Skip to main content

أفغانستان: يجب كبح جماح الميليشيات والشرطة المحلية الأفغانية المنتهكة للحقوق

يجب أن تتجنب الفترة الانتقالية التعجل وأن تكون حقوق الإنسان هي مرجعية الأمن

 

(كابول، 12 سبتمبر/أيلول 2011) ـ قالت هيومن رايتس ووتش في تقرير صدر اليوم إن المليشيات وبعض وحدات الشرطة المحلية التي تدعمها الولايات المتحدة في أفغانستان ترتكب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، إلا أن الحكومة لا توفر الرقابة المناسبة أو تخضعهم للمساءلة. ويجب على الحكومة الأفغانية أن تقطع علاقاتها مع الجماعات المسلحة غير النظامية وأن تتخذ خطوات فورية لتشكيل قوات أمنية مدربة تدريبا جيدا تخضع للمساءلة عن أفعالها.

التقرير الصادر في 102 صفحة تحت عنوان "لا تسمها ميليشيا: الإفلات من العقاب، والمليشيات، والشرطة المحلية الأفغانية"، يوثق لتجاوزات خطيرة، مثل القتل والاغتصاب والاحتجاز التعسفي والاختطاف والاستيلاء على الأراضي بالقوة، والغارات غير المشروعة التي تشنها الجماعات المسلحة غير النظامية في إقليم كوندوز الشمالي وقوة الشرطة الأفغانية في مقاطعات بغلان وهيرات وأرزكان. ووجدت هيومن رايتس ووتش أن الحكومة الأفغانية فشلت في إخضاع تلك القوى للمساءلة، مما يشجع على وقوع أية انتهاكات مستقبلية، ومما يؤدي إلى دعم طالبان وغيرها من قوات المعارضة.

وقال براد آدمز، مدير قسم آسيا في هيومن رايتس ووتش: "الحكومة الأفغانية ردت على التمرد بإعادة تنشيط المليشيات التي تهدد حياة المواطنين الأفغان"، مضيفا: "كابول وواشنطن بحاجة إلى إحداث قطيعة كاملةمع أسلوب دعم الميليشيات المنتهكة للحقوق والتي تزعزع الاستقرار، إن كانت تأمل في وضع خطة أمنية مستدامة طويلة المدى".

كجزء من خطته للخروج، قام الجيش الأمريكي بتدريب وتوجيه قوات الشرطة المحلية الأفغانية على مستوى القرى القائمة منذ عام لا أكثر. في مارس/ آذار 2011، قال قائد القوات الدولية في أفغانستان آنذاك، ديفيد بتريوس، في مجلس الشيوخ الأمريكي إن برنامج الشرطة المحلية "يمكن القول أنه أهم عنصر في جهودنا الهادفة لمساعدة أفغانستان على تطوير قدرتها على تأمين نفسها".

الحالات التي حققت فيها هيومن رايتس ووتش تثير مخاوف حقيقية حول جهود الحكومة الأفغانية والجهود الدولية لتسليح وتمويل والتدريب المهني والمحاسبة للقوات المسلحة غير النظامية. في إقليم كوندوز، انتشرت المليشيات سريعا في السنوات الأخيرة. تلك الزيادة هي سياسة متعمدة من المديرية الوطنية للأمن، ووكالة الاستخبارات الأفغانية، التي أعادت تنشيط شبكات الميلشيات بالأساس من خلال مجلس شورى في الشمال، وشبكات "الجماعات الإسلامية"، وأمدتها بالأموال والسلاح دون رقابة كافية.

تقرير "لا تسمها مليشيا" يستند إلى أكثر من 120 مقابلة مع ضحايا الانتهاكات والأهالي، وشيوخ القرى، وشهود العيان، وعاملين بمنظمات غير حكومية، والأمن الأفغاني، ومسئولين حقوقيين وحكوميين، ومسئولين عسكريين ودبلوماسيين أجانب، وصحفيين، ومحللين أفغان.

في معظم حالات الانتهاكات الجسيمة التي وثقتها هيومن رايتس ووتش في كوندوز، لم يتم اتخاذ أي خطوات ضد المسئولين عن تلك الانتهاكات. مثلا، في منطقة خان آباد في أغسطس/ آب 2009، قتلت ميليشا 4 رجال نتيجة لنزاع عائلي. وأكد مسئولو إدارة الأمن الوطني أن الشرطة لم تتمكن من اعتقال أي من المتورطين في القتل؛ لأن قائد المليشيا على اتصال بقائد الشرطة الإقليمية والزعماء المحليين، الذين تربطهم صلة وثيقة بالجماعات المسلحة المعتدية. وقال أحد وكلاء النيابة، وهو أيضا والد واحد من الأربعة الذين قتلوا، لـ هيومن رايتس ووتش: "لم يساعدني أحد، وأنا الذي أعمل في الحكومة، فماذا عن الآخرين؟ من الذي سيستمع إليهم؟".

