Skip to main content

جنوب السودان

أحداث 2023

مجموعة من النساء يمشين على سد ترابي يحمي النازحين داخليا والمجتمعات المستضيفة لهم من الفيضانات في 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، في بنتيو، جنوب السودان. تسببت الحرب الدائرة في السودان في نزوح أكثر من 3.3 مليون شخص، بما يشمل لاجئين وعائدين هربوا إلى جنوب السودان.

©2023 لوك دراي/غيتي إيمدجو

 

استمر جنوب السودان في مواجهة أزمة حقوقية وإنسانية خطيرة. أدى النزاع بين الحكومة والقوات المعارضة والميليشيات المتحالفة معها، فضلا عن العنف الأهلي في جيوب من البلاد، إلى مقتل، وإصابة، وتهجير آلاف المدنيين. 

وتقاعست السلطات عن ضمان المساءلة عن الانتهاكات الجسيمة. واستمر الإفلات من العقاب في تأجيج أعمال العنف، حيث تحمل المدنيون وطأة الهجمات الواسعة، والعنف الجنسي المنهجي ضد النساء والفتيات، واستمرار وجود الأطفال في القوات المقاتلة، والقتل خارج القضاء برعاية الدولة.

تقاعست الحكومة عن تحقيق أهداف مرحلية هامة حددها اتفاق السلام، بما في ذلك الإصلاحات التشريعية والمؤسسية قبل نهاية الفترة الانتقالية والانتخابات العامة المقرر إجراؤها في ديسمبر/كانون الأول 2024. صادقت البلاد على عدد من الاتفاقيات الدولية، بما فيها حظر استخدام الذخائر العنقودية، واتخذت خطوات للحد من صلاحيات "جهاز الأمن الوطني" بموجب القانون، لكن استمر القمع ضد النشطاء طوال العام.

تدهور الوضع الإنساني، مدفوعا بالآثار التراكمية والمضاعفة لسنوات من النزاع، والعنف الأهلي، وانعدام الأمن الغذائي، وأزمة المناخ، والنزوح إثر اندلاع النزاع في السودان في أبريل/نيسان. احتاج ما يقدر بـ 9.4 مليون شخص في جنوب السودان، بينهم 4.9 مليون طفل وأكثر من 300 ألف لاجئ، معظمهم نزحوا إلى الجنوب بسبب النزاع في السودان، إلى المساعدة الإنسانية.

خلال العام، مارس جنوب السودان ضغوطا ضد أشكال مختلفة من التدقيق الدولي، منها حظر أسلحة تفرضه الأمم المتحدة منذ العام 2018، والعقوبات ومنع السفر بشكل موجه من قبل الأمم المتحدة ودول أخرى، وصلاحية التحقيق وجمع الأدلة التي تمتع بها "اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في جنوب السودان".  

الهجمات ضد المدنيين وعمليات الإغاثة

من يناير/كانون الثاني إلى مارس/آذار 2023، وثّقت بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان 290 حادثة عنف ضد المدنيين، قُتل خلالها 405 مدنيين، وأصيب 235، واختُطف 266، وتعرض 14 للعنف الجنسي المرتبط بالنزاع. من أبريل/نيسان إلى يونيو/حزيران 2023، وثقت أيضا 222 حادثة عنف طالت 871 مدنيا (بينهم 128 طفلا)، قُتل خلالها 395 شخصا، وأصيب 281، واختطف 166، وتعرض 29 للعنف الجنسي المرتبط بالنزاع.

وحتى أغسطس/آب، قُتل 22 عامل إغاثة، حيث لا يزال جنوب السودان أحد أخطر الأماكن بالنسبة لعمال الإغاثة.

وفقا للأمم المتحدة، في يناير/كانون الثاني، أدت أعمال العنف بين قبيلتي لو نوير ومورلي في جونقلي ومنطقة بيبور الإدارية الكبرى المرتبطة بعمليات القتل الانتقامية وسرقة الماشية إلى مقتل ما لا يقل عن 308 أشخاص، وإصابة 131 آخرين، واختطاف 299، وتعرّض أربعة أشخاص للعنف الجنسي على يد الجماعات المسلحة المنظمة وميليشيات الدفاع المحلية.

لم تحقق السلطات مع المسؤولين المتهمين بالتحريض الهجمات على المدنيين والممتلكات المدنية وتسهيلها في قرى مقاطعات لير وكوتش وماينديت بين فبراير/شباط ومايو/أيار 2022، ولم تلاحقهم قضائيا. أطلق الرئيس تحقيقا تم الانتهاء منه بحلول أبريل/نيسان. لكن إلى حين كتابة هذا التقرير، لم تكن النتائج قد أعلنت ولم تجرِ أي ملاحقات قضائية للمسؤولين المتورطين.

