استضافة الفعاليات بالحصول على إذن وزارة الداخلية أو دائرة المخابرات العامة.
تقيّد قوانين مثل قانون العمل لعام 1996 وقانون الجمعيات لعام 2008 تشكيل النقابات العمالية والمنظمات غير الحكومية. تفرض السلطات متطلبات شاقة على المنظمات غير الحكومية لتلقي التمويل الأجنبي. في ديسمبر/كانون الأول 2023، طبّقت عملية جديدة لتوحيد طلبات التمويل الأجنبي تحت إشراف وزارة التخطيط والتعاون الدولي، والتي ألغت الموافقة التلقائية بعد 30 يوما من عدم الرد.
اللاجئون والمهاجرون
في مايو/أيار، بعد مواجهة ضغوط شعبية، ألغت السلطات الأردنية أوامر الترحيل الإداري بحق لاجئَيْن سوريَيْن كانا مهددين بالاضطهاد إذا عادا إلى سوريا، وأفرجت عنهما من الحجز.
حتى أواخر 2024، كان أكثر من 624 ألف شخص من سوريا قد لجأوا إلى الأردن، بحسب "المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين" (مفوضية اللاجئين). يعيش أكثر من 80% من السوريين خارج مخيمات اللاجئين، معظمهم في مساكن مستأجرة.
في 2024، أفادت مفوضية اللاجئين أن الأردن استضاف طالبي لجوء ولاجئين من دول أخرى، منها العراق واليمن والسودان والصومال. واصلت السلطات تنفيذ حظر صدر في 2019 يمنع مفوضية اللاجئين من تسجيل طالبي اللجوء غير السوريين الذين دخلوا البلاد للعلاج، أو الدراسة، أو السياحة، أو العمل، ما حال دون حصول الكثيرين منهم على وثائق المفوضية أو خدماتها.
بحلول يونيو/حزيران 2024، أفادت مفوضية اللاجئين أن سلطات العمل أصدرت 27,653 تصريح عمل للسوريين في 2024، بإجمالي 458,135 تصريحا منذ 2016، رغم أن العديد منها كان تجديدا للتصاريح. ظلت معظم المهن مغلقة بوجه غير الأردنيين، ما أجبر العديد من السوريين على العمل في القطاع غير الرسمي دون تدابير الحماية العمالية.
استضاف الأردن ما يقدر بـ 49 ألف عاملة منزلية مهاجرة في 2024، معظمهن من الفيليبين وسريلانكا وإندونيسيا. أحالت المنظمات غير الحكومية العاملات المنزليات مرارا إلى مفتشي وزارة العمل للإبلاغ عن الانتهاكات، منها سرقة الأجور، وظروف العمل غير الآمنة، وساعات العمل المفرطة، ومصادرة جوازات السفر، والاعتداء الجسدي واللفظي والجنسي.
حقوق النساء
يميّز قانون الأحوال الشخصية الأردني لعام 2019 ضد المرأة. تحتاج النساء حتى سن 30 عاما إلى إذن ولي الأمر للزواج لأول مرة، ولا يُعترف بالزواج بين النساء المسلمات والرجال غير المسلمين. كما تفقد المرأة التي تعصي زوجها حقها في النفقة الزوجية، مثلا إذا غادرت منزل الزوجية "دون سبب مشروع". ولا تستطيع المرأة السفر إلى الخارج مع أطفالها دون موافقة ولي الأمر.
اعتقلت السلطات نساء واحتجزتهن إداريا لأن ولي أمرهن اشتكى من سعيهن إلى مغادرة منزل الأسرة دون إذن. وثّقت هيومن رايتس ووتش حالات احتجزت فيها النساء لأكثر من عشر سنوات.
لا يسمح القانون للمرأة الأردنية المتزوجة من غير الأردني منح جنسيتها لأطفالها.
التوجه الجنسي والهوية الجندرية
رغم أن الأردن لا يُجرّم صراحة العلاقات المثلية، تُستخدم أحكام غامضة بشأن "الأفعال المخلة بالآداب" في قانون العقوبات الأقليات الجنسية والجندرية، ولا توجد أي حماية ضد التمييز على أساس التوجه الجنسي والهوية الجندرية.
في ديسمبر/كانون الأول 2023، أفادت هيومن رايتس ووتش أن السلطات الأردنية استهدفت بشكل منهجي نشطاء حقوق المثليين/ات، ومزدوجي/ات التوجه الجنسي، وعابري/ات النوع الاجتماعي (مجتمع الميم-عين)، وأخضعتهم للاستجواب والتهديد والترهيب، ما دفع العديد منهم إلى إغلاق منظماتهم أو وقف عملهم أو الفرار من البلاد. شوّه مسؤولون حكوميون أيضا سمعة نشطاء مجتمع الميم-عين على الإنترنت ونشر مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي صورهم مرفقة برسائل تحرض على العنف ضدهم.
الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية
تستمر معاناة الأردن من ارتفاع معدلات البطالة، خاصة بين الشباب والنساء، مع ارتفاع في الفقر عقب تفشي فيروس "كورونا" والزيادة في تكلفة المعيشة. لم تنجح برامج قروض "صندوق النقد الدولي" طوال عقد في خفض الدين الحكومي وأدت إلى ارتفاع الأسعار، بما فيها أسعار الوقود والكهرباء، دون اتخاذ تدابير تعويضية كافية. في 2023، أفادت هيومن رايتس ووتش أن برنامج التحويلات النقدية الآلية في الأردن لذوي الدخل المنخفض، والذي يموله "البنك الدولي"، تقوّضه أخطاء وسياسات تمييزيّة وقوالب نمطيّة حول الفقر، ما ترك الكثيرين بدون ضمان اجتماعي وهم يكافحون من أجل تحمل تكاليف الطعام، والإيجار، والديون.
ما يزال الأردن من البلدان القليلة في العالم التي تسمح بسجن الأشخاص بسبب الديون غير مدفوعة، رغم حظر القانون الدولي لذلك. في 2023، رفعت السلطات حبس المدينين بمبالغ تتجاوز 5 آلاف دينار أردني (7 آلاف دولار أمريكي) بسبب الوباء. وثّقت هيومن رايتس ووتش كيف أنه، بغياب نظام ضمان اجتماعي مناسب، يقترض عشرات آلاف الأردنيين لدفع نفقاتهم اليومية، لينتهي بهم الأمر في السجن لعدم السداد.
النظام الجنائي
واصل المحافظون المحليون استخدام أحكام قانون منع الجرائم لسنة 1954 لتوقيف الأفراد إداريا حتى سنة، للالتفاف على قانون أصول المحاكمات الجزائية. أفاد المركز الوطني الأردني لحقوق الإنسان في 2024 أن 37,395 شخصا فقط اعتُقلوا إداريا في 2023، ما يمثل زيادة عن 34,411 اعتقالا إداريا في 2022.
العمليات عبر الحدود
في يناير/كانون الثاني، شنت الأردن غارات جوية في جنوب شرق سوريا قتلت عشرة أشخاص، بينهم نساء ورجال وأطفال، ما أثار مخاوف من عمليات إعدام خارج إجراءات القضاء. حثّت هيومن رايتس ووتش السلطات على ضمان المحاسبة والتعويض عن الأضرار التي لحقت بالمدنيين.