Skip to main content

الولايات المتحدة

أحداث 2021

هيوز فان إيليس (يسار)، وهو ناجٍ من المذبحة العرقية في تولسا ومن قدامى مقاتلي الحرب العالمية الثانية، وفيولا فليتشر (الثانية من اليمين)، الناجية الأكبر سنا من المذبحة العرقية في تولسا، يدليان بشهادتيهما عن استمرار أثر المذبحة أمام مجلس النواب الأمريكي في واشنطن، 19 مايو/أيار 2021. قالت فليتشر للمشرعين: "عشتُ المذبحة كل يوم. قد تكون بلادنا نسيَتْ هذا اليوم، لكن أنا لا يمكنني أن أنسى".

© 2019 جيم واتسون/أ ف ب عبر غيتي إيمجز

اتخذت إدارة رئيس الولايات المتحدة جو بايدن والكونغرس الأمريكي خطوات إيجابية بشأن حقوق الإنسان من خلال الدفاع عن حقوق المثليين/ات، ومزدوجي/ات التوجه الجنسي، ومتغيري/ات النوع الاجتماعي (مجتمع الميم) التي تم إضعافها في ظل الإدارة السابقة، وعبر الالتزام بالمساواة العرقية، واتخاذ إجراءات للتصدي لجائحة فيروس "كورونا" (كوفيد-19) وآثارها الاقتصادية الضارة.

مع ذلك، لا تزال الولايات المتحدة لا تفي بالتزاماتها الحقوقية، وبخاصة في مجال العدالة العرقية كما يتجلى في عدم وضعها حدا للعنصرية الهيكلية المرتبطة بإرث الاسترقاق، وهياكل السجن التعسفية وإجراءاتها في مجال الهجرة، والرقابة الاجتماعية التي تؤثر على العديد من الأقليات العرقية والإثنية، وفجوة الثروة بين السود والبيض التي استمرت إلى جانب زيادة طفيفة في اللامساواة الاقتصادية.

العدالة العرقية

تعرضت مجتمعات السود واللاتين والسكان الأصليين لأعباء غير متناسبة من آثار كوفيد-19 السلبية، مما عمّق الظلم العنصري القائم في الرعاية الصحية، والسكن، والتوظيف، والتعليم وتراكم الثروة. في حين انخفض الفقر بشكل عام بفضل معونات التحفيز ومساعدات البطالة، بقيت فجوة الثروة بين السود والبيض كبيرة كما كانت في 1968.

في جميع أنحاء البلاد، بذلت سلطات الولايات والسلطات المحلية جهودا للتعويض تسعى إلى إصلاح الأضرار الواضحة الناجمة عن التفاوتات العرقية الحالية والمتصلة بإرث الاسترقاق. في أبريل/نيسان، صوتت اللجنة القضائية في مجلس النواب الأمريكي لصالح النظر في القانون المتعلق بلجنة دراسة وتطوير مقترحات التعويض للأميركيين من أصل أفريقي (H.R. 40) من قبل مجلس النواب بأكمله بدل لجنة فرعية مخصصة، وذلك لأول مرة في تاريخ مشروع القانون الممتد 32 عاما.

في مايو/أيار، أدلت "هيومن رايتس ووتش" بشهادتها مع ناجين من مذبحة تولسا العرقية في 1921 وأحفادهم حول تقاعس سلطات المدينة والولاية في تولسا، أوكلاهوما، عن تقديم تعويضات شاملة قبل الذكرى المئوية للمجزرة. بعد الذكرى المئوية في يونيو/حزيران، أصدر مجلس مدينة تولسا قرارا يعتذر فيه، لكنه لم يعالج ضلوع سلطات المدينة الموثق في المذبحة ولم يقدم تعويضات كاملة أو فعلية.

تزايدت جرائم الكراهية ضد ذوي الأصول الآسيوية والسود بشكل كبير في 2021 مقارنة بمستويات 2019.

الفقر وعدم المساواة

لا تزال اللامساواة الاقتصادية مرتفعة في الولايات المتحدة، بل عرفت زيادة طفيفة مع اتساع التفاوتات في الثروة بشكل أسرع من زيادة التفاوت في الدخل. ارتفع إجمالي الثروة المجمعة لدى المليارديرات الأمريكيين من 2.9 تريليون دولار في مارس/آذار 2020 إلى 4.7 تريليون دولار في يوليو/تموز 2021. وفقا لمصادر حكومية أمريكية، انخفضت معدلات الفقر وتحسنت مؤشرات العسر منذ ديسمبر/كانون الأول 2020، مدعومة بشكل أساسي بالإعانات الحكومية.

