الصفحة الرئيسية / Go to Arabic Home Page    منظمة مراقبة حقوق الإنسان -الشرق الأوسط وشمال أفريقيا/    Human Rights Watch - Mideast and North Africa التقرير السنوي لعام 2000
يتناول الفترة من نوفمبر 98حتى أكتوبر99
تونس
دور المجتمع الدولي المدافعون عن حقوق الإنسان التطورات في مجال حقوق الإنسان

إصدارات أخري
التقرير السنوي لعام 1999
قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
صفحة تونس
Human Rights Watch

مواقع أخرى ذات صلة
تقرير منظمة العفو الدولية 99
شبكة مؤسسات حقوق الإنسان

المنظمة العربية لحقوق الانسان
العالم العربي على الانترنت

التطورات في مجال حقوق الإنسان
تحدى عدد متزايد من الطلبة والمحامين والنقابيين ودعاة حقوق الإنسان عدم تسامح الحكومة إزاء مواقف النقد والمعارضة السياسية. وقد عوقب كثير من هؤلاء إما بالسجن أو بإخضاعهم المستمر للمراقبة والمضايقة والانتقام عن طريق النيل من أفراد عائلاتهم.
واستمر الأشخاص المشتبه في تعاطفهم مع الحركة الإسلامية في التعرض لأغلظ المعاملات، حيث ظل أعضاء حركة النهضة المحظورة أو المشتبه في انتمائهم إليها رهن الحبس، أو قيد المنافي، أو مطلقي السراح ولكن تحت قيود شديدة القسوة وتحت رحمة أهواء رجال الشرطة المحلية. وظل هؤلاء يمثلون أغلبية السجناء السياسيين في تونس الذين يعتقد أنهم يبلغون 1800 سجين. وقد أدين معظمهم بجرائم لا تتضمن ارتكاب العنف، مثل عضوية منظمة غير مرخص لها أو حضور اجتماعات بدون رخصة. ومنعت النساء من ارتداء الحجاب في المدارس والإدارات وفي الشارع العام. كما أجبرن على نزعه عند زيارة أقاربهن من السجناء.

وقد ظلت تونس بمنجى من العنف السياسي بشكل تام تقريبا على مدى عدة أعوام. وأشارت قيادة حركة النهضة في المنفى إلى هذا الواقع باعتباره دليلا على براءة الحركة من العنف. ولكن السلطات تنسب الفضل في ذلك إلى يقظتها وتصر على وصف النهضة بالتطرف والإرهاب، وتشير إلى الدور الذي تقول إن الحركة لعبته في بعض الاضطرابات المتفرقة وفي مؤامرة الانقلاب المزعومة التي سبقت حملة الاعتقالات الواسعة أثناء 1991 و1992. وظلت أعمال التعذيب والاعتقال غير القانوني متفشية حتى بعد إدخال إصلاحات قانونية بمبادرة من الرئيس زين العابدين بن علي تمثلت في توسيع التعريف القانوني للتعذيب وخفض مدة الحبس بمعزل عن العالم الخارجي (الانفرادي) المسموح به من عشرة أيام إلى ثلاثة أيام قابلة للتجديد مرة واحدة. ولكن أصل مشكلة التعذيب في تونس لا يتعلق بالتعريف القانوني بقدر ما يتعلق بمناخ الإفلات من العقاب، الذي ساد بفعل تجاهل القضاء لأدلة التعذيب، وبفعل ما
Press mena algeria bahrain egypt iran iraq israel saudi sudan syria tunisia yemen introdution
درج عليه القضاء من إدانة المتهمين استناداً إلى الاعترافات المنتزعة بالقوة.
كما أن أصل مشكلة الحبس الذي يكون فيه المعتقل معزولاً عن العالم الخارجي لا يتعلق بالأجل القانوني الأقصى بقدر ما يتعلق بدأب الشرطة على تجاوز الأجل ثم التستر على ذلك. وكان القضاة يتواطؤون في هذا الشأن بعرقلة مساعي الدفاع الرامية للبرهنة على أن الشرطة كانت تزور تواريخ القبض على المتهمين.

وقد أعلنت لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب في نوفبمر/تشرين الثاني 1998 عن "انزعاجها لما ورد عن تفشي أعمال التعذيب في تونس، وعن قلقها بسبب الضغوط وأعمال الترهيب التي يمارسها المسؤولون لمنع الضحايا من تقديم شكاوى". وقالت اللجنة "إن السلطات، بنفيها لهذه الادعاءات، إنما تمنح المسؤولين عن التعذيب حصانة ضد العقاب، الأمر الذي يؤدي إلى التشجيع على استمرار هذه الممارسات المشينة."
وكان افتقار القضاء إلى الاستقلالية جليا في المحاكمات السياسية التي عقدت أثناء العام والتي شهد بعضا منها مراقبون دوليون. وكان أبرزها قضية حوكم فيها 21 متهما، بينهم 13 طالبا، في جلسة واحدة استغرقت عشرين ساعة أمام المحكمة الابتدائية بتونس العاصمة في العاشر من يوليو/تموز. وكان ستة عشر من المتهمين قيد الاحتجاز منذ إلقاء القبض عليهم أوائل 1998، عقب مظاهرات في الحرم الجامعية للاحتجاج على ظروف الدراسة. وقد وجهت لهم في بداية الأمر تهم الانتماء إلى منظمة إجرامية وإرهابية، وعقد اجتماعات دون ترخيص، وثلب الدوائر القضائية إضافة إلى تهم أخرى. ثم وجهت التهم ذاتها إلى محاميتهم راضية النصراوي وخمسة أشخاص آخرين كان بينهم زوجها حمة الهمامي زعيم حزب العمال الشيوعي التونسي. وقد حوكم هو ومتهمان آخران غيابيا؛ وكانوا ما يزالون مختبئين حتى وقت كتابة هذا التقرير. وقد أسقطت التهم عن واحد منهم.

