الصفحة الرئيسية / Go to Arabic Home Page    منظمة مراقبة حقوق الإنسان -الشرق الأوسط وشمال أفريقيا/    Human Rights Watch - Mideast and North Africa التقرير السنوي لعام 2000
يتناول الفترة من نوفمبر 98حتى أكتوبر99
إسرائيل والأراضي المحتلة في الضفة الغربية وقطاع غزة
والمناطق الخاضعة للسلطة الفلسطينية
دور المجتمع الدولي المدافعون عن حقوق الإنسان التطورات في مجال حقوق الإنسان

إصدارات أخري
التقرير السنوي لعام 1999
قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
صفحة إسرائيل والسلطة الفلسطينية
Human Rights Watch

مواقع أخرى ذات صلة
تقرير منظمة العفو الدولية 99
مواقع لحقوق الإنسان
شبكة مؤسسات حقوق الإنسان

المنظمة العربية لحقوق الانسان
التطورات في مجال حقوق الإنسان
إسرائيل والأراضي المحتلة في الضفة الغربية وقطاع غزة
تولت حكومة جديدة برئاسة إيهود باراك مقاليد السلطة في إسرائيل يوم 6 يوليو/تموز، بعد الانتخابات العامة التي أُجرِيَت في 17 مايو/أيار لاختيار أعضاء الكنيست (البرلمان) ورئيس الوزراء. ووعد بعض الوزراء الجدد بالتصدي لقضايا حقوق الإنسان في المناطق الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية، بما في ذلك التعذيب، والاعتقال الإداري لفترات طويلة، واحتجاز الرهائن، وهدم المنازل، وإلغاء تصاريح الإقامة الدائمة للفلسطينيين في القدس، والتمييز ضد المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل، إلا إنه لم يتحقق حتى الآن تقدم ذو شأن في هذا الصدد. وقضت محكمة العدل العليا بعدم قانونية كثير من الأساليب المعمول بها خلال التحقيقات، لكنها لم تحظر التعذيب بصورة قاطعة وفي جميع الظروف.
وما برح التمييز، الذي يُمارَس على نطاق واسع وبصورة منظمة ضد الأقليات العرقية والدينية وضد المرأة في قضايا مثل الأحوال الشخصية والإسكان والعمل، يمثل مشكلة خطيرة. وفي مايو/أيار، قالت وزارة الأمن الداخلي إن أكثر من 200 ألف امرأة في إسرائيل، أي واحدة من كل سبع نساء، تعرضن لصنوف من العنف.
وقد أصدرت المحاكم بعض الأحكام التي تبعث على التفاؤل في قضايا تؤثر على حياة اليهود غير الأرثوذكس، إلا إنها أحجمت على وجه العموم عن تحدي القوانين والممارسات التي تنطوي على تمييز. ومن ذلك مثلاً أن محكمة العدل العليا أقرت، في حكمها الصادر يوم 26 نوفمبر/تشرين الثاني 1998، بأن "الطوائف الدينية العربية لا تتمتع بالمساواة في توزيع مخصصات الميزانية بوزارة الشؤون الدينية"، لكنها امتنعت عن البت فيما إذا كان القانون الإسرائيلي يضمن حق المساواة. وكانت الوزارة في عام 1998 قد خصصت 1.86 في المائة من ميزانيتها للمسلمين والمسيحيين والدروز مجتمعين، رغم أنهم يشكلون ما يقرب من 20 في المائة من السكان. وقد طلب "المركز القانوني لحقوق الأقلية العربية في إسرائيل" (عدالة) من المحكمة أن تعلن بطلان بنود من قانون الميزانية الذي أصدره
Press mena algeria bahrain egypt iran iraq israel saudi sudan syria tunisia yemen introdution
الكنيست لتعارضها مع مبدأ المساواة، وتخصيص الموارد وفقاً للنسبة المئوية التي تمثلها كل طائفة من مجمل السكان. ورأت المحكمة أن الإصلاح الذي يطالب به المركز أكثر عمومية مما ينبغي، لأنه لم يقدم تقديراً تفصيلياً ومستقلاً لاحتياجات الطوائف، وقالت إن مقدمي الدعوى لم يبرهنوا على وجود تفرقة جوهرية.
