الصفحة الرئيسية / Go to Arabic Home Page    منظمة مراقبة حقوق الإنسان -الشرق الأوسط وشمال أفريقيا/    Human Rights Watch - Mideast and North Africa التقرير السنوي لعام 2000
يتناول الفترة من نوفمبر 98حتى أكتوبر99
سوريا
دور المجتمع الدولي المدافعون عن حقوق الإنسان التطورات في مجال حقوق الإنسان

إصدارات أخري
التقرير السنوي لعام 1999
قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
صفحة سوريا
Human Rights Watch

مواقع أخرى ذات صلة
تقرير منظمة العفو الدولية 99
مواقع لحقوق الإنسان
وكالة الأنباء السورية
شبكة مؤسسات حقوق الإنسان

المنظمة العربية لحقوق الانسان
العالم العربي على الانترنت

التطورات في مجال حقوق الإنسان
ظلت الحياة السياسية في سوريا ذات بعد واحد خلال عام 1999، إذ ما زال يهيمن عليها جهاز حزب البعث الحاكم ومجموعة قليلة من الأحزاب السياسية الصغيرة الموالية للحكومة، التي تشكل مع حزب البعث "الجبهة القومية التقدمية". وأٌجرِيَت الانتخابات البرلمانية السورية التي تٌنَظَّم كل أربعة أعوام يوم 30 نوفمبر/تشرين الثاني، وخاضها 7364 مرشحاً تنافسوا على 250 مقعداً. وأعلن وزير الداخلية محمد حربة في 3 ديسمبر/كانون الأول أن 167 من المرشحين المرتبطين بأحزاب "الجبهة القومية التقدمية" فازوا بمقاعد، وأن المقاعد الثلاثة والثمانين الباقية فاز بها مرشحون مستقلون. وفي 14 يناير/كانون الثاني 1999 أقر البرلمان الجديد بالإجماع ترشيح الرئيس حافظ الأسد، الذي يحكم البلاد منذ عام 1970، لولاية رئاسية جديدة مدتها سبع سنوات. وفي أعقاب ذلك أُجري استفتاء عام في 10 فبراير/شباط للإقرار الشعبي للولاية الجديدة؛ ووفقاً لبيانات وزارة الداخلية، أيدت الأغلبية الساحقة من الناخبين منح الرئيس السوري ولاية رئاسية خامسة؛ ولم يكن عدد الرافضين لتجديد ولاية الرئيس سوى 219 من بين نحو 8.9 مليون ناخب في البلاد.
وظلت السلطات لا تطيق أي نشاط من أنشطة المعارضة السياسية السلمية وأنشطة مراقبة حقوق الإنسان داخل سوريا، حيث يُعاقب مرتكبو أي من هذه الأنشطة عقاباً شديداً. وما برحت البلاد تفتقر إلى قانون يمكن بموجبه لأي حزب سياسي التقدم بطلب لاكتساب الصفة القانونية التي تجيز له ممارسة نشاطه؛ وظل الانتماء لعضوية "الإخوان المسلمين" جريمة يُعَاقَب عليها بالإعدام بموجب القانون رقم 49 لسنة 1980. وخلت الساحة من الدعوة لإجراء إصلاحات ذات جدوى فيما عدا نداءات قليلة صدرت عن تنظيمات سياسية سورية في المنفى
. فعلى سبيل المثال أصدرت جماعة "الإخوان المسلمين" السورية، في أعقاب اجتماع سري لمجلسها القيادي، بياناً في يوليو/تموز يدعو للإفراج عن جميع السجناء السياسيين و"رفع حالة الطوارئ وإلغاء الأحكام العرفية وتبني التعددية السياسية". وانتقد البيان أيضاً "الفساد الاقتصادي والاجتماعي" الذي قال إنه
Press mena algeria bahrain egypt iran iraq israel saudi sudan syria tunisia yemen introdution
وسع دائرة الفقر والهوة بين طبقات المجتمع. وما برحت السلطات تعتبر دعاة حقوق الإنسان مجرمين، وتخضعهم للعقاب القاسي؛ فقد ظل خمسة من المرتبطين "بلجنة الدفاع عن الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان في سوريا" يقضون عقوبات السجن لمدد تتراوح بين ثماني وعشر سنوات التي أصدرتها عليهم محكمة أمن الدولية العليا إثر محاكمة جائرة عام 1992؛ فكانوا هم المدافعين الوحيدين عن حقوق الإنسان في العالم العربي الذين ينفذون مثل هذه الأحكام الطويلة الأمد عقاباً علي ممارستهم السلمية لحقهم في حرية التعبير وتكوين الجمعيات.
ولم تستجب السلطات للمطالبة بمعلومات عن حالات "اختفاء" أشخاص سوريين، ولبنانيين، وأجانب آخرين، وفلسطينيين لا يحملون أي جنسية، من المعتقد أنهم محتجزون في سوريا. وواصلت أسر "المختفين" الاتصال بمنظمات حقوق الإنسان الدولية بشأن أبنائها "المختفين" الذين شوهد بعضهم آخر مرة قبل عشر سنوات، أو أكثر من ذلك. وطالب الناشطون اللبنانيون المقيمون في الخارج مجدداً بإطلاق سراح عدة مئات من اللبنانيين "المختفين" الذين خُطِفوا في الأراضي اللبنانية ومن المعتقد أنهم نُقِلوا إلى سوريا. وكان الغضب من الصمت الذي تلزمه الحكومة السورية إزاء حالات "المختفين" ظاهراً في تصريحات مسؤول أردني؛ ففي حديث نشرته صحيفة "الدستور" اليومية الصادرة في عمان يوم 7 نوفمبر/تشرين الثاني 1998، انتقد وزير الإعلام آنذاك ناصر جودة غياب المعلومات عن الأردنيين المسجونين في سوريا؛ وقال إن عدد المعتقلين الأردنيين في سوريا يتزايد، وإن الأردن يتوقع إيضاحاً ما من سوريا؛ وتساءل عن مكان الأردنيين السجناء، والتهم الموجهة إليهم، وما إذا كان بوسع أسرهم زيارتهم، وكيف وأين حُوكموا، وفي أي سجن يُحتَجَزون، وما هي أحكام السجن التي حُكم بها عليهم. وأضاف أنه إذا دخل أردني سوريا وارتكب جريمة ما، فهناك أعراف وقنوات دبلوماسية يمكن من خلالها إبلاغ الأردن بالجريمة.