وقال براد آدامز: "صلات المحسوبية مع كبار المسئولين في قوات الأمن المحلية والحكومة المركزية، تسمح للميليشيات الموالية للحكومة، حسب المتصور عنها، بترويع المجتمعات المحلية، وتجري عملياتها مع التمتع بالإفلات من العقاب".

في الوقت نفسه، فالتراكم السريع لقوة الشرطة المحلية أسهم في إثارة تخوفات حول ما إذا كان ستصبح قوة ملتزمة بالقانون أم لا. أنشئ البرنامج في يوليو/تموز 2010 بناء على طلب من الولايات المتحدة، وكان من المفترض أن تكمل القوة الجيش الوطني الأفغاني والشرطة على مستوى المجتمع المحلي والقرى. وتنظر قوات الولايات المتحدة للشرطة الأفغانية المحلية على أنها وسيلة لمعالجة ضغوط تسليم السلطة الأمنية للحكومة الأفغانية بحلول عام 2014.

وكلفت مجالس شورى القرى باختبار والتدقيق في اختيار أعضاء الشرطة المحلية، المسؤولة من قائد شرطة المنطقة. الوحدات التي تدربت في 21 يوما فقط كانت قد تسلحت وانتشرت في المناطق التي تتواجد بها قوات محدودة للجيش الوطني الأفغاني والشرطة. بداية من شهر أغسطس/آب، كان قد تم تجنيد 7000 رجل تم ضمهم إلى القوة. ومن المخطط تسليح وتدريب ما يناهز 30 ألفا.

وقال مسئولون أفغان وأمريكيون لـ هيومن رايتس ووتش إن برنامج الشرطة المحلية قام بتحسين حالة الأمن في بعض المناطق. في بعض المناطق، رحب السكان المحليون الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش بالقوة الجديدة ولفتوا إلى تحسن الأوضاع الأمنية. لكن سكان آخرون قالوا إن الشرطة الجديدة لم يتم التحري عنها بدقة، في إشارة إلى العناصر الإجرامية والمتمردين الذين يتم استيعابهم في هذه القوة. واشتكى العديد من أن أعضاء برنامج الشرطة المحلية، كغيره من الجماعات المسلحة غير النظامية، لا يخضعون للمساءلة حينما يتورطون في الانتهاكات.

رغم أن القوة حديثة عهد نسبيا، وثقت هيومن رايتس ووتش للعديد من الانتهاكات الجسيمة على أيدي أعضائها. في فبراير/شباط في إقليم شينداند الواقع في ولاية هيرات، على سبيل المثال، أغارت وحدة برنامج الشرطة المحلية على منازل عديدة، فتم نهب ممتلكاتهم، وتم ضرب المواطنين، واعتقلوا ستة رجال بطريقة غير قانونية. وفي واقعة أخرى، اتهمت وحدة برنامج الشرطة المحلية بضرب صبية في سن المراهقة، ودق المسامير في قدم أحدهم، لكن لم يتم القبض عليهم.

في ولاية بغلان، تم تجنيد مقاتلين سابقين منتمين لـ "حزب الإسلام" الإسلامي، منهم نور الحق، صاحب النفوذ في منطقته، في صفوف برنامج الشرطة المحلية. كان نور الحق ورجاله قد تورطوا في عمليات قتل، واستيلاء على الأراضي، واختطاف. لكن الشرطة رفضت التحقيق في الاتهامات، قائلة لـ هيومن رايتس ووتش إنها عاجزة عن مساءلة المشتبه فيهم من أعضاء برنامج الشرطة المحلية بسبب علاقاتهم بمسئولين حكوميين فاعلين والقوات الأمريكية الخاصة. في أبريل/نيسان، اختطف أربعة أعضاء ببرنامج الشرطة المحلية ببغلان صبي عمره 13 عاما كان في طريق عودته إلى منزله من السوق واقتادوه إلى منزل أحد قادة برنامج الشرطة المحلية، حيث تعرض هناك لاغتصاب جماعي. في اليوم التالي هرب. ورغم أن المهاجمين معروفي الهوية، لم يتم اتخاذ أي خطوة لإلقاء القبض عليهم.