واستمر العمال الأجانب والفلسطينيون يعملون في ظروف سيئة؛ فنتيجة لضعف القوانين وعدم تنفيذها بصورة حازمة، لم يحظ العمال بضمانات تحميهم من استغلال أصحاب العمل ومقاولي توريد العمال. وفي 19 يوليو/تموز، هدد سفير تايلاند بوقف استقدام العمال التايلانديين للعمل في المزارع الإسرائيلية ما لم يحصلوا على الحد الأدنى للأجور. وقال إن هناك نحو 17000 تايلاندي يعملون بالزراعة ولهم مستحقات لدى أصحاب العمل تُقدر بنحو 30 مليون دولار، نظراً لحصولهم على أجور تقل عن الحد الواجب. وفي يوليو/تموز، أمرت المحكمة العليا وزارة الداخلية بعرض الأجانب المحبوسين انتظاراً للترحيل على أحد القضاة خلال 14 يوماً؛ لكن هذا الحكم لم يكن قد نُفذ حتى أوائل أكتوبر/تشرين الأول. وكان الحكم يهدف إلى منع احتجاز العمال المهاجرين الذين ينتظرون الترحيل لفترات طويلة دون مراجعة قضائية. وفي17 أكتوبر، أعلن وزير الداخلية ناتان شارانسكي أنه أنهى تطبيق ما يُسمي سياسة "مركز الحياة"، التي تُلغَى بمقتضاها تصاريح الإقامة للفلسطينيين المقيمين في القدس الشرقية الذين يعجزون عن تقديم الوثائق الكثيرة اللازمة لإثبات أن "مركز حياتهم" يقع داخل حدود بلدية القدس. وفي سبتمبر/أيلول، عدلت وزارة الداخلية إحصاءها للفلسطينيين الذين أُلغِيَت حقوق إقامتهم في القدس بموجب هذه السياسة، فزادت العدد إلى 2721 في الفترة من يناير/كانون الثاني 1996 إلى إبريل/نيسان 1999. وذكر المركز الفلسطيني لمصادر حقوق الإنسان والمواطنة "بديل" ومقره بيت لحم، أن العدد الإجمالي للفلسطينيين الذين تأثروا بهذه السياسة في تلك الفترة يبلغ 10884 شخصاً، وذلك بإحصاء أفراد الأسر الذين فقدوا أيضاً حق الإقامة نتيجة إلغاء التصاريح. وعلى النقيض من ذلك، عقدت المحكمة العليا جلسة يوم 22 إبريل/نيسان لنظر دعوى طعن في إلغاء التصاريح، وأمهلت مقدمي الطعن ومحامي الدولة حتى أغسطس/آب لتقديم معلومات إضافية وإعداد تقرير مشترك يعرض مواقف الطرفين. لكن الحكومة أخرت تقديم تقريرها، وحتى منتصف أكتوبر/تشرين الأول لم تكن المحكمة قد بتت في دعوى تطلب إصدار أمر قضائي مؤقت بمنع أي إلغاء جديد لحقوق الإقامة.
وبعد تنفيذ إعادة الانتشار الجزئي بموجب مذكرة واي ريفر، في 20 نوفمبر/تشرين الثاني 1998، كانت إسرائيل تمارس السيطرة الكاملة أو الجزئية على نحو 90 في المائة من الضفة الغربية و40 في المائة من قطاع غزة، وكانت السلطة الفلسطينية تمارس السيطرة الكاملة على النسبة الباقية. ومن المقرر، بموجب مذكرة شرم الشيخ، الموقعة في 4 سبتمبر/أيلول، تنفيذ عمليتي إعادة انتشار أخريين في نوفمبر/تشرين الثاني 1999 ويناير/كانون الثاني 2000، ومن شأنهما زيادة نسبة أراضي الضفة الغربية الخاضعة للسيطرة الكاملة للسلطة الفلسطينية إلى نحو 18 في المائة. ومن البنود الأخرى للمذكرة الإفراج على مراحل عن 350 من السجناء الفلسطينيين الذين تحتجزهم إسرائيل، وإقامة "الممر الآمن" المزمع الذي يتألف من طريقين للسفر بين الضفة الغربية وقطاع غزة، وتحديد مهلة مدتها عام للانتهاء من مفاوضات الوضع النهائي.