قدمت "خطة الإنقاذ الأمريكية" التي اعتُمدت في 11 مارس/آذار، والمبنية على المدفوعات المباشرة السابقة التي قررتها إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، 1,400 دولار أمريكي لمعظم البالغين في الولايات المتحدة إلى جانب مساعدات أخرى للأسر التي تواجه صعوبات معيشية. انخفضت أيضا المعاناة المتعلقة بنقص الغذاء لدى البالغين الذين لديهم أطفال بعد أن بدأت الحكومة الفيدرالية صرف المدفوعات الشهرية في إطار "الإعفاء الضريبي الموسع عن الأطفال" في 15 يوليو/تموز، فضلا عن تحسين المساعدات الغذائية. كان لقرارات وقف الإخلاء من المساكن على المستوى الفيدرالي وفي الولايات الفضل في حماية الملايين ممن يستأجرون مساكنهم أثناء الجائحة.

مع ذلك، تظهر بيانات مكتب الإحصاء أنه في سبتمبر/أيلول 2021، كان حوالي 19 مليون بالغ يعيشون في أسر لا تملك ما يكفي من الطعام، وكان 11.9 مليون بالغ متخلفين عن دفع الإيجار، وتوقف التقدم الطفيف المحرز منذ أواخر مارس/آذار بعدما خُفضت تدابير الإغاثة إثر مفاوضات تشريعية. كانت آثار الجائحة وتداعياتها الاقتصادية واسعة النطاق، لكنها لا تزال سائدة بشكل خاص بين البالغين السود واللاتين وغيرهم من الأشخاص غير البيض.

النظام القانوني الجنائي

ما زالت الولايات المتحدة في صدارة العالم في معدلات السَّجن المبلغ عنها، حيث كان نحو مليوني شخص في سجون الولايات والسجون الفيدرالية في أي يوم من أيام 2021، بينما يخضع ملايين آخرون للمراقبة والإفراج المشروط. رغم بعض الانخفاض في معدلات سجن السود، ما زالوا ممثلين داخل السجون بشكل كبير للغاية. بدأ عدد نزلاء السجون ينخفض باطراد منذ 2009، لكن هذا الانخفاض لم يغير طبيعة نظام السجن الذي يبقي أعدادا ضخمة من الأشخاص وراء القضبان.

لم توفر السجون الحماية الكافية ضد عدوى كوفيد-19 في أغلب الأحيان. أصيب ثلث نزلاء السجون الأمريكية بالفيروس وتوفي أكثر من 2,700 منهم بسببه. خفضت العديد من الولايات القضائية اعتمادها على عقوبة السجن للتصدي للوباء، لكن أعداد النزلاء بدأت في العودة إلى مستويات ما قبل الجائحة في 2021 حتى مع ارتفاع حالات الإصابة بمتحور "دلتا".

رغم الدعوات الواسعة النطاق من أجل إصلاحات هيكلية خلال صيف 2020، خاصة لتقليل الاعتماد المفرط على الشرطة ومعالجة المشكلات المجتمعية من خلال الاستثمار في الخدمات الداعمة، فإن عددا قليلا من الولايات القضائية فقط سنّ تدابير مجدية في هذا المجال. بذلت بعض السلطات المحلية جهودا للاعتماد على متخصصين في رعاية الصحة العقلية بدلا من الشرطة في الظروف المناسبة، وموّل بعضها موانع للعنف لا تدخل في إطار إنفاذ القانون. مع ذلك، لم تتقلص ميزانيات الشرطة بشكل عام. بل ولم يقر الكونغرس حتى الإصلاحات الضعيفة المقترحة في مشروع القانون الفدرالي "العدالة في عمل الشرطة".

ترفض معظم إدارات الشرطة الأمريكية الإبلاغ عن البيانات المتعلقة باستخدامها للقوة، مما يستلزم جمع البيانات غير الحكومية وتحليلها. حتى 3 نوفمبر/تشرين الثاني، قتلت الشرطة أكثر من 900 شخص في 2021، على غرار أرقام السنوات الماضية. على أساس الفرد، تقتل الشرطة السود بثلاثة أضعاف معدل قتلها البيض.