وفي 12 يوليو/تموز أصدر الرئيس حافظ الأسد المرسوم التشريعي رقم 3 لسنة 1999، الذي منح عفواً عاماً عن أشخاص اتهموا أو أدينوا بارتكاب جرائم متنوعة، تتراوح بين جنح بسيطة والهروب من الخدمة العسكرية، وارتكاب مخالفات تتعلق بالعملة الصعبة، واختزان السلع المدعومة أو المضاربة فيها، وغير ذلك من الجرائم الاقتصادية. وفي بادئ الأمر قالت صحيفة "تشرين" اليومية المملوكة للدولة يوم 13 يوليو/تموز إن العفو سينطبق على عشرات الألوف من المواطنين. وفي 14 يوليو/تموز قالت صحيفة "الحياة" اللندنية إنه شمل نحو 2200 شخص سُجِنوا لارتكابهم "جرائم اقتصادية"، وإنه سيتم حفظ 150 ألف قضية منظورة أمام المحاكم تتصل بجرائم مرتبطة باختزان السلع. وصرح وزير العدل السوري حسين حسون للصحف يوم 19 يوليو/تموز بأن بعض القوانين الاقتصادية الصادرة في العقود السابقة "لم تعد تناسب تطورات العصر"، وأعرب عن اعتقاده بأن الأحكام الصادرة بموجب هذه القوانين الخاصة بالجرائم الاقتصادية قاسية، وأن العفو مؤشر للانفتاح الاقتصادي الذي تشهده البلاد. وصرح مسؤولون سوريون لوكالة الأنباء الفرنسية يوم 19 يوليو/تموز بأن العفو يشمل ما يربو على 200 ألف قضية؛ وأضاف المسؤولون الذين طلبوا عدم الإفصاح عن أسمائهم أنه سيتم الإفراج عن نحو 250 سجيناً سياسياً. وورد أن مرسوم العفو سينطبق أيضاً على قضايا صدرت فيها أحكام غيابية، وأشارت تقارير إعلامية إلى أن ثمة لجنة شُكِّلت لإعداد قوائم المستفيدين من العفو. وفي سبتمبر/أيلول قال تقرير "لمركز الخليج للدراسات الاستراتيجية" نشرته صحيفة "أخبار الخليج" التي تصدر في البحرين إن 300 سجين سياسي أُفرِجَ عنهم بموجب العفو، معظمهم من أعضاء "الإخوان المسلمين"؛ وحتى كتابة هذا التقرير لم يكن متداولاً سوى بضعة أسماء غير مؤكدة لسجناء سياسيين أُفرِجَ عنهم.
وعلى نحو ما شهدته السنوات الماضية، ظل بعض السجناء السياسيين محتجزين بعد انتهاء مدد عقوباتهم الطويلة؛ وقد نشرت منظمة العفو الدولية أنباء حالة ضحى عاشور العسكري التي ظلت محتجزة في سجن العدرا بعد أن أمضت مدة عقوبتها التي تبلغ ستة أعوام في فبراير/شباط. وأضربت ضحى عن الطعام في يونيو/حزيران، ثم أُفرِجَ عنها في يوليو/تموز؛ وكانت قد حوكمت أمام محكمة أمن الدولة العليا، وصدر عليها حكم السجن بتهمة الانتماء لحزب سياسي غير مرخص له.