وظلت إسرائيل تمارس سيطرة واسعة النطاق وتفرض قيوداً على حرية تنقل جميع الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة. فعلى سبيل المثال، منعت إسرائيل الفلسطينيين المقيمين في الضفة الغربية وقطاع غزة ممن لا يحملون التصاريح التي يصعب الحصول عليها، من دخول أو عبور إسرائيل أو القدس الشرقية منذ مارس/آذار 1993، وفرضت إغلاق الحدود وحظر التجول بشكل متكرر على البلدات والقرى الخاضعة لسيطرتها في الضفة الغربية وقطاع غزة. وأدت هذه السياسات إلى إعاقة النشاط الاقتصادي للفلسطينيين وسبل حصولهم على الرعاية الصحية، والذهاب إلى المدارس والجامعات، وزيارة أماكن العبادة وأفراد الأسرة في المناطق الأخرى من الأراضي المحتلة أو في السجون الإسرائيلية. ورغم ادعاء إسرائيل أن الإغلاق إجراء أمني له ما يبرره، فإن الطابع التعسفي للإجراءات والمعايير الخاصة بإصدار التصاريح، وتطبيق هذه السياسات دون تمييز على جميع السكان، أحالها إلى عقوبة جماعية.
ونشطت إسرائيل في توسيع المستوطنات في غزة والضفة الغربية (بما فيها القدس الشرقية)، وهي غير مشروعة بموجب اتفاقية جنيف الرابعة (انظر التقرير العالمي لمنظمة مراقبة حقوق الإنسان لعام 1999)، بعد توقيع مذكرة واي ريفر في أكتوبر/تشرين الأول 1998، وبصفة خاصة إبان انتخابات مايو/أيار. فطبقاً لما ذكرته حركة "السلام الآن" الإسرائيلية، أقام المستوطنون الإسرائيليون 41 موقعاً استيطانياً جديداً في الضفة الغربية، وذلك في الفترة من عام 1996 إلى يوليو/تموز 1999. واستمر الإنفاق على التوسع الاستيطاني في عهد الحكومة الجديدة، حيث ذكرت حركة "السلام الآن" أن وزير الإسكان إسحق ليفي أصدر حتى 23 سبتمبر/أيلول عطاءات لإنشاء 2594 مبنى جديداً في مستوطنات بالضفة الغربية.
كما استمر في عهد الحكومة الجديدة هدم منازل الفلسطينيين المقامة دون تصاريح في الأراضي التي تحتلها إسرائيل وفي إسرائيل نفسها، وذلك على الرغم مما صرح به وزير الأمن الداخلي شلومو بن عامي في أغسطس/ آب، حيث قال "أعارض بكل ذرة في كياني هدم المنازل." وقالت "الجمعية الفلسطينية لحماية حقوق الإنسان والبيئة" إنه حتى 20 سبتمبر/أيلول تم هدم 50 منزلاً على الأقل في الضفة الغربية وقطاع غزة، وهُدم سبعة منها بعد تولي حكومة باراك السلطة.