الأطفال في نظامي العدالة الجنائية وقضاء الأحداث

رغم الانخفاض في عدد المسجونين الشباب، لا تزال الفوارق العرقية والإثنية قائمة. يفيد "مشروع إصدار الأحكام" بأن الشباب السود يُحتمل سجنهم أكثر من الشباب البيض أربع مرات، وبلغ هذا المعدل لدى الشباب اللاتين 1.3 أضعاف، ولدى شباب السكان الأصليين أكثر من ثلاثة أضعاف.

وُضع قرابة ثلثي الشباب الذين تقرر إيداعهم في مؤسسات رعاية داخلية في أكثر المرافق تقييدا.

هناك تقدم بطيء في الجهود الرامية إلى إنهاء عقوبة السجن المؤبد دون إفراج مشروط في حق الأطفال. وفقا لـ"الحملة من أجل أحكام عادلة للشباب"، هناك 30 ولاية ليس فيها أي شخص يقضي العقوبة أو حظرتها في حق من هم دون عمر 18.

سياسات المخدرات

وصلت الوفيات الناجمة عن الجرعات المفرطة من المخدرات إلى أعلى رقم سُجّل على الإطلاق خلال جائحة كوفيد-19، وفقا لبيانات "مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها"، وتوفي أكثر من 93 ألف شخص في  2020 بجرعات مفرطة من المخدرات، وهي زيادة قدرها 30% مقارنة مع 2019.

هذه الوفيات الناجمة عن الجرعات المفرطة هي جزء من زيادة الوفيات المرتبطة بالبطالة والتسمم بالكحول والانتحار والظروف المتعلقة بانعدام الأمن الاقتصادي وتحديات الصحة العقلية. وجدت دراسة أجريت في رود آيلاند أن الوفيات بجرعات مفرطة لدى الأشخاص الذين يعانون من فقدان وظائفهم وفي مجموعات فرعية شُخّصت لديها مشاكل صحة عقلية  كانت في 2020 أثناء جائحة كوفيد-19 أعلى مما كانت عليه 2019.

قوانين المخدرات الأمريكية التي تعطي الأولوية للتجريم لا تعالج الأسباب الجذرية للجرعات المفرطة، وكانت لها آثار مدمرة في مجتمعات السود والسمر. لا يزال هذا التركيز المستمر على التجريم في مثل هذه القوانين يمثل عقبة أمام الخدمات المنقذة للحياة التي تقلل أضرار المخدرات في العديد من الولايات، ولا تزال هناك ثغرات في توفير العلاج القائم على الأدلة المتاح والميسور التكلفة لاضطرابات تعاطي الممنوعات.

حقوق غير المواطنين

رغم الوعود التي قُطعت خلال الحملة الرئاسية، أبقت إدارة بايدن على سياسات عهد ترامب التي تمنع الوصول إلى اللجوء على حدود الولايات المتحدة. في وقت كتابة هذا التقرير، كانت الإدارة قد نفذت 753,038عملية ترحيل بموجب سياسة الترحيل المعروفة بـ "الباب 42"، وهي سياسة غير قانونية لطرد المهاجرين الذين يصلون إلى الحدود البرية بناء على أسباب واهية تتعلق بالصحة العامة.

عمليات الترحيل بموجب الباب 42 تخصّ المهاجرين الذين يصلون إلى الحدود البرية بمعاملة تمييزية، ومعظمهم من السود والسكان الأصليين واللاتين، خاصة من أمريكا الوسطى وأفريقيا وهايتي، في حين يستطيع آلاف المسافرين الآخرين عبور الحدود دون أي فحص صحي. تُعرِّض عمليات الترحيل بموجب الباب 42 المهاجرين للأذى حيث يعاني الآلاف، في المكسيك فقط، من الاختطاف والاغتصاب والاعتداء والابتزاز وإساءات أخرى بعد طردهم. في سبتمبر/أيلول، تجاهلت الحكومة تماما حقوق طالبي اللجوء عندما استخدم عناصر من شرطة الهجرة يمتطون الجياد ألجمة طويلة كسياط للسيطرة على مجموعة من حوالي 15 ألف مهاجر أسود من هايتي في ديل ريو بتكساس وردعهم.

طوال 2021، أرسلت إدارة بايدن سلسلة من رحلات الإبعاد إلى هايتي، مما عرّض ما يقرب من 10 آلاف مهاجر لظروف تعترف حكومة الولايات المتحدة حاليا بأنها خطيرة للغاية ولا تحقق الترحيل الآمن للهايتيين الموجودين بالفعل داخل الولايات المتحدة.