وعدل المتهمون الستة عشر الذين كانوا قيد الاحتجاز قبل المحاكمة عن "اعترافاتهم" وقالوا جميعهم تقريبا ، إنهم قد وقعوا على هذه الاعترافات تحت وطأة التعذيب. ووصفوا لهيئة المحكمة أساليب التعذيب التي تعرضوا لها والتي شملت الضرب على المناطق الحساسة في الجسم، وربط اليدين خلف الظهر، والتعليق في السقف من المعصمين، ووضع "الدجاج المشوي" المتمثل في ربط المعصمين معا تحت الركبتين وتمرير قضيب بشكل أفقي بين الذراعين والفخذين.

وقد دأبت المحكمة على رفض عرض المتهمين على الفحص الطبي رغم ممارستهم حقهم، بموجب المادة 13 مكرر من مجلة الإجراءات الجنائية، في التماس الفحص. وتقتضي هذه المادة، حسب التقرير الذي قدمته الحكومة إلى لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب عام 1997، إجراء الفحص الطبي عندما يلتمسه المعتقل أو أقرباؤه. كما منع المتهمون من استدعاء الشهود الذين قالوا إنهم سيفندون تواريخ الاعتقال التي سجلتها الشرطة. وهكذا منع القاضي المتهمين من نفي صحة "الاعترافات" واستخدمها، بدل ذلك، باعتبارها أهم دليل لإدانتهم بأجمعهم.

ورغم الطبيعة السياسية المحضة وغير العنيفة للجرائم المنسوبة للمتهمين، فإن واحدا وعشرين منهم، من ضمنهم ثلاثة فارين، قد حكم عليهم بعقوبات بالسجن تتراوح مددها من خمسة عشر شهرا إلى تسعة أعوام. (ولم تنج إلا المحامية راضية النصراوي من قضاء عقوبة السجن، حيث صدر عليها حكم بالسجن ستة أشهر مع وقف التنفيذ). ومن علامات تزايد جرأة المجتمع المدني أن أكثر من مائة محام تونسي قد حضروا إلى المحكمة تضامنا مع زميلتهم راضية النصراوي، وأدلى كثير من منهم بشهادات لصالح الدفاع.

كما تزايدت مظاهر المجاهرة بالرأي طوال العام في أوساط النقابيين المعارضين للسياسة الرسمية للاتحاد العام التونسي للشغل والمطالبين بانعتاق الاتحاد من السيطرة الحكومية. ولكن عشرة منهم اعتقلوا فترة قصيرة في مايو/أيار، وذلك، على ما يبدو، بسبب تحديهم السلمي لقيادة الاتحاد.

واستمرت السلطات التونسية في معاقبة السجناء السياسيين السابقين، إداريا في كثير من الحالات، سواء كانوا من أمثال الرئيس السابق لحركة الديمقراطيين الاشتراكيين المعارضة محمد مواعدة في تونس العاصمة أم من الأشخاص المغمورين المشتبه في تعاطفهم مع حركة النهضة في المناطق الريفية. ودأبت السلطات على حرمانهم من جوازات السفر، وعلى إرغامهم على التوقيع لدى مراكز الشرطة بشكل متواتر بل وبشكل يومي، وعلى تفتيش منازلهم دون إذن قضائي. وأصبح من المتعذر على هؤلاء الحصول على وظائف عمل في القطاع العام، كما حمل أصحاب العمل في القطاع الخاص في كثير من الحالات على عدم توظيفهم. وتعرض أقرباء السجناء السياسيين، والسجناء السابقين، واللاجئين السياسيين في الخارج ودعاة حقوق الإنسان للاستجواب، والمتابعة. وفتشت منازلهم وحرموا من جوازات السفر، بل وسجن بعضهم بتهم ملفقة.