وفي 9 سبتمبر/أيلول، أُطلق سراح 199 سجيناً في إطار المرحلة الأولى من مذكرة شرم الشيخ، ولكن إسرائيل كانت لا تزال تحتجز نحو 1800 سجين فلسطيني أدينوا في جرائم "أمنية"، وذلك طبقاً لما ذكرته " الضمير" <مؤسسة رعاية السجين>. وأُفرِجَ عن 151 سجيناً آخر، منهم 42 من دول عربية، يوم 15 أكتوبر/تشرين الأول. وقال بعض المحامين إن السجناء الفلسطينيين في سجن عسقلان يخضعون لقيود مشددة على زيارات الأسر، وإن السجناء في جناح الحبس الانفرادي أضربوا عن الطعام في يونيو/حزيران احتجاجاً على ظروف السجن. وأضرب السجناء عن الطعام مرة ثانية في أغسطس/آب للاحتجاج على القيود التي فرضتها إسرائيل على فئات السجناء الذين أُفرِجَ عنهم في سبتمبر/أيلول، إذ استبعدت على سبيل المثال السجناء من القدس الشرقية المحتلة وإسرائيل نفسها، وأعضاء حركة "حماس" ومنظمة "الجهاد الإسلامي"، والسجناء الذين اتُهموا بقتل إسرائيليين أو إصابتهم بجروح شديدة.
وأُفرِجَ في 18 يوليو/تموز عن أسامة برهام الذي قضى أطول مدة رهن الاعتقال الإداري بأوامر عسكرية. وجاء الإفراج عنه قبيل نظر المحكمة العليا دعوى طعن في احتجازه. وقد ظل برهام محتجزاً منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 1993 باستثناء 16 يوماً قضاها خارج السجن في عام 1994. وقد طُلِبَ منه أن يدفع كفالة قدرها 20 ألف شيكل إسرائيلي، وأن يثبت حضوره بصفة دورية في مركز للشرطة كشرط للإفراج عنه. وكانت إسرائيل حتى 23 سبتمبر/أيلول لا تزال تحتجز 29 فلسطينياً رهن الاعتقال الإداري بأوامر عسكرية. ورفض مكتب المحامي العام العسكري طلب منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" السماح لها بإيفاد مراقبين لحضور جلسات المحكمة العسكرية لنظر استئناف قرارات الاعتقال الإداري في مايو/أيار.
وبالإضافة إلى المحتجزين بأوامر عسكرية، ظلت إسرائيل تحتجز 21 مدنياً لبنانياً كرهائن بموجب القانون المدني الإسرائيلي. وفي يومي 17 يناير/كانون الثاني و26 مايو/أيار، راجعت دائرة موسعة بالمحكمة العليا، تتألف من تسعة قضاة، الحكم الصادر عام 1997 الذي يجيز لإسرائيل احتجازهم إدارياً "كأوراق للمساومة"، لكنها لم تكن قد أصدرت قراراها حتى منتصف أكتوبر/تشرين الأول.
وظل تعرض المعتقلين للتعذيب أثناء التحقيق معهم، على أيدي أفراد "جهاز الأمن العام"، أمراً متفشياً يُمارس بشكل منظم. وقالت "اللجنة العامة لمناهضة التعذيب في إسرائيل"، وهي منظمة مقرها القدس، إنها قدمت حتى منتصف سبتمبر/أيلول 55 التماساً لاستصدار أوامر قضائية بوقف التعذيب. وأشارت أنباء أولية إلى أن استخدام التعذيب تراجع أو توقف في الأيام التالية لصدور حكم المحكمة العليا في 6 سبتمبر/أيلول الذي قضى بأن ضباط "جهاز الأمن العام" لا يجوز لهم استخدام "الوسائل البدنية" ـ أي التعذيب ـ خلال التحقيق. إلا إن الحكم لم يذهب إلى حد الحظر التام للتعذيب وسوء المعاملة كما يقضي القانون الدولي، وترك الباب مفتوحاً لممارسي التعذيب للإفلات من العقاب متذرعين بحالة الدفاع "الضروري" التي تنص عليها المادة 34 (11) من قانون العقوبات الصادر عام 1977، أو منتظرين صدور تشريع من الكنيست يقنن التعذيب وسوء المعاملة. وفي 14 سبتمبر/أيلول قدم أعضاء في الكنيست مشروع قانون يخول رئيس "جهاز الأمن العام" إصدار أمر باستخدام التعذيب في الحالات التي يُعتقَد فيها أن أحد المشتبه بهم لديه معلومات قد تفيد في منع هجوم وشيك.