في أكتوبر/تشرين الأول، أفادت هيومن رايتس ووتش عن وجود وثائق لوزارة الأمن الداخلي تصنف أكثر من 160 تقريرا داخليا عن إساءات، سواء جسدية أو غير ذلك، أو انتهاكات للإجراءات القانونية الواجبة، ارتكبها مسؤولو الحدود الأمريكيون في حق طالبي اللجوء.

أبطلت محكمة فيدرالية إلغاء بايدن لبروتوكولات الهجرة التي تعود إلى عهد ترامب، والمعروفة باسم "إبقوا في المكسيك"، لكن قبل قرار المحكمة، سُمح لنحو 13 ألف شخص من بين 70 ألف شخص عادوا إلى المكسيك بدخول الولايات المتحدة لمتابعة طلبات اللجوء الخاصة بهم. أدى الضغط الدبلوماسي الذي مارسته الإدارة الأمريكية على المكسيك وغواتيمالا والسلفادور وهندوراس من أجل وقف تدفق المهاجرين إلى انتهاكات خطيرة ضد المهاجرين، كانت بسبب السياسات الأمريكية، لكن بعيدا عن حدود الولايات المتحدة.

بعد أن وصلت مستويات الاحتجاز إلى أدنى مستوياتها بسبب حملات الإفراج عن المحتجزين في سياق جائحة كوفيد-19، عادت إدارة بايدن وزادت بشكل كبير عدد الأشخاص المحتجزين لأسباب تتعلق بالهجرة، كما زادت عدد الذين يجبرون على ارتداء أساور إلكترونية، مما يسهل المراقبة المنتهكة لخصوصيتهم.

وفقا للبيانات المتوفرة إلى حدود أغسطس/آب 2021، نظرت الولايات المتحدة في أكثر من 18 ألف حالة لجوء في السنة المالية 2021 (التي انتهت في 30 سبتمبر/أيلول)، رُفض 63%منها، ومُنح 36% منها حق اللجوء، ومُنح 1 % منها وضعا قانونيا مختلفا. رغم قرار الإدارة برفع الحد الأقصى إلى 62,500، لم يُقبل إلا 11,445 لاجئا في الولايات المتحدة خلال السنة المالية 2021.

الصحة وحقوق الإنسان

عجزت الحكومة الأمريكية عن الحد من انتشار فيروس كوفيد-19 وبحلول سبتمبر/أيلول 2021، أصبح الوباء أكثر الأمراض المعدية فتكا في تاريخ البلاد، حيث سجل 676 ألف حالة وفاة، 94% منها لأشخاص تتعدى أعمارهم الخمسين، ومن بينهم ما لا يقل عن 3,600 من عمال قطاع الصحة، معظمهم من غير البيض. أثرت العنصرية الهيكلية على تجارب الناس مع الوباء، حيث كان احتمال التعرض للمرض الشديد والوفاة من جراء فيروس كوفيد-19 أكبر لدى السمر والسود، فضلا عن مواجهة عوائق إضافية تحول دون تلقيهم اللقاح. في أبريل/نيسان، أعلن مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها أن العنصرية تشكل تهديدا خطيرا للصحة العامة.

أُغلقت المدارس لمدة عام دراسي كامل، إن لم يكن أطول من ذلك، في بعض المناطق مما أثر على ما يقرب من 78 مليون طالب. تأثر الطلاب غير البيض سلبا بشكل خاص لأنهم عادة يُسجلون في المدارس ذات الموارد الأقل ولديهم وصول محدود إلى الإنترنت مما يعوق تعلمهم عن بعد. كما ساهمت أسعار الأدوية غير المنظمة في الولايات المتحدة في أزمة عجز عن تحمل تكاليف الأدوية الأساسية. رغم الأحكام القضائية الإيجابية، لا تزال مجتمعات السكان الأصليين في الولايات المتحدة تواجه حواجز كبيرة تحول بينها وبين الخدمات الصحية المناسبة.

حقوق التصويت

تعالت في البلاد اتهامات لا أساس لها بالتزوير الجماعي للانتخابات، وتواصل قمع الناخبين غير البيض وحرمانهم من حق التصويت، وسعى البعض إلى تقويض الإجراءات الانتخابية التي كان هدفها ضمان تصويت كل الأشخاص المؤهلين بسهولة في الانتخابات الأمريكية. بعدما رفض مجلس الشيوخ الأمريكي تمرير مشروع القانون الشامل لحقوق التصويت في يونيو/حزيران، تم اقتراح حل وسط، وهو مشروع قانون حرية التصويت، في سبتمبر/أيلول. كما كان "قانون جون لويس للنهوض بحقوق التصويت" قيد الدرس، وهو يسعى إلى تحديث وإحياء هذا القانون التاريخي في مجال حقوق التصويت الذي يعود لعام 1965.

