World Report 2003 in English  هيومان رايتس ووتش
منظمة " مراقبة حقوق الإنسان"
التقرير السنوي لعام 2003
الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

يتناول الفترة من نوفمبر2001 إلىنوفمبر 2002
  HRW World Report 2003
التطورات في مجال حقوق الإنسان || الدفاع عن حقوق الإنسان || دور المجتمع الدولي

نسخة اكروبات
PDF

تونس
التطورات في مجال حقوق الإنسان
استغلت السلطات التونسية الحرب على الإرهاب التي تقودها الولايات المتحدة لتقليص الحريات العامة والاستمرار في الضغط على منتقديها. واشتد القمع بعد شهر أبريل/نيسان عندما تعرضت تونس لأول هجوم إرهابي مميت منذ سنوات عديدة.
    وواجه الإسلاميون المشتبه فيهم أقسى أنواع المعاملة، مع عودة المحاكمات العسكرية للمشتبه فيهم من المدنيين، وإصدار أحكام بالسجن لمدد طويلة في ظروف لا إنسانية، وفرض القيود الشديدة التي تحرم السجناء السابقين من استئناف حياتهم العادية. وواجه المعارضون الليبراليون واليساريون قيودا تعسفية على حرية الاجتماع والتظاهر والسفر، وتعرضوا للاعتداءات وأعمال التخريب والسرقة التي نسبت - على نحو جدير بالتصديق - لأعوان الشرطة الذين يرتدون ثياباً مدنية؛ وسجنت قلة منهم بعض الوقت، بينما ظل آخرون في المنفى.
وتمكن حزب التجمع الدستوري الديمقراطي بسهولة من فوز بالأصوات اللازمة لاعتماد طائفة من التعديلات الدستورية في تصويت أجري في البرلمان في أبريل/نيسان، ثم في استفتاء وطني أجري في مايو/أيار؛ وتشمل هذه التعديلات التأكيد مجدداً على حقوق معينة، ولكن الأهم من ذلك أنها تسمح للرئيس زين العابدين بن علي بترشيح نفسه مرة أخرى في الانتخابات الرئاسية عامي 2004 و2009. كما تمنح هذه التعديلات حصانة دائمة لرئيس الدولة فيما يتعلق بالأفعال المرتبطة بالمهام الرسمية. ووافق على التعديلات أكثر من 99% من الناخبين، وهذا هو نفس الهامش الرسمي الذي كان بن علي قد فاز به وأعيد انتخابه على أساسه في الأعوام 1989 و1994 و1999.
    وظل حزب النهضة الإسلامي محظوراً، مثله في ذلك مثل حزب العمال الشيوعي التونسي الصغير الذي يجهر بانتقاداته للحكم. وظل أحد أحزاب المعارضة التي أنشئت مؤخراً، وهو حزب "المؤتمر من أجل الجمهورية"، محروماً من الاعتراف القانوني بها، بينما حصل "المنتدى الديمقراطي للعمل والحرية" على ترخيص قانوني في 25 أكتوبر/تشرين الأول، أي بعد ثماني سنوات من تقديمه طلب الاعتراف به لأول مرة.
وفي أبريل/نيسان، منيت تونس بأول عمل خطير من أعمال العنف السياسي خلال عشر سنوات، وأول هجوم إرهابي كبير يزعم تنظم "القاعدة" مسؤوليته عنه - على نحو جدير بالتصديق - منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001 على الولايات المتحدة. وكان الهدف من الاعتداء هو أقدم معبد يهودي في شمال إفريقيا، ويقع في جزيرة جربة التي تعد من المواقع السياحية الدولية. وقد لقي 21 شخصا مصرعهم، من بينهم 14 ألمانيا، عندما فجر شاب تونسي مقيم في فرنسا شاحنة محملة بالغاز كان يقودها بنفسه. وقد أدانت هذا الاعتداء كل القوى السياسية في تونس، بما فيها حزب النهضة المحظور.
    وفي عامي 2001 و2002 بدأت السلطات باطراد تحيل الإسلاميين المشتبه فيهم إلى المحاكم العسكرية، خصوصا من قبض عليهم بعد قضاء فترة في الخارج. ورُفعت دعاوى قضائية ضد عشرات من المدنيين، كثيرون منهم غيابياً، بموجب المادة 123 من قانون القضاء العسكري بتهمة "خدمة تنظيمات إرهابية تعمل بالخارج في أوقات السلم". وحرمت هذه المحاكم العسكرية المدنيين من ضمانات المحاكمة العادلة، ولم يكن بالإمكان الطعن في أحكامها إلا في الحدود الضيقة التي تسمح بها إعادة النظر من جانب محكمة التعقيب.
وفي 30 يناير/كانون الثاني أدانت محكمة عسكرية في تونس العاصمة بشير بن زايد ومنير غيث وعبد الباسط دالي و30 متهماً آخر في نفس القضية حوكموا غيابياً، بتهمة تشكيل جماعة إرهابية مرتبطة بتنظيم القاعدة تحت اسم "أهل الجماعة والسنة". ودفع محاموهم بأن المحكمة تجاهلت الادعاءات القائلة بأن الشهادات انتزعت بالإكراه، وأن تواريخ القبض على المتهمين زورت لإخفاء التجاوزات، وأن الادعاء لم يقدم دليلا مقنعا ضد المتهمين. وفي أبريل/نيسان، أيدت محكمة التعقيب الأحكام الصادرة على الرجال الثلاثة بالسجن ما بين ثماني سنوات وعشر سنوات. وقد استسلم أحد المتهمين الذين حوكموا غيابياً، وهو جابر طرابلسي، للسلطات في إيطاليا، وفي 26 يونيو/حزيران حكم عليه بالسجن ثماني سنوات في محاكمة عسكرية مغلقة لم يُسمح للصحفيين بحضورها.
    ولئن كانت المحاكمات العسكرية للمدنيين مدعاة للقلق، فإن المحاكم المدنية بدورها لا تكاد تضمن محاكمات عادلة في القضايا المشوبة بصبغة سياسية. ومن الأمثلة البارزة على ذلك إعادة محاكمة حمة الهمامي الناطق باسم حزب العمال الشيوعي التونسي، ومتهميْن آخرين معه في نفس القضية هما سمير طعم الله وعبد الجبار المدوري. وكان الثلاثة قد ظلوا متوارين عن الأنظار لمدة أربع سنوات، ثم ظهروا لتوهم للطعن في أحكام الإدانة الصادرة بحقهم غيابياً.
وقبل أن يتمكن القاضي من افتتاح الجلسة اندفع رجال الشرطة إلى داخل القاعة الغاصة بالحضور وأخرجوا المتهمين منها عنوة، الأمر الذي أدى إلى انسحاب محامي الدفاع. واصطُحب المتهمون فيما بعد إلى قاعة أخرى للمحاكمة حيث أخبروا القاضي أنهم تعرضوا للضرب على أيدي الشرطة. ولم يفعل القاضي شيئاً حيال هذه الادعاءات، ولم يجر أي نوع من أنواع المحاكمة ولم يستمع إلى شهادة أحد. وكل ما فعله هو إعادة النطق بالأحكام الأصلية في عجالة، وهي السجن تسعة أعوام وثلاثة أشهر بتهم مختلفة منها "الانتماء لتنظيم غير مرخص به"، و"ثلب القضاء"، و"تحريض الجمهور على مخالفة قوانين البلاد". وحكم على المدوري بالسجن سنتين أخريين بسبب ملاحظة زُعم أنه أدلى بها يوم الجلسة واعتبرها القاضي مهينة للمحاكمة.

