واصلت السلطات الجزائرية سحق المعارضة وإغلاق الفضاء المدني عبر قمع الأصوات الناقدة وتقييد حرية التعبير والصحافة وتكوين الجمعيات والتجمع والحركة.
أعيد انتخاب الرئيس عبد المجيد تبون لولاية ثانية في سبتمبر/أيلول وسط مناخ من القمع والتضييق على الإعلام، في ظل غياب نقاش سياسي حقيقي.
واصلت السلطات قمع الأصوات المنتقدة، بما في ذلك في وسائل الإعلام، وملاحقة النشطاء والصحفيين والمحامين بسبب التعبير السلمي عن الرأي.
شددت السلطات التشريعات الجنائية وواصلت استخدام القوانين القمعية ضد المعارضة، بما في ذلك أحكام مكافحة الإرهاب.
الانتخابات الرئاسية
أعيد انتخاب عبد المجيد تبون لولاية ثانية بنسبة 84.3% من الأصوات في اقتراع 7 سبتمبر/أيلول. خلال الحملة الانتخابية، تم اعتقال عشرات الأشخاص على خلفية تصريحات أو أنشطة سلمية، وفقا لزكريا حناش، وهو مدافع عن حقوق الإنسان يرصد ويراقب الوضع. وصل تبون إلى الرئاسة لأول مرة في ديسمبر/كانون الأول 2019، بعد انتخابات رئاسية شهدت نسبة مشاركة منخفضة، كما تخللهااحتجاجات سلمية للحراك، وأعقبتها اعتقالات لعشرات النشطاء.
حرية التعبير
تواصل السلطات قمعها لحرية التعبير. اعتُقِل عشرات الأشخاص على خلفية ممارسة حقوقهم الأساسية، بما في ذلك نشطاء ومحاميون وصحفيون ومستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي، وفقا لما ذكره حناش.
اعتُقل الناشط محمد تجاديت الذي تعرض للمضايقات من قبل قوات الأمن وسُجن عدة مرات منذ 2019، في يناير/كانون الثاني واحتُجز بتهم"الإشادة بالإرهاب" و"استخدام تكنولوجيات الإعلام والاتصال لدعم أعمال وأنشطة تنظيمات إرهابية". أُفرِج عنه بموجب مرسوم رئاسي في 31 أكتوبر/تشرين الأول بمناسبة الذكرى الـ70 لحرب استقلال الجزائر.
في 23 يوليو/تموز، حكمت عليه محكمة بالجزائر العاصمة في قضية أخرى بالسجن ستة أشهر بتهمة "عرض منشورات من شأنها المساس بالوحدة الوطنية" و"التحريض العلني على التجمهر غير المسلح".
في 4 يوليو/تموز، حكمت محكمة بالجزائر العاصمة على الفنانة الفرنسية الجزائرية جميلة بن طويس بالحبس عامين وغرامة مالية بسبب أغنية أدتها تندد بقمع احتجاجات الحراك. استُجوِبَت بن طويس في المطار عند دخولها الجزائر في فبراير/شباط، واعتُقلت في 3 مارس/آذار. اتُهمت بموجب قانون مكافحة الإرهاب وأدينت بتهمة "المساس بسلامة وأمن الدولة" في فيديوهات و"التحريض على التجمعات غير المسلحة". حثّ خبراء "الأمم المتحدة" محكمة الاستئناف الجزائرية على إلغاء الحكم بسجن بن طويس وتبرئتها من جميع التهم الموجهة إليها. في 2 أكتوبر/تشرين الأول، تم تخفيف الحكم الصادر بحقها إلى السجن 18 شهرا في الاستئناف.
في 6 أغسطس/آب، ألقي القبض على الناشط السياسي وعضو حزب "الحركة الديمقراطية الاجتماعية" المنحل، ياسين مكيرش، واحتُجز بسبب منشورات على فيسبوك. ووجهت إليه تهمة "نشر خطاب الكراهية" و"التحريض على التجمهر غير المسلح". حُكم عليه في نوفمبر/تشرين الثاني بالسجن ستة أشهر.