زواج الأطفال

تقدر "منظمة الأمم المتحدة للطفولة" (اليونيسف) إلى أن حوالي 52% من الفتيات في جنوب السودان يتزوجن قبل بلوغهن سن 18 عاما. لم يتم تقديم تقدير يتعلق بالصِبية.

اللاجئون والعائدون

أجبر النزاع في السودان الذي اندلع في منتصف أبريل/نيسان أكثر من 300 ألف شخص على الفرار إلى جنوب السودان حتى 27 أكتوبر/تشرين الأول. وكان أغلبهم من اللاجئين عائدين ينتمون إلى جنوب السودان. سمحت حكومة جنوب السودان بوصول المساعدات الطارئة، لكنها أصرّت على عدم إنشاء مستوطنات أو مواقع للنازحين على الحدود، وأن مواطني جنوب السودان العائدين يجب أن "يعودوا إلى مناطقهم الأصلية"، ما ضيّق الخيارات أمام الكثيرين. عانى اللاجئون والعائدون من ظروف معيشية سيئة في مراكز الاستقبال أو العبور المكتظة التي تديرها المنظمات الإنسانية، مع محدودية فرص الحصول على الغذاء أو الماء وسوء الصرف الصحي، ما عرّضهم لخطر الإصابة بالأمراض. وقد خلق هذا الوضع المزيد من الضغوط على وكالات الإغاثة، ما جعل بيئة العمل في جنوب السودان صعبة للغاية.

الفضاء المدني والسياسي

استمر الفضاء المدني والسياسي في التقلص. كما انتهكت السلطات الإجراءات القانونية الواجبة وضمانات احتجاز المتهمين. في أوائل يناير/كانون الثاني، اعتقل جهاز الأمن الوطني ستة إعلاميين في "هيئة الإذاعة الحكومية في جنوب السودان"، على خلفية فيديو مسرب يظهر الرئيس سلفا كير وهو يتبول على نفسه. وفي وقت لاحق من ذلك الشهر، اعتقل جهاز الأمن الوطني أيضا الموظف في هيئة الإذاعة قرنق جون واحتجزه في مقر جهاز الأمن الوطني في جوبا، المعروف أيضا باسم "البيت الأزرق". احتُجز جميع الصحفيين في ظروف سيئة ولم توجه إليهم أي اتهامات أو يسمح لهم بالاتصال بمحام أو عائلاتهم أثناء احتجازهم. أطلق سراحهم في نهاية المطاف في فترات مختلفة بين منتصف فبراير/شباط وأواخر مارس/آذار.

في 4 فبراير/شباط، اختطف عملاء جهاز الأمن الوطني وعناصر من الشرطة الكينية موريس مابيور أويكجوك، وهو ناقد ولاجئ من كينيا، وسلموه إلى جنوب السودان. حتى كتابة هذا الملخص، كان ما يزال محبوسا انفراديا وبمعزل عن العالم الخارجي في مقر جهاز الأمن الوطني في جوبا.

في أكتوبر/تشرين الأول، أفادت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في جنوب السودان بوجود "قمع منهجي راسخ" لوسائل الإعلام والمدافعين عن حقوق الإنسان والمجتمع المدني من قبل الدولة، بما يشمل الرقابة على وسائل الإعلام، والقيود غير المعقولة على الأنشطة المدنية والسياسية، والهجمات المستمرة على الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان.

التطورات التشريعية

أصدر جنوب السودان سلسلة قوانين وطنية مرتبطة بتنفيذ اتفاق السلام، وصادق على العديد من الصكوك الدولية. في يناير/كانون الثاني، أقر البرلمان قانون عملية صياغة الدستور، لكن التقدم نحو إنشاء دستور جديد توقف بسبب عدم الالتزام والتأخير في إنشاء الآليات ذات الصلة، من بين عوامل أخرى.

أعدت وزارة العدل تشريعا لـ "مفوضية الحقيقة والمصالحة والتعافي" و"هيئة التعويضات وجبر الضرر"، لكن حتى كتابة هذا الملخص، لم يكن التشريع قد عرض على البرلمان بعد. ولم تتخذ أي خطوات لإنشاء المحكمة المختلطة لجنوب السودان المنصوص عليها في اتفاق السلام.

في يونيو/حزيران، صادق جنوب السودان على "بروتوكول حقوق المرأة في أفريقيا الملحق بالميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب" (بروتوكول مابوتو) مع تحفظات على بنود عدة، منها تلك التي لا تشجع تعدد الزوجات وقضايا الصحة الجنسية والإنجابية، ولا سيما الحق في اتخاذ القرار بشأن إنجاب الأطفال، وعددهم، والمباعدة بينهم، والحق في الحصول على وسائل منع الحمل والرعاية الآمنة للإجهاض. 

كما انضم جنوب السودان إلى الاتفاقية الدولية بشأن الذخائر العنقودية في 3 أغسطس/آب.