في إقليم أرزكان في ديسمبر/كانون الأول 2010، اعتقل ندا محمد، صاحب النفوذ في منطقته، ستة شيوخ بعدما رفضوا الموافقة على مد وحدة برنامج الشرطة المحلية برجال. وكان قد تم الإعلان عن اتهام لبعض أعضاء برنامج الشرطة المحلية في منطقة خاس أرزكان  من قبل مسئولين محليين ومواطنين، أعلنوا أنهم تورطوا في مداهمات وأعمال ضرب وجمع قسري للعشر (ضرائب غير رسمية).

يشير المؤيدون  لبرنامج الشرطة المحلية من الأفغان والخارج إلى وجود ضمانات، مثل رقابة وزارة الداخلية الأفغانية على برنامج الشرطة المحلية، وأعضاء مجالس الشورى في القرى الذين يدققون في اختيار الأعضاء، والتدريب والتوجيه على أيدي القوات الأمريكية الخاصة. لكن الشرطة الوطنية تفتقر إلى هياكل القيادة والمراقبة الكافية، وغالبا ما تتجاوز أعداد وحدة برنامج الشرطة المحلية الشرطة الوطنية في المناطق التي تشغلها، حسبما قالت هيومن رايتس ووتش. كما أقر مسئولون بوزارة الداخلية لـ هيومن رايتس ووتش بأن مثل هذه الإجراءات الحمائية قد سبق وتم الوعد بها بالنسبة للعديد من مبادرات الدفاع المجتمعية السابقة، والتي انتهت بالفشل التام.

وقالت هيومن رايتس ووتش إن البرامج السابقة لتشكيل قوات دفاع محلية أجهضت على أيدي الزعماء المحليين أو من قبل الجماعات العرقية أو السياسية، بنشر الخوف، وإزكاء العداوات، بل وانتهى بها المطاف في أيدي مقاتلي طالبان في بعض المناطق. أحد الأمثلة على ذلك كانت الشرطة الوطنية الأفغانية المعاونة، تم تشكيلها في 2006، التي تلقت تدريبا هزيلا، وخضعت لحد أدنى من التحري، وكانت تفتقر إلى قواعد واضحة للاشتباك، ومخترقة إلى حد بعيد، وكانت فاسدة للغاية. مثال آخر، استقطب زعماء محليون قوة الحماية العامة الأفغانية في إقليم وارداك، وأصبحت القوة متورطة في أعمال الضرب والترهيب.

وقال براد آدامز: "رغم أن هناك حاجة لمزيد من الأمن على مستوى القرى، يجب على حكومتي الولايات المتحدة وأفغانستان توخي الحذر لمنع تكرار أخطاء الميليشيات السابقة". وأضاف: "إذا لم يتم إجراء عمليات تصحيح سريعة، من الممكن أن تصبح وحدة الشرطة المحلية في النهاية مجرد ميليشيا أخرى تتسبب في مزيد من المشكلات أكثر من المعالجة".

ودعت هيومن رايتس ووتش الحكومة الأمريكية والأفغانية لتجنب التسرع في تشكيل وحدات جديدة لبرنامج الشرطة المحلية في أنحاء البلاد دون التدقيق السليم، والرقابة، ووضع آليات للمساءلة، كما حدث مع بعض الوحدات.

كما دعت هيومن رايتس ووتش الحكومة الأفغانية إلى التحقيق في جميع مزاعم الاعتداءات على أيدي الميليشيات وبرنامج الشرطة المحلية، بتخصيص ما يكفي من الموارد للتحقيق في الشكاوى، وإنشاء مجلس خارجي للشكاوى لوضع تقارير عن الاعتداءات التي يمارسها برنامج الشرطة المحلية وقوات الشرطة الأخرى.

وقال براد آدامز: "الضغط من أجل خفض مستويات القوات الدولية يجب ألا يكون على حساب حقوق المواطنين الأفغان". وأضاف: "الحكومة الأفغانية وأنصارها بحاجة لفهم أن حالة انعدام الأمن لا تأتي فقط من حركة التمرد. فسوء الإدارة والفساد وانتهاكات حقوق الإنسان والإفلات من العقاب من جانب القوات التابعة للحكومة تؤدي جميعها للتمرد، وهذه القضايا تحتاج للمعالجة إذا كنا نريد الاستقرار الحقيقي"".

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

المنطقة/البلد

الأكثر مشاهدة