ثم خففت الأحكام فيما بعد عند الاستئناف. فبعد إضراب زوجة الهمامي، المحامية المدافعة عن حقوق الإنسان راضية النصراوي، عن الطعام لمدة خمسة أسابيع، وتأييد إدانة الهمامي أمام أعلى محكمة في تونس في الثاني من سبتمبر/أيلول، أفرجت السلطات عن الهمامي وطعم الله إفراجاً مشروطاً في الرابع من سبتمبر/أيلول "لأسباب صحية". أما مدوري فقد أفرج عنه إفراجاً مشروطاً في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني. وضمت السجون في تونس عدة مئات على الأقل من السجناء السياسيين، وأدينت الغالبية العظمى منهم في سنوات سابقة لانتمائهم إلى حزب النهضة أو لاشتراكهم في أنشطته فحسب، دون وجود دليل على تورطهم في أعمال العنف. واستمر خلال العام إلقاء القبض على الإسلاميين المشتبه فيهم أو أعيد القبض عليهم بسبب هذه الجرائم، التي أعيدت صياغتها أحيانا لتصبح من قبيل جريمة "التواطؤ مع عصبة مجرمة" في محاولة لتجاوز مبدأ سقوط التهمة بالتقادم الذي ينطبق على التهم الأقل خطورة.

