(نيويورك) – قالت 243 منظمة غير حكومية من جميع أنحاء العالم اليوم إن "دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين 2022" (أولمبياد بكين) ستفتتح وسط جرائم فظيعة وانتهاكات جسيمة أخرى لحقوق الإنسان من قبل الحكومة الصينية. حثّت المنظمات الحكومات على الانضمام إلى المقاطعة الدبلوماسية للألعاب المقرر أن تبدأ في 4 فبراير/شباط 2022، وحثّت الرياضييّن والجهات الراعية على عدم إضفاء الشرعية على انتهاكات الحكومة.
قالت صوفي ريتشاردسون، مديرة قسم الصين في "هيومن رايتس ووتش": "ليس من الممكن أن تكون الألعاب الأولمبية ’قوة دافعة للخير‘، كما تدعي ’اللجنة الأولمبية الدولية‘، بينما ترتكب الحكومة المضيفة جرائم خطيرة في انتهاك للقانون الدولي".
في عهد الرئيس شي جين بينغ، ارتكبت السلطات الصينية انتهاكات جماعية ضد الأويغور والتبتيين والجماعات العرقية والمتدينين من جميع الجماعات الدينية المستقلة. قضت السلطات على المجتمع المدني المستقل من خلال اضطهاد نشطاء حقوق الإنسان والنسويات والمحامين والصحفيين وغيرهم. أفرغت الحكومة أيضا مجتمعا مدنيا كان نابضا بالحياة في هونغ كونغ، ووسعت نطاق المراقبة التي تعتمد على التكنولوجيا لتقلص بشكل كبير الحق في التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي، وسمحت باستخدام العمل الجبري، في انتهاك للقانون الدولي.
تواصل السلطات الصينية أيضا تهديد أفراد مجتمعات الشتات والشخصيات العامة والشركات خارج حدود الصين من خلال حملة معقدة من القمع العابر للحدود.
قالت رينيه شيا، مديرة منظمة "المدافعين الصينيين عن حقوق الإنسان": "إقامة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين ترسل إشارة إلى العالم بأن حكومة شي جين بينغ طبيعية. عندما يبرر العالم هذا الوضع التعسفي، يجعل من الصعب على الضحايا الوقوف في وجه الظلم".
منذ أن مُنحت الحكومة الصينية في 2015 حق استضافة دورة الألعاب الشتوية 2022 ، وثّقت المنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام العديد من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان من قبل السلطات الصينية. تشمل هذه الانتهاكات:
- الاعتقال التعسفي والتعذيب والعمل بالسخرة لملايين الأويغور وجماعات التُرك الأخرى في شينجيانغ (منطقة الأويغور)؛
- القضاء على وسائل الإعلام المستقلة والمؤسسات الديمقراطية وسيادة القانون في هونغ كونغ؛
- أنظمة مراقبة عالية التقنية تمكن السلطات من تتبع السلوك السلمي ومقاضاته بشكل غير عادل، بما في ذلك النقد الذي يتم مشاركته عبر تطبيقات، مثل "وي تشات"؛
- محاكمة الأشخاص الذين يمارسون الحق في حرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات نيابة عن الفئات السكانية الضعيفة، بما في ذلك المحاميان شو تشيونغ ودينغ جياشي، والمواطن الصحفي زانغ زان، والراهب والكاتب التيبتي غو شيراب غياتسو، ونشطاء الصحة العامة المعروفين كـ"مجموعة تشانغشا فانينغ"؛
- الاعتقال التعسفي والتعذيب والاختفاء القسري للمدافعين الحقوقيين، بمن فيهم غاو تشيشنغ وغو فيكسيونغ.
قال عمر قانات، المدير التنفيذي لـ"مشروع حقوق الإنسان للأويغور": "مشهد الألعاب الأولمبية لا يمكن أن يغطي الإبادة الجماعية. من الصعب أن نفهم لماذا يشعر أي شخص أنه من الممكن حتى الاحتفال بالصداقة الدولية و’القِيم الأولمبية‘ في بكين هذا العام".
قالت اللجنة الأولمبية الدولية إن التزاماتها في مجال حقوق الإنسان، المعلنة في 2017، لا تنطبق على الألعاب الشتوية لعام 2022. قالت المنظمات إن اللجنة الأولمبية الدولية لم تقم بمسؤولياتها بموجب "مبادئ الأمم المتحدة التوجيهية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان" من خلال بذل العناية الواجبة بحقوق الإنسان رغم الانتهاكات الموثقة جيدا في الصين.
من جوانب أخرى، أظهرت اللجنة الأولمبية الدولية أن التزامها المعلن بحقوق الإنسان لا يعني الكثير. شارك توماس باخ، رئيس اللجنة الأولمبية الدولية، في حملة دعائية حكومية صينية للتغطية على مزاعم الاعتداء الجنسي التي تقدمت بها البطلة الأولمبية لثلاث دورات بينغ شواي. لم تبد اللجنة الأولمبية الدولية أيضا أي رغبة بالاجتماع مع "تحالف إنهاء العمل الجبري"، وسمحت بارتداء أزياء رياضية صنعتها شركة يُزعم بشكل موثوق أنها تستخدم العمالة القسرية.