سياسة تغير المناخ وآثارها

كانت الولايات المتحدة تاريخيا وإلى حد بعيد البلد الأكثر مساهمة في أزمة المناخ التي تلحق أضرارا متزايدة بحقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم، ولا تزال من بين أكبر الدول المسببة للانبعاثات في العالم.

أعلن الرئيس بايدن أنه سيعطي الأولوية لمعالجة تغير المناخ، وعاد إلى الانضمام إلى اتفاقية باريس في أول يوم له في منصبه. مع ذلك، فإن هدف الولايات المتحدة لخفض الانبعاثات بحسب خطتها الوطنية للمناخ ليس كافيا لتحقيق هدف اتفاقية باريس، وهو خفض الاحترار العالمي إلى 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الحقبة الصناعية، وفقا لموقع "متتبع إجراءات المناخ". وإذا بقيت التزامات جميع البلدان ضمن هذا النطاق، فإن الاحترار سيقارب درجتين مئويتين، مما يهدد بإلحاق أضرار كارثية بحقوق الإنسان. علاوة على ذلك، ورغم أن إدارة بايدن اتخذت خطوات مهمة لتقليل الانبعاثات، فإن الولايات المتحدة ليست على المسار الصحيح للوصول إلى هدفها.

تؤثر موجات الحر والأعاصير وغيرها من الظواهر الجوية البالغة الشدة المرتبطة بالمناخ بشكل غير متناسب على المجتمعات المهمشة في الولايات المتحدة. لم توفر السلطات الحماية الكافية للسكان المعرضين للخطر، بما في ذلك الحوامل والأشخاص ذوي الإعاقة وكبار السن، من هذه الآثار التي يمكن توقعها.

صحة النساء والفتيات وحقوقهن

ساهم الافتقار إلى الحصول على التأمين والرعاية الصحيين في ارتفاع معدلات وفيات الأمهات والوفيات بسبب سرطان عنق الرحم مقارنة بدول مماثلة، حيث تموت النساء السود بمعدلات أعلى. أصدر الرئيس بايدن مذكرة رئاسية بشأن حماية صحة المرأة في 28 يناير/كانون الثاني، ألغى بموجبها الإجراءات التي اتخذتها إدارة ترامب والتي منعت النساء من التحدث بحرية إلى الأطباء، والوصول إلى الخدمات الصحية، والحصول على المعلومات الصحية.

في 8 مارس/آذار، أصدر بايدن أمرا تنفيذيا أنشأ بموجبه "مجلس البيت الأبيض لسياسة النوع الاجتماعي" المكلف بزيادة الوصول إلى الرعاية الصحية الشاملة، ومعالجة التفاوتات الصحية، وتعزيز الصحة والحقوق الجنسية والإنجابية، من بين أهداف أخرى. في 22 أكتوبر/تشرين الثاني 2021، أصدر المجلس استراتيجية وطنية بشأن الإنصاف والمساواة الجندرية.

استمرت الولايات بشكل متزايد في اعتماد قيود صارمة على الإجهاض. تجبر هذه القوانين الضارة في غالبية الولايات الأمريكية الشباب دون سن 18 عاما على إشراك أحد الوالدين في قرار الإجهاض، أو أخذ إذن قضائي من المحكمة. من شأن هذه القوانين أن تؤخر الحصول على الرعاية أو تمنعه.

في سبتمبر/أيلول، حظر قانون جديد في تكساس فعليا كل عمليات الإجهاض تقريبا بعد ستة أسابيع من الحمل، أي قبل أن يعرف معظم الناس أنهم حوامل، دون استثناء حالات الاغتصاب أو سفاح القربى. حتى كتابة هذا التقرير، ظل القانون ساري المفعول بعد أن رفضت المحكمة العليا تعليقه استجابة لطعن طارئ فيه. وكان طعن ثان قيد النظر أمام المحكمة.

في وقت كتابة هذا التقرير، كان من المقرر أن تستمع المحكمة العليا إلى الدفوعات في قضية دوبس ضد منظمة جاكسون لصحة المرأة، وهي قضية تتعلق بتقييد الإجهاض في ولاية ميسيسيبي قد تكون لها تداعيات كبيرة على حقوق الإجهاض في الولايات المتحدة. من المتوقع صدور قرار في 2022.