واستندت المحكمة العليا أيضاً إلى حجة الدفاع "الضروري" في رفضها التماساً طالب بإلغاء ترقية قائد "بقوات الدفاع الإسرائيلية" (الجيش) وبدء إجراءات لمحاكمته. وكان القائد، الذي لم يُذكَر اسمه وأُشير إليه بعبارة "المدعَى عليه رقم 4"، قد أطلق النار على أسير مقيد ثم أمر جندياً آخر بأن يطلق النار عليه ثانية خلال هجوم للقوات الخاصة في جنوب لبنان عام 1993. وأسست المحكمة حكمها على تقرير النائب العام العسكري الذي انتهى إلى أن القائد كان في حالة دفاع ضروري عن النفس بسبب "مسؤوليته عن سلامة جنوده"، وتقرير القائد العام "للجيش الإسرائيلي" الذي أوضح أن المدعَى عليه رقم 4 "من أفضل مقاتلي الجيش الإسرائيلي". وقالت المحكمة في حيثيات حكمها "ليس من شأننا كقضاة أن نستعيض بتقديرنا عن تقدير [القائد العام]"، وألزمت مقدمي الالتماس بدفع أتعاب المحاماة وتكاليف القضية.
واستمرت إسرائيل في احتجاز جثتي عادل وعماد عوض الله اللذين قتلتهما وحدة من القوات الخاصة للشرطة في ملابسات مريبة في سبتمبر/أيلول عام 1998 (انظر التقرير العالمي لمنظمة "مراقبة حقوق الإنسان" لعام 1999). وفي مارس/آذار أصدر "مركز الإعلام الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة" (بتسيلم) و"مركز الدفاع عن حقوق الأفراد" <همو كيد>تقريراً يوثق حالات 22 فلسطينياً آخر على الأقل تحتجز إسرائيل جثثهم فيما يُسمي "مقبرة قتلى العدو"، حيث قال التقرير إن الجثث دُفِنت "بأسلوب مهين ومشين"، ولم يُتخذ إلا أقل القليل من الإجراءات اللازمة لضمان تحديد هوية القتلى.

السلطة الفلسطينية
استمر ارتكاب انتهاكات مثل الاحتجاز التعسفي دون تهمة أو محاكمة، والتعذيب أو سوء المعاملة خلال التحقيق، والمحاكمات التي تتسم بالجور الفادح، وفرض القيود على حرية تكوين الجمعيات والتعبير. وكان الافتقار إلى إطار قانوني يحدد بوضوح واجبات ومسؤوليات كل من السلطات التنفيذية والقضائية والتشريعية عاملاً معوقاً لجهود الأفراد والمنظمات غير الحكومية والمجلس التشريعي الفلسطيني لتوثيق هذه الانتهاكات ومكافحتها. وظل رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات يرفض توقيع القانون الأساسي، وكذلك ثمانية من القوانين السبعة والعشرين الأخرى التي أقرها المجلس التشريعي الفلسطيني منذ عام 1996، وهو الأمر الذي أدى لمزيد من تقويض الجهود الرامية لتقنين الضمانات الضرورية والحد من الانتهاكات الخطيرة التي ترتكبها السلطة التنفيذية.