في سبتمبر/أيلول، سن جنوب السودان "قانون الانتخابات الوطنية" الذي يمكّن الرئيس المنتخب، بعد انتهاء الانتخابات البرلمانية، من ترشيح أعضاء إضافيين للهيئة التشريعية. وفي نوفمبر/تشرين الثاني، أُعيد تشكيل مجلس الأحزاب السياسية، ولجان الانتخابات الوطنية ومراجعة الدستور.

راجعت السلطات "قانون جهاز الأمن الوطني" (2014)، فقيّدت صلاحيات الجهاز الفضفاضة والغامضة للغاية، ولكن لم تلغِها. وفي وقت كتابة هذا الملخص، كان مشروع القانون يخضع لمراجعة برلمانية. وثّقت هيومن رايتس ووتش انتهاكات على يد جهاز الأمن الوطني، ودعت إلى محاسبة أعضاء الجهاز وتقييد صلاحياته في التوقيف، والاحتجاز، والمراقبة.

يجرم جنوب السودان العلاقات الجنسية المثلية بالتراضي مع أحكام بالسَّجن تصل إلى 10 سنوات.

الأطراف الدولية الرئيسية

بين 3 و5 فبراير/شباط، أجرى زعيم الكنيسة الكاثوليكية البابا فرانسيس، إلى جانب رئيس أساقفة كانتربري والمشرف على الجمعية العامة لكنيسة اسكتلندا، زيارة مسكونية إلى جنوب السودان. ودعا الزعماء الدينيون الأطراف في جنوب السودان، بما في ذلك داخل الكنيسة، إلى نبذ العنف وأن يكونوا واضحين أكثر في رفضهم الظلم.

في مارس/آذار، جدد "مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة" ولاية بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان لعام آخر. في أبريل/نيسان، صوّت "مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة" لتجديد ولاية "اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في جنوب السودان" لعام آخر.

في أكتوبر/تشرين الأول، قررت الحكومة تأجيل زيارة المقررة الخاصة المعنية بحقوق الإنسان للنازحين داخليا بدون إبلاغها بذلك قبل وقت كافٍ. ووفقا للخبيرة، أشارت الحكومة إلى تقارير حديثة ومفصلية للأمم المتحدة كسبب للتأجيل.

في مارس/آذار، فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على مفوض مقاطعة ماينديت غاتلواك نيانغ هوث، وغوردون كوانغ بييل من مقاطعة كوتش بموجب نظام عقوبات حقوق الإنسان بسبب "الاستخدام المنهجي والواسع النطاق للعنف الجنسي كتكتيك حرب". كما فرضت المملكة المتحدة عقوبات على الرجلين في ديسمبر/كانون الأول 2022. وفي يوليو/تموز، أضاف الاتحاد الأوروبي جيمس مارك ناندو، وهو لواء في الجيش، إلى قائمة العقوبات للأسباب نفسها.

في مايو/أيار، جدد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة العقوبات على جنوب السودان حتى 31 مايو/أيار 2024 - بما في ذلك العقوبات الموجهة (تجميد الأصول ومنع السفر) وحظر الأسلحة - وولاية “فريق الخبراء” حتى 1 يوليو/تموز 2024. وامتنع عن التصويت كل من الصين وروسيا، اللتان لطالما عارضتا نظام العقوبات المفروض على جنوب السودان، والأعضاء الأفارقة في المجلس، غانا، وموزمبيق، والغابون.  وقرر المجلس أيضا أن توريد أو بيع أو نقل المعدات العسكرية غير الفتاكة مستثنى من حظر الأسلحة وأن الإجراءات التي تعرقل الأنشطة التحضيرية للانتخابات أو تسبب فيها الخلل هي معيار جديد لتحديد العقوبات.

وفي يونيو/حزيران، دعا “مجلس السلم والأمن” التابع للاتحاد الأفريقي إلى رفع حظر الأسلحة للتمكين من تنفيذ اتفاق السلام.

وفي يونيو/حزيران أيضا، فرضت الولايات المتحدة أول عقوبات أمريكية شملت تركيزا خاصا على العنف الجنسي المرتبط بالنزاع على مسؤولَيْن في جنوب السودان: اللواء في الجيش جيمس ناندو، وحاكم ولاية غرب الاستوائية، المنتسب إلى “الحركة الشعبية/الجيش الشعبي لتحرير السودان”.

بموجب اتفاقية السلام لعام 2018، تتحمل "مفوضية الاتحاد الأفريقي" مسؤولية إنشاء المحكمة المختلطة لجنوب السودان. إلا أنها لم تفعل ذلك وتبدو مترددة في المضي قدما في إنشاء المحكمة أو الضغط من أجل أن تتخذ سلطات جنوب السودان إجراءات أكبر لإنشاء المحكمة بالتعاون مع المفوضية.