نظرا لأن الوصول إلى الإجهاض في بعض الولايات أصبح أكثر تقييدا، رخصت "إدارة الغذاء والدواء" في أبريل/نيسان لدواء ميفيبريستون الذي يستخدم في عمليات الإجهاض الطبي، ليتم وصفه وصرفه عن طريق البريد خلال فترة الجائحة.

حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة

استمر عنف الشرطة ضد الأشخاص ذوي الإعاقة من السود واللاتين (خاصة الذين لديهك حالات الصحة العقلية، ولكن ليس حصريا) في 2021، ويرجع ذلك جزئيا إلى نقص خدمات الدعم المجتمعية لأزمات الصحة العقلية. أصدرت إلينوي وكاليفورنيا تشريعات لمعالجة هذه الشواغل المتزايدة.

حقوق المسنين

حتى سبتمبر/أيلول، كان ما يقرب من ثلث وفيات كوفيد-19 في مؤسسات الرعاية الطويلة الأجل. كما كانت هناك مخاوف كبيرة بشأن سوء المعاملة والإهمال في دور رعاية المسنين أثناء الجائحة. قد يكون نقص الموظفين، وهي مشكلة طويلة الأمد، والقيود المفروضة على الزوار من أفراد الأسرة، الذين غالبا ما يكمّلون الرعاية التي يقدمها الموظفون، قد ساهمت في الإهمال والتدهور. في يونيو/حزيران، ألغت مراكز الرعاية والخدمات الطبية قاعدة وضعتها إدارة ترامب لتقييد فرض غرامات مالية على بعض الانتهاكات في دور رعاية المسنين. نظر الكونغرس في مشاريع قوانين لتعزيز مساءلة دور رعاية المسنين والتصدي لسوء معاملتهم، وتوسيع الخدمات المنزلية والمحلية، وتحسين أجور ومزايا العاملين في مجال الرعاية المباشرة.

التوجه الجنسي والهوية الجندرية

تحركت إدارة بايدن بسرعة لإعادة إقرار الحقوق التي قيدتها إدارة ترامب، وأصدرت تعليمات للوكالات الفيدرالية بمكافحة التمييز على أساس التوجه الجنسي والهوية الجندرية.

كما أصدرت الإدارة مذكرة لتعزيز حقوق الإنسان لدى مجتمع الميم في السياسة الخارجية للولايات المتحدة، وألغت الحظر العسكري التمييزي على متغيري/ات النوع الاجتماعي (الترانس).

قدم المشرعون في مختلف الولايات أكثر من 110 مشاريع قوانين تستهدف الأشخاص الترانس، وخاصة الأطفال الترانس، مما يهدد صحتهم وحقوقهم. سنت ألاباما وأركنساس وفلوريدا وميسيسيبي ومونتانا وتينيسي وتكساس وويست فرجينيا قوانين تحظر على الأطفال الترانس المشاركة في الألعاب الرياضية بما يتفق مع هويتهم الجندرية. سنت أركنساس وتينيسي قوانين تمنع الأطفال والمراهقين من الحصول على الرعاية الصحية التي تؤكد هويتهم الجندرية.

لم يقر مجلس الشيوخ قانون المساواة، الذي يحظر صراحة التمييز على أساس التوجه الجنسي والهوية الجندرية بموجب مختلف قوانين الحقوق المدنية الفيدرالية.

الأمن القومي

في 6 يناير/كانون الثاني، قام مثيرو شغب مسلحون بتشجيع من الرئيس آنذاك دونالد ترامب باقتحام مبنى الكابيتول الأمريكي في محاولة لتعطيل التصديق على نتائج فرز الأصوات في الانتخابات الرئاسية. قُتل خمسة أشخاص ووجهت اتهامات إلى أكثر من 600 شخص. كان من بين مثيري الشغب متطرفون من البيض وأعضاء في ميليشيات مناهضة للحكومة، أظهروا أن اليمين المتطرف لا يزال يمثل تهديدا رئيسيا للأمن الداخلي.

