(نيويورك) - قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم في تقريرها العالمي 2019 إن حكومة ميانمار ارتكبت انتهاكات خطيرة ضد مسلمي الروهينغا، وغيرهم من الأقليات العرقية خلال 2019. تقلّص الحيّز الديمقراطي في ظل تصاعد الإجراءات الحكومية لقمع حرية التعبير والتجمع السلمي.
وجد تحقيق أجرته الأمم المتحدة أن جيش ميانمار ارتكب "أخطر الجرائم بموجب القانون الدولي" في عمليات في ولايات راخين وكاشين وشان منذ 2011، داعيا إلى التحقيق مع كبار المسؤولين العسكريين وملاحقتهم قضائيا بتهمة الإبادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب.
قال براد آدمز، مدير قسم آسيا في هيومن رايتس ووتش: "أثبتت أدلة مستفيضة الوحشية المهولة لقوات الأمن في ميانمار. بدلا من اتخاذ إجراءات ضد الفظائع التي ارتكبها الجيش، سارعت حكومة أونغ سان سو كي إلى إنكارها، في خيانة للمثل العليا للعدالة والحرية التي كانت "الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية" تتبناها.
في "التقرير العالمي" الصادر في 674 صفحة، بنسخته الـ 29، تستعرض هيومن رايتس ووتش الممارسات الحقوقية في أكثر من 100 دولة. في مقالته الافتتاحية، كتب المدير التنفيذي كينيث روث أنّ الشعبويّين الذين ينشرون الكراهية والتعصّب في دول متعدّدة يتسببون في اندلاع المقاومة. كما أنّ التحالفات الجديدة بين الحكومات التي تحترم الحقوق، والتي تنبثق غالبا عن، وتنضمّ إليها، جماعات مدنيّة والجماهير، ترفع تكلفة التجاوزات الاستبداديّة. تبيّن نجاحات هذه التحالفات إمكانيّة الدفاع عن الحقوق، كما ومسؤوليّة القيام بذلك حتى في أحلك الأوقات.
فرّ أكثر من 730 ألف من الروهينغا إلى بنغلادش المجاورة، بما يشمل أكثر من 15 ألف وافد جديد في 2018، هربا من حملة التطهير العرقي التي شنها الجيش في ميانمار والتي بدأت في أغسطس/آب 2017. يعيش نصف مليون من الروهينغا المتبقين في ولاية راخين في ظروف بائسة، ويخضعون لاضطهاد الحكومة والعنف والقيود المشدّدة على الحركة، والحرمان من الطعام والرعاية الصحية. واجه العائدون إلى ميانمار الاعتقال والتعذيب من قبل السلطات.
زعمت حكومة ميانمار طوال 2018 أنها مستعدة لقبول اللاجئين العائدين إلى وطنهم، ولكنها لم تُبدِ أي استعداد لتهيئة الظروف لعودة آمنة وكريمة، أو معالجة الأسباب الجذرية للأزمة. حاولت بنغلادش وميانمار البدء في عمليات الإعادة في نوفمبر/تشرين الثاني وسط إدانة واسعة النطاق، دون التشاور مع مجتمع اللاجئين الروهينغا. أجّلت السلطات البنغلادشية العملية عندما لم يوافق أي من الروهينغا على العودة.
أنكرت سلطات ميانمار مرارا حدوث انتهاكات على يد قوات الأمن، وفتحت تحقيقات متتالية تفتقر إلى الاستقلالية والمصداقية. منعت السلطات محققين مستقلين من دخول ولاية راخين، وعاقبت صحفيين محليين لإبلاغهم عن الانتهاكات العسكرية. في سبتمبر/أيلول، حكمت محكمة في يانجون على صحفيين من "رويترز"، وا لون وكياو سوي أو بالسجن 7 سنوات بموجب قانون الأسرار الرسمية الذي يعود إلى حقبة الاستعمار، بسبب إبلاغهما عن مذبحة للروهينغا ارتكبها الجيش في قرية إن دين. أدينا رغم شهادات أدلى بها شهود بأن اعتقالهما في ديسمبر/كانون الأول 2017 كان مكيدة من جهاز الشرطة، فضلا عن عديد من التناقضات والمخالفات في مرافعة الادعاء.
صعّدت الحكومة استخدامها للقوانين القمعية في جميع أنحاء البلاد من أجل اعتقال وحبس الأفراد بسبب التعبير السلمي والتجمع، لا سيما بتهمة التشهير الجنائي. تراجعت قدرة الصحفيين على تغطية مناطق النزاع بشكل مطّرد، في حين أن زيادة الملاحقات القضائية كان لها أثر ترويعي على وسائل الإعلام في البلاد.
تصاعد النزاع المسلح بين الجيش والجماعات العرقية المسلحة على مدار العام في ولايات كاشين وشان وكارين، وقد أججته مشاريع التنمية الكبيرة والنزاعات على الموارد الطبيعية. تعرّض المدنيون للخطر على نحو متزايد بسبب منع صارم لوصول المعونة، والهجمات العشوائية والنزوح القسري. توقفت عملية السلام الوطنية، وفشلت في كسب الثقة أو جذب الجماعات العرقية المسلحة.
واجهت ميانمار إدانة دولية متزايدة للفظائع التي ارتكبها الجيش. فرض الاتحاد الأوروبي وكندا والولايات المتحدة وأستراليا عقوبات على عديد من مسؤولي قوات الأمن على مدار العام، وأنشأ "مجلس حقوق الإنسان" التابع للأمم المتحدة آلية لجمع الأدلة عن الجرائم الخطيرة وإعداد ملفات القضايا لإجراء المحاكمات. مع ذلك، قالت هيومن رايتس ووتش إن الإجراءات الحاسمة للمساءلة، بما يشمل إحالة "مجلس الأمن الدولي" ملف ميانمار إلى "المحكمة الجنائية الدولية"، بقيت بعيدة المنال.
قال براد آدامز: "هناك حاجة إلى مزيد من العمل الدولي للبدء في تفكيك حواجز الإفلات من العقاب التي حمت جيش ميانمار من المساءلة على مدى عقود. العدالة من أجل الروهينغا وغيرهم من الضحايا لن تتحقق إلا من خلال تدابير حاسمة ومنسقة من أجل محاسبة المسؤولين عن الفظائع".