حرية الإعلام
واصلت السلطات قمعها للصحافة واعتقال وسجن الصحفيين بسبب قيامهم بعملهم. صنفت "مراسلون بلا حدود" الجزائر في المرتبة 139 من أصل 180 دولة على مقياس حرية الصحافة لعام 2024، متراجعة ثلاثة مراكز عن 2023.
في يناير/كانون الثاني، حكمت محكمة في قسنطينة على الصحفية المستقلة فوزية عمراني بالسجن لمدة عام - خُفِّضلاحقا إلى ثمانية أشهر – بتهمة "إهانة موظف".
في 27 يونيو/حزيران، اعتُقل مدير الموقع الإعلامي الإلكتروني "الجزائر سكوب" عمر فرحات، ورئيس تحرير الموقع سفيان غيروس، لبثهما فيديو ينتقد السلطات، وحوكما بتهمة "نشر خطاب الكراهية"، بحسب "اللجنة الوطنية لتحرير المعتقلين".
في 13 يونيو/حزيران، أيدت محكمة الاستئناف بالجزائر العاصمة حلّ شركة "انترفاس ميديا"، وهي الشركة الإعلامية للصحفي إحسان القاضي، الذي سُجن لمدة عامين تقريبا، بتهمة "استغلال خدمة اتصال سمعي بصري دون. الحصول على الرخصة".
أُفرِج عن القاضي وفرحات وغيروس بمرسوم رئاسي في 31 أكتوبر/تشرين الأول.
حرية تكوين الجمعيات والتجمع
قمعت السلطات الجزائرية التجمعات المنظمة. منعت جمعية "أس أو أس المفقودون"، التي تمثل عائلات آلاف الأشخاص الذين اختفوا بين عامي 1992-2002، من تنظيم نشاطَيْن لحقوق الإنسان في الجزائر العاصمة في فبراير/شباط ومارس/آذار.
في 29 يونيو/حزيران، داهمت قوات الأمن عرضا لكتاب في إحدى مكتبات بجاية ومنعت تنظيمه. لم يكن الكتاب محظورا، ومع ذلك أمرت السلطات بإغلاق المكتبة، بدعوى أن الفعالية كانت محظورة. اعتقلت جميع الحاضرين، بمن فيهم المؤلفة والناشر وبائع الكتب، قبل أن تطلق سراحهم بعد ساعات قليلة، وفقا للناشر.
في 10 يوليو/تموز، ألقي القبض على المحامي والمدافع عن حقوق الإنسان سفيان وعليبعد تنظيم اعتصام أمام محكمة بجاية احتجاجا على الاعتقال التعسفي لموكلته الناشطة السياسية ميرة مقناش. أفرج عن وعلي مؤقتا في 18 يوليو/تموز، لكنه يواجه محاكمة بتهم تتعلق بالإرهاب.
في 20 أغسطس/آب، منعت قوات الأمن العديد من الأشخاص الذين قدموا إلى مدينة إفري أوزلاقن لإحياء ذكرى حدث تاريخي من حرب استقلال الجزائر من الوصول إلى الموقع. اعتقلوا العديد من الأشخاص، بما في ذلك نشطاء من حزب "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية"، وفقا لأحد المحامين.
في مايو/أيار، أصدر مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالحق في حرية التجمع السلمي وحرية تكوين الجمعيات تقريره عن زيارته للجزائر في 2023، والذي وثق فيه "قمع وترهيب الأفراد والجمعيات المنتقدة للحكومة". دعاالسلطات إلى احترام الحق في حرية التجمع السلمي وحرية تكوين الجمعيات؛ ورفع حظر السفر المفروض على الجهات الفاعلة في المجتمع المدني؛ وإسقاط الإجراءات ضد من يمارسون حقهم في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات أو التعبير عن آرائهم؛ وإلغاء المادة 87 مكرر من قانون العقوبات المتعلقة بمكافحة الإرهاب، والتي تستخدم "بشكل غير مناسب" ضد المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء والصحفيين.