أعلنت إدارة بايدن أنها ستراجع الأطر القانونية والسياساتية التي تحكم الاستهداف القاتل للمشتبه بهم في قضايا الإرهاب في الخارج، لكن لم يتم الإعلان عن بدء هذه المراجعة. في 29 أغسطس/آب، بعد يومين من تفجير انتحاري في مطار كابول تبناه "تنظيم الدولة الإسلامية في ولاية خراسان"، وأسفر عن مقتل ما لا يقل عن 170 أفغانيا و13 جنديا أمريكيا، شنت الولايات المتحدة غارة بطائرة بدون طيار على سيارة زعمت أنها مليئة بالمتفجرات وكانت متجهة الى المطار. في 17 سبتمبر/أيلول، اعترفت وزارة الدفاع بأن الضربة كانت "خطأ مأساويا" أدى إلى مقتل 10 مدنيين من بينهم سبعة أطفال. بعد التحقيق، برأت الولايات المتحدة المسؤولين عن تنفيذ العملية في الجيش من "الإهمال الجنائي"، وأعلنت أنها ستقدم "مدفوعات تعزية على سبيل الهبة" لأسر الضحايا.

تعهد الرئيس بايدن بإنهاء الاعتقال في خليج غوانتانامو لكن الولايات المتحدة أفرجت عن معتقل واحد فقط في 2021. لا يزال 39 رجلا محتجزين حتى وقت كتابة هذا التقرير، كان 10 منهم يحاكمون أمام لجنة عسكرية واثنان يقضون أحكامهم. بينما استؤنفت بعض الجلسات التمهيدية أمام اللجان العسكرية المعيبة في غوانتانامو في سبتمبر/أيلول بعد تأخيرات طويلة، لا يُتوقع إجراء محاكمات حتى 2022، بما في ذلك محاكمات المتهمين الخمسة في أحداث 11 سبتمبر/أيلول.

السياسة الخارجية

أعلنت إدارة بايدن عند توليها مهامها أنها ملتزمة بسياسة خارجية "تتمحور حول الدفاع عن الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان"، فضلا عن زيادة التعاون المتعدد الأطراف. انتُخبت الولايات المتحدة مجددا في "مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة"، وانضمت من جديد إلى "منظمة الصحة العالمية" واتفاق باريس للمناخ.

في أبريل/نيسان 2021، رفع الرئيس بايدن العقوبات المفروضة على كبار مسؤولي "المحكمة الجنائية الدولية"، لكنه عارض تحقيقات المحكمة التي قد تشمل التدقيق في سلوك مواطنين أمريكيين وإسرائيليين. استضافت الولايات المتحدة قمة من أجل الديمقراطية تهدف إلى تحفيز الدول المدعوة للالتزام بحقوق الإنسان ومكافحة الفساد ومناهضة الاستبداد.

ألغت إدارة بايدن "سياسة حماية الحياة في سياسة الصحة العالمية" المعروفة أيضا بـ "قاعدة كم الأفواه" (Gag Rule)، والتي أضرت بالصحة والحقوق الجنسية والإنجابية على مستوى العالم. التزمت أيضا بإعادة النظر في الصحة والحقوق الإنجابية في تقريرها العالمي السنوي عن حقوق الإنسان.

تم تعيين مبعوث أمريكي خاص للنهوض بحقوق الإنسان لدى مجتمع الميم، وهو منصب كان شاغرا منذ 2017. رفض وزير الخارجية أنطوني بلينكن النتائج التي توصلت إليها لجنة الحقوق غير القابلة للتصرف التابعة لوزارة الخارجية - وهي مبادرة دعت من خلالها إدارة ترامب إلى اتباع نهج هرمي في حقوق الإنسان - مشيرا إلى أن حقوق الإنسان "مترابطة" ولا يمكن ترتيبها هرميا.

مع أن إدارة بايدن تبنت قرار إدارة ترامب باعتبار معاملة الحكومة الصينية للأويغور إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية، إلا أنها لم تعلن عن قرار بشأن الانتهاكات العسكرية ضد الروهينغا في ميانمار أو الانتهاكات المرتكبة في منطقة تيغراي الإثيوبية. حثت الولايات المتحدة "مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة" على مناقشة الأزمات الإنسانية والحقوقية في ميانمار وتيغراي، لكنها لم تطالب المجلس حتى وقت كتابة هذا التقرير بفرض حظر على الأسلحة أو عقوبات أممية فردية على المسؤولين عن تلك الانتهاكات.