ولم يتضمن قانون 1998 الذي عزز صلاحيات القضاء في الإشراف على إصدار جوازات السفر أي تقييد ملحوظ للممارسات المتمثلة في الانتهاك التعسفي لحق المعارضين والمنتقدين وأقربائهم في السفر إلى الخارج. ومن أمثلة ذلك أن أسامة بن سالم ابن أستاذ الرياضيات منصف بن سالم قد حرم من جواز السفر ومن الدراسة في الخارج دونما سبب ظاهر سوى أن والده كان قد سجن في أوائل التسعينيات لانتقاده الرئيس بن علي وأنه استمر في المجاهرة باعتراضه على القيود المفروضة عليه وعلى عائلته، وهي قيود تماثل الإقامة الجبرية. وفي يونيو/حزيران منحت السلطات سراح الشرطي (المشروط) للسجينتين رشيدة بن سالم، وهي زوجة لاجئ سياسي في أوروبا، وراضية عويديدي وهي خطيبة لاجئ سياسي آخر. وكانتا قد أدينتا بتهمة محاولة مغادرة البلاد بطريقة غير قانونية بعد رفض طلب كل منهما الحصول على جواز سفر. وعقب الإفراج عنهما أرغمتا على التوقيع بانتظام لدى مركز الشرطة. وحتى وقت إعداد هذا التقرير لم يكن قد سمح لأي منهما بالسفر إلى الخارج. وقد قضى شقيق راضية عويديدي وشقيق خطيبها خمسة أشهر في السجن من 1998 إلى 1999 بتهم مشكوك فيها أسقطت آخر الأمر. ولكن أعيد توجيه هذه التهم إليهما في الاستئناف، وكانت المحكمة لم تنظر في القضية بعد عندما كان هذا التقرير ماثلاً الطبع.

وتتسم ظروف الإقامة في السجون في تونس بالقسوة المتعمدة، التي لا علاقة لها بالمصاعب الاقتصادية، حيث أن مستوى الدخل السنوي للفرد في البلاد هو من أعلى مستويات الدخل في القارة الإفريقية. وتعاني السجون من شدة الازدحام وقسوة الإجراءات التأديبية وطابعها المهين للكرامة الإنسانية. وينقل السجناء السياسيون بصورة مستمرة من سجن إلى آخر، الأمر الذي يضطر عائلاتهم إلى القيام برحلات طويلة للتمكن من زيارتهم. وكان عدد من قادة حركة النهضة الذين حكم عليهم بعقوبات سجن طويلة في ختام محاكمات جائرة أمام محاكم عسكرية عام 1992 ما يزالون رهن الحبس بمعزل عن العالم الخارجي، وذكر أنهم محرومون من العناية الطبية الملائمة. وظل أحدهم، وهو علي العريض، معتقلاً منذ سنوات على هذا النحو، دون السماح له بالاتصال بأحد خارج المعتقل على مدار الساعة باستثناء فترات استقبال الزيارات العائلية؛ وذكرت عائلته أنه محروم من الحصول على مواد المطالعة والكتابة.

ولم يبد الإعلام من تلفزيون وإذاعة وصحافة يومية في تونس أي استقلالية في فحص سياسات الحكومة. إلا أن مطبوعات صغيرة، مثل مجلة "الموقف" الشهرية، قد نشرت مقالات نقدية. وصودرت الصحف الأجنبية كلما تناولت الوضع في تونس بالنقد، حيث أشارت المنظمة الفرنسية " صحفيون بلا حدود" إلى منع أربعة عشر عددا من اليومية الفرنسية لوموند وسبعة أعداد من اليومية الفرنسية ليبراسيون في النصف الأول من عام 1999. وأصبح في وسع التونسيين استخدام شبكة الانترنت بسهولة أكبر من ذي قبل نظرا لانخفاض الأسعار وتسارع البت في الطلبات وفتح أول مراكز عامة للانترنت. ولكن التشريعات التونسية المتعلقة بالانترنت تنتهك حقوق الحرمة الشخصية للمستخدمين، كما أن الحكومة تعمد إلى منع المستخدمين في تونس من الوصول إلى موقع منظمة العفو الدولية على شبكة العنكبوت الدولية. وقد أعرب التونسيون عن تخوفهم من تعرض مراسلاتهم عبر الانترنت للمراقبة على غرار ما يحدث لاتصالاتهم بالهاتف والفاكس.

وفي 24 أكتوبر/تشرين الأول أعيد انتخاب الرئيس بن علي بنسبة رسمية بلغت 99.42 بالمائة من أصوات المقترعين، وحصل حزبه الحاكم "التجمع الدستوري الديمقراطي" على 92 بالمائة من الأصوات في الانتخابات البرلمانية. إلا أن القانون الانتخابي الجديد يمنح الأحزاب الأخرى نسبة لا تقل عن عشرين بالمائة من مقاعد مجلس النواب.

أما بالنسبة للألغام الأرضية، فإنه يحق لتونس أن تفخر بأنها أصبحت في نوفمبر/تشرين الثاني 1998 أول بلد في شمال إفريقيا يصادق على معاهدة حظر الألغام المضادة للأفراد. وقد بدأت منذئذ في تنفيذ بنود المعاهدة المتعلقة بتدمير مخزوناتها من هذه الألغام.

عن مراقبة حقوق الإنسان

الصفحة التالية
next اكتب لنا بالعربية أو الإنجليزية
mena@hrw.org
الصفحة السابقة
back

الصفحة الرئيسية