وظل عدد غير محدد من السوريين الذين فروا من البلاد خلال القمع الشديد الذي شهدته فترة الثمانينيات يعيشون في الخارج في ظروف صعبة كمنفيين سياسيين. ولم يعد هؤلاء الرجال والنساء يحملون جوازات سفر سورية صالحة، الأمر الذي يضعهم تحت طائلة الاعتقال أو الترحيل. ولا يمكن للمنفيين وزوجاتهم وأبنائهم استخراج جوازات سفر من السفارات السورية، إذا كانت أسماؤهم مدرجة في القوائم السوداء في دمشق؛ ومن ثم فقد أصبحت أسر بأكملها بلا وثائق تثبت أنهم يحملون الجنسية السورية بعد انقضاء صلاحية جوازاتهم. وأبلغ منفيون أيضاً منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" بأن الأبناء الذين ولدوا لمنفيين سياسيين سوريين في الخارج لا يمكن تسجيلهم في السجل المدني السوري، الأمر الذي يستحيل معه حصولهم على جوازات سفر، وهو ما يحرمهم فعلياً من الاعتراف القانوني بجنسيتهم السورية. وقالت ابنة أحد المنفيين، التي غادرت سوريا مع أمها واخوتها عندما كان عمرها عشر سنوات، إن الطلبات التي تقدمت بها لاستخراج جواز سفر رُفِضَت مراراً؛ وبدون جواز سفر لم يكن بمقدورها العودة إلى سوريا لمواصلة دراستها الجامعية والزواج من خطيبها السوري. وفي حالة أخرى قال أحد المنفيين إن ابنه الذي نال درجة في الطب من الأردن، لا يستطيع السفر خارج الأردن للالتحاق بدراسات طبية متخصصة لأنه لا يحمل جواز سفر. وفي لقاء عُقد عام 1999 مع تسع سوريات، كلهن زوجات أو أرامل لمنفيين سياسيين، أحصت منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" 77 ابناً لهن لا يحملون جوازات سفر سورية، ويُعدُّون في واقع الأمر بلا جنسية. وقالت ابنة إحدى هؤلاء النساء، وتبلغ من العمر 26 عاماً: "لقد توفي أبي؛ ما جريمتي أنا؟ إن من حقي أن أحمل الجنسية السورية، وأريد العودة إلى بلدي".
وداخل سوريا تعرض أقارب المنفيين السياسيين أيضاً لقيود على حرية الانتقال، وفي بعض الحالات لم يُسمَح لهم بمغادرة البلاد. ويقتضي القانون من المواطنين السوريين الحصول على تأشيرة مغادرة للسفر للخارج، وترددت أنباء تفيد بأن المدرجين بالقوائم السوداء صودرت جوازات سفرهم عندما تقدموا للحصول على تلك التأشيرة في سوريا. وورد أن بعض المنفيين، الذين تقدموا إلى السفارات السورية في الخارج، سُمِحَ لهم بالعودة، لكنهم بعد ذلك إما أُلقي القبض عليهم عند دخولهم البلاد، وإما لم يُسمَح لهم بالمغادرة ثانية. ومن هذه الحالات حالة مدحت طيفور المولود في حماة عام 1954، والذي غادر سوريا عام 1983، وأقام أولاً في المملكة العربية السعودية، ثم في الأردن حيث عمل لخمس سنوات ملاحظاً لعمال البناء. وكان أخوه عضواً في جماعة "الإخوان المسلمين" يقيم في المنفي. وورد أن السفارة السورية في الأردن منحت طيفور وثيقة سفر لدخول سوريا عوضاً عن جواز سفره، ولكن عندما توجه إلى سوريا في 22 مايو/أيار 1998 أٌلقِي القبض عليه عند الحدود؛ وحتى كتابة هذا التقرير لم يكن مكان وجوده معروفاً. وظلت زوجته وأبناؤه الخمسة الذين تتراوح أعمارهم بين ثلاث سنوات و15 سنة في الأردن.