وواصلت قوات الأمن الفلسطينية إلقاء القبض على بعض الأفراد واحتجازهم بصورة تعسفية طيلة سنوات دون تهمة، مع حرمانهم من الاتصال بمحامين ومن استقبال الزوار من أفراد الأسرة، واستمر ذلك في بعض الأحيان حتى بعد صدور أوامر من النائب العام الفلسطيني أو من المحاكم بالسماح للمحتجزين بالاتصال بالمحامين أو بالإفراج عنهم. فعلى سبيل المثال، ظل وائل علي فرج، الذي قُبِضَ عليه في 25 إبريل/نيسان 1996، قيد الاحتجاز رغم صدور أمر من المحكمة العليا في 20 فبراير/شباط 1999 بالإفراج عنه. وفي بعض الأحيان كان يُقبَض على بعض المعتقلين مرة أخرى فور الإفراج عنهم، كما حدث في حالة الدكتور عبد العزيز الرنتيسي. فقد أُلقِي القبض عليه في 9 إبريل/نيسان 1998، وصدر أمر بالإفراج عنه في 4 يونيو/حزيران 1998، إلا إنه ظل رهن الاحتجاز حتى أُطلق سراحه في 19 يوليو/تموز 1999 لحضور جنازة والدته، ثم أُلقي القبض عليه من جديد في 8 أغسطس/آب، بعد أن نقلت عنه صحيفة "القدس" قوله إن احتجازه يرجع إلى تعاون السلطة الفلسطينية أمنياً مع إسرائيل والولايات المتحدة. وأمرت المحكمة بالإفراج عنه في 27 سبتمبر/أيلول لكنه كان حتى منتصف أكتوبر/تشرين الأول لا يزال رهن الاحتجاز.
ولجأت قوات الأمن في بعض الأحيان إلى اعتقال أقارب الأفراد المطلوبين أو فرض الإقامة الجبرية عليهم في منازلهم. فعلى سبيل المثال اعتقل جهاز المخابرات العامة بلال يحيى الغول الذي يبلغ من العمر 15 عاماً، واحتجزه من 12 فبراير/شباط إلى 2 مارس/آذار. وقال "المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان" ومقره غزة إن السبب الأساسي لاعتقال الغول وتعذيبه هو إجبار والده يحيى الغول على تسليم نفسه للشرطة. وكانت الأسرة بأكملها قد فُرِضت عليها الإقامة الجبرية من قبل عندما فر يحيى الغول من السجن يوم 11 ديسمبر/كانون الأول 1998. وذكرت الأنباء أن بلال احتُجِز مع بالغين وحُرِم من زيارات أسرته ومحاميه. ووقعت حالة وفاة واحدة في الحجز حتى منتصف أكتوبر/تشرين الأول. فقد تُوفي محمد أحمد شريتح بعد أن نُقِل إلى المستشفى من مركز شرطة الخليل وهو يعاني من تشنجات. وكان جهاز الأمن الوقائي قد اعتقل شريتح يوم 28 سبتمبر/أيلول دون إذن من النيابة، وذلك طبقاً لما ذكرته "الجمعية الفلسطينية لحماية حقوق الإنسان والبيئة".
وما برح المحامون يقولون إنهم يجدون صعوبة في مقابلة موكليهم، رغم حصولهم على إذن بذلك من النائب العام أو على أوامر من المحاكم بتمكينهم من زيارتهم، وكان منع الزيارة في بعض الأحيان بغرض العقاب. فبداية من مايو/أيار، حُرِم محامو "الجمعية الفلسطينية لحماية حقوق الإنسان والبيئة"، ومكتب الضمير"مؤسسة لرعاية السجين" في غزة، و"المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان" من مقابلة موكليهم المحتجزين في سجون غزة الخاضعة لسيطرة إدارة الشرطة، بسبب قيام تلك المنظمات بإذاعة أنباء انتهاكات حقوق المعتقلين. وذكرت "الجمعية الفلسطينية لحماية حقوق الإنسان والبيئة" أن مدير مصلحة السجون اللواء حمدي الريفي قال إن الحظر يتم بموجب قرار من قائد الشرطة غازي الجبالي. وفي 15 إبريل/نيسان، نظمت نقابة المحامين الفلسطينيين إضراباً لمدة يوم للاحتجاج على التدخل في قيام المحامين بواجباتهم القانونية، "وعدم احترام القانون، وشغور منصبي قاضي القضاة والنائب العام، وعدم إقرار قانون السلطة القضائية، وترك القضاء على حاله ليعاني من نقص كبير في القضاة والموظفين الإداريين" .