واصلت الولايات المتحدة فرض عقوبات على مجموعة من الانتهاكات الحقوقية. وردّت إدارة بايدن على استخدام الصين للعمالة القسرية وغيرها من الانتهاكات ضد الأويغور في شينجيانغ بإصدار تحذير للشركات الأمريكية التي تمارس أنشطة تجارية في المنطقة بأنها تتعرض لـ"خطر انتهاك القانون الأمريكي". فرضت الإدارة عقوبات على المسؤولين والشركات في الصين وهونغ كونغ بسبب قمع الديمقراطية في هونغ كونغ. في ميانمار، فرضت الإدارة عقوبات على المجلس العسكري في أعقاب انقلاب فبراير/شباط. اتخذت الولايات المتحدة إجراءات مماثلة ضد بيلاروسيا وكوبا ونيكاراغوا ردا على الحكم الاستبدادي المتزايد وانتهاكات الحقوق. أصدر الرئيس بايدن أيضا أمرا تنفيذيا يسمح بفرض عقوبات أمريكية على الأفراد الذين يرتكبون انتهاكات في النزاع الإثيوبي وألغى وضع إثيوبيا التجاري بموجب قانون النمو والفرص في أفريقيا بسبب انتهاكات حقوق الإنسان.

لم تفرض إدارة بايدن عقوبات على ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بعد صدور تقرير استخباراتي أمريكي خلص إلى أنه وافق على مقتل الصحفي جمال خاشقجي في 2018.

في يوليو/تموز، أطلق الرئيس بايدن استراتيجية أمريكية لمعالجة الأسباب الجذرية للهجرة في أمريكا الوسطى، بما في ذلك تعزيز احترام حقوق الإنسان. كان تأثير هذه الاستراتيجية محدودا.

أعلن الرئيس بايدن انسحاب القوات الأمريكية الكامل من أفغانستان دون ضمان إجلاء وإعادة توطين الأفغان المقبولين في برنامج تأشيرة الهجرة الخاصة وغيرهم من المعرضين للخطر. في 15 أغسطس/آب، استولت طالبان بشكل سريع على أفغانستان من يد الحكومة المدعومة من الولايات المتحدة، مما خلق ظروفا فوضوية وخطيرة على الأفغان الذين يخشون انتقام طالبان. أجْلت الولايات المتحدة أكثر من 60 ألف أفغاني، عمل الكثير منهم بشكل مباشر مع الحكومة الأمريكية أو المنظمات الأمريكية، لكن الآلاف من المدافعين الحقوقيين والصحفيين وغيرهم ممن تُركوا هناك ظلوا معرضين للخطر. بقي الوضع القانوني للعديد من الأفغان الذين تم إجلاؤهم غير واضح في الخارج. أجلت الولايات المتحدة أيضا آلاف الأفغان الذين عملوا مع "قوات ضاربة" تدعمها "وكالة الاستخبارات المركزية"، من بينهم متهمون بتنفيذ إعدامات بدون محاكمة وانتهاكات أخرى.

واصلت إدارة بايدن مبيعات الأسلحة والمساعدات الأمنية للدول ذات السجلات الحقوقية السيئة. رغم تعهد الولايات المتحدة بإنهاء مبيعات الأسلحة الهجومية للسعودية والإمارات بسبب دورهما في الحرب في اليمن، فإنها أبرمت صفقات أسلحة مع الحكومتين. سمحت إدارة بايدن بأكثر من 2.5 مليار دولار من مبيعات الأسلحة إلى الفيليبين وطلبت 1.3 مليار دولار كمساعدة أمنية لمصر رغم تدهور الحقوق في كلي البلدين. كما التفّ الرئيس بايدن على تشريعات الكونغرس التي تجعل 300 مليون دولار من المساعدات الأمنية الأمريكية لمصر مشروطة بحقوق الإنسان، ولم يُحجب عنها إلا 130 مليون دولار رغم استمرار الانتهاكات.

موّلت الولايات المتحدة 735 مليون دولار إضافية من مبيعات الأسلحة لإسرائيل فضلا عن التعهد السنوي البالغ 3.8 مليار دولار، حتى عندما استخدمت القوات الإسرائيلية أسلحة أمريكية الصنع في ضرباتها الجوية على غزة في مايو/أيار، والتي انتهكت قوانين الحرب، ويبدو أنها ترقى إلى جرائم حرب.

أعربت إدارة بايدن عن استعدادها للعودة إلى الامتثال لخطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015 إذا فعلت إيران الشيء نفسه. في وقت كتابة هذا التقرير، كانت الولايات المتحدة وإيران قد اتفقتا على استئناف المحادثات المتعددة الأطراف في نهاية نوفمبر/تشرين الثاني. لا تزال العقوبات الأمريكية الواسعة النطاق على إيران سارية.