وتملك الدولة الصحف والإذاعة المسموعة والمرئية وتفرض عليها سيطرة صارمة؛ لكن البلاد شهدت خطوات نحو تقديم خدمة الإنترنت على نطاق محدود لبعض شرائح المجتمع السوري، وإدخال خدمة الهاتف المحمول. وفي يونيو/حزيران حظرت وزارة الإعلام توزيع صحيفة "القدس العربي" التي تصدر في لندن داخل سوريا؛ وجاء الحظر، حسبما أفاد "مركز حرية وسائل الإعلام" في لندن، رداً على مقالات نشرتها الصحيفة حول الاتصالات الثنائية بين سوريا وإسرائيل لاستئناف المفاوضات التي توقفت عام 1996. وفي 25 إبريل/نيسان ورد أن نحو 35 مؤسسة تابعة للدولة، منها جامعات ووزارات، أصبحت متصلة بشبكة الإنترنت. وفي 15 يوليو/تموز قالت صحيفة "الثورة" الحكومية إن مؤسسة الاتصالات السورية ستبدأ في تقديم خدمة الإنترنت لشركات القطاعين العام والخاص، وكذلك خدمة البريد الإلكتروني للأشخاص ذوي الصفة القانونية. وأضافت أن تقديم خدمة البريد الإلكتروني يقتضي من المشترك أن يكون ذا وضع مهني مثل الأطباء والصحفيين والمحامين. وأشار مقال الصحيفة أيضاً إلى أن مؤسسة الاتصالات ستراقب المشتركين عن كثب، قائلاً إنها ستكون هي الجهة الوحيدة المنوطة بتقديم الخدمة، وستقطعها عن أي مشترك يشفِّر ملفات أُرسلت خارج الشبكة السورية. وأعلن رئيس مؤسسة الاتصالات السورية مكرم عبيد في 11 فبراير/شباط أنه يتوقع أن يكون الهاتف المحمول متاحاً للجمهور قبل نهاية عام 1999. وظلت العلاقات الثنائية وثيقة للغاية بين سوريا ولبنان؛ وقال منتقدو الدور السوري المهيمن في الشؤون اللبنانية، والمعترضون على وجود ضباط لجهاز المخابرات السوري وعشرات الآلاف من الجنود السوريين في الأراضي اللبنانية، إن لبنان بلد "محتل". وورد أن نائب الرئيس السوري عبد الحليم خدام أُعفِي من مسؤوليته عن لبنان وأُحيل "الملف" إلى العقيد بشار الأسد نجل الرئيس وخليفته المحتمل في الرئاسة. وفي حديث نشرته صحيفة "الكفاح العربي"، الصادرة في بيروت يوم 4 فبراير/شباط، حذر العقيد بشار الأسد اللبنانيين من إحياء "النعرات الطائفية والمذهبية"، وقال إن سوريا لن تقر مثل هذه "اللعبة الخطيرة". وقال أيضاً إن العلاقة بين لبنان وسوريا علاقة شعب واحد في بلدين تربطهما روابط تاريخية وجغرافية فضلاً عن النضال المشترك، ومن ثم فلا يمكن اختزال العلاقة إلى مجرد ملف.
وفي خطوة أثارت ذهول واستنكار الكثير من اللبنانيين، أقامت سوريا نحو 36 مركز اقتراع في شتى أنحاء لبنان، حتى يتسنى للسوريين المقيمين والجنود المرابطين في البلاد، الإدلاء بأصواتهم في الاستفتاء على الرئاسة السورية الذي أُجرِي في فبراير/شباط. وأشارت صحيفة ديلي ستار، التي تصدر في بيروت، إلى أن "سجلات ضيافة وُزِّعت على المواطنين اللبنانيين ليسجلوا كلمات تأييد للرئيس حافظ الأسد" في كثير من مراكز الاقتراع. وقبل التصويت قال بطريرك الموارنة اللبنانيين ذو النفوذ الكبير الكردينال نصر الله بطرس صفير إن مراكز الاقتراع تُعتبر إهانة للسيادة اللبنانية. وفي عددها الصادر في 7 فبراير/شباط، نقلت صحيفة ديلي ستار عنه قوله: "في البلدان الأخرى يدلي الأجانب بأصواتهم في سفاراتهم لأنها تُعتَبر أراضي تابعة لدولهم. ونحن حريصون على الاحتفاظ بعلاقات وثيقة مع سوريا، لكننا نطالب أيضاً بسيادة بلدنا". وأفادت تقارير صحفية بأن أفراداً من قوى الأمن الداخلي اللبنانية تولوا حراسة مراكز الاقتراع، وأشرف عليها ضباط من المخابرات السورية في ثياب مدنية. وفي برقية لوكالة رويترز للأنباء، صادرة من بيروت في 10 فبراير/ شباط، وصفت الوكالة كيف "قام الجنود السوريون المسلحون ببنادق آلية في مراكز الاقتراع القريبة من الحدود بإجبار الناخبين على الوقوف في صفوف، ثم دفعوهم للرقص وترديد هتافات تؤيد الأسد".

عن مراقبة حقوق الإنسان

الصفحة التالية
next اكتب لنا بالعربية أو الإنجليزية
mena@hrw.org
الصفحة السابقة
back

الصفحة الرئيسية