وتزايدت الاحتجاجات العامة على الاعتقال السياسي دون محاكمة، فقام المعتقلون بالإضراب عن الطعام لفترات طويلة، وتظاهر أفراد الأسر للمطالبة بمحاكمتهم أو الإفراج عنهم. وفي 13 يناير/كانون الثاني، أصدر المجلس التشريعي قراراً يدعو لحظر الاعتقال لأسباب سياسية والإفراج الفوري عن المعتقلين السياسيين. وفي أواخر سبتمبر/أيلول بلغ عدد السجناء السياسيين الذين تحتجزهم السلطة الفلسطينية 280 سجيناً حسب تقديرات الضمير"مؤسسة لرعاية السجين" .
واستمرت معاناة القضاء من العجز الشديد في الموارد البشرية والمادية، وكانت المحاكمات قاصرة بشدة عن تلبية المعايير الدولية للمحاكمة العادلة. وفي يونيو/حزيران عُيِّن رئيس للسلطة القضائية ونائب عام مدني، وبذلك شُغِل المنصبان اللذان ظلا شاغرين لفترة طويلة، لكن هذا الإجراء لم يكن له أثر على محاكم أمن الدولة والمحاكم العسكرية. ورفض الرئيس عرفات توقيع قانون السلطة القضائية الذي أقره البرلمان في نوفمبر/ تشرين الثاني 1998 لوضعه موضع التنفيذ، مما أدى إلى استمرار وجود نظامين قضائيين مختلفين في الضفة الغربية وقطاع غزة. وبالإضافة إلى ذلك، أسند المرسوم الرئاسي رقم 28، الصادر في 19 سبتمبر/أيلول، لرئيس السلطة القضائية في غزة صلاحيات اتخاذ إجراءات تأديبية ضد القضاة ونقلهم من عملهم في الضفة الغربية وغزة على السواء، رغم أن "مجلس القضاء الأعلى" هو المختص بتلك الصلاحيات بموجب قانون الضفة الغربية وقانون السلطة القضائية. ويوم 11 أكتوبر/تشرين الأول أعلنت مجموعة من قضاة الضفة الغربية إضراباً مفتوحاً احتجاجاً على أوامر بنقل بعض القضاة أصدرها رئيس السلطة القضائية.
وكانت محاكم أمن الدولة والمحاكم العسكرية، التي يشمل اختصاصها محاكمة المدنيين، تحرم المتهمين تقريباً من ممارسة جميع الحقوق التي تنص عليها الإجراءات الواجبة ، بما في ذلك حق الاستئناف. ويجوز لهذه المحاكم إصدار أحكام بالإعدام في جرائم متنوعة يصفها القانون بعبارات غامضة، وكانت هي التي أصدرت معظم أحكام الإعدام التي حُكِم بها. وكانت هذه المحاكم تصدر أحكامها في بعض الأحيان بعد ساعات معدودة من القبض على الأشخاص، وتأثرت في كثير من الأحيان على ما يبدو باعتبارات سياسية، كما في حالة أحمد عطية أبو مصطفى الذي أُعدِم يوم 26 فبراير/شباط. وقد حُكِم على أبو مصطفى، الذي قُبِض عليه يوم 21 فبراير/شباط بتهمة اغتصاب طفلة، بالسجن 15 عاماً مع الأشغال الشاقة بتهمة الاغتصاب، كما حُكِم عليه بالإضافة إلى ذلك بالإعدام بموجب قانون الثورة الصادر عام 1979 بتهمة تأليب الجمهور على السلطات، في إشارة على ما يبدو إلى غضب الجماهير ومطالبتها بإعدامه. وفي 1 يوليو/تموز أصدر الرئيس عرفات مرسوماً رئاسياً يوسع اختصاص محاكم أمن الدولة ليشمل "الجرائم الاقتصادية."