حرية التنقل وحظر السفر
منذ 2022، لجأت السلطات الجزائرية بشكل متزايد إلى الحظر التعسفي من السفر لخنق المعارضة. مع أن قرارات الحظر هذه تصدر في العديد من الحالات بأمر من النيابة العامة، إلا أن حدودها الزمنية لا تُطبّق أبدا تقريبا، مما يجعلها غير محددة المدة عمليا.
في أبريل/نيسان، مُنع الصحفي مصطفى بن جامع الذي سُجن بتهم ذات دوافع سياسية من فبراير/شباط 2023 إلى أبريل/نيسان 2024، من السفر إلى تونس بشكل تعسفي.
في حالة أخرى من حالات تقييد حرية التنقل، مُنع الصحفي الجزائري فريد عليلات تعسفيا من دخول الجزائر في أبريل/نيسان. قال إنه تم استجوابه واحتجازه لعدة ساعات من قبل أجهزة الأمن في مطار الجزائر العاصمة قبل أن يُطرد إلى فرنسا حيث يقيم. قال محمد لعقاب، وزير الاتصال، إن عليلات مُنع من الدخول لأن مؤسسته الإعلامية اتخذت "مواقف غير ودية" تجاه الجزائر.
القوانين التعسفية
شددت التعديلات الجديدة التي أدخِلت على قانون العقوبات في 6 مايو/أيار على التشريعات الجنائية القمعية القائمة وجرّمت الأحكام الجديدة أفعالا فضفاضة التعريف، بما في ذلك "تسليم معلومات ... يجب أن تحفظ تحت ستار من السرية لمصلحة الدفاع الوطني أو الاقتصاد الوطني"، أو "الإهانة والتعدي على رجال القوة العمومية" أو "أي فعل يعرقل الاستثمار".
السلطات التي وسّعت تعريفا فضفاضا أساسا للإرهاب في يونيو/حزيران 2021 ووضعت قائمة بالكيانات والأفراد "الإرهابيين"، استخدمت التهم المتعلقة بالإرهاب بشكل متزايد لقمع المعارضة السلمية منذ ذلك الحين. في 16 نوفمبر/تشرين الثاني، اعتقلت قوات الأمن الكاتب الجزائري-الفرنسي بوعلام صنصال في مطار الجزائر العاصمة. لاحقا، قاضته السلطات بتهم تتعلق بالإرهاب.
دخل قانون جديد بشأن صناعة السينما حيز التنفيذ في 29 أبريل/نيسان، مما زاد من سيطرة السلطات على الإنتاج السينمائي وفرض عقوبة السجن لمدة تصل إلى ثلاث سنوات لتمويل أو العمل في الإنتاج السينمائي المخالف لمعايير غامضة الصياغة بما في ذلك "القيم والثوابت الوطنية" أو "السيادة الوطنية" أو "الوحدة الوطنية" أو "المصالح العليا للأمة".
حقوق المهاجرين
واصلت السلطات الجزائرية الطرد التعسفي والجماعي للمهاجرين من مختلف الجنسيات الأفريقية، بمن فيهم النساء والأطفال، إلى ظروف تُشكل تهديدا لحياتهم في الصحراء على الحدود مع النيجر، وغالبا ما يتم ذلك دون إجراءات فردية أو إجراءات قانونية سليمة وتصحبه معاملة تعسفية. بين يناير/كانون الثاني وأغسطس/آب، طردت الجزائر ما يقرب من 20 ألف شخص إلى النيجر. أفادت تقارير بوفاة ثمانية أشخاص على الأقل عقب عمليات الطرد.