ووافق شهر أغسطس/آب الذكرى العاشرة لإدانة 265 شخصاً من المشتبه من كونهم من قيادات وأعضاء حزب النهضة، وذلك في محاكمتين جماعيتين جائرتين أمام المحاكم العسكرية، بدعوى أنهم كانوا يخططون لقلب نظام الحكم. وخلال عام 2002 ظل حوالي 100 شخص منهم في السجن، من بينهم بعض قيادات الحزب مثل صدوق شورو وعجمي القريمي وحبيب اللوز المحكوم عليهم بالسجن المؤبد في ظروف قاسية. ووضع علي العريض، المحكوم عليه بالسجن 15 عاما، رهن الحبس الانفرادي شبه الدائم، وتعرض للحرمان من مواد القراءة والكتابة، شأنه شأن بعض القيادات الأخرى.

وفي يناير/كانون الثاني، أشارت السلطات إلى "أسباب إنسانية" عندما أفرجت إفراجا مشروطا عن محمد مواعدة، وهو من كبار السياسيين المعارضين، بعد سبعة أشهر من إيداعه السجن مرة ثانية. وكان مواعدة قد حكم عليه بالسجن أحد عشر عاما في عام 1996 بتهم ملفقة تتعلق بالإدلاء بمعلومات إلى دولة أجنبية، ثم أفرج عنه إفراجا مشروطا في وقت لاحق من العام نفسه لكنه وضع تحت المراقبة المستمرة وتعرض للمضايقات المستمرة حتى قبض عليه مرة ثانية في عام 2001. وفي كلتا الحالتين جاء سجن مواعدة في أعقاب النقد اللاذع الذي وجهه علنا للرئيس التونسي.

وظلت السجون التي كانت تقع منذ عام 2001 تحت سلطة وزارة العدل مغلقة دون زيارات التفتيش التي تقوم بها جماعات الرصد المستقلة. وكثيرا ما أضرب النزلاء عن الطعام احتجاجا على شدة التكدس وسوء المرافق الصحية والإهمال الطبي وإيداع السجناء في سجون بعيدة عن أسرهم، وما إلى ذلك من الانتهاكات. وتعرض المضربون عن الطعام أحيانا للضرب أو الحرمان من الزيارات العائلية أو الإيداع في الحجز الانفرادي.

وفي مارس/آذار توفي عبد الوهاب بوساع بعد إضراب عن الطعام استمر أربعة أشهر. كما توفي الأخضر الصديري بعده بأسبوعين، وقد تكون وفاته راجعة إلى الإهمال الطبي. وكان الرجلان يقضيان عقوبة بالسجن مدتها 16 عاما لبوساع و28 عاما للصديري بسبب ضلوعهما في أنشطة حزب النهضة. كما توفي حبيب السعيدي، وهو نزيل في الثلاثينيات من العمر، في ظروف غامضة في أواخر سبتمبر/أيلول وذلك قبل الموعد المقرر لإطلاق سراحه ببضعة أيام. وجدير بالذكر أن حبيب السعيدي هو الأخ الأصغر لعلي السعيدي الذي كان موظفا وكان من الناشطين في مجال حقوق الإنسان فيما سبق حتى قتل في ظروف غامضة في ديسمبر/كانون الأول 2001.

وتعرض السجناء السياسيون المفرج عنهم للمراقبة ولتفتيش منازلهم ومصادرة جوازات سفرهم إلى جانب إجراءات الرقابة المضنية، وكلها أمور كانت تتم أحيانا بأوامر قضائية، لكنها غالبا ما كانت تعسفية في كثير من الأحيان. وكثيرا ما كان السجناء المفرج عنهم يعجزون عن شغل أي وظائف بسبب القيود الحكومية على أرباب العمل، وأمر هؤلاء المفرج عنهم بالحضور كثيرا إلى مخافر الشرطة. وفي سبتمبر/أيلول أفاد توفيق الشايب، وهو سجين سابق ومعلم ثانوي سابق في مدينة تونس العاصمة، أن ضغوط الشرطة عليه وعلى أصحاب العمل اضطرته إلى التنقل من عمل إلى آخر، كما منع الشايب من استخراج جواز سفر.

وبعد أن أكمل عبد الله زواري حكما بالسجن لمدة 11 عاما بسبب صلاته بأنشطة حزب النهضة المحظور، تحدى أمراً من وزارة الداخلية بنفيه إلى جنوبي تونس بعيدا عن أسرته وبيته في العاصمة. وعندما رفض الامتثال لهذا القرار حكمت عليه إحدى المحاكم في 23 أغسطس/آب بالحبس ثمانية أشهر، ثم أيدت محكمة الاستئناف هذا الحكم. وأفرجت السلطات عنه إفراجا مشروطا في السادس من نوفمبر/تشرين الثاني.