ورغم انتشار وسائل الإعلام فقد ظلت حرية الصحافة عرضة للقيود؛ وأدى تكرار التحقيق مع الصحفيين والقبض عليهم، وإغلاق وسائل الإعلام، وكذلك الصلات السياسية أو المالية المباشرة للسلطة الفلسطينية مع اثنتين من الصحف اليومية الثلاث الرئيسية، إلى إشاعة مناخ من الخوف والرقابة الذاتية. وتوزع الإشراف على وسائل الإعلام بين عدة وزارات وهيئات مع تداخل في اختصاصاتها، وهو أمر يصعب معه في كثير من الحالات تحديد الهيئة التي أصدرت أمراً معيناً بالإغلاق أو التحقيق، أو ما إذا كانت إحدى هذه الهيئات هي التي أصدرت الأمر أصلاً. ورغم صدور أمر من المحكمة العليا في عام 1998 بإعادة فتح مكتب صحيفة "الرسالة" الأسبوعية الإسلامية، فقد استمرت الشرطة في مضايقة صحفييها ومعلقيها، واعتقلت أحد الصحفيين لفترة وجيزة للاشتباه في كتابته تحقيقاً صحفياً عن فضيحة جنسية تشمل مسؤولين حكوميين يوم 28 سبتمبر/أيلول. وفي يومي 22 و23 مايو/أيار احتجزت الشرطة ناشر الصحيفة واثنين من محرريها لفترة قصيرة، بعد أن نشرت تقريراً عن حالة زُعم أن الشرطة مارست فيها التعذيب. كما كانت محطات الإذاعة والتلفزيون عرضة للإغلاق مرة تلو الأخرى؛ وحتى منتصف أكتوبر/تشرين الأول، لم يكن قد سُمح لمحطة تلفزيون "رعاة"، ومقرها بيت لحم، بأن تستأنف بثها بعد صدور أمر بإغلاقها في 17 مايو/أيار، في أعقاب إذاعتها مسرحية زعم مسؤولو الأمن أنها تبث الفتنة بين المسلمين والمسيحيين. وكانت هذه المحطة من بين عدة محطات تلفزيونية صدر الأمر بإغلاقها مرتين في 1998 بعد إذاعة تغطية للاحتجاجات على القصف الأمريكي للعراق.
وفي 12 أغسطس/آب، واجه المجلس التشريعي الفلسطيني انتكاسة أخرى لجهوده الرامية إلى الحفاظ علي دوره التشريعي في مواجهة التجاوزات المتزايدة للسلطة التنفيذية، وذلك عندما دعا رئيس المجلس لإجراء تصويت لم يُعلَن عنه مسبقاً لتعديل قانون الجمعيات الأهلية الذي كان المجلس أقره يوم 21 ديسمبر/كانون الأول 1998. وجاء التصويت الجديد في نهاية الجلسة الأخيرة في دورة المجلس بعد أن كان كثير من الأعضاء قد غادروا المكان، وبالمخالفة للوائح المجلس التي تعطي الرئيس مهلة شهر لتوقيع القانون أو تقديم تعديلات عليه، وتقتضي تصويت الأغلبية المطلقة من الأعضاء لإقرار تعديلات الرئيس. ولم يقم الرئيس عرفات بإعادة القانون إلى المجلس إلا في إبريل/نيسان، وطلب آنذاك تعديله لنقل مسؤولية الإشراف على المنظمات غير الحكومية إلى وزارة الداخلية بدلاً من وزارة العدل. وكان المجلس التشريعي الفلسطيني قد رفض هذا الطلب خلال المناقشة الأصلية لمشروع القانون ثم رفضه مرة أخرى بأغلبية 38 إلى 12 صوتاً في تصويت أُجري يوم 25 مايو/أيار. وردت الحكومة بإنشاء وزارة شؤون الجمعيات الأهلية وشن سلسلة من الهجمات على منظمات وأنشطة حقوق الإنسان غير الحكومية :انظر أدناه

عن مراقبة حقوق الإنسان

الصفحة التالية
next اكتب لنا بالعربية أو الإنجليزية
mena@hrw.org
الصفحة السابقة
back

الصفحة الرئيسية