قال بهوتشونغ كيه تسرينغ، الرئيس المؤقت لـ"الحملة الدولية من أجل التبت": "تدعي اللجنة الأولمبية الدولية أن الرياضة والسياسة لا تختلطان، لكن الحكومة الصينية هي التي استخدمت أولمبياد بكين 2008 لخدمة مصالحها السياسية. ثم خاطر التبتيون في التبت بإخبار العالم بهذا الأمر، لكن اللجنة الأولمبية الدولية لم تأبه. أولمبياد بكين القادمة فرصة فريدة للجنة الأولمبية الدولية والحكومات لتمكين الرياضيين والضغط على السلطات الصينية للالتزام بالمعايير الدولية".
الشركات الرئيسية الراعية للأولمبياد، "إير بي أن بي" و"علي بابا" و"أليانتز" و"أتوس" و"بريدجستون" و"كوكاكولا" و"إنتل" و"أوميغا" و"باناسونيك" و"بروكتر آند غامبل" و"سامسونغ" و"تويوتا" و"فيزا"، لم تضطلع هي الأخرى بمسؤولياتها تجاه العناية الواجبة بحقوق الإنسان. لم تقدم الشركات إجابات ذات مغزى للناس بخصوص المخاوف من أن رعايتها تخلق أو تساهم في انتهاكات حقوقية، أو ما إذا كانت قد اتخذت أي إجراءات للتخفيف من تلك الانتهاكات. قالت المنظمات إنه يتعيّن على الجهات الراعية الكشف على الفور عن استراتيجيات العناية الواجبة بحقوق الإنسان، أو شرح أسباب تقاعسها عن إجراء مثل هذه التقييمات.
أعلنت العديد من الحكومات، بما في ذلك أستراليا وكندا وليتوانيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة واليابان، مقاطعتها الدبلوماسية للألعاب ردا على انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها الحكومة الصينية. لن ترسل هذه الدول أي مسؤولين كبار – وهو تقليد أولمبي قديم – إلى حفل الافتتاح أو الختام. على جميع الحكومات، سواء انضمت إلى المقاطعة الدبلوماسية أم لا، استغلال الفرصة ليس فقط لدعم الرياضيين المشاركين في الألعاب، بل أيضا لإظهار الدعم الملموس للمدافعين عن حقوق الإنسان في جميع أنحاء الصين.
قالت شارون هوم، المديرة التنفيذية لمنظمة "حقوق الإنسان في الصين": "نحث الحكومات على توجيه رسائل دعم إلى المدافعين الحقوقيين الإنسان في السجن أو الاحتجاز الذين يدفعون ثمنا باهظا لمناصرة الإصلاح أو الدفاع عن حقوق الآخرين أو ببساطة مناقشة سبل تعزيز المجتمع المدني في الصين".
قالت المنظمات إن المشاركين في أولمبياد بكين يواجهون مجموعة من المخاطر على حقوق الإنسان. تحظر قواعد اللجنة الأولمبية الدولية الرياضيين من التعبير علنا عن آرائهم بشأن حقوق الإنسان في الصين على المنصة الأولمبية، وانتقام السلطات الصينية من النقاد يقلق الرياضيين في جميع أنحاء العالم. استعداد الحكومة الصينية للاحتجاز التعسفي للأجانب بسبب النقد السلمي، مثل الناشر السويدي غوي مينهاي، يحد أيضا من حرية التعبير. من المحتمل أيضا أن يتعرض الرياضيون الأولمبيون والمدربون وموظفو الدعم الآخرون لرقابة الدولة المتفشية، لا سيما من خلال مراقبة الاتصالات الرقمية.
قال بوب فو، رئيس "تشاينا إيد": "لا ينبغي أن يواجه الرياضيون الذين يؤيدون القِيم الأولمبية المراقبة في كل مكان، وقمع حرية التعبير أو المعتقد، وبيئة حقوق الإنسان غير الآمنة للمشاركة في الألعاب".
يمكن للمشاهدين من جميع أنحاء العالم الذين يشاهدون الألعاب الشتوية أن يلعبوا دورا إيجابيا من خلال تثقيف أنفسهم حول بيئة حقوق الإنسان داخل الصين، ويمكنهم اتخاذ إجراءات تتراوح من شراء المنتجات غير المصنوعة من العمل القسري إلى تشجيع حكوماتهم على متابعة مساءلة مسؤولي الحكومة الصينية. لأبشع الجرائم الدولية. يمكن للناس حث الشركات على التوقيع على دعوة العمل التي أطلقها تحالف إنهاء العمل الجبري.
قال دولكون عيسى، رئيس "مؤتمر الأويغور العالمي": " الواقع الصارخ لجرائم الحكومة الصينية الفظيعة والإفلات المستمر من العقاب ينبغي أن يُجبر اللجنة الأولمبية الدولية والجهات الراعية والأطراف الأخرى المرتبطة بالأولمبياد على التساؤل عما إذا كانت هذه الألعاب تضفي الشرعية على الانتهاكات الجسيمة وتطيل أمدها. لا ينبغي لأحد أن يريد أولمبياد أخرى كهذه".