كما تحرشت الشرطة بأسر الإسلاميين المنفيين واستجوبتهم بخصوص أقاربهم الموجودين بالخارج وفتشت بيوتهم.

وظلت الدولة تحكم زمام السيطرة على كل وسائل الإعلام والصحف اليومية، ولم ينتقد غياب الحريات العامة إلا بعض المطبوعات المستقلة والحزبية محدودة التوزيع، وصودرت هذه المطبوعات من حين لآخر.

ومع اتساع نطاق استخدام الإنترنت قامت السلطات لأول مرة بسجن كاتب نشر أعماله على الإنترنت. فقد كان زهير يحياوي ينشر مجلة إلكترونية ساخرة على الإنترنت بعنوان "تونيزين" مستخدما اسما مستعاراً، فقبض عليه في الرابع من يونيو/حزيران في مقهى الإنترنت الذي يعمل به. ثم فتشت السلطات بيته بدون إذن تفتيش وصادرت مواد الكمبيوتر الخاصة به. وحكم عليه في 20 يونيو/حزيران بالسجن لمدة عام لنشر معلومات "كاذبة" و16 شهرا لسرقة خدمات اتصالات تتعلق بالمجلة غير المرخصة. وفي يوليو/تموز خففت محكمة استئناف الحكم الإجمالي إلى عامين. وجدير بالذكر أن يحياوي هو ابن أخي القاضي المعزول مختار يحياوي الذي نُشر خطابه المفتوح إلى الرئيس بن علي، أول ما نُشر، في مجلة "تونيزين" (انظر الدفاع عن حقوق الإنسان أدناه).

وفي 16 يونيو/حزيران، أي بعد 12 يوما من القبض على يحياوي، ذكرت صحيفة "لابريس" أن السلطات أغلقت مؤقتا بعض مقاهي الإنترنت التي لا تلتزم بالقوانين السارية. وجدير بالذكر أن القوانين الخاصة بالإنترنت في تونس تستهدف، من بين ما تستهدفه، الحيلولة دون إفلات هذه الوسيلة الإعلامية من الضوابط والقيود الحكومية المفروضة على سائر وسائل التعبير.

وبينما ظلت ظاهرة إفلات منتهكي حقوق الإنسان من العقاب سائدة في تونس، حقق ضحايا التعذيب في المنفى نصرا عندما أقنعت إحدى الضحايا قاضيا فرنسيا بإصدار أمر دولي في فبراير/شباط للقبض على دبلوماسي مبعوث إلى ستراسبورغ، فكان هذا هو أول أمر من نوعه على الإطلاق يصدر بحق مواطن تونسي. وزعمت المدعية في شكواها أن الدبلوماسي القنصل خالد بن سعيد كان ضابط الشرطة المشرف في جندوبة في عام 1996 عندما استجوبها أعوان الشرطة وقاموا بتقييدها من الكاحلين والرسغين وضربوها بالعصي وبقبضات الأيدي. وقد اختفى بن سعيد بعد إصدار أمر القبض عليه.
    وبالإضافة إلى جهود منظمات حقوق الإنسان، ظهرت بعض الدلائل التي تؤكد على أهمية دور المجتمع المدني، ومنها إضراب للمحامين لمدة يوم على مستوى القطر التونسي احتجاجا على تدخل الشرطة أثناء محاكمة الهمامي في فبراير/شباط، والخطوات التي اتخذها الاتحاد العام للعمال التونسيين لتعزيز الديمقراطية داخل الاتحاد.
وفي يناير/كانون الثاني استضافت الحكومة ندوة إقليمية عن معاهدة حظر الألغام الأرضية في شمال إفريقيا؛ فقام الجيش بتدمير مخزون من 1000 لغم مضاد للأفراد بمناسبة انعقاد الندوة. وفي الرابع من أكتوبر/تشرين الثاني قدمت تونس تقريرها السنوي عن التدابير المتخذة تنفيذاً للمعاهدة.
 
تونس
  • البيان الصحفي
  • نظرة على الشرق الأوسط
  • الجزائر
  • مصر
  • إيران
  • العراق وكردستان العراق
  • إسرائيل والسلطة الفلسطينية
  • سوريا
  • السعودية
  • تونس
  • 2002
    2001
    2000
    1999
    التقارير السنوية السابقة >> الجزء السابق  Arabic Home الجزء التالي